عن شاعر الخمر و النساء اتحدث

عن شاعر الخمر و النساء اتحدث

شاعر مشهور و معروف بمجونه ,

كيف نتعامل معه و كيف تعامل العلماء معه

عن ابو نواس نتكلم

و سامحوني على اول سطرين لكنه مشهور بهذا و ان شاء الله تجد في ما يلي ما يفيدك

لم ينشغل العلماء بنقل اشعارة الفاسده بل نقله غيرهم ممن يهتم بهذا , اما العلماء فاعما يعرضون عنه صفحا دون ان يكرروا الابيات الفاسدة او يستشهدون بالابيات الجميلة التى لا شبهه فيها , اما الانشغال برجل مات و تكرار الابيات الفاسدة  و سبه فهو ليس من العلم و لا الادب

لم لو تروها ربما اندثرت و لم تبلغ لاحد , ارو الخير و اعرض عن الشر

كما انه يؤذي الحي و لا يبلغ الميت

ففي المستدرك على الصحيحين عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل وكانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة عاقلة أسلمت ، ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمان لزوجها فأمرها برده ، فخرجت في طلبه وقالت له : جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس وقد استأمنت لك فأمنك ، فرجع معها ، فلما دنا من مكة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه : ” يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ، ولا يبلغ الميت ” ، فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استبشر ووثب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائما على رجليه فرحا بقدومه 

أبو نواس لم يكُن مثليا - Hespress

مولده

هو أبو علي الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس، ولد في أهواز من بلاد خوزستان جنوب غربي إيرانسنة ( 145هـ / 762م ) لأب دمشقي حكمي وأم فارسية واسمها جلبان ( بضم الجيم)، والمرجح أن والده كان من جند مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية في دمشق.

 حياته

بعد هزيمة مروان في معركة الزاب الأعلى، انتقلت أسرة الشاعر إلى البصرة، والطفل أبو نواس في الثانية من عمرهِ، وقيل في السادسة، وما لبث أن مات أبوهُ، فأسلمته أمه إلى الكتاب، ثم إلى عطار يعمل عنده أجيراً، يبري عيدان الطيب.

توفي والده فانتقلت به أمه من أهواز إلى البصرة في العراق، وهو في السادسة من عمره، وعندما أيفع وجهتهُ إلى العمل في حانوت عطار وحين آلت الخلافة إلى بني العباس، انتقل من البصرة إلى الكوفة، ولم تذكر لنا كتب التاريخ سبب ذلك، غير أنه التقى والبة بن الحباب الأسدي الكوفي أحد الشعراء اللامعين في ميدان الخلاعة والتهتك، فعني به والبة أي عناية، إذ عمل على تأديبهِ وتخريجهِ. وصحب جماعةً من الشعراء الماجنين كمطيع بن إياس وحماد عجرد. ثم انتقل إلى بادية بني أسد فأقام فيهم سنةً كاملةً آخذاً اللغة من منابعها الأصيلة. ثم عاد إلى البصرة وتلقى العلم على يد علمائها أدباًوشعراً.

عندما توفي والده تلقفه شيخ من شيوخ اللغة والأدب والشعر، هو خلف الأحمر، فأخذ عنه كثيراً من علمهِ وادبه، وكان له منه زاد ثقافي كبير ن حتى أنه لم يسمح له بقول الشعر حتى يحفظ جملة صالحة من أشعار العرب ويقال: إن أبا نواس كلما أعلن عن حفظه لما كلفه به، كان خلف يطلب إليه نسيانها، وفي هذا لون رفيع من ألوان التعليم، حتى لا يقع هذا الشاعر الناشئ في ربقة من سبقه من الشعراء المتقدمين وقد روي عن أبي نواس قوله: “ما ظنكم برجل لم يقل الشعر حتى روى دواوين ستين امرأة من العرب منهن الخنساء وليلى الأخيلية فما ظنكم بالرجال؟”

وما كاد أبو نواس يبلغ الثلاثين، حتى ملك ناصية اللغة والأدب، وأطل على العلوم الإسلامية المختلفة، منفقه وحديث، ومعرفة بأحكام القرآن، وبصر بناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، وما أن تم لابن هانيهذا القدر من المعرفة حتى طمح ببصره إلى بغداد، عاصمة الخلافة، ومحط آمال الشعراء. ولكن نظرة سريعة في ديوانه تجد غلبة الخمر عليه، للحد الذي جعله يفضلها على كل شيء.

ولم يقتصر طلبه العلم على الشعر والأدب بل كان يدرس الفقه والحديث والتفسير حتى قال فيه ابن المعتز في كتابه ’طبقات الشعراء‘ : “كان أبو نواس ٍ عالماً فقيهاً عارفاً بالأحكام والفتيا، بصيراً بالاختلاف، صاحب حفظٍ ونظرٍ ومعرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه.”

