>الايجابية

>
الايجابية






بالبحث في سير العظماء وجدت أن أكبر صفة مشتركة بينهم هي الايجابية .

و ديننا يأمر بالايجابية و صفة أمتنا الأساسية هي الايجابية , الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر



{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }

و ضرب الله مثلا للسلبي الذي لا يأمر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر و الايجابي

{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}

قال رسول الله { إن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدى الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرًا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم }[1]



أنظر الى الصديق يتعلم أيات من الحبيب محمد فيخرج و يعود بسته من المبشرين بالجنه ,

و حباب بن المنذر يقترح المكان المناسب في بدر و سلمان الفارسي يقترح حفر الخندق و خالد بن الوليد يأخذ الرايه و هو جندي في مؤته فينتصر و يأخذ وسام "سيف الله" و يأتى صحابي اسمه تميم الداري فينير المسجد النبوي فيدعو له النبي



و تأتئ صحابية ايجابيه للرسول تقول له "غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما نأتيك فيه"[2] فقال : اجْتَمعن في يوم كذا وكذا ، في مكان كذا وكذا

و في أحد غزوات المسلمين ضد الفرس لما لقى الفُرسْ نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل ايجابي منهم فصنع فيلا من طين وأنَّس به فرسه حتى ألفه ، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل ، فحمل على الفيل الذى كان يقدمها فقيل له : إنه قاتلك ، فقال لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين

نعم أنك ميت و لست بمخلد فليكن موتك لرفع رايه الاسلام .


و تأمل في رجل جاء يوعظ قومه بعد أن جاء اليهم ثلاثة انبياء  { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) } فتأمل كيف ظل أيجابيا و ينصح لهم حتى بعد أن مات { قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) }

و الى سيدنا ابراهيم { فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93)}

و كان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله ورضي الله عنه - يقول : " لو كان كل بدعة يميتها الله على يدي ، وكل سنة ينقشها أو يحيها الله على يدي ببضعة من لحمي - يعني تُقطع - حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان ذلك في الله يسيرا " .

و لكل جسم في النحول بلية ... و بلاء جسمي من تفاوت همتي

بل أنظر ألى ايجابية الهدهد عندما وجد قوم لا يعبدون الله {  وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} النمل



ان الايجابي عُمله نادره به تحيا الامم و رب همه أحيت أمه

قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : « إنما الناسُ كالإِبل المائة ،لا تجد فيها راحلة ».[3]

و كان عمر بن الخطاب يعلم ندرة الايجابيين فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه : تمنوا فجعل كل رجل منهم يتمنى شيئا فقال : لكني أتمنى بيتا مملوءا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح فقالوا له : ما آلوت الإسلام خيرا قال : ذلك أردت[4]

أن الايجابي لا ييأس مهما رآى أنتشار الباطل و طغيانه يعلم أن أجره على الله {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)}الاعراف



عجبت لهم قالوا: تماديت في المنى …وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعب

فاقصر ولا تجهد يراعك إنما……ستبذر حبا في ثرى ليس بالخصب

فقلت لهم: مهلاً، فما اليأس شيمتي …سأبذر حبي والثمار من الرب

إذا أنا بلغت الرسالة جاهدا…ولم أجد السمع المجيب فما ذنبي؟

و قد تكون الايجابية بسيطة فاذا دخلت مكان و وجدت شيئا تالفا فاصلحته (قطعه خشب او سلك بارز) او ناقصا قشتريته (قطعه صابون لمسجد) هو خير من لعن المسؤولين

و خير من لعن الظلام : ايقاد شمعه

و دعنى اصارحك ستجد من يحاربك بنص الايه { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) } سورة لقمان

{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) }

{ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) }البقرة

و ستجد من الناس من يهاجمك { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) }

وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام



اذا كان ثمن الفشل باهظا فالنجاح بدوره ثمنه مرتفع.

لكن الاجر كبير و من تأمل النهاية سهلت عليه البداية





و تأمل في قول ورقة بن نزفل للنبي : هذا الناموس الذي أنزل على موسى . يا ليتنى فيها جذعًا ! ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومك !

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أو مخرجي هم ؟ )

قال : نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودى . وإن يدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا .[5]









تدريب عملي : أرسل لي ما يخطر على ذهنك و أنت تقرأ الكتاب , أعتراض او كلمة شكر او تعليق و أستمر في ارسال رسائل اذا اعجبك شيئا (زرت موقع فاعجبك ارسل لصاحب الموقع شكر او خطأ فنبهه ) او وجدت خطئا في حياتك العامة

بريدى الالكتروني engweb@gmail.com





إن لم يكن للحق أنت فمن يكون



إن لم تكن للحق أنت فمن يكون والناس في محراب لذات الدنايا عاكفون



يروي لنا التابعي الكوفي، الفقيه النبيل عامر الشعبي: أن رجالاً خرجوا من الكوفة، ونزلوا قريباً يتعبدون، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود، فأتاهم، ففرحوا بمجيئه إليهم، فقال لهم: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا: أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد. فقال عبد الله: لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا.[6]

قال ابن الجوزي: وعلى الحقيقة الزهاد في مقام الخفافيش، قد دفنوا أنفسهم بالعزلة عن الناس، وهي حالة حسنة إذا لم تمنع من خير، من جماعة واتباع جنازة وعيادة مريض، إلا أنها حالةُ الجبناء. فأما الشجعان فهم يتعلمون ويعلمون، وهذه مقامات الأنبياء عليهم السلام.[7]

قال محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة: أملى علي ابن المبارك سنة سبع وسبعين ومئة، وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض من طرسوس:

 يا عابد الحرمين لو أبصرتنا * لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب جيده بدموعه * فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيلة في باطل * فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا * رهج السنابك والغبار الاطيب

 ولقد أتانا من مقال نبينا * قول صحيح صادق لا يكذب

لا يستوي وغبار خيل الله في * أنف امرئ ودخان نار تلهب

 هذا كتاب الله ينطق بيننا * ليس الشهيد بميت لا يكذب[8]

ولله در الدكتور حسان حتحوت إذ يقول :

حسبوا بأن الدين عزلة راهب   واستمروا الأوراد والأذكارا

عجباً أراهم يؤمنون ببعضه      وأرى القلوب ببعضه كفارا

والدين كان ولا يزال فرائضاً        ونوافلاً لله واستغفارا

والدين ميدان وصمصام وفر      سان تبيد الشر والأشرار

والدين حكم باسم ربك قائم        بالعدل لا جورا ولا استهتارا



فهذا الرافعي الأديب يقول عن الذي انعزل الناس: " يحسب انه قد فر من الرذائل إلى فضائله، ولكن قراره في مجاهدة الرذيلة هو في نفسه لكل فضائله " وماذا تكون العفة والأمانة، والصدق والوفاء، والبر والإحسان، إذا كانت فيمن انقطع في صحراء أو على رأس جبل، أيزعم أحد أن الصدق فضيلة لإنسان ليس حوله إلا عشرة أحجار مع من يصدق ؟ وكيف نعرف صدقه وهو لم يدخل مع الناس فيخبرهم، أو يعاشرهم فيعرفون حاله .


فقال موضحا ذلك: " وأيم الله إن الخالي من مجاهدة الرذائل جميعا لهو الخالي من الفضائل جميعا " .





[1] (أبو داود ، والبيهقى عن ابن مسعود)




[2] البخاري




[3] البخاري و مسلم




[4] المستدرك




[5] البداية ة النهاية




[6] الزهد لعبدالله بن المبارك




[7] صيد الخاطر




[8] سير اعلام النبلاء



تعليقات

المشاركات الشائعة