اسعاد الصحبة بنسائم المحبة

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

https://www.dropbox.com/s/f3vd3gx63ab2n46/love.pdf

ما الذي يجعل شابا ممتلئا املا يذهب ليجاهد فيقتل و يقتل ؟؟
ما الذي يجعل مهندسا او مديرا يخلع بدلته ثم يدخل الى دورة مياة مسجد ليشارك في تنظيفها ؟؟
ما الذي يجعل الزوجة تستيقظ في الصباح لتعد الفطار لزوجها ؟ و يجعل الام تتحمل طفلها عند ايقاظها من غفوة لم تستمر اكثر من عشر دقائق؟؟
ما الذي يجعل العامل المجد يعمل متطوعا بعد انتهاء ساعات العمل ؟؟
لا شك انه الحب

فما هو الحب ؟
مشاعر وأحاسيس العبد إذا تمكن اشغل النفس والعقل والجسد وساقه للنجاة أو للهلاك والعياذ بالله ..
وهو يملك العبد وتجعله يرض عن محبوبة ويصبر على كل ما يأتي منه سواء كان خيرا أو شرا
ويكون سعيدا بهذا الحب لأنه يعلم انه من ضعيف لقوي ودائما القلب يتعلق بالقوي
ويلجأ إليه في جميع الحاجات ويعلم ويعتقد انه يساعده إما آجلا وإما عاجلا
ولذلك يكون سعيدا بذلك الحب الذي أصبح يملك كل حياته نورا وهدى ورضا
عن المحبوب هذه مشاعر العبد إن أحب الرب سبحانه ..

عرف الحب بأنه شعور نفسي وإحساس قلبي وانبعاث وجداني ينجذب به قلب المحب  تجاه محبوبه بحماسة وعاطفة وبشر..والإسلام بنظرته الواقعية اعترف بهذه الظاهرة المتأصلة في النفس البشرية

ايها الحب

كم من جرائم ارتكبت بأسمك و أنت برئ منها  و كم رزيلة مورست تحت أسمك و كم فتاة ضحك عليها بواسطتك ,

إنني اكره حباً يجعل الفسق شعاراً
يجعل اللذة قصداً ويرى العفة عاراً
أعلن الحرب على أصحابه ليلاً ونهاراً

ليس الحب هو الوصول الى فتاة
إنما الحب صفاء النفس ** من حقداً وغلاً
انه أفئدة تهوى ** وتأبى هتك عرضي



الحب هو حب الله ثم  الجنة ثم حب الزوجة و حب الابناء و الاباء

الهي

شجون في رضاك سرت حنينا      وذاب القلب مما قد لقينا

وظل الدمع يخلف في المآقي      شذا نفحاته من ياسمينا

ويهتف كل قلب فيك حباً      كأن نداءه من طور سينا

الهي

سألتك لا تكلني للأعادي     فقد أسكنت حبك في فؤادي

فزودني من التوفيق زاداً     عطاؤك يا إلهي خير زاد

أن مفتاح الجنة  "لا اله الا الله "  معناها "لا معبود بحق سوى الله "
و العبودية هى الغاية من خلق الانسان و الجن
قال الله تعالى:  وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون
و العبودية هى الخضوع مع الحب , يقال طريق معبد اي طريق مذلل

اذا كان حب الهائمين من الورى   بسلمى وليلى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى ان يكون بالهائم     الذى سرا شوقا للعالم الاعلى؟

أذن لا محبوب بحق سوى الله و كل حب يأتى بعد هذا تابع له

نحب رسول الله لأنه دلنا على الله
أحد المحدثين يقول في الرسول صلى الله عليه وسلم:

من زار بابك لم تبرح جوارحه     تروي أحاديث ما أوليت من منن

فالعين عن قرة والكف عن صلة     والقلب عن جابر والسمع عن حسن

هؤلاء الرواة ولكن هو حولها إلى أسماء، يقول:

يا رسول الله من أتى إلى بابك أصبحت جوارحه تروي ما أمليت من هذا العلم، وقرة العين توافق اسم قرة بن شريك من المحدثين، والصلة توافق اسم صلة بن أشيم المحدث، وجابر القلب توافق اسم جابر بن عبد الله ، وحسن السمع يوافق اسم الحسن البصري ففي البيت تورية، فالكلمات كأنها أسماء الرواة وهو يقصد معاني أخرى. 1

لغة الكلام كما رأيت على فمي =خجلى ولولا الحب لم أتكلم
يا مظهر التوحيد حسبي أنني =أحد الشداة الهائمين الحُوّم
ما حيلة الشعراء زاد غناؤهم =رهباً لدى هذا الجمال الأعظم
كل المعاني إن وُصِفتَ تضاءلت =وتحيّرت في كُنهك المتلثم
إن الذي سوّاك في تنزيله =وفّاك وصفاً بالثناء الأكرم
سبقت محبته مجيئك للورى =في عالم الغيب الكبير الأقدم
يا نور يوم وُلدت قامت عزّة =للأرض إذ أمست لنورك تنتمي
الكوكب الأرضيّ حين وطئته =أمسى حصاه يتيه فوق الأنجم
وعلى هدى الأقدار قام محمدٌ =لله فيه سرائر لم تُعلَم
متجرداً من كل جاه ظاهرٍ =وبغير جاه الله لم يستعصم
صلى عليه الله في سبُحاته =ما راح يجمع صحبه بتكتم
يمشي على حذر وينشر هديه =رشداً من الذكر العزيز المحكم
ما كان عن رهَبٍ ولا عن خيفة =لكن على قدَر خفي ملهم
حتى أفاض الله وانتشر الهدى =ومضى يهيب بكل قلب مسلم
ودعا فكان الله عند دعائه =يا هذه الدنيا لأحمد فاسلمي
وامشي وراء محمد وكفى به =نوراً يضيء هدىً لكل ميمِم
صلى عليه الله نوراً هادياً =متعبداً في غاره لم يسأم

و نشهد الله على حبنا للسابقين و عظم حبنا للانصار و ان لم نعمل بعشر عشر  عملهم

دعنا من التشبيه فـالسلف الأولى      قاموا الدجى وتقطعوا في المعترك

هم درجات عند ربك في العلا     فلا تقارن حب عمار بحبك

و نحب الزوجه لانها صاحبه المرء في طريقه الى الله و قد سماها الله بالصاحبه
{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}

و كان رسول الله يحب زوجاته و لكن حبه و طاعته لله اقوى بما لا يقاس فلما أمره بأعتزالهم أعتزلهم جميعا  شهرا كاملا

و نحب الاولاد حب طبع و فطره و نحبهم اكثر  بقدر طاعتهم لله
روى الإمام أحمد من حديث معاوية بن قرة عن أبيه:
( أنه كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتحبه ؟ " فقال : يا رسول الله , أحبك الله كما أحبه .. فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما فعل ابن فلان؟ فقالوا : يا رسول الله مات , فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه : " أما تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عليه ينتظرك ؟ " فقال رجل : يا رسول الله , أله خاصة أم لكلنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " بل لكلكم ).

و احب الخليل اباه و ابنه لكنه حبه لله كان اعظم كان متخللا لكل ما فيه
فلما أمره أن يتبرأ من اباه و يذبح ابنه لم يتردد

وللحب (6) أنواع ينقسموا قسمين اساسيين

(3) نافعة
حقيقة العبودية لا تحصل مع الإشراك بالله في المحبة ، بخلاف المحبة لله ، فإنها من لوازم العبودية وموجباتها ، فإن محبة الرسول - بل تقديمه في الحب على الأنفس والآباء والأبناء - لا يتم الإيمان إلا بها ، إذ محبته من محبة الله ، وكذلك كل حب في الله ولله ، كما في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان  .

وفي لفظ في الصحيحين : لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان فيه ثلاث خصال : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار .

وفي الحديث الذي في السنن : من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان .

قال سمنون : ذهب المحبون بشرف الدنيا والأخرة * لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (المرءُ مع من أحب) فهم مع الله في الدنيــــــــــأ والأ خــــــــــــرة

يقول ابن القيم : ( المحبة هي المنزلة التي فيها يتنافس المتنافسون* وإليها شخص العاملون * وإلى عالمها شمر السابقون *فهي قوت القلوب * وحياة الأرواح *وقرة العيون *وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات* والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات * واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام) مدارج السالكين

1) محبة الله تعالى
2) محبة في الله تعالى
3) محبة ما يعين على طاعة الله تعالى

((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ........ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.....)) ..
وشرح النووي رحمه الله فقال : قال القاضي : ‏قوله صلى الله عليه وسلم : ‏‏( ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) ‏
‏معناه : اجتمعا على حب الله وافترقا على حب الله , أي كان سبب اجتماعهما حب الله , واستمرا على ذلك حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله تعالى حال اجتماعهما وافتراقهما . ‏

قال - صلى الله عليه وسلم - : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم )2.
فدين الاسلام دين حب لا تدخل الجنة حتى تحب المؤمنين و الصالحين.
قال رجل‏:‏ يا رسول الله‏!‏ متى الساعة‏؟‏ قال ‏"‏وما أعددت لها‏؟‏‏"‏ فلم يذكر كبيرا‏.‏ قال‏:‏ ولكني أحب الله ورسوله‏.‏ قال ‏"‏فأنت مع من أحببت‏"‏‏.‏3
(من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان) 4
ثلاث من كن فيه وجد طعم الإيمان وحلاوته أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب فى الله ويبغض فى الله ولو أن أوقدت نارًا عظيمة فوقع فيها أحب إليه من أن يشرك 5

قال  رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: قال اللَّه تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في  6 .

(من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله) 7

(3) ضارة
وأصل الشرك بالله ، والإشراك في المحبة كما قال تعالى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله  [ سورة البقرة : 165 ] .
1) المحبة مع الله تعالى
2) ومحبة ما بغضه الله تعالى
3) ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله أو تنقصها

وأحلى الحب .. حب الوالدين
وأدوم الحب .. حب الكمال
وأروع حب .. حب التوبة
وأصعب حب .. حب الفراق
وأندر حب .. حب الموت
وأول حب .. حب الدنيا
وأعظم حب .. حب الفضي
وأقصى حب ..  حب الشوق
وأنقى حب .. حب الجهاد
وأنمى حب .. حب الصديق
وأصفى حب ..  حب الأطفال
وأغنى حب .. حب الناس
وأغلى حب .. حب الوفاء
وأقرب حب .. حب الصيام
وأبهج حب .. حب الصلاة
وأقبح حب .. حب الذنب
وأعف حب .. حب الشرف
وأذم حب .. حب الذات
وأفضل حب .. حب النقاء
وأكبر حب .. حب من حولك
وأثقل حب .. حب النفاق
وآخر حب .. حب المعصية

من هم أولياء الله ؟

وصف الله أوليائه في كتابه فقال : {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون }يونس ( 62 - 63) ، فوصفهم سبحانه بهذين الوصفين الإيمان والتقوى ، وهما ركنا الولاية الشرعية ، فكل مؤمن تقي فهو لله ولي ، وهذا يعني أن الباب مفتوح أمام من يريد أن يبلغ هذه المنزلة العلية والرتبة السنية ، وذلك بالمواظبة على طاعة الله في كل حال ، وإخلاص العمل له ، ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الدقيق والجليل .

يقول الشوكاني : " المعيار الذي تعرف به صحة الولاية ، هو أن يكون عاملاً بكتاب الله سبحانه وبسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم - مؤثراً لهما على كل شيء ، مقدماً لهما في إصداره وإيراده ، وفي كل شؤونه ،فإذا زاغ عنهما زاغت عنه ولايته " ، وبذلك نعلم أن طريق الولاية الشرعي ليس سوى محبة الله وطاعته واتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وأن كل من ادعي ولاية الله ومحبته بغير هذا الطريق ، فهو كاذب في دعواه .

حرمة معاداة أولياء الله

أولياء الله تجب مولاتهم وتحرم معاداتهم ، وكل من آذى ولياً لله بقول أو فعل ، فإن الله يعلمه بأنه محارب له ، وأنه سبحانه هو الذي يتولى الدفاع عنه ، وليس للعبد قبل ولا طاقة بمحاربة الله عز وجل ، قال سبحانه : { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون }المائدة( 55 - 56) .

درجات الولاية

وبعد أن ذكر سبحانه وجوب موالاة أولياء الله وتحريم معاداتهم وعقوبة ذلك ، ذكر طرق تحصيل هذه الولاية ، فبيَّنَ أن أولياء الله على درجتين :

الدرجة الأولى : درجة المقتصدين أصحاب اليمين الذين يتقربون إلى ربهم بأداء ما افترض عليهم ، وهو يشمل فعل الواجبات وترك المحرمات ، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده ، فذكر سبحانه أن التقرب إليه بأداء الفرائض هو من أفضل الأعمال والقربات كما قال عمر رضي الله عنه : " أفضل الأعمال أداء ما افترض الله ، والورع عما حرم الله ، وصدق النية فيما عند الله تعالى " وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته : " أفضل العبادات أداء الفرائض واجتناب المحارم " .