وفي البصرة شغف أبو نواسٍ بجاريةٍ تدعى ’جَنان‘ وغناها بشعرٍ كثيرٍ يعبر عن عمق شعوره نحوها. وقد قصد أبو نواسٍ بغداد وامتدح هارون الرشيد ونال مكانةً مرموقةً لديه، ولكنه ـ أي هارون الرشيد ـ كان كثيراً ما يحبسه عقاباً له على ما يورد في شعره من المباذل والمجون. وقد أطال الرشيد حبسه حتى عفا عنه بشفاعةٍ من البرامكة الذين كان أبو نواسٍ قد اتصل بهم ومدحهم. ولعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بنكبة البرامكة.

ذهب أبو نواسٍ إلى دمشق ثم إلى مصر متجهاً إلى الفسطاط، عاصمتها يومذاك، واتصل بوالي الخراج فيها الخصيب بن عبد الحميد فأحسن وفادته وغمره بالعطاء فمدحه بقصائد مشهورة. توفي هارون الرشيدوخلفه ابنه الأمين، فعاد أبو نواسٍ إلى بغداد متصلاً به، فاتخذه الأمين نديماً له يمدحه ويُسمعه من طرائف شعره. غير أن سيرة أبي نواسٍ ومجاهرته بمباذله جعلتا منادمته الأمين تشيع بين الناس. وفي نطاق الصراع بين ابني الرشيد، الأمين والمأمون، كان خصوم الأمين يعيبون عليه اتخاذ شاعرٍ خليعٍ نديماً له، ويخطبون بذلك على المنابر، فيضطر الأمين إلى حبس شاعره. وكثيراً ما كان يشفع الفضل بن الربيع له لدى الخليفة فيخرجه من سجنهِ. وعندما توفي الأمين رثاه أبو نواسٍ بقصائد تنم عن صدق عاطفته نحوه.

قالَ د. محمود الطناحي تحت عنوان: «أبو نُواس… صفحة مضيئة»:
( أما رفيقه أبو نُواسٍ؛ فهو شاعر العربيَّة في المئة الثانية بعد بشار بن برد، وهو يمثِّل صفحةً مضيئةً في كتاب الشِّعر العربيِّ، جاء فملأ الأسماعَ، وبهر الأنظارَ، واستوَى في الإعجاب بشعرِه الجادُّون والهازِلون؛ لأنَّه دار بين الجدِّ والهزلِ ).
ثمَّ قالَ:
( وليس من غايتي هنا الحديث عن شاعريَّة أبي نُواسٍ؛ فهذا ممَّا يعرفه النَّاس، ويلتمس من مظانِّه. لكن الَّذي يعنيني هنا هو الكشف عن الوجه الآخَر لهذا الشاعر العظيم، وأنَّ وراء هذه الشاعريَّة الجادَّة أو الماجنة عالِمًا كبيرًا، هو من معالم هذه الأمَّة، ومن رموزها العظيمة. وحسبُك بشاعرٍ يقفُ على بابِه، ويخوض لُجَجه أئمَّةٌ كبارٌ؛ كابن السِّكِّيت، وابن جنِّي، وأبي بكر الصُّوليِّ، وحمزة الأصفهانيّ، ومهلهل بن يموت بن المزرع، وأبي هفَّان المهزميِّ!
قرأ أبو نُواس القرآنَ الكريم على يعقوب بن إسحاق الحضرميِّ، أحد القرَّاء العشرة، ولَمَّا حذق القراءة عليه؛ رمَى إليه يعقوب بخاتمِه، وقالَ: اذهبْ فأنتَ أقرأُ أهل البصرةِ. وكتب الحديثَ عن أئمَّتِه: عبد الواحد بن زياد، ويحيى القطَّان، وأزهر السمان. ثم أخذ اللُّغة والغريب عن أبي زيدٍ الأنصاريِّ شيخ سيبويه، ونظر في كتاب سيبويه، وأخذ عن خلف الأحمر معاني الشِّعر، وعن أبي عبيدة معمر بن المثنَّى أخبار العرب وأيَّام الناس. وحفظ وحصَّل كثيرًا، حتى رُوِيَ عنه أنَّه قالَ: ما ظنُّكم برجلٍ لم يقل الشِّعرَ حتَّى روَى دواوين ستِّين امرأة من العرب، فما ظنُّكم بالرِّجال؟ ورُوي عنه -أيضًا- أنَّه قال: أحفظُ سبعمئة أرجوزة، وهي عزيزة في أيدي النَّاس، سوى المشهورة عندهم.
والجاحظُ يصفه بالعالِم الرَّاوية؛ «الحيوان 2/27». وحكَى ابن المعتزِّ في «طبقات الشعراء ص201»، قالَ: «كان أبو نُواس عالمًا فقيهًا، عارفًا بالأحكامِ والفتيا، بصيرًا بالاختلافِ (أي: اختلاف الفقهاء في الأحكام)، صاحب حفظ ونظر ومعرفة بطرق الحديث، يعرف ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وقد تأدَّب بالبصرة، وهي -يومئذٍ- أكثر بلاد الله علمًا وفقهًا وأدبًا، وكان أحفظ لأشعار القُدماء والمخضرمين وأوائل الإسلاميِّين والمحدَثين».
وقال ابن منظور في «مختار الأغاني 3/17»: «كان أبو نُواس متكلِّما جدلاً، راويةً فحلاً، رقيق الطَّبع، ثابت الفهم في الكلام اللَّطيف» ) انتهى من «مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي 1/230، 231».