وأما الدرجة الثانية : فهي درجة السابقين المقربين ، وهم الذين تقربوا إلى الله بعد الفرائض ، فاجتهدوا في نوافل العبادات من صلاة وصيام وحج وعمرة وقراءة قرآن وغير ذلك ، واجتنبوا دقائق المكروهات ، فاستوجبوا محبة الله لهم ، وظهرت آثار هذه المحبة على أقوالهم وأفعالهم وجوارحهم .

آثار محبة الله لأوليائه

إذا استوجب العبد محبة الله ظهرت آثار المحبة عليه ، وهذه الآثار بينها سبحانه في قوله : ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ) ، والمقصود أن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل ، قَرَّبه الله إليه ورَقَّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان ، فيصير يعبد الله كأنه يراه ، فلا تنبعث جوارحه إلا بما يحبه مولاه ، فإن نطق لم ينطق إلا بما يرضي الله ، وإن سمع لم يسمع ما يسخط الله ، وإن نظر لم ينظر إلى ما حرم الله ، وإن بطش لم يبطش إلا لله ، وهكذا ، ولهذا جاء في بعض روايات الحديث في غير الصحيح ( فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي ) .

إجابة دعاء الولي

وإذا بلغ العبد هذه المنزلة - منزلة الولاية - فإن الله يكرمه بأن يجعله مجاب الدعوة ، فلا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه ، ولا يستعيذ به من شيء إلا أعاذه منه ، وذلك لكرامته على الله تعالى ، وقد عرف كثير من الصحابة بإجابة الدعاء ، كالبراء بن مالك ، و البراء بن عازب ، و سعد بن أبي وقاص ، وغيرهم ، وقد يدعو الولي فلا يستجاب له ، لما يعلم الله من أن الخيرة له في غير ما سأله ، فيعوضه بما هو خير له في دينه ودنياه ، فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث ، إما أن تعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذاً نُكْثِر ، قال : الله أكثر ) .

و الحب أنواع

1- هو العشق:
فرط الحب وامره واخبثه وهو سفر القلب المحبوب ...

2- الهوى:
وهو ميل النفس إلى المحبوب ...

3- العلاق:
وهو الحب الملازم للقلب
4- الكلف:
وهو شدة الحب
5- الشغف:
وهو ارتفاع الحب اعلى موضع من القلب
♥  الشعف ♥:
وهو احراق الحب للقلب
7- الجوى:
وهو الهوى الباطن والحرق وشدة الوجد من عشق او حزن
8- التتيم:
وهو التعبد والمتيم هو الذي تيمه الحب اذا عبده
9- التبل:
وهو ان يسقمه ويمرضه الهوى
10- التدله:
وهو ذهاب العقل من الهوى
11- الهيام:
وهو شدة العطش
12- الصبابه:
وهي رقة الشوق وحرارته ...
13-المقه:
وهي المحبة الوامق المحب
♥ الوجد♥:
هو الحب الذي يتبعه الحزن
♥الدنف♥:
هو المرض واستعمل العرب هذا الاسم للحب الملازم
16- الشجو:
هو الحب الذي يتبعه الهم والحزن
17- الشوق:
هو سفر القلب الى المحبوب و افضل الشوق الشوق الى الله

18- البلبال:
هو الهم وسواس المحب بحبيبته
♥الكمد♥:
هو الحزن المكتوم

عجبي على حرفين قد سلبا وقاري
حاء حريق .. باء بت في ناري

♥الأرق♥:
هوالسهر وهو من لوازم الحب
♥الحنين♥:
وهو الشوق الممزوج برقة
♥ الجنون ♥ :
ومن الحب ما يكون جنوناً واصل مادة الجنون الستر والحب المفرط يستر العقل
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم     العشق أعظم مما بالمجانين

وهو الحب المفرط فلا يعقل المحب ما ينفعه ويضره ...

♥الود ♥:
هو خالص الحب والطفه وأرأفه
قال تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}
♥ الخلة♥:
توحيد المحبة وقيل سميت خلة لتخلل المحبة جميع اجزاء الروح
و سيدنا ابراهيم خليل الرحمن
قال الحبيب محمد( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر )
♥الغرام♥:
هو الولوع والحب اللازم وأغرم بالشيء اي اولع به
♥ الوله♥:
هو ذهاب العقل والتحير من شدة الحب
♥ الرسيس♥:
وهو الثبات ورسوخ صورة المحبوب في النفس
♥الجزع♥:
هو عدم الصبر على الفرقة
ر الشهد♥:
شدة السهر وتواتر احوال المحبوب على القلب
♥الغل♥:
شدة العشق
♥ اللهف♥:
حزن وتحسر اللهفان المتحسر واللهيف المضطر
♥التبالة♥:
تبله الحب اي اسقمه وافسده
♥اللوعة♥:
الحرقه لوعة الحب حرقته
34-♥ الداء المخامر♥:
وهو من اوصافه وسمي مخامر لمخالطته القلب والروح
35-♥ السدم♥:
هو الحب الذي يتبعه ندم وحزن

♥ الخلابة ♥

وهو الحب الخادع ..والخلبه: الخداعه من النساء ..

♥ العلاقة ♥

وهي تعلق القلب بالمحبوب ...

♥ الشغف ♥

وهو مشتق من الشغاف:غلاف القلب وهو كالحجاب شغفه الحب أي بلغ شغافه ...

♥ الوجد ♥

الحب الذي يتبعه حزن ...

♥ الجوى ♥

الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن ...

♥ الشجن ♥

وهي حاجة المحب الشديدة إلى محبوبه ...

♥ اللاعج ♥

بمعنى الضرب وهو لاعج لحرقة الفؤاد من الحب ...

♥ اللوعه ♥

لوعة الحب حرقته أي احترق من الشوق ...

♥ الود ♥

وهو خالص الحب و ألطفه و أرقه ...

♥ الهيام ♥

وهو أشد العطش والهيام كالجنون من العشق ...

♥ الوله ♥

ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد ...

♥ التعبد ♥

وهو غاية الحب وغاية الذل ،عبده الحب أي ذله ولاتصلح هذه المرتبة لغير الله عزوجل .. فمحبة العبودية هي أشرف أنواع المحبة،وهي خالص حق الله من عباده
قال تعالى:
﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من السجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ﴾ الإسراء : 1
فلو كان هناك أشرف من لفظ العبودية لأستخدمة الله في هذه الاية

إن قافلة الحب الشاعرية تبدأ انطلاقتها على دروب الحب أولا من واحة ( العلاقة ) ، فالعلاقة هي أولى

درجات الحب ، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة ( المحبة ) ، وبعد ذلك ترتقي مشاعر الإنسان المحب إلى مرتبة

( الحب ) ، فالحب إذن هو المرتبة الثالثة في سلسلة هذه العاطفة الوجدانية الرائعة . . .

بعد أن تستقر مشاعر الإنسان في ثنايا صومعة الحب ، فإنها ترتحل من جديد إلى الدرجة الرابعة من درجات الحب وهي درجة ( المودة ) . .

وبعد أن يفيض نهر الحب على ضفاف القلوب فإن سفنه ترسو على ميناء ( الهوي ) ، الذي هو الدرجة الخامسة من درجات الحب .

وبعد أن تستقر سفينة القلوب قليلا في ميناء الهوى ، فإنها تنطلق من جديد مبحرة بشوق إلى جزيرة ( الصبابة ) التي هي الدرجة السادسة من درجات الحب . . .

وبعد ذلك تهب عليها أنفاس نسائم ( العشق ) العطرة ، فالعشق هو الدرجة السابعة من درجات الحب .

وتستمر القلوب في التلون بألوان الحب وارتقاء درجاته الطيفية الحالمة ، وعندما تعيش القلوب ( الوله ) ، فهي بذلك تكون قد انغمست في قارورة عطر الدرجة الثامنة من درجات الحب أي درجة الوله . . .

وبعد أن تصل القلوب إلى قمة هرم عاطفة الحب فإنها بذلك تكون قد وصلت إلى الدرجة التاسعة وهي ( الهيام ) ، فعندما يصبح الإنسان هائما بحبيب القلب فإنه يكون قد وصل إلى أعظم درجات الحب .

• درجات الحب التسع إذن هي :

الـعـلاقـة .. المحـبـة .. الحـب .. المـودة .. الـهــوى .. الصـبابـة .. العـشـق .. الـولـه .. الـهـيـام .

و للمحبة علامات يعرف بها الصادق من الكاذب

و كلا يدعي وصلا بليلى     و ليلى لا تقر لهم بذاكا
اذا اشتبكت دموع في عيون تبين من بكا ممن تباكا

الطاعة
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ  [البقرة:285].

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قال بعض السلف : ادعى قوم محبة الله ، فأنزل الله آية المحنة { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } .
ان المحب لمن يحب مطيع :
أغرك مني أن حبك قاتلي و أنك مهما تأمري القلب يفعل .

إن المحب لمن يحب مطيـع
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ... هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه ... إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة ... منه وأنت لشكر ذلك مضيع

الموافقة
وقال عبدالله بن المبارك:
وإذا صاحبت فاصحب ماجدا ذا حياء وعفاف وكرم
قوله للشيء: لا، إن قلت لا *** وإذا قلت: نعم قال: نعم

عذابي فيك عذب   و بعدي فيك قرب
و أنت عندي كروحي   بل أنت منها أحب
حسبي من الحب أنى     لما تحب أحب

موافقة الطبع
فطرت النفوس على محبه من يوافقها الطبع و لما حسنت أخلاق حبيبنا محمد ووصلت الى قمة القمم قال عليه الصلاة والسلام: " إن أحبكم إلي و أقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون  . " 8

حبيب حبيبي حبيبي
نساؤه يرسلن فاطمة ينشدن العدل في عائشة فيجيبها جواباً رائعاً فيرسلن زينب فتنال من عائشة فيسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ترد عليها عائشة فتفعل فيحييها!!:
أخرج الإمام أحمد عن عائشة قالت اجتمعن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلن فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لها قولي له إن نساءك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع عائشة في مرطها فقالت له إن نساءك أرسلنني إليك وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:
-أتحبيني قالت نعم قال فأحبيها  .

صححه ابن حبان والأرناؤوط والألباني وغيرهم.

تحب ما يحب

أحب قربك وأوثر هواك وما يسرك!!:

لما كان ليلة من الليالي قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة ذريني أتعبد الليلة لربي قلت والله إني أحب قربك وأحب ما يسرك قالت فقام فتطهر ثم قام يصلي قالت فلم يزل يبكي حتى بل حجره قالت وكان جالسا فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته قالت ثم بكى حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال يا رسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها (إن في خلق السموات والأرض).9

الا  يفعل ما يغضب حبيبه
و يفهم ما يريد من نظرته
نساؤه يرسلن فاطمة ينشدن العدل في عائشة فيجيبها جواباً رائعاً فيرسلن زينب فتنال من عائشة فيسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ترد عليها عائشة فتفعل فيحييها!!:
أخرج الإمام أحمد عن عائشة قالت اجتمعن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلن فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لها قولي له إن نساءك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع عائشة في مرطها فقالت له إن نساءك أرسلنني إليك وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:
-أتحبيني قالت نعم قال فأحبيها فرجعت إليهن فأخبرتهن ما قال لها فقلن إنك لم تصنعي شيئا فارجعي إليه فقالت والله لا أرجع إليه فيها أبدا قال الزهري وكانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا فأرسلن زينب بنت جحش قالت عائشة وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت إن أزواجك أرسلنني إليك وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة قالت ثم أقبلت عليَّ تشتمني فجعلت أراقب النبي صلى الله عليه وسلم وأنظر إلى طرفه هل يأذن لي في أن أنتصر منها فلم يتكلم قالت فشتمتني حتى ظننت أنه لا يكره أن أنتصر منها فاستقبلتها فلم ألبث أن أفحمتها قالت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إنها ابنة أبي بكر قالت عائشة ولم أر امرأة خيرا منها وأكثر صدقة وأوصل للرحم وأبذل لنفسها في كل شيء يتقرب به إلى الله عز وجل من زينب ما عدا سورة من غرب حد كان فيها توشك منها الفيئة.

صححه ابن حبان والأرناؤوط والألباني وغيرهم.

معاداة من يخطأ في حقه
و لو كان القريب
و تأمل ما بدر من السيدة ام مسطح
وانقطع الوحي،  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا،   وعائشة   لا تدري بما يقال فيها، فلما خرجت بالليل مع   أم مِسْطَح   عثرت   أم مِسْطَح   في مِرْطِهَا، فقالت: تعس   مِسطح   فأنكرت عليها   عائشة   وقالت: بئس ما قلت، تسبين رجلا من   أهل بدر   فقالت: أما علمت ما قال، فقالت: وما قال؟ فأخبرتها بأنه تكلم بالإفك،

أبو بكر الصديق -أبوها- يغضب عليها لغضب رسول الله فينقذها منه النبي -صلى الله عليه وسلم- فيخرج ثم يدخل عليهما فيجدهما قد تصالحا دون تدخل من أحد!!:
عن النعمان بن بشير قال :استأذن أبوبكر على النبي فسمع صوت عائشة عالياً , وهي تقول : والله لقد علمت أن علياً أحب إليك من أبي ! فأهوى إليها أبوبكر ليلطمها , وقال : يا ابنة فلانة , أراك ترفعين صوتك على رسول الله ! فأمسكه رسول الله وخرج أبو بكر مغضباً , فقال رسول الله : ( يا عائشة كيف رأيت أنقذتك من الرجل ) , ثم استأذن أبوبكر بعد ذلك , وقد اصطلح رسول الله وعائشة , فقال : أدخلاني في السلم , كما أدخلتماني في الحرب , فقال رسول الله : ( قد فعلنا قد فعلنا) صححه الوادعي لذاته والألباني لغيره.

يدافع عنه في غيابه:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة لأم سلمة: .( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها) .( رواه البخاري)

روى البخاري أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما فأمر به فجلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله ) .
و روى ايضا البخاري  ان رسول الله قال ، وهو جالس في القوم بتبوك : ( ما فعل كعب ) . فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، حبسه برداه ، ونظره في عطفيه . فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الإ خيرا

تحب له ما تحب لنفسك
عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه )) 10
أوصى النبي- صلى الله عليه وسلم- أبا هريرة بقوله : ( وأحب للمسلمين والمؤمنين ما تحبه لنفسك وأهل بيتك ، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك ، تكن مؤمنا )11.

التضحية
عن عامر بن سعد عن أبيه قال عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت فقلت: يا رسول الله بلغني ما ترى من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قال: قلت: أفأتصدق بشطره قال لا الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك قال: قلت: يا رسول الله أخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك تخلف حتى ينفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة قال رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن توفي بمكة

روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قال : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ) .

هذا الحديث انفرد بإخراجه البخاري دون بقية أصحاب الكتب الستة .

غريب الحديث

عادى : آذى وأبغض وأغضب بالقول أو الفعل .
ولياً : أصل الموالاة القرب وأصل المعاداة البعد ، والمراد بولي الله كما قال الحافظ ابن حجر : " العالم بالله ، المواظب على طاعته ، المخلص في عبادته " .
آذنته بالحرب : آذن بمعنى أعلم وأخبر ، والمعنى أي أعلمته بأني محارب له حيث كان محاربا لي بمعاداته لأوليائي .
النوافل : ما زاد على الفرائض من العبادات .
استعاذني : أي طلب العوذ والالتجاء والاعتصام بي من كل ما يخاف منه .

منزلة الحديث

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث : " هو أشرف حديث روي في صفة الأولياء " ، وقال الشوكاني : " هذا الحديث قد اشتمل على فوائد كثيرة النفع ، جليلة القدر لمن فهمها حق فهمها وتدبرها كما ينبغي " .

النصح
عن معاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، ثم أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك 12

حب كل قريب منه و كل طريق اليه

قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام أحمد: ((لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة))
لما أحب صاحب الدعوة الصلاة حبا شديدا , نهى عن سب الديك حين كان داعيه و طريقا للصلاه

يحب الحديث عن محبوبه
يطيب حديثنا فيكم ويحلو     ويغلو عند ذكركم الكلام

وأما غيركم فالقلب يأبى     حرام مدح غيركم حرام

قال ابن الجوزي رحمه الله : قلوب المحبين مملوءة بذكر الحبيب ، إن نطقوا فبذكره ، وإن تحركوا فبأمره ، وإن فرحوا فلقربه.

فمن أحب أحدا اكثر من ذكره :
مجنون ليلى :

ولو ان ما بي في الحصى فلق الحصى ..\.. أو الريح لم يسمــــــــع لهن هبــــــوب

ولــــــو اننـــــــي استغفــــــــر الله كلما ..\.. ذكرتـــــــك لم تكتــــــب علي ذنـــــــوب

أليس وعـــدتني يا قلب أنــــــــي ..\.. إذا ما تبـــت عن حب ليلى تتوب

فها انا تائبٌ عن حـــــــــبِّ ليلى ..\.. فمـــالك كلما ذُكــــــــــــرت تذوب

يحب سماع محبوبة
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة     والأذن تعشق قبل العين أحيانا

يا ليتني كنت تفاحاً مثلجة     أو كنت من ثمر الريحان ريحاناً

و قال أخر
فلو داواك كل طبيب داء    بغير كلام ليلى ما شفاكا

و قال أخر
وحديثه السحر الحلال لو أنه    لم يجن قتل المسلم المتحـرّزِ

إن طال لم يملّ وإن أوجزته     ودّ المحـدث أنه لـم يوجـزِ

يشفى برؤية و سماع محبوبه
ولو خلط الـسـم المذاب بريقهـــــــــــــا وأسـقـيـت مـنـه نـهـلـة لـبـريـــــــــــــــــــت.

و قال أخر
فلو داواك كل طبيب داء    بغير كلام ليلى ما شفاكا

لا يتسع قلبه لأحد مع محبوبة
لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ) ( حديث رواه البخاري )

لا يقدر على فراق محبوبه

الهي و سيدي و خالقي و رازقي

والله لو أنــك تـوجـــتـنـــي     بتاج كسرى ملك المشرق
ولو بأموال الورى جدت لي     أموال من باد ومن قد بقي
وقــلــت لا نــلتـــقـي سـاعـة    اخترت يا مولاي أن نلتقي

أما والذي أبكى وأضحك ، والذي * أمات وأحيا ، والذي أمره الأمر

لقد كنت أتيها وفي النفس هجرها * بتانا لأخرى الدهر ما طلع الفجر

فما هو إلا أن أراها فجاءة * فأبهت لا عرف لدي ولا نكر

وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها * كما قد تنسى لب شاربها الخمر

تكاد يدي تندى إذا ما لمستها * وينبت في أطرافها الورق الخضر

وإني لتعروني لذكراك هزة * كما انتقص العصفور بلله القطر

فيا حب ليلى قد بلغت بي المدى * وزدت على ما ليس يبلغه الهجر

ويا حبها زدني جوى كل ليلة * ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

و قال أخر
شكا الم الفراق الناس قبلي ولوع بالهوى حي وميت
واما مثل ما ضمت ضلوعي فأني ما سمعت ولا رايت.

و يقول نزار و هو يحسب لحظات انتظاره
تأخّــرت عن وعــد الهوى يا حبيبنا   وما كنت عن وعــد  الهــوى تتأخرُ
سَهِدْنا .. وفكّــرنا .. وشاخت دموعنـا   وشابت ليالينــا ، وما كنت تحضــُرُ
تعاودنـــي ذكــراك كلّ  عشيّــةٍ   ويورق فكـــرى حين فيــك أفكّر ..
وتأبى جراحـــي أن تضــمّ شفاهها   كأن جــراح الحــبّ لا تتخثّـــرُ
أحبّك لا تفسيــر عنــدي لصَبْوتـي   أفسّـر ماذا ؟ والهـــوى لا يفسَّــر
تأخرت يا أغلـى الرجـــال ، فليلنـا   طويـل ، وأضــواء القناديـل  تسهرُ
تأخّـرت .. فالسـاعات تـأكل  نفسهـا   وأيامنا فــي بعضهــــا  تتعثّــرُ

و يقول عاشق لمحبوبته :
حمـلـيـنـي في الـحـب ما شـئـــــت إلا حـادث الـصـد أو بـلاء الـفــــــــــــراق.

اللهم أنا محبون فقربنا منك و لا تبعدنا

الا تتغير محبته بتغير الحال
وَكُل مَحَبَّة فِي الْلَّه تُبْقِي ... عَلَى الْحَالَيْن مِن فَرَج وَضِيْق
وَكُل مُحـبِة فـيُمّا سـوَاه ... فَكَالْحُلَفَاء فِي لَهَب الْحَرِيْق

لا يملك تفسير مادي لحبه
أحبّك لا تفسيــر عنــدي لصَبْوتـي   أفسّـر ماذا ؟ والهـــوى لا يفسَّــر

يجد صعوبه في الكلام عند حضور محبوبه

لــــي في محبتكم شهــــــود اربع ..\.. وشهـــود كل قضية اثنــــــــــان

خفقان قلبي واضطــراب جوانحي ..\.. ونحول جسمي وانعقاد لســاني

و يقول أخر :
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً     فالصمت في حرم الجمال .. جمال

كلماتنا في الحب .. تقتل حبنا        إن الحروف تموت حين تقال

و يقول ايضا
صَبَاحُكِ سُكّر

إذا مرَّ يومٌ . ولم أتذكَّر
به أن أقول : صباحكِ سكّر
ورحتُ أخطُّ كطفلٍ صغيرٍ
كلاماً غريباً على وجه دفتر
فلا تَضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أنَّ شيئاً تغيَّر
فحين أنا . لا أقول : أحبُّ
فمعناه أني أُحبُّكِ أكثر
إذاجئتِني ذات يومٍ بثوبٍ
كعشب البحيرات .. أخضرَ ..أخضرْ
وشَعْرُكِ ملقىً على كتفيكِ
كبحرٍ..كأبعاد ليلٍ مبعثر
ورحتُ أعبُّ دخاني بعمقٍ
وأرشف حبرَ دَواتي وأسكر
فلا تنعتيني بموت الشعور
ولا تحسبي أنّ قلبي تحجَّر
فبالوهم  أزرعُ شعرك دفْلى
وقمحاً..ولوزاً..وغابات زعتر..
إذا ما جلستِ طويلاً أمامي
كمملكةٍ من عبيرٍ ومرمر
وأغمضتُ عن طيِّباتكِ عيني
وأهملتُ شكوى القميص المعطَّر
فلا تحسبي أنني لا أراكِ
فبعضُ المواضيع بالذهن يُبصر
ففي الظلِّ يغدو لعطركِ صوتٌ
وتصبح أبعادُ عينيكِ أكبر
أُحبُّكِ فوقَ المحبَّة..لكن
دعيني أراكِ كما أتصوَّر...

يمر الوقت بسرعة مع حبيبة
نقول في امثالنا "الاوقات الحلوه بتعدي بسرعه "
ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما بالطولي والطول طوبى لي لو اعتدلا
يجود بالطول ليلي كلما بخلت بالطول ليلى وإن جادت به بخلا

طاول بها الليل ضن الجفن أو سمحا     وما طل النجم مال النجم أو جنحا
فإن تشكت فعللها المجرة من      ذوي الصباح وعدها بالقدوم ضحى

لا يرضي عن حبيبه بديلا
قالوا تخير سواها فهي قاسية                     فقلت لا غير ليلى ليس يرضيني
فلو جمعتم جمال الكون اجًمعه في                شخصِ أخرى وقد جاءت تناجيني
لكنت كالصخرة الصماء عاطفة                   وقلت هذا جمال ليس يعنيني
إن العيون التي بالوصل تضحكني                هي العيون التي بالهجر تبكيني