وقال المكِّي:
“مازالت المعاني مكنوزة في الأرض حتى جاء أبو نواس فاستخرجها”.

وقال ابن منظور على لسان غيره عن أبي نواس:
“كأن المعاني حُبِسَتْ له فأخذَ منها حاجتهُ وفرَّق الباقي على الناس”.

قال النظَّام ((من أئمة المعتزلة)):
“كأن هذا الفتى جُمِعَ له الكلام فاختار أحسنه”.

و من شعرة الطيب

من أنا في موقف الحساب ** إذا نودي بالأنبياء والرسل ِ

ذاك يوم يجل عن خطري** فما لمثلي هناك من عمل ِ

هنت على الخالق الجليل فما ** ينظر في قصتي ولا عملي

وايضا كان احساسه بالتفريط كبيرا فهو يقول :

لهف نفسي على ليال وأيام= سلكنا بهن لعبا ولهوا 

قد أسانا كل الاساءة يا ر=ب ُ فصفحا عنا إلهي وعفوا

فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَــفَةً *** حَفِظتَ شــَيئًا وَغابَت عَنكَ أَشياءُ!

لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ  امْرَأً حَرجًا *** فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدِّيــــنِ إِزراءُ!

وقد نقل له الإمام ابن مفلح  في “الآداب الشرعيَّة” شيئًا من شِعره؛ حيث قال عن أبي العتاهية:
( وقال أبو العتاهيةِ: قد قلتُ عِشرين ألفَ بيتٍ في الزُّهد، ووددتُ أنَّ لي الأبياتَ الثلاثةَ التي لأبي نُوَاس:
يــا نُوَاسـيُّ توَقَّـرْ /// وتعـزَّرْ وتصبَّـرْ
إنْ يكـنْ ساءكَ دهـرٌ /// فلَمَا سرَّكَ أكثَـرْ
يا كثيرَ الذَّنبِ عَفوُ اللـ /// ـه مِن ذنبِكَ أكبَرْ

قال الإمامُ الذَّهبيُّ رحمهُ اللهُ في “السِّيَر”:
( رئيسُ الشُّعراء أبو علي الحسنُ بن هانئ الحكمي، وقيل: ابن وهب.
وُلد بالأهواز، ونشأ بالبصرة، وسمع مِن حَمَّاد بن سلمة وطائفة، وتلا على يعقوب، وأخذ اللُّغة عن أبي زيدٍ الأنصاري وغيره. 
ومدح الخلفاءَ والوزراء، ونظمُه في الذروة، حتى لَقال فيه أبو عبيدةَ شيخُه: أبو نواس للمُحدَثين كامرئ القيس للمُتقدِّمين. 
قيل: لُقب بِهذا لضفيرتَين كانتا تَنوسان على عاتقَيه، أي: تضطرب. وهو مِن موالي الجراح الحكمي أمير الغزاة، وهو القائل: 
سُبحان ذي الملكوتِ أيَّةُ ليلةٍ … مخضتْ صبيحتُها بيومِ الموقفِ
لو أنَّ عينًا وهمتها نفسُها … ما في المعاد محصلا لم تطرفِ 
وله: 
ألا كلُّ حيٍّ هالكٌ وابنُ هالكٍ … وذو نسبٍ في الهالكين عريقُ 
إذا امتحنَ الدُّنيا لبيبٌ تكشَّفتْ … له عن عدوٍّ في ثياب صديقِ 
 و ترجم له بن كثير فقال 

البداية والنهاية – الجزء العاشر
أبو نواس الشاعر
ابن كثير
ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائة ←

أبو نواس الشاعر

واسمه الحسن بن هانئ بن صباح بن عبد الله بن الجراح بن هنب بن داود بن غنم بن سليم، ونسبه عبد الله بن سعد إلى الجراح بن عبد الله الحكمي، ويقال له: أبو نواس البصري.

كان أبوه من أهل دمشق من جند مروان بن محمد، ثم صار إلى الأهواز وتزوج امرأة يقال لها: خلبان، فولدت له أبا نواس، وابنا آخر يقال له: أبا معاذ، ثم صار أبو نواس إلى البصرة فتأدب بها على أبي زيد وأبي عبيدة، وقرأ كتاب سيبويه ولزم خلفا الأحمر، وصحب يونس بن حبيب الجرمي النحوي.

وقد قال القاضي ابن خلكان: صحب أبا أسامة وابن الحباب الكوفي.

وروى الحديث عن: أزهر بن سعد، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الواحد بن زياد، ومعتمر بن سليمان، ويحيى القطان.

وعنه: محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي.

وحدث عنه جماعة منهم: الشافعي، وأحمد بن حنبل، وغندر، ومشاهير العلماء.