وقال شيخ الاسلام :"إِذَا تَرَكَ الْعَبْدُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَادِ كَانَ دَلِيلًا عَلَى ضَعْفِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي قَلْبِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَحْبُوبَاتِ لَا تُنَالُ غَالِبًا إلَّا بِاحْتِمَالِ الْمَكْرُوهَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَحَبَّةً صَالِحَةً أَوْ فَاسِدَةً فَالْمُحِبُّونَ لِلْمَالِ وَالرِّئَاسَةِ وَالصُّوَرِ لَا يَنَالُونَ مَطَالِبَهُمْ إلَّا بِضَرَرِ يَلْحَقُهُمْ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ الضَّرَرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَالْمُحِبُّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ مَا يَرَى ذُو الرَّأْيِ مِنْ الْمُحِبِّينَ لِغَيْرِ اللَّهِ مِمَّا يَحْتَمِلُونَ فِي حُصُولِ مَحْبُوبِهِمْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ مَحَبَّتِهِمْ لِلَّهِ إذَا كَانَ مَا يَسْلُكُهُ أُولَئِكَ هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي يُشِيرُ بِهِ الْعَقْلُ . وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ } . نَعَمْ قَدْ يَسْلُكُ الْمُحِبُّ لِضَعْفِ عَقْلِهِ وَفَسَادِ تَصَوُّرِهِ طَرِيقًا لَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَطْلُوبُ فَمِثْلُ هَذِهِ الطَّرِيقِ لَا تُحْمَدُ إذَا كَانَتْ الْمَحَبَّةُ صَالِحَةً مَحْمُودَةً فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ الْمَحَبَّةُ فَاسِدَةً وَالطَّرِيقُ غَيْرَ مُوصِلٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتَهَوِّرُونَ فِي طَلَبِ الْمَالِ وَالرِّئَاسَةِ وَالصُّوَرِ فِي حُبِّ أُمُورٍ تُوجِبُ لَهُمْ ضَرَرًا وَلَا تُحَصِّلُ لَهُمْ مَطْلُوبًا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الطُّرُقُ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْعَقْلُ لِحُصُولِ مَطْلُوبِهِ . وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا . فَكُلَّمَا ازْدَادَ الْقَلْبُ حُبًّا لِلَّهِ ازْدَادَ لَهُ عُبُودِيَّةً وَكُلَّمَا ازْدَادَ لَهُ عُبُودِيَّةً ازْدَادَ لَهُ حُبًّا وَحُرِّيَّةً عَمَّا سِوَاهُ وَالْقَلْبُ فَقِيرٌ بِالذَّاتِ إلَى اللَّهِ مِنْ " وَجْهَيْنِ " : مِنْ جِهَةِ الْعِبَادَةِ وَهِيَ الْعِلَّةُ الغائية . وَمِنْ جِهَةِ الِاسْتِعَانَةِ وَالتَّوَكُّلِ وَهِيَ الْعِلَّةُ الْفَاعِلِيَّةُ فَالْقَلْبُ لَا يَصْلُحُ وَلَا يُفْلِحُ وَلَا يَلْتَذُّ وَلَا يُسَرُّ وَلَا يَطِيبُ وَلَا يَسْكُنُ وَلَا يَطْمَئِنُّ إلَّا بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَحُبِّهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ . وَلَوْ حَصَلَ لَهُ كُلُّ مَا يَلْتَذُّ بِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ يَطْمَئِنَّ وَلَمْ يَسْكُنْ إذْ فِيهِ فَقْرٌ ذَاتِيٌّ إلَى رَبِّهِ وَمِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْبُودُهُ وَمَحْبُوبُهُ وَمَطْلُوبُهُ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَاللَّذَّةُ وَالنِّعْمَةُ وَالسُّكُونُ وَالطُّمَأْنِينَةُ . وَهَذَا لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا بِإِعَانَةِ اللَّهِ لَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ لَهُ إلَّا اللَّهُ فَهُوَ دَائِمًا مُفْتَقِرٌ إلَى حَقِيقَةِ { إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } فَإِنَّهُ لَوْ أُعِينَ عَلَى حُصُولِ مَا يُحِبُّهُ وَيَطْلُبُهُ وَيَشْتَهِيهِ وَيُرِيدُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِبَادَتُهُ لِلَّهِ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ غَايَةَ مُرَادِهِ وَنِهَايَةَ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الْمَحْبُوبُ لَهُ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ إنَّمَا يُحِبُّهُ لِأَجْلِهِ لَا يُحِبُّ شَيْئًا لِذَاتِهِ إلَّا اللَّهَ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ حَقَّقَ حَقِيقَةَ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " وَلَا حَقَّقَ التَّوْحِيدَ وَالْعُبُودِيَّةَ وَالْمَحَبَّةَ وَكَانَ فِيهِ مِنْ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ بَلْ مِنْ الْأَلَمِ وَالْحَسْرَةِ وَالْعَذَابِ بِحَسَبِ ذَلِكَ ." ((3))

قال ابن القيم رحمه الله:"هذه الدرجة أرفع من الأولى وأعلى والأولى كالوسيلة إليها لأن في الدرجة الأولى يتخلى بفقره عن أن يتأله غير مولاه الحق وأن يضيع أنفاسه في غير مرضاته وأن يفرق همومه في غير محابه وأن يؤثر عليه في حال من الأحوال فيوجب له هذا الخلق وهذه المعاملة صفاء العبودية وعمارة السر بينه وبين الله وخلوص الود فيصبح ويمسي ولا هم له غير ربه قد قطع همه بربه عنه جميع الهموم وعطلت إرادته جميع الإرادات ونسخت محبته له من قلبه كل محبة لسواه كما قيل
لقد كان يسبي القلب في كل ليله ... ثمانون بل تسعون نفسا وأرجح
يهيم بهذا ثم يألف غيره ... ويسلوهم من فوره حين يصبح
وقد كان قلبي ضائعا قبل حبكم ... فكان بحب الخلق يلهو ويمرح
فلما دعا قلبي هواك أجابه ... فلست أراه عن خبائك يبرح
حرمت الأماني منك إن كنت كاذبا ... وإن كنت في الدنيا بغيرك أفرح
وإن كان شيء في الوجود سواكم ... يقر به القلب الجريح ويفرح
إذا لعبت أيدي الهوى بمحبكم ... فليس له عن بابكم متزحزح
فإن أدركته غربة عن دياركم ... فحبكم بين الحشا ليس يبرح
وكم مشتر في الخلق قد سام قلبه ... فلم يره إلا لحبك يصلح "

الرضا بكل ما عند المحبوب

و هنا استشهد بقصيدة لمصطفى السباعي رحمه الله
حيث ألفها أثناء مرضه الأخير
فالإنسان أضعف مايكون أثناء مرضه
فكانت القصيدة ثناءً على الباري وابتهالاً إليه
أترككم مع ثناياها
&&&&&&&&

أراكـ جميلاً حين ترضى وتغضب
وحين تمني بالوصال وتعتب
....
وحين تعافيني من الهم والضنى
وحين دمائي من جراحي تثعب
....
وإن يك جسمي ملء عطفيه صحة
وإن تكن الأسقام تضوي وتعطب
....
وإن غمرتني منك حسنى تسرني
وإن هـُدّ مني للمصائب منكب
....
وفي الضر والنعمى وفي المنع والعطا
وفي الأمن والأحزان تأتي وتذهب
....
أراك جميلاً في فعالك كلها
فهل أنت راضٍ أم ترى أنت مغضب
....
ولكن ظني فيك أنك معتقي
وأنك تدنيني ولست تعذب
....
فيا رب هب لي منك صبراً ورحمة
ويارب حببني بما فيّ تكتب
....
ويارب زدني عنك فهماً لمحنتي
وثبت يقيني فيكـ فالقلب قلّب
....
وزدني إحساناً بما أنت أهله
وحسن فعالي أنت نعم المؤدب
....
وأنزل على قلبي الجريح سكينة
وأحسن ختامي ليس لي عنك مذهب

يرد على الاسائة بالاحسان , لا يملك غير هذا
كما فعل الحبيب محمد مع كفار قريش

وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووا عني هويت لهم رشدا

لا يقدر على صرف وجهه عن محبوبه

و لهذا حرمم الالتفات في الصلاة

أعمي لا يرى الا جمال محبوبه  و لا يلمح معايبه
ألم تر أني كلما زرت زينباً      وجدت بها طيباً وإن لم تطيب

فمن راى في حبيبه عيبا فليس بمحب
و يقول أخر
ويقبح من سواك الفعل عندي      وتفعله فيحسن منك ذاكا

على عمد من التوفيق قدماً      أحبك من أحبك واصطفاكا

و يقول محب للحور العين
وكنتُ أرى أن قد تناهى بي الهوى *** إلى غاية ما بعدها لي مذهب
فلمــا تلاقينا وعاينت حسنها *** تيقنت أني إنما كنت ألعـب

إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها ففـــــــي وجـه مـن تـهـوى جـمـيـع الـمـحـاســـــــــن.

لـــي حـبـيـب كـمـلـت أوصـافــــــه حـق لـي في حـبـه أن أعــــــــــــــــــــذرا.

و إن حكمت جـارت علي بحكمهــا و لـكـن ذلـك الـجور أشـهى من العـــــــدل.

أصم عن معايب محبوبه
لا تلمني في هواها والجوى      فأنا من لومكم في صمم

اقول لمن يلوم المحب لله و لرسوله
كم لائم للحب لا يدري ** أن الحياة بدونه حبس

لو انطق الله الحصى حكمت ** أن المحبة ما بها بأس

طهر وإخلاص فان صدقا ** فالحب في ليل الأسى شمس

لا يرى الا جمال محبوبه

لا يتضايق من محبوبه

يقول ابن حزم – رحمه الله - : إن رجلا من اخواني جرحه من كان يحبه بمدية , فلقد رأيته , وهو يقبِّل

موضع الجرح , وندبه مرةً وهو يقول :

يقولون شجك من همت فيه ..\.. فقلت : لعمري ما شجـــــني
ولكن أحــــــــــس دمي قربه ..\.. فطار إليـــــــــــــه ولم ينثني

حريص أن يحب كل الناس من يحبه
قال الله جل وعلا في سورة الكهف:
[ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ]

{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } = فلعلك يا محمد قاتلٌ نفسك ومهلكها غما وأسفا عليهم.

{ ما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما أفترضته عليه , و ما يزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به , و بصره الذى يبصر به و يده التى يبطش بها و رجله التى يمشى بها و إن سألنى لأعطينه و إن إستعاذ بى لأعيذنه , وماترددت عن شىء أنا فاعله ترددى عن نفس المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته }13  .

ماذا يحدث اذا احبك الله ؟؟ و ما علاقة حب الله للعبد بحب العباد له؟؟
عن سهيل بن أبي صالح‏.‏ قال‏:‏كنا بعرفة‏.‏ فمر عمر بن عبدالعزيز وهو على الموسم‏.‏ فقام الناس ينظرون إليه‏.‏ فقلت لأبي‏:‏ يا أبت‏!‏ إني أرى الله يحب عمر بن عبدالعزيز‏.‏ قال‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قلت‏:‏ لما له من الحب في قلوب الناس‏.‏ فقال‏:‏ بأبيك‏!‏ أنت سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏
{ إن الله اذا أحب عبداً دعا جبريل : إنى أحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل يا أهل السماء ان الله يحب فلان فاحبوه فيحبه اهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض و اذا ابغض الله عبداً دعا جبريل : إنى أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادى فى أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء فى الأرض }14

يحب لقاء محبوية
ومن لقاء الله قد أحبا     كان له الله أشد حبا

وعكسه الكاره فالله اسأل     رحمته فضلاً ولا تتكل

روي أن ملك الموت عليه السلام جاء إلى إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن عز و جل ليقبض روحه فقال إبراهيم : يا ملك الموت هل رأيت خليلا يقبض روح خليله ؟ فعرج ملك الموت عليه السلام إلى ربه فقال قل له : هل رأيت خليلا يكره لقاء خليله ؟ فرجع فقال اقبض روحي الساعة
قال الحافظ العراقي : لم أجد له أصلاً ! ( تخريج إحياء علوم الدين )
( 4 / 287 ) .
فهو مكذوب لا يحل نشره إلا مع بيان حاله .

ألقى الصحيفة كي يخفف رحله والزاد حتى نعله ألقاها

هل للمسلم أن يحب الموت؟
لدكتور الشيخ / يوسف عبد الله القرضاوي
المؤمن لا يحب الحياة حب الحريص على متاعها الأدنى، المتهافت على لذائذها، حباً يخيفه من الموت، ويلصقه بتراب الأرض، بل أحب المؤمن الحياة لأنه يقوم فيها بحق الله في الأرض، وأحب الموت لأنه يعجل به إلى لقاء ربه.
وفي الحديث: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" (متفق عليه).
وحينما خير الرسول بين لقاء ربه والبقاء في الدنيا قال: "أختار الرفيق الأعلى"!
وحينما أصابت علي بن أبى طالب رضي الله عنه ضربة عبد الرحمن ابن ملجم قال: فزت ورب الكعبة!
وحينما حضرت بلالاً الوفاة صرخت امرأته: واكرباه! فقال لها: بل واطرباه!! غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه!
وحينما أخذ المشركون في مكة خبيب بن زيد ليصلبوه كان نشيده الذي يترنم به على خشبة الصلب:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلوٍ ممــزع

وكان سيف الله خالد بن الوليد حينما يرسل إلى قائد من قواد الفرس أو الروم يختم رسالته بعد الدعوة إلى السلام والإسلام بقوله: وإلا ... رميتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة..!!!

الا يرضى بسواه بدلا
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم و لا رضيت سواكم في الهوى بدلا ً .

فليتك تحــلو والحيـاة مريـرة       وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر        وبيني وبين العالميـن خرابُ15

نحول الجسد و المرض
عاتبـــت قلبي لمَّــــا ..\.. رأيت جسمي نحيلاً

فألزم القلب طــرفي ..\.. وقال كنت الرسـولا

فقال طرفي لقلبـي ..\.. بل انت كنت الدليــــلا

فقلت كفا جميــــعاً ..\..تركتمـــاني قتيــــــــلاً

جسّ الطبيب يدي جهلاً فـقـلـت لــه إن المحـبـة في قـلـبي فـخـلـي يــــــــدي.

يجد صعوبه في كتمان حبه
يقول الأصمعي : بينما كنت اسير في البادية , إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت :

أيا معشر العشاق بالله خبروا ..\.. إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟

فكتبت تحته البيت التالي:

يداري هواه ثم يكتم ســـــره ..\.. ويخشع في كل الامور ويخضع

يقول ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوبا تحته هذا البيت :

وكيف يداري والهوى قاتل الفتى ..\.. وفـــــي كل يوم قلبه يتقطــــــــع

فكتبت تحته البيت التالي :

إذا لم يجد الفتى صبرا لكتمان سره ..\.. فليـــس له شيء سوى الموت ينفع

يقول الاصمعي : فعدت في اليوم الثالث , فوجدت شاباً ملقى تحت الحجر ميتا , ومكتوب تحته هذان البيتان :
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغـــــــــــــوا ..\.. سلامي إلى من كان بالوصل يمنـــع

هنيـــــئا لارباب النعيم نعيمــــــــهم ..\.. وللعاشق المسكيــــــــــن ما يتــجرع

(إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة) 16
(إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله) 17
(إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه، فإنه يجد له مثل الذي عنده)18
وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً كان عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فمر رجل فقال: يا رَسُول اللَّهِ إني لأحب هذا. فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أعلمته؟ قال: لا. قال: أعلمه
فلحقه فقال: إني أحبك في اللَّه. فقال: أحبك الذي أحببتني له 19
و عن أبي إدريس الخولاني رحمه اللَّه قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتىً براق الثنايا وإذا الناس معه فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان من الغد هجرت20 فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك لله! فقال: آلله؟ فقلت: ألله21. فقال: آلله؟ فقلت: ألله. فأخذ بخبوة ردائي فجبذني إليه فقال أبشر فإني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: قال اللَّه تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في  22 .

فى قديم الزمان
حيث لم يكن على الأرض بشر بعد

كانت الفضائل والرذائل , تطوف العالم معاً
وتشعر بالملل الشديد

ذات يوم وكحل لمشكلة الملل المستعصية
اقترح الإبداع لعبة
وأسماها الأستغماية

أحب الجميع الفكرة

والكل بدأ يصرخ : أريد أنا ان أبدأ .. أريد انا أن أبدأ

الجنون قال :- أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد
وأنتم عليكم مباشرة الأختفاء

ثم أنه اتكأ بمرفقيه على شجرة وبدأ
واحد , اثنين , ثلاثة

وبدأت الفضائل والرذائل بالأختباء

وجدت الرقه مكاناً لنفسها فوق القمر

وأخفت الخيانة نفسها في كومة زبالة

وذهب الولع بين الغيوم

ومضى الشوق الى باطن الأرض

الكذب قال بصوت عالٍ :- سأخفي نفسي تحت الحجارة
ثم توجه لقعر البحيرة

واستمر الجنون :- تسعة وسبعون , ثمانون , واحد وثمانون

خلال ذلك
أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها

ماعدا الحب

كعادته لم يكن صاحب قرار وبالتالي لم يقرر أين يختفي
وهذا غير مفاجيء لأحد , فنحن نعلم كم هو صعب اخفاء الحب

تابع الجنون :- خمسة وتسعون , ستة وتسعون , سبعة وتسعون
وعندما وصل الجنون في تعداده الى :- المائة

قفز الحب وسط أجمة من الورد واختفى بداخلها

فتح الجنون عينيه وبدأ البحث صائحاً :- أنا آتٍ إليكم , أنا آتٍ إليكم

كان الكسل أول من أنكشف لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه

ثم ظهرت الرقّه المختفية في القمر

وبعدها خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس

واشار الجنون على الشوق ان يرجع من باطن الأرض

الجنون وجدهم جميعاً واحداً بعد الآخر

ماعدا الحب

كاد يصاب بالأحباط واليأس في بحثه عن ! الحب

واقترب الحسد من الجنون , حين اقترب منه الحسد همس في أذن الجنون
قال :- الحب مختفاً بين شجيرة الورد

إلتقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش
ولم يتوقف الا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب

! ظهر الحب من تحت شجيرة الورد وهو يحجب عينيه بيديه والدم يقطر من بين أصابعه

صاح الجنون نادماً :- يا إلهي ماذا فعلت بيك ؟
لقد افقدتك بصرك
ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟

أجابه الحب :- لن تستطيع إعادة النظر لي , لكن لازال هناك ما تستطيع فعله لأجلي
(كن دليلي )
وهذا ماحصل من يومها
يمضي الحب الأعمى يقوده الجنون ..

لا يمنع شئ عن محبوبه

لما صحت محبه المهاجرين تركوا الغالي و النفيس و هاجروا و لما صحت محبة الانصار اثروا المهاجيرن بكل شئ

يقول خطيب الأنصار: {يا رسول الله! أعط من شئت، وامنع من شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، عسى الله أن يريك منا ما تقر به عينك }

اللهم خذ من دمائنا و اموالنا و اولادنا و انفسنا حتى ترضى

لما كذب اليهود في دعوى حبهم ثقل عليهم تنفيذ اوامره
قال تعالى: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا مايوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا وإذا لأتيناهم من لدنا أجراً عظيما ولهديناهم صراطاً مستقيما ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما} «النساء: 66 - 70».

لا يقدر على المخالفة
المحب لا يقدر على مخالفة من يحب و لو اراد , لأن المحبه اكبر شئ يهيج على الفعل و المحبه في القلب و هو الملك للجوارح

يحب الهداية و الخير لمن يحب
وقال تعالى: ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة 128
قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى :[ هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة ] ا.هـ
وروى مسلم عن ابن عمرو: أن رسول الله تلا هذه الآية: ( رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) و ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم).
فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله فأتاه جبريل فسأله، فأخبره بما قال: وهو أعلم، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد فقال: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك).
وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي شاملة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً).
لقد وصل به الأمر صلى الله عليه و سلم إلى أن استولت عليه الحسرة و كاد يقتل نفسه حرصاً على أمته حتى عاتبه ربه فقال تعالى : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ) الكهف6 و قال عز وجل : ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )الشعراء3
و قال سبحانه : ( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) فاطر8
و تأمل في عظيم شفقته بأمته حين يضرب هذا المثل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها ) رواه البخاري
قال القاضي عياض رحمه الله : [أما إحسانه و أنعامه على أمته فكذلك قد مر منه في أوصاف الله تعالى له من رأفته بهم و رحمته لهم و هدايته إياهم و شفقته عليهم و استنفاذهم به من النار و أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم و رحمة للعالمين و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يعلهم الكتاب و الحكمة و يهديهم إلى صراط مستقيم
فأي إحسان أجل قدرا و أعظم خطرا من إحسانه إلى جميع المؤمنين ؟ و أي إفضال أعم منفعة و أكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين إذ كان ذريعتهم إلى الهداية و منقذهم من العماية و داعيهم إلى الفلاح و وسيلتهم إلى ربهم و شفيعهم و المتكلم عنهم و الشاهد لهم و الموجب لهم البقاء الدائم و النعيم السرمد
فقد استبان لك أنه صلى الله عليه و سلم مستوجب للمحبة الحقيقية شرعا بما قدمناه من صحيح الآثار و عادة و جبلة بما ذكرناه آنفا لأفاضته الإحسان و عمومه الإجمال فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفأ أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع ـ فمن منحه ما لا يبيد من النعيم و وقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب
و إذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته أو حاكم لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته ـ فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب و أولى بالميل ] الشفا ج2 صـ24

يشتاق الى من يحب
(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
وقد كان النبي   إذا قدم من سفر فلاحت له المدينة أسرع السير حبا للوطن ولما خرج من مكة تلفت اليها شوقا
اللهم انا نشتاق الى لقائك فلا تحرمنا منه

الشوق هو سفر القلب في طلب المحبوب، ونزوعه إليه، المحب دائماً مشتاق إلى لقاء حبيبه، لا يهدأ قلبه، ولا يقر قراره إلا بالوصول إليه.

- وقيل: هو اهتياج القلوب إلى لقاء الله.

كيف نشتاق إلى الله سبحانه ؟

- والشوق إلى لقاء الله -تعالى- لا يكون إلا بالهروب من مساخط الله -تعالى- ومعاصيه،
كما أنه لا يرجو لقاء الله -تعالى- إلا من أحسن العمل؛:
قال تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} الكهف.

قال ابن كثير -رحمه الله- في شرح هذه الآية :
(مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(العنكبوت:5).

أي: في الدار الآخرة، وعمل صالحاً -أي في الدنيا-،
ورجا ما عند الله من الثواب الجزيل، فإن الله سيحقق له رجاءه، ويوفيه عمله كاملاً موفراً،
فإن ذلك كائن لا محالة؛ لأنه سميع الدعاء، بصير بكل الكائنات"

وقال ابن القيم -رحمه الله-:
"قيل: هذا تعزية للمشتاقين، وتسلية لهم.
أي: أنا أعلم أن من كان يرجو لقائي، فهو مشتاق إلي، فقد أجَّلت له أجلاً يكون قريب؛
فإنه آتٍ لا محالة، وكل آتٍ قريب...، وفيه تعليل للمشتاقين برجاء اللقاء.

لولا التعلق بالرجاء لقُطـِّعَت *** نفس المحب صبابة وتشوُّقا

حتى إذا رَوْح الرجاء أصابه *** سكن الحريقُ إذا تعلل باللُّقا

ويقول الله -تعالى- عن موسى -عليه السلام-:

(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى).

وهذا جواب موسى -عليه السلام- لربه -تعالى- عندما قال له:

(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى . قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)

(طه:83-84).

فالذي حمله على المبادرة هو طلب رضى ربه، وأن رضاه -تعالى- في المبادرة إلى أوامره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

"إن رضى الرب في العجلة إلى أوامره".

وبهذه الآية استدل السلف على أن الصلاة في أول الوقت أفضل.

مثيرات الشوق إلى لقاء الله - سبحانه وتعالى-:

أولاً: الشوق إلى لقاء الله -تعالى- أثر من آثار المحبة، ومرتبط بها زيادة ونقصاً، وقوة وضعفاً.

وعليه فلابد للعبد المؤمن المشتاق إلى لقاء الله -تعالى- أن يتلبَّس دائماً بالأسباب الجالبة لمحبة الله -تعالى-

من قراءة القرآن بالتدبر، والتقرب إليه -تعالى- بالنوافل بعد الفرائض، ومن دوام ذكره على كل حال، ومن إيثار محابِّه على محابِّك لاسيما عند غلبات الهوى، ومطالعة القلب لأسمائه وصفاته،
وتقلبه في رياض هذه المعرفة، ومشاهدة بره وإحسانه، وانكسار القلب بين يدي الله -تعالى-،
والخلوة به وقت النزول الإلهي، ومجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب كلامهم كما يُنتَقى أطايب الثمر،
ومباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله -تعالى-.

ثانياً: والشوق إلى لقاء الله سبحانه وتعالى ثمرة الشكر لله

فعلى قَدْر شكر العبد ربه تعالى بالأعمال الظاهرة والباطنة،

وتصحيح العبودية يكون سروره به، واستبشاره بلقائه.

ثالثاً: استحضار رؤية الله سبحانه و تعالى في الآخرة، فهي سبب عظيم للشوق إلى لقاء الله سبحانه وتعالى

ولذلك ربط النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما في هذا الدعاء العظيم:

(وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ).

- وكذلك استحضار ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-:

(يتجلى لنا ربنا عز وجل يوم القيامة ضاحكا) رواه الطبراني، وصححه الألباني.

ولن نعدم من ربٍّ يضحك خيراً كما روي عن الصحابة -رضي الله عنهم-!

وفي حديث المرور على الصراط:

(حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه...

وفيه الحوار الجليل العظيم بين الربِّ -جَلَّ جَلالُهُ- وبين هذا العبد بعد أن أنجاه الله -تعالى- من النار...

وفيه ألا ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه؟

فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ فيضحك الرب -عز وجل- من قوله، فيقول: لا، ولكني على ذلك قادر...)

رواه الطبراني، وصححه الألباني.

من تأمل ذلك كان عوناً له على الشوق إلى لقاء الله -تعالى.

السلف والشوق إلى الله سبحانه -تعالى-:

- هذه الأسباب والمثيرات هي التي هَيَّجت الصالحين على طلب الشوق إلى الله سبحانه و-تعالى-، والعيش على ذلك.

كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول:

"أحب الموت اشتياقاً إلى ربي...".

وكانت عجوزٌ مُغيبة (أي: غاب قريب لها)، فلما قدم من سفره، فرح به أهله وقاربه،

وقعدت تبكي، فقيل لها: ما يبكيك؟ قالت: ذكَّرني قدوم هذا الفتى يوم القدوم على الله -!-عز وجل

وكان أبو عبيدة الخواص -رحمه الله- يمشي في الأسواق،

ويضرب على صدره، ويقول:
"واشوقاه إلى من يراني ولا أراه".

وقال عنبسة الخولاني:

"كان من قبلكم لقاء الله أحب إليهم من الشهد".

وقال بعضهم:

"طال شوقي إليك فعجِّل قدومي عليك".

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في بداية أمره يخرج أحياناً إلى الصحراء

يخلو عن الناس، لقوة ما يَرِد عليه، ويتمثل بقول الشاعر:

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "وصاحب الحال إن لم يرده الله -سبحانه وتعالى-

إلى الخلق بتثبيت وقوة، وإلا فإنه لا صبر له على مخالطتهم"، والله المستعان.