ومن مشاهير حديثه ما رواه محمد بن إبراهيم بن كثير الصوفي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة».

وقال محمد بن إبراهيم: دخلنا عليه وهو في الموت، فقال له صالح بن علي الهاشمي: يا أبا علي ! أنت اليوم في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وبينك وبين الله هنات، فتب إلى الله من عملك.

فقال: إياي تخوف؟ بالله أسندوني.

قال: فأسندناه.

فقال: حدثني حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبي شفاعة، وإني اختبأت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة».

ثم قال: أفلا تراني منهم؟

وقال أبو نواس: ما قلت الشعر حتى رويت عن ستين امرأة منهن: خنساء، وليلى، فما الظن بالرجال؟

وقال يعقوب بن السكيت: إذا رويت الشعر عن: امرئ القيس، والأعشى من أهل الجاهلية، ومن الإسلاميين: جرير، والفرزدق، ومن المحدثين عن: أبي نواس فحسبك.

وقد أثنى عليه غير واحد منهم: الأصمعي، والجاحظ، والنظام.

قال أبو عمرو الشيباني: لولا أن أبا نواس أفسد شعره بما وضع فيه من الأقذار لاحتججنا به – يعني: شعره الذي قاله في الخمريات والمردان، وقد كان يميل إليهم – ونحو ذلك مما هو معروف في شعره.

واجتمع طائفة من الشعراء عند المأمون فقيل لهم: أيكم القائل:

فلما تحسَّاها وقفنا كأننا * نرى قمرا في الأرض يبلغ كوكبا

قالوا: أبو نواس.

قال: فأيكم القائل:

إذا نزلت دون اللهاة من الفتى * دعى همه عن قبله برحيل

قالوا: أبو نواس.

قال: فأيكم القائل:

فتمشَّت في مفاصلهم * كتمشي البُرْءِ في السقم

قالوا: أبو نواس.

قال: فهو أشعركم.

وقال سفيان بن عيينة لابن مناذر: ما أشعر ظريفكم أبا نواس في قوله:

يا قمرا أبصرت في مأتم * يندب شجو بين أتراب

أبرزه المأتم لي كارها * برغم ذي باب وحجاب

يبكي فيذري الدرّ من عينه * ويلطم الورد بعناب

لا زال موتا دأب أحبابه * ولم تزل رؤيته دابي

قال ابن الأعرابي: أشعر الناس أبو نواس في قوله:

تسترت من دهري بكل جناحه * فعيني ترى دهري وليس يراني

فلو تسأل الأيام عني ما درت * وأين مكاني ما عرفن مكاني

وقال أبو العتاهية: قلت في الزهد عشرين ألف بيت، وددت أن لي مكانها الأبيات الثلاثة التي قالها أبو نواس وهي هذه، وكانت مكتوبة على قبره:

يا نواسي توقّر * أو تغيَّر أو تصبَّر

إن يكن ساءك دهر * فلما سرَّك أكثر

يا كثير الذنب * عفو الله من ذنبك أكبر

ومن شعر أبي نواس يمدح بعض الأمراء:

أوجده الله فما مثله * بطالب ذاك ولا ناشد

ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد

وأنشد سفيان بن عيينة قول أبي نواس:

ما هوى إلا له سبب * يبتدي منه وينشعب

فتنت قلبي محجبة * وجهها بالحسن منتقب

خلته والحسن تأخذه * تنتقي منه وتنتخب

فاكتست منه طرائفه * واستردت بعض ما تهب

فهي لو صيرت فيه لها * عودة لم يثنها أرب

صار جدا ما مزحت به * ربَّ جد جرَّه اللعب

فقال ابن عيينة: آمنت بالذي خلقها.

وقال ابن دريد: قال أبو حاتم: لو أن العامة بدلت هذين البيتين كتبتهما بماء الذهب:

ولو أني استزدتك فوق ما بي * من البلوى لأعوزك المزيد

ولو عرضت على الموتى حياتي * بعيش مثل عيشي لم يريدوا

وقد سمع أبو نواس حديث سهيل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: «القلوب جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».

فنظم ذلك في قصيدة له فقال:

إنَّ القلوب لأجناد مجندة * لله في الأرض بالأهواء تعترف

فما تناكر منها فهو مختلف * وما تعارف منها فهو مؤتلف

ودخل يوما أبو نواس مع جماعة من المحدثين على عبد الواحد بن زياد فقال لهم عبد الواحد: ليختر كل واحد منكم عشرة أحاديث أحدثه بها، فاختار كل واحد عشرة إلا أبا نواس، فقال له: مالك لا تختار كما اختاروا؟

فأنشأ يقول:

ولقد كنا روينا * عن سعيد عن قتادة

عن سعيد بن المسيـ*ـب ثم سعد بن عباده

وعن الشعبي والشعـ*ـبي شيخ ذو جلاده

وعن الأخيار نحكيـ * ـه وعن أهل الإفادة

أن من مات محبا * فله أجر شهادة

فقال له عبد الواحد: قم عني يا فاجر، لا حدثتك ولا حدثت أحدا من هؤلاء من أجلك.

فبلغ ذلك مالك بن أنس وإبراهيم بن أبي يحيى فقالا: كان ينبغي أن يحدثه لعل الله أن يصلحه.

قلت: وهذا الذي أنشده أبو نواس قد رواه ابن عدي في كامله، عن ابن عباس، موقوفا ومرفوعا «من عشق فعف فكتم فمات مات شهيدا».

ومعناه أن من ابتلى بالعشق من غير اختيار منه فصبر، وعف عن الفاحشة، ولم يفش ذلك، فمات بسبب ذلك، حصل له أجر كثير.

فإن صح هذا كان ذلك له نوع شهادة، والله أعلم.

وروى الخطيب أيضا أن شعبة لقي أبا نواس فقال له: حدثنا من طرفك، فقال مرتجلا: حدثنا الخفاف، عن وائل وخالد الحذاء، عن جابر ومسعر، عن بعض أصحابه، يرفعه الشيخ إلى عامر قالوا جميعا: أيما طفلة علقها ذو خلق طاهر فواصلته ثم دامت له على وصال الحافظ الذاكر، كانت له الجنة مفتوحة يرتع في مرتعها الزاهر، وأي معشوق جفا عاشقا بعد وصال دائم ناصر ! ففي عذاب الله بعدا له نعم وسحقا دائم ذاخر.

فقال له شعبة: إنك لجميل الأخلاق، وإني لأرجو لك.

وأنشد أبو نواس أيضا:

يا ساحر المقلتين والجيد * وقاتلي منك بالمواعيد

توعدني الوصل ثم تخلفني * ويلاي من خلفك موعودي

حدثني الأزرق المحدِّث عن * شهر وعوف عن ابن مسعود

ما يخلف الوعد غير كافرة * وكافر في الجحيم مصفود

فبلغ ذلك إسحاق بن يوسف الأزرق فقال: كذب عدو الله عليَّ وعلى التابعين وعلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

وعن سليم بن منصور بن عمار، قال: رأيت أبا نواس في مجلس أبي يبكي بكاءً شديدا فقلت: إني لأرجو أن لا يعذبك الله بعد هذا البكاء فأنشأ يقول:

لم أبك في مجلس منصور * شوقا إلى الجنة والحور

ولا من القبر وأهواله * ولا من النفخة في الصور

ولا من النار وأغلالها * ولا من الخذلان والجور

لكن بكائي لبكا شادن * تقيه نفسي كلَّ محذور

ثم قال: إنما بكيت لبكاء هذا الأمرد الذي إلى جانب أبيك – وكان صبيا حسن الصورة يسمع الوعظ فيبكي خوفا من الله عز وجل -.

قال أبو نواس: دعاني يوما بعض الحاكة وألح عليَّ ليضيفني في منزله، ولم يزل بي حتى أجبته فسار إلى منزله وسرت معه فإذا منزل لا بأس به، وقد احتفل الحائك في الطعام وجمع جمعا من الحياك، فأكلنا وشربنا ثم قال: يا سيدي أشتهي أن تقول في جاريتي شيئا من الشعر – وكان مغرما بجارية له – قال:

فقلت: أرنيها حتى أنظم على شكلها وحسنها، فكشف عنها فإذا هي أسمج خلق الله وأوحشهم، سوداء شمطاء ديدانية يسيل لعابها على صدرها.

فقلت لسيدها: ما اسمها؟

فقال: تسنيم، فأنشأت أقول:

أسهر ليلي حبَّ تسنيم * جارية في الحسن كالبوم

كأنما نكهتها كامخٌ * أو حزمة من حزم الثوم

ضرطت من حبي لها ضرطة * أفزعت منها ملك الروم

قال: فقام الحائك يرقص ويصفق سائر يومه ويفرح ويقول: إنه شبهها والله بملك الروم.

ومن شعره أيضا:

أبرمني الناس يقولون * بزعمهم كثرت أوزاريه

إن كنت في النار أم في جنة * ماذا عليكم يا بني الزانيه

وبالجملة فقد ذكروا له أمورا كثيرةً، ومجونا وأشعارا منكرة، وله في الخمريات والقاذروات والتشبب بالمردان والنسوان أشياء بشعة شنيعة، فمن الناس من يفسقه ويرميه بالفاحشة، ومنهم من يرميه بالزندقة، ومنهم من يقول: كان إنما يخرب على نفسه، والأول أظهر، لما في أشعاره.

فأما الزندقة فبعيدة عنه، ولكن كان فيه مجون وخلاعة كثيرة.

وقد عزوا إليه في صغره وكبره أشياء منكرة الله أعلم بصحتها، والعامة تنقل عنه أشياء كثيرة لا حقيقة لها.

وفي صحن جامع دمشق قبة يفور منها الماء يقول الدماشقة: قبة أبي نواس، وهي مبنية بعد موته بأزيد من مائة وخمسين سنة، فما أدري لأي شيء نسبت إليه، فالله أعلم بهذا.

وقال محمد بن أبي عمر: سمعت أبا نواس، يقول: والله ما فتحت سراويلي لحرام قط.

وقال له محمد الأمين بن الرشيد: أنت زنديق.

فقال: يا أمير المؤمنين لست بزنديق وأنا أقول:

أصلي الصلاة الخمس في حين وقتها * وأشهد بالتوحيد لله خاضعا

وأحسن غسلي إن ركبت جنابة * وإن جاءني المسكين لم أك مانعا

وإني وإن حانت من الكاسِ دعوة * إلى بيعة الساقي أجبت مسارعا

وأشربها صرفا على جنب ماعز * وجدي كثير الشحم أصبح راضعا

وجواذب حوّاري ولوز وسكر * وما زال للخمار ذلك نافعا

وأجعل تخليط الروافض كلهم * لنفخة بختيشوع في النار طائعا

فقال له الأمين: ويحك ! وما الذي ألجأك إلى نفخة بختيشوع؟

فقال: به تمت القافية.

فأمر له بجائزة.

وبختيشوع الذي ذكره هو: طبيب الخلفاء.

وقال الجاحظ: لا أعرف في كلام الشعراء أرق ولا أحسن من قول أبي نواس حيث يقول:

أية نار قدح القادح * وأيّ جد بلغ المازح

لله در الشيب من واعظ * وناصح لو خطئ الناصح

يأبى الفتى إلا اتباع الهوى * ومنهج الحق له واضح

فاسم بعينيك إلى نسوة * مهورهن العمل الصالح

لا يجتلي الحوراء في خدرها * إلا امرؤ ميزانه راجح

من اتقى الله فذاك الذي * سيق إليه المتجر الرابح

فاغدُ فما في الدين أغلوطة * ورح لما أنت له رائح

وقد استنشده أبو عفان قصيدته التي في أولها: لا تنس ليلى ولا تنظر إلى هند.

فلما فرغ منها سجد له أبو عفان، فقال له أبو نواس: والله لا أكلمك مدة.

قال: فغمني ذلك، فلما أردت الانصراف قال: متى أراك؟

فقلت: ألم تقسم؟

فقال: الدهر أقصر من أن يكون معه هجر.

ومن مستجاد شعره قوله:

ألا رب وجه في التراب عتيق * ويا رب حسن في التراب رقيق

ويا رب حزم في التراب ونجدة * ويا رب رأي في التراب وثيق

فقل لقريب الدار إنك ظاعن * إلى سفر نائي المحل سحيق

أرى كل حي هالكا وابن هالك * وذا نسب في الهالكين عريق

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في لباس صديق

وقوله:

لا تشرهنَّ فإن الذل في الشره * والعز في الحلم لا في الطيش والسَّفه

وقل لمغتبط في التيه من حمق * لو كنت تعلم ما في التيه لم تته

التيه مفسدة للدين منقصة * للعقل مهلكة للعرض فانتبه

وجلس أبو العتاهية القاسم بن إسماعيل على دكان وراق فكتب على ظهر دفتر هذه الأبيات:

أيا عجبا كيف يعصي الإلـ* ـه أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية * تدل على أنه الواحد

ثم جاء أبو نواس فقرأها فقال: أحسن قائله والله. والله لوددت أنها لي بجميع شيء قلته، لمن هذه؟

قيل له: لأبي العتاهية، فأخذ فكتب في جانبها:

سبحان من خلق الخلـ *ـق من ضعف مهين

يسوقه من قرار * إلى قرار مكين

يخلق شيئا فشيئا * في الحجب دون العيون

حتى بدت حركات * مخلوقة في سكون

ومن شعره المستجاد قوله:

انقطعت شدتي فعفت الملاهي إذ * رمى الشَّيب مفرقي بالدواهي

ونهتني النُّهى فملت إلى العدل * وأشفقت من مقالة ناهي

أيها الغافل المقرُّ على السهو * ولا عذر في المعاد لساهي

لا بأعمالنا نطيق خلاصا * يوم تبدو السماء فوق الجباه

على أنَّا على الإساءة والتفـ * ـريط نرجو من حسن عفو الإله

وقوله:

نموت ونبلى غير أن ذنوبنا * إذا نحن متنا لا تموت ولا تبلى

ألا ربَّ ذي عينين لا تنفعانه * وما تنفع العينان من قلبه أعمى

وقوله:

لو أن عينا أوهمتها نفسها * يوم الحساب ممثلا لم تطرف

سبحان ذي الملكوت أية ليلة * محقت صبيحتها بيوم الموقف

كتب الفناء على البرية ربها * فالناس بين مقدم ومخلف

وذكر أن أبا نواس لما أراد الإحرام بالحج قال:

يا مالكا ما أعدلك مليك كل من ملك * لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك

عبدك قد أهلَّ لك أنت له حيث سلك * لولاك يا رب هلك لبيك إن الحمد لك

والملك لا شريك لك والليل لما أن حلك * والسابحات في الفلك على مجاري تنسلك

كل نبي وملك وكل من أهلَّ لك * سبح أو صلى فلك لبيك إن الحمد لك

والملك لا شريك لك يا مخطئا ما أجهلك * عصيت ربا عدلك وأقدرك وأمهلك

عجِّل وبادر أملك واختم بخير عملك * لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك

وقال المعافى بن زكريا الحريري: ثنا محمد بن العباس بن الوليد، سمعت أحمد بن يحيى بن ثعلب، يقول: دخلت على أحمد بن حنبل فرأيت رجلا تهمه نفسه لا يحب أن يكثر عليه كأن النيران قد سعرت بين يديه، فمازلت أترفق به وتوسلت إليه أني من موالي شيبان حتى كلمني.

فقال: في أي شيء نظرت من العلوم؟

فقلت: في اللغة والشعر.

قال: رأيت بالبصرة جماعة يكتبون عن رجل الشعر، قيل لي: هذا أبو نواس.

فتخللت الناس ورائي فلما جلست إليه أملى علينا:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن في الخلاء رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا آثما يخفى عليه يغيب

لهونا عن الآثام حتى تتابعت * ذنوب على آثارهن ذنوب

فياليت أن الله يغفر ما مضى * ويأذن في توباتنا فنتوب

وزاد بعضهم في رواية عن أبي نواس بعد هذه الأبيات:

أقول إذا ضاقت عليَّ مذاهبي * وحلت بقلبي للهموم ندوب

لطول جناياتي وعظم خطيئتي * هلكت ومالي في المتاعب نصيب

واغرق في بحر المخافة آيسا * وترجع نفسي تارة فتتوب

وتذكرني عفو الكريم عن الورى * فأحيا وأرجو عفوه فأنيب

وأخضع في قولي وأرغب سائلا * عسى كاشف البلوى عليَّ يتوب

قال ابن طراز الجريري: وقد رويت هذه الأبيات لمن؟

قيل: لأبي نواس، وهي في زهدياته.

وقد استشهد بها النحاة في أماكن كثيرة قد ذكرناها.

وقال حسن بن الداية: دخلت على أبي نواس وهو في مرض الموت فقلت: عظني.

فأنشأ يقول:

فكثِّر ما استطعت من الخطايا * فإنك لاقيا ربا غفورا

ستبصر إن وردت عليه عفوا * وتلقى سيدا ملكا قديرا

تعض ندامة كفيك مما * تركت مخافة النار الشرورا

فقلت: ويحك ! بمثل هذا الحال تعظني بهذه الموعظة؟

فقال: اسكت، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال صلى الله عليه وسلم: «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».

وقد تقدم بهذا الإسناد عنه: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله».

وقال الربيع وغيره: عن الشافعي، قال: دخلنا على أبي نواس في اليوم الذي مات فيه وهو يجود بنفسه، فقلنا: ما أعددت لهذا اليوم؟

فأنشأ يقول:

تعاظمني ذنبي فلما قرنته * بعفوك ربي كان عفوك أعظما

ومازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل * تجود وتعفو منَّة وتكرُّما

ولولاك لم يقدر لإبليس عابد * وكيف وقد أغوى صفيك آدما

رواه ابن عساكر.

وروى أنهم وجدوا عند رأسه رقعه مكتوبا فيها بخطه:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة * فلقد علمت بأن عفوك أعظم

أدعوك ربي كما أمرت تضرعا * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم

إن كان لا يرجوك إلا محسن * فمن الذي يرجو المسيء المجرم

مالي إليك وسيلة إلا الرجا * وجميل عفوك ثم أني مسلم

وقال يوسف بن الداية: دخلت عليه وهو في السياق.

فقلت: كيف تجدك؟

فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال:

دب في الفناء سفلا وعلوا * وأراني أموت عضوا فعضوا

ليس يمضي من لحظة بي إلا * نقصتني بمرها في جزوا

ذهبت جدتي بلذة عيشي * وتذكرت طاعة الله نضوا

قد أسأنا كل الإساءة فاللـ * ـهم صفحا عنَّا وغفرا وعفوا

ثم مات من ساعته سامحنا الله وإياه آمين.

وقد كان نقش خاتمه: لا إله إلا الله مخلصا، فأوصى أن يجعل في فمه إذا غسلوه ففعلوا به ذلك.

ولما مات لم يجدوا له من المال سوى ثلثمائة درهم وثيابه وأثاثه، وقد كانت وفاته في هذه السنة ببغداد ودفن في مقابر الشونيزي في تل اليهود.

وله خمسون سنة.

وقيل: ستون سنة.

وقيل: تسع وخمسون سنة.

وقد رآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟

فقال: غفر لي بأبيات قلتها في النرجس:

تفكر في نبات الأرض وانظر * إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات * بأبصار هي الذهب السبيك

على قضب الزبرجد شاهدات * بأن الله ليس له شريك

وفي رواية عنه أنه قال: غفر لي بأبيات قلتها وهي تحت وسادتي فجاؤوا فوجدوها برقعة في خطه:

يا رب إن عظمت ذنوبي كثيرة * فلقد علمت أن عفوك أعظم

الأبيات. وقد تقدمت.

وفي رواية لابن عساكر قال بعضهم: رأيته في المنام في هيئة حسنة ونعمة عظيمة فقلت له: ما فعل الله بك؟

قال: غفر لي.

قلت: بماذا وقد كنت مخلطا على نفسك؟

فقال: جاء ذات ليلة رجل صالح إلى المقابر فبسط رداءه وصلى ركعتين قرأ فيها ألفي قل هو الله أحد، ثم أهدى ثواب ذلك لأهل تلك المقابر فدخلت أنا في جملتهم، فغفر الله لي.

وقال ابن خلكان: أول شعر قاله أبو نواس لما صحب أبا أسامة والبة بن الحباب:

حامل الهوى تعب يستخفه الطرب * إن بكى يحق له ليس ما به لعب

تضحكين لاهية والمحب ينتحب * تعجبين من سقمي صحتي هي العجب

وقال المأمون: ما أحسن قوله:

وما الناس إلا هالك وابن هالك * وذو نسب في الهالكين عريق

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في لباس صديق

قال ابن خلكان: وما أشد رجاءه بربه حيث يقول:

تحمل ما استطعت من الخطايا * فإنك لاقيا ربا غفورا

ستبصر إن قدمت عليه عفوا * وتلقى سيدا ملكا كبيرا

تعض ندامة كفيك مما * تركت مخافة النار الشرورا

قال أبو عمرو الشيباني‏:‏ لولا أن أبا نواس أفسد شعره بما وضع فيه من الأقذار لاحتججنا به -يعني‏:‏ شعره الذي قاله في الخمريات والمردان..

قال الجاحظ: ما رأيت أحدا أعلم باللغة من أبي نواس ولا أفصح منه، مع حلاوة ومجانبة استكراه، يصل شعره إلى القلب بدون استئذان.

 

 
* وقال ابن منظور : كان أبو نواس عالما بكل فن، وكان الشعر أقل بضاعته. هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، نظم في جميع أنواع الشعر وأجوده شعر خمرياته، وفي الأدب العربي يعتبر أبو نواس شاعر الخمر، لا يدانيه شاعر آخر في وصفه. أتهم بالزندقة فحبسه الأمين في حبس الزنادقة ثم أطلقه.

قال عبيد الله بن محمد بن عائشة :(( من طلب الأدب فلم يرو شعر أبي نواس فليس بتام الأدب ))

قال فيه ابن المعتز

في كتابه ’طبقات الشعراء‘ : “كان أبو نواس ٍ عالماً فقيهاً عارفاً بالأحكام والفتيا، بصيراً بالاختلاف، صاحب حفظٍ ونظرٍ ومعرفةٍ بطرق الحديث، يعرف محكم القرآن ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه.”

 

وروى ابن عساكر‏ في التاريخ، ‏قال: وقال الربيع وغيره‏:‏ عن الشافعي، قال‏:‏ دخلنا على أبي نواس في اليوم الذي مات فيه وهو يجود بنفسه، فقلنا‏:‏ ما أعددت لهذا اليوم‏؟‏

فأنشأ يقول‏:‏

تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما

ومازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منَّة وتكرُّما

ولولاك لم يقدر لإبليس عابد وكيف وقد أغوى صفيك آدما

و رغم اننا لا نأخذ بالمنامات كقاعدة او علم الا اننا نستشهد ببعضها لنتواضع مع من مات

أبى نواس كان له صديق اسمه محمد بن نافع قال : لما بلغني   موت أبي نواس حزنت عليه كثيرا فرأيته في المنام ، فقلت له 

ما فعل الله بك ؟ قال:

غفر لي ، قلت بأى شيئ ؟ قال : بتوبة تبتها قبل موتي ، وبأبيات

قلتها ، قلت : أين أجدها ؟ قال : عند أهلي ، فأتيت أمه ، فلما رأتنـي

بكت ، فقلت لها إني رأيت كذا وكذا .. فهدأت ، وأخرجت لي كتابا ، فوجدت بخطه قوله :

يارب إن عظمت ذنوبى كثرة *** فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلى محسن *** فبمن يلوذ ويستجير المجرم

أدعوك رب كما أمرت تضرعا *** فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم 

ما لي إليك وسيلة ٌ إلا الرجا*** وجميل ظنى ثم أنى مسلم 

وقد رآه بعض أصحابه في المنام فقال له‏:‏ ما فعل الله بك ‏؟‏ فقال‏:‏ غفر لي بأبيات قلتها في النرجس‏:‏

تفكر في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأبصار هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك

وفي رواية عنه أنه قال‏:‏ غفر لي بأبيات قلتها وهي تحت وسادتي فجاؤوا فوجدوها برقعة في خطه‏:‏

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أدعوك ربي كما أمرت تضرعاً فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجرم

Filed under: public

from WordPress http://bit.ly/1MbyCrN
via مدونتي

تعليقات

المشاركات الشائعة