- اسأل نفسك:

هل نحن نحب ونشتاق إلى لقاء الله سبحانه و -تعالى- في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة؟

أم أن هناك عوائق وحوائل تحول بيننا وبين ذلك؟

كل منا يسأل نفسه ويجيب!

- قال أبو بكر لعمر -رضي الله عنهما- حين وصَّاه:

"إن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت -ولابد منه-،

وإن ضيعتها لم يكن غائب أكره إليك من الموت، ولن تُعجِزه".

وقال أبو حازم -رحمه الله-:

"كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت".

وقال بعض السلف:

"ما يكره الموت إلا مُريب".

وأحسن القائل عندما قال:

أمستوحشٌ أنت مما جَنَيْتَ ** فأحسن إذا شئت واستأنس

و إني لأهوى النوم في غير حينــــــــــــــــه لـــعـــــل لـقـاء فـي الـمـنـام يـكـــــــــون.

و نصبر ا لمشتاق بكلام جميل يقول أبن القيم - رحمة الله عليه -
إذا تقاربت القلوب .. فلا يضر تباعد الأبدان

في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ :
السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ . وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا . قَالُوا : أَوَ لَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ . فَقَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ، أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ، أُنَادِيهِمْ : أَلا هَلُمَّ ، فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا .
صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 249

وفي صحيح مسلم أيضا من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي ، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ .

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وددت أني لقيت إخواني . قال : فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أو ليس نحن إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني .

وروى الإمام أحمد من طريق أبي محيريز قال : قلت لأبي جمعة - رجل من الصحابة - : حَدِّثنا حَدِيثًا سَمعته مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : نعم ، أحدثكم حديثا جيدًا : تَغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح ، فقال : يا رسول الله أحَدٌ خير مِنا ، أسلمنا معك ، وجاهدنا معك ؟ قال : نعم ، قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني .

قال الحبيب محمد للصحابة قبل موته  : ( أيها الناس، موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض..
والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا. أيها الناس، والله ما الفقر أخشي عليكم، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم ) .

ثم قال : "أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه"

بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاه ، وظل يرددها

ثم قال : ( أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا )

ثم قال : ( أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله )

فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه

سيدنا أبوبكر هو الوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلى نحيبه ، ووقف وقاطع النبي

وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا

وظل يرددها ..
فنظر الناس إلي أبو بكر ، كيف يقاطع النبي.. فأخذ النبي يدافع عن أبو بكر

قائلا : ( أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا )

وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم

فقال آواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ) .....

وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من على منبره قبل نزوله

قال أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه ) .

وحمل مرة أخري إلي بيته. وهو هناك دخل عليه عبد الرحمن بن أبي بكر وفي يده سواك، فظل النبي ينظر الي السواك ولكنه لم يستطيع ان يطلبه من شدة مرضه. ففهمت السيده عائشه من نظرة النبي، فأخذت السواك من عبد الرحمن ووضعته في فم النبي، فلم يستطع أن يستاك به، فأخذته من النبي وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي مره أخري حتى يكون طريا عليه

فقالت : كان آخر شئ دخل جوف النبي هو ريقي ، فكان من فضل الله على أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت .

تقول السيده عائشه : ثم دخلت فاطمه بنت النبي ، فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام ، لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه ..

فقال النبي: ( ادنو مني يا فاطمه )

فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر . فلما بكت

قال لها النبي: ( أدنو مني يا فاطمه )

فحدثها مره أخري في اذنها ، فضحكت ......

بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي

فقالت : قال لي في المره الأولي : ( يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ، فلما وجدني أبكي قال : ( يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت .

تقول السيده عائشه : ثم قال النبي : ( أخرجوا من عندي في البيت ) وقال : ( ادنو مني يا عائشه )

فنام النبي على صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء

ويقول : ( بل الرفيق الأعلي، بل الرفيق الأعلى ) ....

تقول السيده عائشه: فعرفت أنه يخير.

دخل سيدنا جبريل على النبي

وقال : يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن على أحد من قبلك ..

فقال النبي : ( ائذن له يا جبريل )

فدخل ملك الموت على النبي

وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله .

فقال النبي : ( بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى )

يبغض من فرق بينه و بين محبوبه

وكان بلال يقول لعن الله عتبة وشيبة إذا أخرجونا من مكة ويقول #
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة % بواد وحولي إذخر وجليل

يحب كل من له علاقه بمحبوبه

ألم تر أن الجزع أضحى ترابه     من المسك كافوراً وأعواده رندا

وما ذاك إلا أن هنداً عشية     تمشت وجرت في جوانبه بردا

لا يبالي بالمخاطر من أجل رؤية محبوبة

كم زورة لك في الأعراب داهية      أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب

أزورهم وظلام الليل يشفع لي     وأنثني وبياض الصبح يغري بي

عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد اللَّه تعالى على مدرجته ملكاً. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في اللَّه تعالى. قال: فإني رَسُول اللَّهِ إليك بأن اللَّه قد أحبك كما أحببته فيه )23.

سقوط التكلف

قال ابن مفلح 3/252 :
ذكر الخطابي والحاكم وابن عقيل في الفنون: أن أبا بكر بن داود الظاهري ، وأبا العباس بن سريج والمبرد ـ رحمهم الله ـ اجتمعوا في موضع ، فتقدم أبو بكر بن داود ، وقال: العلم قدمني ، وتأخر ابن سريج ، وقال: الأدب أخرني ، فنسبهما المبرد إلى الخطأ ، وقال: إذا صحت المودة سقط التكلف.

قال الامام الشافعي رحمه الله:

إذا المرء لم يرعـاك إلا تكلفــا *** فدعه ولا تـكثر عليه التأسفــا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة *** وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهـواك قلبـه *** ولا كل من صافـيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعــة *** فلا خـير في ود يجيء تكلـفـا
ولا خـير في خـل يخـون خليله *** ويلقاه من بعد الـمودة بالجفــا
وينكر عيشاً قد تقـادم عهــده *** ويظهر سراً كان بالأمس قد خفـا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بهـا *** صديق صدوق صادق الوعد منصفا

ليس بينه و بين من يحب كرامة

و لولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشـــــــــق ولـكـن عـزيـز الـعـاشـقـيـن ذلـيـــــــــل.

يسامح محبويه

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد     جاءت محاسنه بألف شفيع
و لا يتأمل في معايبه فتأمل المعيب معيب و ذكر الجفاء في وقت الصفاء جفاء و قبول السعاية شر من السعاية لان السعاية دلالة و القبول اجازة

لما احب حاطب الله و رسوله غفر له الزلل العظيم
روى البخاري بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وروى مسلم بسنده عن جابر رضي الله عنه أن عبدا لحاطب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية"

يكرة كل من يؤذي حبيبه

قال عبد الرحمن بن عوف : إنر لفى الصف يوم بدر إذ التفت ْ, فإذا عن يمينى و عن يسارى فتيان حديثا السن , فكأنى لم آمن بمكانهما , إذ قال لى أحدهما سراُ من صحابه : يا عم أرنى أبا جهل ,فقلت :يا ابن أخى , فما تصنع به ؟ قال : أُخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: و الذى نفسى بيده لئن رأيته لا يفارق سةادى سواده حتى يموت الأعجل منا , فتعجبت لذلك ,قال: و غمزنى الأخر , فقال لى مثلها , فلم أنشب أن نظرت إلى أبى جهل يجول فى الناس , فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذى تسألانى عنه قال: فإبتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه , ثم إنصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " أيكما قتله"؟ فقال كل واحد منهما : أنا قتلته , قال " هل مسحتما سيفكما"؟ فقالا : لا , فنظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السيفين ,فقال :"كلاكما قتله", و قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح .

دخل ابو سفيان على أم حبيبة فذهب ليجلس على الفراش، فاهوت على الفراش فطوته، فقال: يا بنية ارغبتي بهذا الفراش عني؟ فقالت نعم، إنّ هذا فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كنت لتجلس عليه، وانت رجس مشرك.

وعن أنس بن مالك أنه سمع حاطب بن أبي بلتعة يقول: إنه طلع على النبي صلى الله عليه وسلم في أحد وهو يشتد وفي يد علي بن أبي طالب الترس فيه ماء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل وجهه من ذلك الماء فقال له حاطب من فعل بك هذا قال عتبة بن أبي وقاص هشم وجهي ودق رباعيتي بحجر رماني قلت إني سمعت صائحا يصيح على الجبل قتل محمد فأتيت وكان قد ذهب روحي قلت أين توجه عتبة فأشار إلى حيث توجه فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه فهبطت فأخذت رأسه وسلبه وفرسه وجئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم ذلك إلي ودعا لي فقال: رضي الله عنك رضي الله عنك.

لا يتنازل عن من يحب
والله لو قطعوا رأسي لأهجرها      لسار حول حماها في الهوى رأسي

يطير قلبه بسماع اسم محبوبه
وداعٍ دعا إذ نحن بـالخيف من منى      فهيج أشواق الفؤاد وما يدري

دعى باسم ليلى غيرها فكـأنما     أطار بليلى طائراً كان في صدري

يحب الخلوة بمحبوبة

• قال ابن القيم رحمه الله : أن يكون قلبه دائما في سفر إلى الله عز وجل ، وان كان مشغولا بظاهره .. وهذه الآثار تظهر في مواطن أربعة :
 الموطن الأول : عند مضجعه .. وتفرغ حواسه وجوارحه عن الشواغل ، فانه لا ينام الا على ذكر من يحبه ..
انتبه : ( وليس على الفضائيات ، ولا على الأغاني الماجنة ، ولا المكالمات التافهة ) .
 الموطن الثاني : عند استيقاظه من النوم .. فأول شيء يسبق إلى قلبه ذكر محبوبه ، فانه لما فارق محبوبه بالنوم فلما ردت إليه روحه رد إليه ذكر محبوبه فامتلأ قلبه به ، لان حب محبوبه في داخل قلبه .
 الموطن الثالث : عند دخوله في الصلاة فإنها محك الأحوال ، وميزان الأعمال .. فانه لا شيء أطيب عند المحب من خلوته بمحبوبه ، ومناجاته ومثوله بين يديه وقد اقبل محبوبه بين يديه ..
• ميزان الصلاة ..
فالصلاة قرة عين المحبين .. وسرور أرواحهم ولذة قلوبهم ، فإذا قام إلى الصلاة هرب من سوى الله تعالى إليه واطمئن بذكره .. فلا يوزن إيمان العبد و محبته لله بمثل ميزان الصلاة .
- الموطن الرابع : عند الشدائد والأهوال .. فان القلب في هذا الموطن لا يذكر إلا أحب الأشياء إليه ولا يهرب إلا إلى محبوبه الأعظم عنده .
• انتبه ... لأمر خطير جدا : قال ابن القيم رحمه الله تعالى : يعرض على المرء عند الموت الشيء الذي كان يحبه ويكثر ذكره ، وربما خرجت روحه وهو يلهج بذكره .
• فمن كان مشغولا بالله وبذكره في حياته فلا بد أن يأتيه عند موته ..
• ومن كان في غفلة عنه في الدنيا .. فكيف يحصل له ذكره في تلك اللحظة الحرجة .. والله المستعان .. فان كنت ممن تذكر ربك وتحبه في هذه المواطن الأربعة ، فهذه علامة لصحة محبتك وإلا فاطلبها فإنك من المدعين فقط . اهـ بتصرف

يهون في سبيله كل شئ
رضاك رضاك يا مولاي عني فهل يرضيك أن قدمت نفسي.
ذبحت الروح فيك وكل ذبح لغير هداك مقرون بنحس
الهي
نسيت في حبك الدنيا وما حملت      وبعت من أجلك الأنفاس والنفسا

عَنْ   جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ  ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ ، فَقَالَ :  " هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ؟ "  .

يرى روحه رخيصة في سبيل من يحب

يقدم مهجته رخيصة

ننزل بالموت إذا الموت نزل *** الموت عندنا أشهى من العسل
كان عبد الله بن المبارك إذا خرج إلى مكة قال:

بغض الحياء وخوف الله أخرجني            وبيع نفسي بما ليست له ثمنا

إني وزنت الذي يبقى ليعدله                      ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا

يستعذب العذاب في سبيل من يحب
لا تنحر النفس الا عند خيمته      فالوت فوق بلاط الحب رضوان
قام النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏حتى تورمت قدماه فقيل له قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا
كسرت رباعيته وشج وجهه الشريف ودخلت حلقات المغفر فى وجنتيه فى غزوة أحد وتحمل كل هذا لماذا ؟ لكى يصل الينا هذا الدين سالما فداك ابى وامى يا سيدى يا رسول الله.

نبرات شعري سطرت:: لمداد حبري والقلم
هيا قصائدي سائلي:: قلباً نوى ليس الشبم
أوما رأيتم درة:: عين المها فيها علم

قمراً أراها إنها بدراً إذا ما البدر تم

كم عاشقٍ في دربها :: يهوى الصبابة والألم
فتخالهم أسداً إذا :: صرخت بهم : خطبٌ ألم

عجباً لهم من أجلها :: تركوا المفارش والنعم
تلك العقيدة مقصدي :: هلا وعيتم من أرم

يا سائلي عن مصعبٍ :: سيجيب عن سؤلٍ علم
ترك الغنى ولنفسه :: أغنى من البحرالخضم

من أجل عشق عقيدة :: وبنصف ثوب قد ختم
أوما رأيتم خالداً :: ذلت لصارمه العجم

أو طارقا يا سائلي :: عن سعد حطّام الصنم
قل لي بربك يا أخي :: ممن قريش تنتقم

هذي سمية مُزِّقت :: وبحربة الباغي الأذم
هزئت بفرعون الذي :: قد حار واستعصىى الكلم

ما أعجب العشق الذي :: جعل المعذب يبتسم
يا صاح هذا بلال من :: عرفته رمضاءالحرم

بالسوط يضرب بالقفا :: والصخر يا صحبي صمم
صبر الهزبر لأنه:: عشق الهدى والبيع تم

هذي مصارع عشقهم :: قرباتهم للـــه دم
آه لذلة أمة :: ضحكت لغفلتها أمم

ما صانها أحفادها :: كلا ولم يرعوا ذمم

تركوا النزال لأنهم :: لم يألفوا عشق القمم

ملك الطغاة عرينها :: إذ غاب حيدرها الأشم
يا أمتي ذهب اللذون :: بعشقهم سادوا الأمم

عشقوا العقيدة أرخصوا :: روحاً ونفساً لم تضم

يا أمتي فالترقبي :: فجراً يبيد لكِ الظلم

************************
نبرات شعري سطرت :: لمداد حبري والقلم
قل لي بربك يا أخي :: ممن قريش تنتقم
هذي سمية مزقت :: وبحربة الباغي الأذم

هزئت بفرعون الذي قد:: حار واستعصى الكلم
ما أعجب العشق الذي ::جعل المعذب يبتسم
يا صاح هذا بلال من :: عرفته رمضاءالحرم
عرفته مكة كلها :: بطحاؤها..رمضاؤها والمحتدم
بالسوط يضرب بالقفا :: والصخر يا صحبي صمم
صبر الهزبر لأنه :: عشق الهدى والبيع تم

اللهم اغفر للمهاجرين و الانصار

دعنا من التشبيه فـالسلف الأولى      قاموا الدجى وتقطعوا في المعترك

هم درجات عند ربك في العلا     فلا تقارن حب عمار بحبك

يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي : عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي: اترك مذهبك، بل يقال: لا تتعرض للمذاهب، فقلت: لا.

قلنا: أما أنت فما سمعنا بمثلك وما عندنا إلا هروي واحد، وما سميت شيخ الإسلام إلا بعد تعب، قالوا لتلميذ الأنصاري هذا قبل أن يقتل: قل لا إله إلا الله؟

فقال: إن شيخي قال لي: إن الدابة لا تسمن في أسفل العقبة، وصدق الأنصاري .

وروى البخاري عن أنس _t_ قال: لما طعن حرام بن ملحان، قال بالدم هكذا، فنضحه على وجهه ورأسه، وقال: فزت ورب الكعبة. و أن الذي قتله جبار بن سلمى الكلابي. قد سأل ما قوله فزت ؟ متعجبا .. قالوا يعنى الجنة فقال: صدق الله، ثم أسلم !!

في السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا لحرب الروم فيه عبد الله بن حذافة وكان قيصر الروم قد وصلت إليه أخبار المسلمين وما يتحلون به من صدق الإيمان وبذل النفس في سبيل الله ورسوله ، فأمر رجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه وأن يأتو به حيا .. وكان عبد الله بن حذافة ممن وقع في الأسر.
نظر ملك الروم إلى عبد الله بن حذافة طويلا ثم بادره قائلا : إني أعرض عليك أمراً !!
قال : وما هو ؟
فقال : أعرض عليك أن تتنصر ... فإن فعلت خليت سبيلك ، وأكرمت مثواك ، فقال الأسير في أنفة وحزم : هيهات .. إن الموت لأحب إلي ألف مرة مما تدعوني إليه.
فقال قيصر : إني لأراك رجلا شهما ... فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني . فتبسم الأسير المكبل بقيوده وقال : والله لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين ما فعلت.
قال : إذن أقتلك.
قال : أنت وما تريد ، ثم أمر به فصلب ، وقال لقناصته - بالرومية - ارموه قريبا من رجليه ، وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى.
عند ذلك أمرهم أن يكفوا عنه ، وطلب إليهم أن ينزلوه عن خشبة الصلب ، ثم دعا بقدر عظيمة فصب فيها الزيت ورفعت على النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين ، فأمر بأحدهما أن يلقى فيها فألقي ، فإذا لحمه يتفتت ، وإذا عظامه تبدو عارية...

ثم التفت إلى عبد الله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية ، فكان أشد إباء لها من قبل.
فلما يأس منه ، أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه ، فقال رجال قيصر لملكهم : إنه قد بكى ... فظن أنه قد جزع وقال : ردوه إلي ، فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأبى ، فقال : ويحك ، فما الذي أبكاك إذا؟!
فقال : أبكاني أني قلت في نفسي : تلقى الآن في هذه القدر ، فتذهب بنفسك ، وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس فتلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله .
فقال الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟
فقال له عبد الله : وعن جميع أسارى المسلمين أيضا ؟
قال : وعن جميع أسارى المسلمين أيضا.
قال عبد الله : فقلت في نفسي : عدو من اعداء الله ، أقبل رأسه فيخلي عني وعن أسارى المسلمين جميعا ، لا ضير في ذلك علي. ثم دنا منه وقبل رأسه ، فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين ، وأن يدفعوهم إليه فدفعوا له.

قدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأخبره خبره ، فسر به الفاروق أعظم السرور ، ولما نظر إلى الأسرى قال : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة .. وأنا أبدأ بذلك...
ثم قام وقبل رأسه ...
رحمك الله يا ابن حذافه ووالله لو كنت حيا الان لتمنيت ان اقبل راسك

رفع خبيب بن عدي الصحابي الشهيد، رفعوه على خشبة الموت فأنشد طرباً، وامتلأ عجباً، وقال قصيدة الحب كل الحب، فسمع المحبون لكن عبدة الأصنام في سكرة يعمهون:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً      على أي جنب كان في الله مصرعي

ما يحلو الشعر إلا في المعمعة: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ  [محمد:4-6] قال خبيب للكفار: انظروني لحظة! قالوا: تكتب الوصية؟

قال لسان الحال: لا ميراث، لكن أصلي ركعتين، أراد أن يطيلهما فخاف أن يوصم بالجبن وهو أبو الشجاعة، رفعوه على المشنقة فدعا دعاء القنوت على الكفار، وقال: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً، آمين.

و غير المحب يتعجب عندما يرى الحب في عيون المحب و يلومه يقول البصيري في من يلومه في حب الحبيب محمد :-
يا لائمي في الهوى العذري معذرة ------- مني اليك و لو انصفت لم تلم
عدتك حالى ولا سري بمستتر---- عن الوشاة و لا دائي بمنحسم
محضتني النصح لاكن لست اسمعه--- ان المحب عن العذل في صمم

و له أقول من لم يشاهد جمال يوسف لم يدر ما حل بقلب وارد القافلة { يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ }
و لا بقلب العزيز { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا }
و لا بقلب أمراءه العزيز     {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ }
و بقلب عليه نساء القوم {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ }
و لا بقلب يعقوب عليه السلام {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }
من لم يسمع كلام يوسف لم يدر ما حل بقلب الملك {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}

هو الإقدام في سبل المعالي     وطعن بالرماح وبالعوالي

فصبراً في مجال الموت حتى     يكون الدين دين الله عالي

فالمحب مستعذب ما حدث له فسبيل محبوبه
ولي فؤاد إذا طال العذاب بــــــــــــــــــه هـام اشــتـيـاقـاً إلـى لـقـيـا مـعـذبـــــــــــــه.

وأشـكـو من عـذابـي في هـواكـــــــم و أجـزيـكـم عن الـتـعـذيـب حـبــــــــــا.

اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى , و من اموالنا حتى ترضى

عـذبـي ما شئـت قـلـبـي عـذبـــــــــــي فـعـذاب الحب أسـمـى مـطـلـبــــــــــــي.

ذقـت مـنـها حـلواً و مـراً و كـانــــت لـذة الـعـشـق في اخـتـلاف المــــتــذاق.

الحبيب لا يعذب حبيبه
{وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه .قل فلم يعذبكم بذنوبكم} [المائدة:18].

فلو أحبهم ما عذبهم بذنوبهم

ان يتلقى اللوم ممن لم يعشق
وعذلـت أهـل الـعشـق حـتـى ذقـتــه فعجبتُ كـيف يموت من لا يعـشـق.

يقول البصيري في من يلومه في حب الحبيب محمد :-
يا لائمي في الهوى العذري معذرة ------- مني اليك و لو انصفت لم تلم
عدتك حالى ولا سري بمستتر---- عن الوشاة و لا دائي بمنحسم
محضتني النصح لاكن لست اسمعه--- ان المحب عن العذل في صمم

عدم الصبر على فراقه
بكت عيني غداة البين دمعه واخرى بالبكى بخلت علينا
فعاقبت اللتي بالدمع ظنت بأن أغمضتها يوم التقينا

يقول عاشق يقاسي قسوه الهجر
فياليت هذا الحب يعشق مرة فيعلم ما يلقى المحب من الهجر .

قفي و دعيـنا قبل وشك التفـــــــــــــــرق فمـا أنـا مـن يـحـيـا إلـى حـيـن نـلـتـقـــــــي.

قـالوا الفراق غـداً لا شك قـلت لهــــــــــــم بـل مـوت نـفـسـي مـن قـبـل الـفـراق غــداً.

قال يحيى بن معاذ الرازى "صبر المحبين أعجب من صبر الزاهدين واعجبا كيف يصبرون!"

وفي هذا قيل

الصبر يحمد في المواطن كلها إلا عليك فإنه لا يحمد

عـذبــنـي بـكـل شـيء ســـــــــــــوى الـصـدّ فمـا ذقـت كالـصـدود عـذابـــــــــــا.

اعـتـيـادي على غـيـابـك صـعــــــــــب و اعـتـيـادي على حـضـورك أصعــب.

ووقف رجل على الشبلى فقال: أى صبر أشد على الصابرين فقال الصبر في الله قال لا فقال الصبر لله فقال لا قال فالصبر مع الله قال لا قال فإيش هو قال الصبر عن الله فصرخ الشبلى صرخة كادت روحه تزهق.

وقيل:

الصبر مع الله وفاء

والصبر عن الله جفاء

وقد أجمع الناس على أن الصبر عن المحبوب غير محمود فكيف إذا كان كمال العبد وفلاحه في محبته ولم تزل الأحباب تعيب المحبين بالصبر عنهم

كما قيل:

والصبر عنك فمذموم عواقبه والصبر في سائر الأشياء محمود

وقال آخر في الصبر عن محبوبه

إذا لعب الرجال بكل شيء رأيت الحب يلعب بالرجال

وكيف الصبر عمن حل منى بمنزلة اليمين مع الشمال

وشكا آخر إلى محبوبه ما يقاسي من حبه فقال: لو كنت صادقا لما صبرت عنى ولما شكوت الحب قالت كذبتنى ترى الصب عن محبوبه كيف يصبر

يا هاجري من غير ذنب في الهــوى مـهـلاً فـهـجـرك و المـنـون ســـــــــــــواء.

صـلـيـه لـعـل الوصل يـحيـيـه و اعلمي بأن أسـيـر الحب في أعـظـم الأســــــر.

و تأمل معي حديث عمير بن الحمام
إنه الصحابي الكريم عمير بن الحمام الأنصاري -رضي الله عنه-، وقد شهد عمير غزوة بدر الكبرى مع الرسول (. وفي بداية المعركة وقف الرسول ( خطيبًا في الناس يحثهم على الجهاد، ويحرضهم عليه وعلى بذل النفس في سبيل الله، فقال: (لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه). فلما اقترب المشركون، قال (: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض).
فقال عمير -رضي الله عنه-: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟
فقال الرسول (: (نعم). فقال عمير: بخٍ بخ.
فقال الرسول (: (ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟) فقال عمير: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها.
فقال له الرسول (: (فإنك من أهلها).
فأخرج عمير من جعبة سهامه بعض التمرات، وأخذ يأكل، ثم قال لنفسه: لئن أنا حييت (عشت) حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فقام ورمى ما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. [مسلم]. فكان عمير -رضي الله عنه- بذلك أول شهيد للأنصار قتل في سبيل الله.

كلما زاد قربه من جبيبه ازداد شوقا :

ضممـتـك حتى قلت نـاري قد انطـفت فـلـم تـطـفَ نـيـرانـي وزيـد وقـودهـــــــــا.

و يقول اخر:
وتـمـنى نـظـرة يـشـفـي بـهـــــــــــــــــا عـلـة الـشـوق فـكـانـت مـهـلـكــــا.

كـأن فـؤادي لـيـس يـشـفي غـلـيـلـه سـوى أن يـرى الـروحينِ يـمـتـزجـــــان.

ان يكون في عون محبوبه
إن أخا الصدق من يسعي معك *** ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صدعك *** شتت فيك شمله ليجمعك

منشغل بحبيبه عن من سواه

إن كـان ذنـبـي أن حـبـك شـاغـلــــي عمن سـواك فـلسـت عـنـه بـتـائــــــــــب.

و أدير نحو محدثي وجهي ليعلم انى قد وعيت و عندكم عقلي

و اخيرا الحب حرفين حاء و باء و هو اختصار "حوار بناء "
و اختم بكلام عن النظر للنساء حتى لا يظن ظان بي الظنون , و أنى أبيح ما الجماعه يحرمون و استحل ما يكرهون

منها ما حكاه الإمام ابن القيم  في كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين قال : وقعت مسألة ما تقول الفقهاء في رجل نظر إلى امرأة فعلق حبها بقلبه واشتد عليه الأمر ، فقالت له نفسه هذا كله من أول نظرة ، فلو أعدت النظر إليها لرأيتها دون ما في نفسك فسلوت عنها ، فهل يجوز له تعمد النظر ثانيا لهذا المعنى ؟ قال : فكان الجواب : الحمد لله ، لا يجوز هذا لعشرة أوجه :
( أحدها ) أن الله سبحانه وتعالى أمر بغض البصر ، ولم يجعل شفاء القلب فيما حرمه على العبد .

( الثاني ) : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن نظرة الفجأة وقد علم أنه يؤثر في القلب فأمر بمداواته بصرف البصر لا بتكرار النظر .

( الثالث ) : أنه صرح بأن له الأولى وليست له الثانية ، ومحال أن يكون داؤه مما له ودواؤه مما ليس له .

( الرابع ) : أن الظاهر قوة الأمر بالنظرة الثانية لا نقصه والتجربة شاهدة به ، والظاهر أن الأمر كما رآه أول مرة ولا تحسن المخاطرة بالإعادة .

( الخامس ) : ربما رأى فوق الذي في نفسه فزاد عذابه .

( السادس ) : أن إبليس عند قصده للنظرة الثانية يقوم في ركابه فيزين له ما ليس بحسن لتتم البلية .

( السابع ) : أنه لا يعان على بلية إذا أعرض عن امتثال أمر الشارع وتداوى بما حرمه عليه ، بل هو جدير أن تتخلف عنه المعونة .

( الثامن ) : أن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، ومعلوم أن الثانية أشد سما فكيف يتداوى من السم بالسم .

( التاسع ) : أن صاحب هذا المقام في مقام معاملة الحق عز وجل في ترك محبوبه كما زعم ، وهو يريد بالنظرة الثانية أن يتبين حال المنظور إليه ، فإن لم يكن مرضيا تركه ، فإذا يكون تركه لأنه لا يلائم غرضه لا لله تعالى ، فأين معاملة الله سبحانه وتعالى بتركه المحبوب لأجله .

[ ص: 93 ] العاشر ) : يتبين بضرب مثل مطابق للحال ، وهو أنك إذا ركبت فرسا جديدا فمالت بك إلى طريق ضيق لا ينفذ ولا يمكنها تستدير فيه للخروج ، فإذا همت بالدخول فيه فاكبحها لئلا تدخل ، فإن دخلت خطوة أو خطوتين فصح بها وردها إلى وراء عاجلا قبل أن يتمكن دخولها ، فإن رددتها إلى ورائها سهل الأمر وإن توانيت حتى ولجته وسقتها داخلا ثم قمت تجذبها بذنبها عسر عليك أو تعذر خروجها ، فهل يقول عاقل إن طريق تخليصها سوقها إلى داخل . وكذلك النظرة إذا أثرت في القلب فإن عجل الحازم وحسم المادة من أولها سهل علاجه ، وإن كرر النظر وتأمل محاسن الصورة ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه تمكنت المحبة .

وكلما تواصلت النظرات كانت كالماء يسقي الشجرة ، فلا تزال شجرة الحب تنمى حتى يفسد القلب ويعرض عن الفكر فيما أمر به ، فيخرج بصاحبه إلى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ، والله أعلم .

ومنها أنه رفعت للإمام أبي الخطاب بن أحمد الكلوذاني من أكابر أئمتنا رقعة فيها :

قل لأبي الخطاب نجم الهدى وقدوة العالم في عصره
لا زلت في فتواك مستأمنا من خدع الشيطان أو مكره
ماذا ترى في رشإ أغيد  حاز اللما والدر في ثغره
لم يحك بدر التم في حسنه حتى حكى الزنبور في خصره
فهل يجيز الشرع تقبيله لمستهام خاف من وزره
أم هل على المشتاق في ضمه من غير إدناء إلى صدره
إثم إذا ما لم يكن مضمرا غير الذي قدم من ذكره
فأجاب رحمه الله ورضي عنه :

يا أيها الشيخ الأديب الذي     قد فاق أهل العصر في شعره
تسأل عن تقبيل بدر الدجى     وعطف زنديك على نحره
هل ورد الشرع بتحليله     لمستهام خاف من وزره
من قارف الفتنة ثم ادعى ال     عصمة قد نافق في أمره
هل فتنة المرء سوى الضم والت     قبيل للحب على ثغره
وهل دواعي ذلك المشتهى     إلا عناق البدر في خدره
وبذله ذاك لمشتاقه     يزري على هاروت في سحره
ولا يجيز الشرع أسباب ما     يورط المسلم في حظره
فانج ودع عنك صداع الهوى     عساك أن تسلم من شره
هذا جواب الكلوذاني قد     جاء يرجو الله في أجره
قال الإمام ابن القيم بعد إيراده لما ذكرنا : فهذا جواب أهل العلم وهو مطابق لما ذكرنا ، يعني من عدم إباحة النظر للمحبوب ، حيث زعم أن النظر ربما يذهب ما التاع به فؤاده المحجوب .

فإن احتمال مفسدة ألم الحب مع غض البصر وعدم تقبيله وضمه أقل من مفسدة النظر ونحوه ، فإن هذه المفسدة أعني مفسدة النظر ونحوه تجر إلى هلاك القلب وفساد الدين ، وغاية ما يقدر من مفسدة الإمساك عن ذلك سقم الجسد أو الموت تفاديا عن التعرض للحرام .

فأين إحدى المفسدتين من الأخرى ؟ على أن النظر ونحوه لا يمنع السقم والموت الحاصل بسبب الحب بل يزيد الحب بذلك كما قال المتنبي :

فما صبابة مشتاق على أمل     من الوصال كمشتاق بلا أمل
وفي الداء والدواء للإمام ابن القيم أن أبا الخطاب سئل أيضا بما لفظه :

قل للإمام أبي الخطاب مسألة     جاءت إليك وما خلق سواك لها
ماذا على رجل رام الصلاة فمذ     لاحت لناظره ذات الجمال لها
فأجابه تحت سؤاله :

قل للأديب الذي وافى بمسألة     سرت فؤادي لما أن أصخت لها
إن الذي فتنته عن عبادته     خريدة ذات حسن فانثنى ولها
إن تاب ثم قضى عنه عبادته     فرحمة الله تغشى من عصى ولها
ومنها أن محمدا أبا بكر بن داود الظاهري العالم المشهور في فن العلوم من الفقه والحديث والتفسير والأدب وله قول في الفقه .

قال في الداء والدواء : هو من أكابر العلماء التقى هو وأبو العباس بن سريج الإمام المشهور في مجلس أبي الحسن علي بن عيسى الوزير ، فتناظرا في مسألة من الإيلاء ، [ ص: 95 ] فقال له ابن سريج : أنت بأن تقول من دامت لحظاته كثرت حسراته أحذق منك بالكلام على الفقه ، فقال : لئن كان ذلك فإني أقول :

أنزه في روض المحاسن مقلتي     وأمنع نفسي أن تنال محرما
وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه     يصب على الصخر الأصم تهدما
وينطق طرفي عن مترجم خاطري     فلولا اختلاسي وده لتكلما
رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم     فلست أرى ودا صحيحا مسلما
فقال له أبو العباس بن سريج بم تفخر علي ولو شئت لقلت :

ومطاعم كالشهد في ثغماته     قد بت أمنعه لذيذ سناته
صبا به وبحسنه وحديثه     وأنزه اللحظات في وجناته
حتى إذا ما الصبح لاح عموده     ولى بخاتم ربه وبراته
فقال أبو بكر : يحفظ عليه الوزير ما أقر به حتى يقيم شاهدين على أنه ولى بخاتم ربه وبراته ، فقال سريج : يلزمني في هذا ما يلزمك في قولك :

أنزه في روض المحاسن مقلتي     وأمنع نفسي أن تنال محرما
فضحك الوزير وقال لقد جمعتما لطفا وظرفا .

وذكر ابن القيم في الداء والدواء أن ابن داود هذا رفعت إليه فتيا مضمونها :

يا ابن داود يا فقيه العراق     أفتنا في فواتك الأحداق
هل عليها بما أتت من جناح     أم حلال لها دم العشاق
فكتب الجواب بخطه تحت البيتين :

عندي جواب مسائل العشاق     فاسمعه من قرح الحشا مشتاق
لما سألت عن الهوى هيجتني     وأرقت دمعا لم يكن بمراق
إن كان معشوق يعذب عاشقا     كان المعذب أنعم العشاق

قال صاحب كتاب منازل الأحباب شهاب الدين محمود بن سليمان بن فهد صاحب الإنشاء ، وقلت في جواب البيتين على وزنهما مجيبا للسائل :

قل لمن جاء سائلا عن لحاظ     هن يلعبن في دم العشاق
ما على السيف في الورى من جناح     إن ثني الحد عن دم مهراق
وسيوف اللحاظ أولى بأن نصفح     عما جنت على العشاق
إنما كل من قتلن شهيد     ولهذا يفنى ضنا وهو باق
ومنها ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين عن الإمام الحافظ ابن الجوزي أنه .

قال : بلغني عن بعض الأشراف أنه اجتاز بمقبرة وإذا بجارية حسناء كأنها البدر أو أسنى وعليها ثياب سود ، فنظر إليها فعلقت بقلبه فكتب إليها :

قد كنت أحسب أن الشمس واحدة     والبدر في نظري بالحسن موصوف
حتى رأيتك في أثواب ثاكلة     سود وصدغك فوق الخد معطوف
فرحت والقلب مني هائم دنف     والكبد حرى ودمع العين مذروف
ردي الجواب ففيه الشكر واغتنمي     وصل المحب الذي بالحب مشغوف
ورمى بالرقعة إليها ، فلما رأتها كتبت :

إن كنت ذا حسب ذاك وذا نسب     إن الشريف بغض الطرف معروف
إن الزناة أناس لا خلاق لهم     فاعلم بأنك يوم الدين موقوف
واقطع رجاك لحاك الله من رجل     فإن قلبي عن الفحشاء مصروف

فلما قرأ الرقعة زجر نفسه وقال : أليس امرأة تكون أشجع منك ، ثم تاب ولبس مدرعة من الصوف والتجأ إلى الحرم ، فبينما هو في الطواف وإذا بتلك المرأة عليها جبة من صوف ، فقالت له ما أليق هذا بالشريف هل لك في المباح ؟ فقال قد كنت أروم هذا قبل أن أعرف الله وأحبه .

والآن فقد شغلني حبه عن حب غيره ، فقالت له : أحسنت ، ثم طافت وأنشدت :

فطفنا فلاحت في الطواف لوائح     غنينا بها عن كل مرأى ومسمع
وفيه أن الحسن بن زيد قال : ولينا على بلاد مصر رجلا ، فوجد على بعض عماله فحبسه وقيده ، فأشرفت عليه ابنة الوالي فهويته فكتبت إليه :

أيها الزاني بعيني     هـ وفي الطرف الحتوف
إن ترد وصلا فقد     أمكنك الظبي الألوف
فأجابها الفتى :

إن تريني زاني العينين فالفرج عفيف     ليس إلا النظر الفاتر والشعر الظريف
فكتبت إليه :

قد أردناك فألفيناك إنسانا عفيفا     فتأبيت فلا زلت لقيديك حليفا
فكتب إليها

ما تأبيت لأني كنت للظبي عيوفا     غير أني خفت ربا كان بي برا لطيفا
فذاع الشعر ، وبلغت القصة الوالي ، فدعا به فزوجه إياها ، والله أعلم .

وهذه عادة الله في خلقه ، من ترك شيئا لله عز وجل عوضه الله خيرا منه أو بعينه ، والله الموفق .24

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة