"كان فيه مره غزال "

"كان فيه مره غزال "
المسمى
" معطر الجلسات باجمل الحكايات
للبنين و البنات"
قصه هذا الكتاب : اننى و انا صغير في العام الاول من المرحله الابتدائية كان والدى يحكي لنا كل يوم حكاية قبل النوم و كان غالبا ما يؤلفها بما يشبه حكايات عقله الاصبع و ذات عاد متعبا و ليس في ذهنه الا النوم لكننا اصررنا ان يحكي لنا قصه فقال و هو في شدة التعب و رأسه على الوساده :"كان فيه مره غزال...."
و انتظرنا الاحداث و لم تأتى اذ ان ابى كان قد نام
و حتى هذا اليوم لم ادري ماذا حدث لذلك الغزال
فقمت بفضل الله بأختيار عدد من القصص المفيدة لتربية النشء

و في هذا الكتاب قمت بتجميع عدد من القصص الطريفة المفيدة الصادقة

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - :
أكذب الناس القُصَّاص والُّسوَّال ، وما أحوج الناس إلى قاص صدوق ؛


يقــــول أبــو نـــــــواس :
كـــــم مــــــن حـــــديــثٍ مُـعْـجــــبٍ لــي عـنـدكـــــم ....
.. لـــــــــو قــــد نـبــــــذت بــــــه إلـيـــــك لــسـرَّكــــــا
إنـــــي أنــــــا الـرجـــــــل الحـكـيـــــم بـطـبـعــيــــه ....
.. ويــــــزيــــــدُ فـــي عـلـمـــي حـكـــايةُ مَــن حـكـــــى
أتـتـبّـــــــعُ الـظــــــــــرفــــاء أكـــتــــب عــنــهـــــم ...
... كـيـمــــا أحُــــــدَّث مــــــــــــن أُحـــــبُ فـيضـحـكــــا

قصص تربوية
قصص من القرأن

1. قصة قابيل و هابيل

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة المائدة الآيات 27-31.

القصة:

يروي لنا القرآن الكريم قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.

كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد زوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة (المائدة):

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) (المائدة)

لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:

إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)

انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيا بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.

قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.

2. حمار الرجل الصالح

في يوم من الأيام ...منذ قديم الزمان وقبل الإسلام كان رجل صالح

راكباً حماره فمر بقرية، قد دمرت وفنى أهلها ، فشرد بذهنه وأخذ يفكر في حال هذه القرية

ثم سأل نفسه متعجباً و مندهشاً. هؤلاء أموات كيف يخلقون من جديد؟..

كيف؟..وهذه العظام البالية كيف تعود صلبة؟وكيف تكتسي من جديد وتعود إليها الروح وتبعث إليها الحياة!؟

ورويداً...رويداً. راح النوم يداعب عيني الرجل الصالح وما هي

إلا لحظات قصيرة حتى غاب عن الوعي, وراح في نوم عميق دام مائة عام كاملة. قرن من الزمان والرجل الصالح في رقدته

هذا ميت بين الأموات وكذلك حماره .

بعد مضي مائة عام من موت الرجل الصالح أذن الله له أن يبعث من

جديد فجمع عظامه وسوى خلقه ونفخ فيه من روحه. فإذا هو قائم

مكتمل الخلق كأنه منتبه من نومه. فأخذ يبحث عن حماره ويفتش عن طعامه وشرابه
.
ثم جاء ملك سأله: كم لبثت في رقدتك؟

فأجاب الرجل: لبثت يوماً أو بعض يوم.

فقال الملك: بل لبثت مائة عام، ومع هذه السنين الطويلة، والأزمان المتعاقبة فإن طعامك مازال سليماً وشرابك لم يتغير طعمه.

فقال الرجل: عجباًهذا صحيح!

فقال الملك: انظر إنه حمارك، لقد صار كومة من العظام ...انظر ...إلى

عظام حمارك فالله عز وجل سيريك قدرته على بعث الموتى.

نظر الرجل الصالح إلى عظام حماره فرآها وهي تتحرك فتعود

كل عظمة في مكانها حتى اكتملت ثم كساها الله لحما ًفإذا بحماره

قائم بين يديه على قوائمه الأربع .

حينئذ اطمأنت نفسه وازداد إيمانه بالبعث فقال الرجل الصالح:

أعلم أن الله على كل شيء قدير.

3. سيدنا لقمان

ورد ذكر القصة في سورة لقمان الآيات 12-19.

قال تعالى:(( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ))

القصة:

هو لقمان بن عنقاء بن سدون ويقال لقمان بن ثاران حكاه السهيلي عن ابن جرير والقتيبي .
قال السهيلي : وكان نوبيا من أهل أيلة قلت وكان رجلا صالحا ذا عبادة وعبارة ، وحكمة عظيمة ويقال : كان قاضيا في زمن داود عليه السلام فالله أعلم .
وقال سفيان الثوري عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان عبدا حبشيا نجارا وقال قتادة : عن عبد الله بن الزبير قلت لجابر بن عبد الله : ما انتهى إليكم في شأن لقمان قال كان قصيرا أفطس من النوبة .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال : كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة.

وقال الأوزاعي : حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان بلال ومهجع مولى عمر ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر .
وقال الأعمش عن مجاهد كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين وفي رواية مصفح القدمين وقال : عمر بن قيس كان عبدا أسود غليظ الشفتين مصفح القدمين فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟

قال : نعم ,قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث
، والصمت عما لا يعنيني رواه ابن جرير عن ابن حميد عن الحكم عنه به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا عبد الرحمن بن أبي يزيد بن جابر قال : إن الله رفع لقمان الحكيم لحكمته فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك فقال : ألست عبد بن فلان الذي كنت ترعى غنمي بالأمس قال : بلى قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : قدر الله وأداء الأمانة وصدق الحديث وترك ما لا يعنيني .

وقال ابن وهب أخبرني عبد الله بن عياش القتباني عن عمر مولى غفرة قال : وقف رجل على لقمان الحكيم فقال : أنت لقمان أنت عبد بني الحسحاس قال : نعم قال : فأنت راعي الغنم الأسود قال : أما سوادي فظاهر فما الذي يعجبك من امرئ قال : وطء الناس بساطك وغشيهم بابك ورضاهم بقولك قال : يا ابن أخي إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك قال : ما هو ؟ قال لقمان : غضي بصري ، وكفي لساني ، وعفة مطمعي وحفظي فرجي وقيامي بعدتي ووفائي بعهدي وتكرمتي ضيفي وحفظي جاري وتركي ما لا يعنيني فذاك الذي صيرني كما ترى.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا ابن نفيل حدثنا عمرو بن واقد عن عبدة بن رباح عن ربيعة عن أبي الدرداء أنه قال يوما ، وذكر لقمان الحكيم فقال :
ما أوتي عن أهل ولا مال ولا حسب ولا خصال ، ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا طويل التفكر عميق النظر لم ينم نهارا قط ولم يره أحد يبزق ، ولا يتنحنح ، ولا يبول ولا يتغوط ولا يغتسل ، ولا يعبث ، ولا يضحك ، وكان لا يعيد منطقا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد وكان قد تزوج وولد له أولاد ، فماتوا فلم يبك عليهم وكان يغشى السلطان ، ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر فبذلك أوتي ما أوتي ومنهم من زعم أنه عرضت عليه النبوة فخاف أن لا يقوم بأعبائها فاختار الحكمة لأنها أسهل عليه وفي هذا نظر والله أعلم وهذا مروي عن قتادة كما سنذكره وروى ابن أبي حاتم و ابن جرير من طريق وكيع عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن عكرمة أنه قال : كان لقمان نبيا وهذا ضعيف لحال الجعفي.

والمشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق إليه ، وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال(( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) فنهاه عنه وحذره منه.
وقد قال البخاري : حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان ؟ " يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ورواه مسلم من حديث سليمان بن مهران الأعمش به ثم اعترض تعالى بالوصية بالوالدين وبيان حقهما على الولد وتأكده وأمر بالإحسان إليهما حتى ولو كانا مشركين ولكن لا يطاعان على الدخول في دينهما إلى أن قال مخبرا عن لقمان فيما وعظ به ولده

((يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ))

ينهاه عن ظلم الناس ولو بحبة خردل فإن الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان كما قال تعالى

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وقال تعالى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ))

وأخبره أن هذا الظلم لو كان في الحقارة كالخردلة ولو كان في جوف صخرة صماء لا باب لها ، ولا كوة أو لو كانت ساقطة في شيء من ظلمات الأرض أو السماوات في اتساعهما وامتداد أرجائهما لعلم الله مكانها

((إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)) أي علمه دقيق فلا يخفى عليه الذر مما تراءى للنواظر أو توارى كما قال تعالى(( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وقال وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وقال عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))

وقد زعم السدي في خبره عن الصحابة أن المراد بهذه الصخرة الصخرة التي تحت الأرضين السبع وهكذا حكي عن عطية العوفي وأبي مالك والثوري والمنهال بن عمرو وغيرهم وفي صحة هذا القول من أصله نظر ثم في أن هذا هو المراد نظر آخر فإن هذه الآية نكرة غير معرفة فلو كان المراد بها ما قالوه لقال : فتكن في الصخرة وإنما المراد فتكن في صخرة أي صخرة كانت كما قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان ثم قال(( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ)) أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما نهي عنه فيها ثم قال(( وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ)) أي بجهدك وطاقتك أي إن استطعت باليد فباليد وإلا فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك ثم أمره بالصبر فقال وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ وذلك أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في مظنة أن يعادى وينال منه ولكن له العاقبة ولهذا أمره بالصبر على ذلك ومعلوم أن عاقبة الصبر الفرج وقوله ((إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)) التي لا بد منها ولا محيد عنها وقوله ((وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ)) قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك ويزيد بن الأصم وأبو الجوزاء وغير واحد : معناه لا تتكبر على الناس وتميل خدك حال كلامك لهم وكلامهم لك على وجه التكبر عليهم والازدراء لهم قال أهل اللغة : وأصل الصعر داء يأخذه الإبل في أعناقها فتلتوي رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر الذي يميل وجهه إذا كلم الناس أو كلموه على وجه التعظم عليهم.

وقوله(( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) ينهاه عن التبختر في المشية على وجه العظمة والفخر على الناس كما قال تعالى(( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا)) يعني : لست بسرعة مشيك تقطع البلاد في مشيتك هذه ، ولست بدقك الأرض برجلك تخرق الأرض بوطئك عليها ولست بتشامخك وتعاظمك وترفعك تبلغ الجبال طولا فاتئد على نفسك فلست تعدو قدرك .
وقد ثبت في الحديث بينما رجل يمشي في برديه يتبختر فيهما إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وفي الحديث الآخر إياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة والمخيلة لا يحبها الله .
كما قال في هذه الآية(( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) ولما نهاه عن الاختيال في المشي أمره بالقصد فيه فإنه لابد له أن يمشي فنهاه عن الشر ، وأمره بالخير فقال(( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)) أي لا تبتاطأ مفرطا ولا تسرع إسراعا مفرطا ولكن بين ذلك قواما كما قال تعالى ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)) ثم قال(( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ)) يعني : إذا تكلمت لا تتكلف رفع صوتك ، فإن أرفع الأصوات ، وأنكرها صوت الحمير.

وقد ثبت في الصحيحين الأمر بالاستعاذة عند سماع صوت الحمير بالليل فإنها رأت شيطانا ولهذا نهي عن رفع الصوت حيث لا حاجة إليه ولا سيما عند العطاس فيستحب خفض الصوت وتخمير الوجه كما ثبت به الحديث من صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما رفع الصوت بالأذان وعند الدعاء إلى الفئة للقتال وعند الإهلال ونحو ذلك فذلك مشروع فهذا مما قصه الله تعالى عن لقمان عليه السلام في القرآن من الحكم ، والمواعظ ، والوصايا النافعة الجامعة للخير المانعة من الشر وقد وردت آثار كثيرة في أخباره ومواعظه ، وقد كان له كتاب يؤثر عنه يسمى بحكمة لقمان ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى.
قال الإمام أحمد :
حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا ابن المبارك أنبأنا سفيان أخبرني نهشل بن مجمع الضبي عن قزعة عن ابن عمر قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لقمان الحكيم كان يقول إن الله إذا استودع شيئا حفظه وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن موسى بن سليمان عن القاسم بن مخيمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني إياك والتقنع فإنه مخوفة بالليل مذلة بالنهار . .

وقال أيضا : حدثنا أبي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا ضمرة حدثنا السري بن يحيى قال لقمان لابنه : يا بني إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك وحدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان أنبأنا ابن المبارك أنبأنا عبد الرحمن المسعودي عن عون بن عبد الله قال : قال لقمان لابنه : يا بني إذا أتيت نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام - يعني السلام - ثم اجلس في ناحيتهم فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا ، فإن أفاضوا في ذكر الله فأجل سهمك معهم وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم وحدثنا أبي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا ضمرة عن حفص بن عمر قال : وضع لقمان جرابا من خردل إلى جانبه وجعل يعظ ابنه وعظة ويخرج خردلة حتى نفد الخردل فقال : يا بني لقد وعظتك موعظة لو وعظها جبل تفطر قال : فتفطر ابنه.
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عبد الباقي المصيصي حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الحراني حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي حدثنا أبين بن سفيان المقدسي عن خليفة بن سلام عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن قال الطبراني : يعني الحبشي ، وهذا حديث غريب منكر.

وقد ذكر له الإمام أحمد ترجمة في كتاب الزهد ذكر فيها فوائد مهمة وفرائد جمة فقال : حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ قال : الفقه والإصابة في غير نبوة وكذا روي عن وهب بن منبه

وحدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان لقمان عبدا حبشيا.
وحدثنا أسود حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن لقمان كان خياطا.

وحدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك يعني ابن دينار قال : قال لقمان لابنه : يا بني اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة

4. قصةالسامرى و العجل

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة الأعراف الآيات148- 154 .
قال الله تعالى:

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ، وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}.

وقال تعالى: في سورةطه الآيات83-98 .

{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى، قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى، قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ، فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي، قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ، أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَانُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى،قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي، قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي، قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ، قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً، إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله ( سيدنا موسى عليه السلام ) عنهم:

يذكر تعالى ما كان من أمر بني إسرائيل، حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها.

فعمد رجل منهم يقال له هارون السامري، فأخذ ما كانوا استعاروه من الحلي، فصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه. فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي. ويقال إنه استحال عجلاً جسداً أي لحماً ودماً حياً يخور، قال قتادة وغيره. وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كمن تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون.

{فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}. أي فنسي موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو هاهنا! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتضاعفت آلاؤه وهباته.

قال الله تعالى مبيناً بطلان ما ذهبوا إليه، وما عولوا عليه من إلهية هذا الذي قصاراه أن يكون حيواناً بهيماً أو شيطاناً رجيماً: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً}. وقال: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ}.

فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جواباً، ولا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا يهدي إلى رشد، اتخذوه وهم ظالمون لأنفسهم، عالمون في أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل والضلال.

{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}. أي ندموا على ما صنعوا {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ}.

ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الألواح المتضمنة التوراة، ألقاها، فيقال إنه كسرها. وهكذا هو عند أهل الكتاب، وإن الله أبدله غيرها، وليس في اللفظ القرآني ما يدل على ذلك، إلا أنه ألقاها حين عاين ما عاين.

وعند أهل الكتاب: أنهما كانا لوحين، وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة. ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل، فأمره بمعاينة ذلك.

ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس الخبر كالمعاينة". ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم وهجنهم في صنيعهم هذا القبيح فاعتذروا إليه، بما ليس بصحيح، قالوا إنا {حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}. تحرجوا من تملك حلي آل فرعون وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد الذي له خوار، مع الواحد الأحد الفرد الصمد القهار!.

ثم أقبل على أخيه هارون عليه السلام قائلاً له {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي}. أي هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا، فقال: {إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ}. أي تركتهم وجئتني وأنت قد استخلفتني فيهم.

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهي، وزجرهم عنه أتم الزجر.

قال الله تعالى:

{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ}. أي إنما قدر الله أمر هذا العجل وجعله يخور فتنة واختباراً لكم، {وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَانُ}. أي لا هذا {فَاتَّبِعُونِي}. أي فيما أقول لكم {وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}. يشهد الله لهارون عليه السلام {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}. أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه.

ثم أقبل موسى على السامري {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ}. أي ما حملك على ما صنعت {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ}. أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرساً {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ}. أي من أثر فرس جبريل. وقد ذكر بعضهم أنه رآه، وكلما وطئت بحوافرها على موضع اخضّر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب كان من أمره ما كان. ولهذا قال: {فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ}. وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحداً، معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه، هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى فقال: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ} - وقرئ {لَنْ تُخْلَفَهُ} {وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً}. قال: فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل بالنار، كما قاله قتادة وغيره. وقيل بالمبارد، كما قاله عليّ وابن عباس وغيرهما، وهو نص أهل الكتاب، ثم ذراه في البحر، وأمر بني إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد ما يدل عليه، وقيل بل اصفرت ألوانهم.

ثم قال تعالى إخباراً عن موسى أنه قال لهم: {إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}

وهكذا وقع. وقد قال بعض السلف: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} مسجلة لكل صاحب بدعة إلى يوم القيامة!

ثم أخبر تعالى عن حلمه ورحمته بخلقه، وإحسانه على عبيده في قبوله توبة من تاب إليه، بتوبته عليه، فقال: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

لكن لم يقبل الله توبة عابدي العجل إلا بالقتل، كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} فيقال إنهم أصبحوا يوماً وقد أخذ من لم يعبد العجل في أيديهم السيوف، وألقى الله عليهم ضباباً حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه، ثم مالوا على عابديه فقتلوهم وحصدوهم فيقال إنهم قتلوا في صبيحة واحدة سبعين ألفاً!

ثم قال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}. استدل بعضهم بقوله: {وَفِي نُسْخَتِهَا}. على أنها تكسرت، وفي هذا الاستدلال نظر، وليس في اللفظ ما يدل على أنها تكسرت، والله أعلم.

ذكر ابن عباس في حديث الفتون كما سيأتي: أن عبادتهم ... على أثر خروجهم من البحر. وما هو ببعيد، لأنهم حين خرجوا {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}. وهكذا عند أهل الكتاب، فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس. وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل، قتلوا في أول يوم ثلاثة آلاف، ثم ذهب موسى يستغفر لهم، فغفر لهم بشرط أن يدخلوا الأرض المقدسة.

{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}.

ذكر السدي وابن عباس وغيرهما أن هؤلاء السبعين كانوا علماء بني إسرائيل، ومعهم موسى وهارون ويوشع وناذاب وأبيهو، ذهبوا مع موسى عليه السلام ليعتذروا عن بني إسرائيل في عبادة من عبد منهم العجل. وكانوا قد أمروا أن يتطيبوا ويتطهروا ويغتسلوا، فلما ذهبوا معه واقتربوا من الجبل وعليه الغمام وعمود النور ساطع صعد موسى الجبل.

فذكر بنو إسرائيل أنهم سمعوا كلام الله. وهذا قد وافقهم عليه طائفة من المفسرين، وحملوا عليه قوله تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

وليس هذا بلازم، لقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}. أي مبلغاً، وهكذا هؤلاء سمعوه مبلغاً من موسى عليه السلام.

وزعموا أيضاً أن السبعين رأوا الله، وهذا غلط منهم، لأنهم لما سألوا الرؤية أخذتهم الرجفة، كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ، ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. وقال هاهنا {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ}.

قال محمد بن إسحاق: اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلاً: الخير فالخير، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه بما صنعتم وسلوه التوبة على ما تركتم وراءكم من قومكم، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم.

فخرج بهم إلى طور سيناء، لميقات وقَّته له ربه، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم. فطلب منه السبعون أن يسمعوا كلام الله، فقال: أفعل.

فلما دنا موسى من الجبل، وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله، ودنا موسى فدخل في الغمام، وقال للقوم: ادنوا. وكان موسى إذا كلمه الله، وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه. فضرب دونه الحجاب، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجوداً، فسمعوه وهو يكلم موسى، يأمره وينهاه: افعل ولا تفعل. فلما فرغ الله من أمره وانكشف عن موسى الغمام أقبل إليهم فقالوا: {يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}. فأخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة فأتلفت أرواحهم فماتوا جميعاً. فقام موسى يناشد ربه ويدعوه، ويرغب إليه ويقول: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} أي لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء الذين عبدوا العجل منا فإنا براء مما عملوا.

وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج: إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم ينهوا قومهم عن عبادة العجل. وقوله: {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ}. أي اختبارك وابتلاؤك وامتحانك. قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس، وغير واحد من علماء السلف والخلف، يعني أنت الذي قدّرت هذا، وخلقت ما كان من أمر العجل اختباراً تختبرهم به كما: {قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ}. أي اختبرتم.

ولهذا قال: {تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ}. أي من شئت أظللته باختبارك إياه، ومن شئت هديته، لك الحكم والمشيئة ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت.

{أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}. أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا. قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو العالية وإبراهيم التيمي والضحاك والسدي وقتادة وغير واحد. وهو كذلك في اللغة. {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}. أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الأمور التي أخلقها وأقدرها.

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}. كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض كتب كتاباً فهو موضوع عنده فوق العرش: "إن رحمتي تغلب غضبي" {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}. أي فسأوجبها حتماً لمن يتصف بهذه الصفات: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} الآية.

وهذا فيه تنويه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من الله لموسى عليه السلام، في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه. وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع، ولله الحمد والمنة.

وقال قتادة: قال موسى: يا رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها، وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظراً، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئاً ولم يعرفوه، وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم، قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها. وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها، وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم، قال: رب فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هَمَّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال: رب اجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد.

قال قتادة: فذكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الألواح، وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد.

وقد ذكر كثير من الناس ما كان من مناجاة موسى عليه السلام، وأوردوا أشياء كثيرة لا أصل لها ونحن نذكر ما تيسر ذكره من الأحاديث والآثار بعون الله وتوفيقه، وحسن هدايته ومعونته وتأييده.

قال الحافظ أبو حاتم محمد بن حاتم بن حبان في صحيحه: "ذكر سؤال كليم الله ربه عز وجل عن أدنى أهل الجنة وأرفعهم منزلة": أخبرنا عمر بن سعيد الطائي ببلخ، حدثنا حامد بن يحيى البلخي، حدثنا سفيان، حدثنا مطرف بن طريف وعبد الملك بن أبجر شيخان صالحان، قالا: سمعنا الشعبي يقول: سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن موسى عليه السلام سأل ربه عز وجل: أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال: رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: أدخل الجنة، فيقول: كيف أدخل الجنة وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا إخاذاتهم؟ فيقال له: ترضى أن يكون لك من الجنة مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: نعم أي رب، فيقال: لك هذا ومثله معه، فيقول: أي رب رضيت؛ فيقال له: لك مع هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. وسأل ربه: "أي أهل الجنة أرفع منزلة؟ قال: سأحدثك عنهم، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وهكذا رواه مسلم والترمذي كلاهما عن ابن أبي عمر، عن سفيان وهو ابن عيينه به. ولفظ مسلم: "فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقال رضيت رب. فيقال له: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت رب. فيقال: هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول: رضيت رب "قال رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر".

قال: ومصداقه من كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقال الترمذي حسن صحيح: قال: ورواه بعضهم عن الشعبي عن المغيره فلم يرفعه، والمرفوع أصح.

وقال ابن حبان: "ذكر سؤال الكليم ربه عن خصال سبع" : حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم ببيت المقدس، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا السمح حدثه عن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سأل موسى ربه عز وجل عن ست خصال كان يظن أنها له خالصة، والسابعة لم يكن موسى يحبها: قال: يا رب أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى. قال: فأي عبادك أهدى؟ قال: الذي يتبع الهدى. قال: فأي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه. قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: عالم لا يشبع من العلم. يجمع علم الناس إلى علمه. قال: فأي عبادك أعزّ؟ قال: الذي إذا قدر غفر. قال: فأي عبادك أغنى؟ قال: الذي يرضى بما يؤتى. قال: فأي عبادك أفقر؟ قال: صاحب منقوص".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس الغنى عن ظهر، إنما الغنى غنى النفس، وإذا أراد الله بعبد خيراً جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شراً جعل فقره بين عينيه.

قال ابن حبان: قوله "صاحب منقوص" يريد به منقوص حالته، يستقل ما أوتي ويطلب الفضل.

وقد رواه ابن جرير في تاريخه عن ابن حميد، عن يعقوب التميمي، عن هارون بن هبيرة، عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأل موسى ربه عز وجل فذكر نحوه. وفيه "قال: أي رب فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى أن يجد كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى. قال: أي رب فهل في الأرض أحد أعلم مني؟ قال: نعم الخضر فسأل السبيل إلى لقيه، فكان ما سنذكره بعد إن شاء الله، وبه الثقة.

ذكر حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان

قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن موسى قال: أي رب عبدك المؤمن مقتر عليه في الدنيا! قال: ففتح له باب من الجنة فنظر إليها، قال: يا موسى هذا ما أعددت له. فقال: يا رب وعزتك وجلالك لو كان مقطَّع اليدين والرجلين يسحب على وجهه منذ يوم خلقته إلى يوم القيامة، وكان هذا مصيره لم ير بؤساً قط. قال: ثم قال: أي رب، عبدك الكافر موسع عليه في الدنيا، قال: ففتح له باب إلى النار فقال: يا موسى هذا ما أعددت له. فقال موسى: أي رب وعزتك وجلالك لو كانت له الدنيا منذ يوم خلقته إلى يوم القيامة وكان هذا مصيره لم ير خيراً قط".

تفرد به أحمد من هذا الوجه، وفي صحته نظر. والله أعلم.

وقال ابن حبان: "ذكر سؤال كليم الله ربه جل وعلا أن يعلمه شيئاً يذكره به" : حدثنا ابن سلمة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن درَّاجاً حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قال موسى: يا رب علمني شيئاً أذكرك به وأدعوك به. قال: قل يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا، قال: قل لا إله إلا الله، قال: إنما أريد شيئاً تخصني به. قال: يا موسى لو أن أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله".

ويشهد لهذا الحديث حديث البطاقة، وأقرب شيء إلى معناه الحديث المروي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الدعاء دعاء عرفة. وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

وقال ابن أبي حاتم: عند تفسير آية الكرسي: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدسكي، حدثني أبي عن أبيه، حدثنا أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن بني إسرائيل قالوا لموسى: هل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله! فناداه ربه عز وجل: يا موسى هل ينام ربك، فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى. فلما ذهب من الليل ثلثه نعس فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السماوات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك قال: وأنزل الله على رسوله آية الكرسي.

وقال ابن جرير: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا هشام بن يوسف، عن أمية بن شبل عن الحكم بن أُبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى عليه السلام على المنبر قال: "وقع في نفس موسى عليه السلام هل ينام الله عز وجل؟ فأرسل الله إليه ملكاً فأَرقَّه ثلاثاً، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما. قال: فجعل ينام وكادت يداه تلتقيان، فيسقط فيحبس إحداهما على الأخرى، حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان، قال: ضرب الله له مثلاً: أن لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض".

وهذا حديث غريب رفعه. والأشبه أن يكون موقوفاً، وأن يكون أصله إسرائيلياً.

وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ}. وقال تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

قال ابن عباس وغير واحد من السلف: لما جاءهم موسى بالألواح فيها التوراة أمرهم بقبولها والأخذ بها بقوة وعزم. فقالوا: انشرها علينا فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها. فقال: بل اقبلوها بما فيها، فراجعوه مراراً، فأمر الله الملائكة فرفعوا الجبل على رؤوسهم حتى صار كأنه ظله، أي غمامة، على رؤوسهم. وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط هذا الجبل عليكم فقبلوا ذلك وأمروا بالسجود فسجدوا فجعلوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم، فصارت سُنة لليهود إلى اليوم، يقولون لا سجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب.

وقال سنيد بن داود عن حجاج بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله قال: فلما نشرها لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز، فليس على وجه الأرض يهودي صغير ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه.

قال الله تعالى: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}. أي ثم بعد مشاهدة هذا الميثاق العظيم والأمر الجسيم نكثتم عهودكم ومواثيقكم {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}. بأن تدارككم بالإرسال إليكم وإنزال الكتب عليكم. {لَكُنتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ}.

5. قصة بقرة بنى إسرائيل

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.

قال الله تعالى:(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))

القصة:

مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.

إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.

لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.

إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.

وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.

وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.

نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.

ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.

6. قصة أصحاب السبت

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة. كما ورد ذكرها بتفصيل أكثر في سورة الأعرف الآيات 163-166.

قال الله تعالى، في سورة "الأعراف":

"وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ .
وقال تعالى في سورة "البقرة": وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ" .

وقال تعالى في سورة "النساء":

" أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"

القصة:

أبطال هذه الحادثة، جماعة من اليهود، كانوا يسكنون في قرية ساحلية. اختلف المفسّرون في اسمها، ودار حولها جدل كثير. أما القرآن الكريم، فلا يذكر الاسم ويكتفي بعرض القصة لأخذ العبرة منها.

وكان اليهود لا يعملون يوم السبت، وإنما يتفرغون فيه لعبادة الله. فقد فرض الله عليهم عدم الانشغال بأمور الدنيا يوم السبت بعد أن طلبوا منه سبحانه أن يخصص لهم يوما للراحة والعبادة، لا عمل فيه سوى التقرب لله بأنواع العبادة المختلفة.

وجرت سنّة الله في خلقه. وحان موعد الاختبار والابتلاء. اختبار لمدى صبرهم واتباعهم لشرع الله. وابتلاء يخرجون بعده أقوى عزما، وأشد إرادة. تتربى نفوسهم فيه على ترك الجشع والطمع، والصمود أمام المغريات.

لقد ابتلاهم الله عز وجل، بأن جعل الحيتان تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهل القرية، بحيث يسهل صيدها. ثم تبتعد بقية أيام الأسبوع. فانهارت عزائم فرقة من القوم، واحتالوا الحيل –على شيمة اليهود- وبدوا بالصيد يوم السبت. لم يصطادوا السمك مباشرة، وإنما أقاموا الحواجز والحفر، فإذا قدمت الحيتان حاوطوها يوم السبت، ثم اصطادوها يوم الأحد. كان هذا الاحتيال بمثابة صيد، وهو محرّم عليهم.

فانقسم أهل القرية لثلاث فرق. فرقة عاصية، تصطاد بالحيلة. وفرقة لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله. وفرقة ثالثة، سلبية، لا تعصي الله لكنها لا تنهى عن المكر.

وكانت الفرقة الثالثة، تتجادل مع الفرقة الناهية عن المنكر وتقول لهم: ما فائدة نصحكم لهؤلاء العصاة؟ إنهم لن يتوفقوا عن احتيالهم، وسيصبهم من الله عذاب أليم بسبب أفعالهم. فلا جدة من تحذيرهم بعدما كتب الله عليهم الهلاك لانتهاكهم حرماته.

وبصرامة المؤمن الذي يعرف واجباته، كان الناهون عن المكر يجيبون: إننا نقوم بواجبنا في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر، لنرضي الله سبحانه، ولا تكون علينا حجة يوم القيامة. وربما تفيد هذه الكلمات، فيعودون إلى رشدهم، ويتركون عصيانهم.

بعدما استكبر العصاة المحتالوا، ولم تجد كلمات المؤمنين نفعا معهم، جاء أمر الله، وحل بالعصاة العذاب. لقد عذّب الله العصاة وأنجى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. أما الفرقة الثالثة، التي لم تعص الله لكنها لم تنه عن المكر، فقد سكت النصّ القرآني عنها. يقول سيّد قطب رحمه الله: "ربما تهوينا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي, ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب" (في ظلال القرآن).

لقد كان العذاب شديدا. لقد مسخهم الله، وحوّلهم لقردة عقابا لهم لإمعانهم في المعصية.

وتحكي بعض الروايات أن الناهون أصبحوا ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد. فتعجبوا وذهبوا لينظرون ما الأمر. فوجودا المعتدين وقد أصبحوا قردة. فعرفت القردة أنسابها من الإنس, ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة; فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي; فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم.

الروايات في هذا الشأن كثيرة، ولم تصح الكثير من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها. لذا نتوقف هنا دون الخوض في مصير القردة، وكيف عاشوا حياتهم بعد خسفهم.

7. النمرود

قال الله تعالى:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

القصة:
مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع الله العظيم الجليل في العظمة ورداء الكبرياء فادعى الربوبية، وهوَ أحدُ العبيد الضعفاء

يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية، فأبطل الخليل عليه دليله، وبين كثرة جهله، وقلة عقله، وألجمه الحجة، وأوضح له طريق المحجة.

قال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار، وهذا الملك هو ملك بابل، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح قال مجاهد. وقال غيره: نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح.

قال مجاهد وغيره: وكان أحد ملوك الدنيا، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة: مؤمنان وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين وسليمان. والكافران: النمرود وبختنصّر.

وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة، وكان طغا وبغا، وتجبر وعتا، وآثر الحياة الدنيا.

ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع، فحاجّ إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية. فلما قال الخليل: (ربي الذي يحي ويميت قال: أنا أحي وأميت).

قال قتادة والسُّدِّي ومُحَمْد بن إسحاق: يعني أنه إذا آتى بالرجلين قد تحتم قتلهما، فإذا أمر بقتل أحدهما، وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر.

وهذا ليس بمعارضة للخليل، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة، ليس بمنع ولا بمعارضة، بل هو تشغيب محض، وهو انقطاع في الحقيقة، فإن الخليل استدل على وجود الصانع بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيوانات وموتها، (هذا دليل) على وجود فاعل. (و) ذلك، الذي لا بد من استنادها إلى وجوده ضرورة عدم قيامها بنفسها، ولا بد من فاعل لهذه الحوادث المشاهدة من خلقها وتسخيرها وتسيير هذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر وخلق هذه الحيوانات التي توجد مشاهدة، ثم إماتتها ولهذا قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}.

فقول هذا الملك الجاهل (أنا أحيي وأميت) إن عنى أنه الفاعل لهذه المشاهدات فقد كابر وعاند، وإن عنى ما ذكره قتادة والسُّدِّي ومُحَمْد بن إسحاق فلم يقل شيئاً يتعلق بكلام الخليل إذ لم يمنع مقدمة ولا عارض الدليل.

ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم، ذكر دليلاً آخر بين وجود الصانع وبطلان ما ادّعاه النمرود وانقطاعه جهرة: قَال: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ} أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها. وهو الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء. فإن كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب فإنّ الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شيء، ودان له كل شيء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما زعمت، وأنت تعلم وكل أحد، أنك لا تقدر على شيء من هذا بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها.

فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت. ولهذا قال: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وقد ذكر السُّدِّي: أن هذه المناظرة كانت بين إبراهيم وبين النمرود، يوم خرج من النار، ولم يكن اجتمع به يومئذ، فكانت بينهما هذه المناظرة.

وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم: أن النمرود كان عنده طعام، وكان الناس يفدون إليه للميرة، فوفد إبراهيم في جملة من وفد للميرة ولم يكن اجتمع به إلا يومئذ، فكان بينهما هذه المناظرة، ولم يعط إبراهيم من الطعام كما أعطى الناس، بل خرج وليس معه شيء من الطعام.

فلما قرب من أهله عمد إلى كثيب من التراب فملأ منه عدليه وقال: اشغل أهلي إذا قدمت عليهم، فلما قدم: وضع رحاله وجاء فاتكأ فنام، فقامت امرأته سارة إلى العدلين فوجدتهما ملآنين طعاماً طيباً، فعملت منه طعاماً. فلما استيقظ إبراهيم وجد الذي قد أصلحوه؛ فقال: أنى لكم هذا؟ قالت: من الذي جئت به. فعرف أنه رِزْقٌ رَزقَهُموه الله عز وجل.

قال زيد بن أسلم: وبعث الله إلى ذلك الملك الجبّار ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه. ثم دعاه الثانية فأبى عليه. ثم دعاه الثالثة فأبى عليه. وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي.

فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاماً باديةً، ودخلت واحدةٌ منها في منْخَر الملكِ فمكثت في منخره أربعمائة سنة، عذبه الله تعالى بها فكان يُضْرَبُ رأسُه بالمرِازب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.‏

8. حمار العزيز

((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) ))

وقوله تعالى فى سورة " التوبة":

(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) ))

القصة:

قال إسحاق بن بشر:

إن عزيراً كان عبداً صالحاً حكيماً خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها، فلما انصرف أتى إلى خربة حين قامت الظهيرة وأصابه الحر، ودخل الخربة وهو على حماره فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب، فنزل في ظل تلك الخربة وأخرج قصعة معه فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة ثم أخرج خبزاً يابساً معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله، ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط فنظر سقف تلك البيوت ورأى ما فيها وهي قائمة على عروشها وقد باد أهلها ورأى عظاماً بالية فقال: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجباً فبعث الله مالك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام.

فلما أتت عليه مائة عام، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث. قال: فبعث الله إلى عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل قلبه وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى. ثم ركب خلفه وهو ينظر، ثم كسى عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح كل ذلك وهو يرى ويعقل، فاستوى جالساً فقال له الملك كم لبثت؟ قال لبثت يوماً أو بعض يوم، وذلك أنه كان لبث صدر النهار عند الظهيرة وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب، فقال:

أو بعض يوم ولم يتم لي يوم. فقال له الملك: بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره في القصعة فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز يابس،

فذلك قوله {لَمْ يَتَسَنَّهْ} يعني لم يتغير، وكذلك التين والعنب غض لم يتغير شيء من حالهما فكأنه أنكر في قلبه فقال له الملك: أنكرت ما قلت لك؟ فانظر إلى حمارك. فنظر إلى حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة. فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم ألبسها العروق والعصب ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقاً يظن القيامة قد قامت.

فذلك قوله {وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً} يعني وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضاً في أوصالها حتى إذا صارت عظاماً مصوراً حماراً بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحماً {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} من إحياء الموتى وغيره.

قال: فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منزله، فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وعقلته، فلما أصابها الكبر أصابها الزمان، فقال لها عزير: يا هذه أهذا منزل عزير قالت: نعم هذا منزل عزير. فبكت وقالت: ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيراً وقد نسيه الناس. قال إني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني. قالت: سبحان الله! فإن عزيراً قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر. قال: فإني أنا عزير قالت: فإن عزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء، فادعوا الله أن يرد عليّ بصري حتى أراك فإن كنت عزيراً عرفتك.

قال: فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال: قومي بإذن الله. فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة كأنما شطت من عقال، فنظرت فقالت: أشهد أنك عزير.

وانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم، وابن لعزير شيخ ابن مائة سنة وثماني عشر سنة وبنى بنية شيوخ في المجلس، فنادتهم فقالت: هذا عزير قد جاءكم. فكذبوها، فقالت: أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه. قال: فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه: كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه. فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير. فقالت بنو إسرائيل: فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فما حدثنا غير عزير وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبقى منها شيء إلا ما حفظت الرجال، فاكتبها لنا وكان أبوه سروخاً قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب.

قال: وجلس في ظل شجرة وبنوا إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ونزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه. فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل فمن ثم قالت اليهود: عزير ابن الله، للذي كان من أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه بأمر بني إسرائيل، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل، والقرية التي مات فيها يقال لها ساير أباذ.

قال ابن عباس: فكان كما قال الله تعالى: {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} يعني لبني إسرائيل، وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات وهو ابن أربعين سنة فبعثه الله شاباً كهيئته يوم مات.

قال ابن عباس: بعث بعد بختنصر وكذلك قال الحسن وقد أنشد أبو حاتم السجستاني في معنى ما قاله ابن عباس:

وأسود رأس شاب من قبله ابنه ***ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر

يرى ابنه شيخاً يدب على عصاٍ *** ولحيته سوداء و الرأس أشقرٍ

وما لابنه حيل و لا فضل قوةٍ *** يقوم كما يمشي الصبي فيعثر

يعد ابنه في الناس تسعين حجة *** وعشرين لا يجري و لا يتبختر

وعمر أبيه أربعون أمرها *** ولابن ابنه تسعون في الناس غبر

لما هو في المعقول أن كنت داريا *** وأن كنت لا تدري فبالجهل تعذر

المشهور أن عزيراً من أنبياء بني إسرائيل وأنه كان فيما بين داود وسليمان وبين زكريا ويحيى، وأنه لما لم يبقى في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بني إسرائيل، كما قال وهب بن منبه: أمر الله ملكاً فنزل بمعرفة من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفاً بحرف حتى فرغ منها.

وروى ابن عساكر عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام عن قول الله تعالى: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} لما قالوا ذلك؟ قال بني إسرائيل: لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب وأن عزيراً قد جاءنا بها من غير كتاب.

ولهذا يقول كثير من العلماء إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير.

وهذا متجه جداً إذا كان العزير غير نبي كما قاله عطاء بن أبي رباح والحسن البصري. وفيما رواه إسحاق بن بشر عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، وعن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، ومقاتل عن عطاء بن أبي رباح قال: كان في الفترة تسعة أشياء: بختنصر وجنة صنعاء وجنة سبأ وأصحاب الأخدود وأمر حاصورا وأصحاب الكهف وأصحاب الفيل ومدينة أنطاكية وأمر تبع.

وقال إسحاق بن بشر: أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال كان أمر عزير وبختنصر في الفترة.

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أولى الناس بابن مريم لأنا، إنه ليس بيني وبينه نبي".

وقال وهب بن منبه: كان فيما بين سليمان وعيسى عليهما السلام.

وقد روى ابن عساكر عن أنس بن مالك وعطاء بن السائب أن عزيراً كان في زمن موسى بن عمران، وأنه استأذن عليه فلم يأذن له، يعني لما كان من سؤاله عن القدر وأنه انصرف وهو يقول: مائة موتة أهون من ذل ساعة.

وفي معنى قول عزير مائة موتة أهون من ذل ساعة قول بعض الشعراء:

قد يصبر الحر على السيف *** ويأنف الصبر على الحيف

ويؤثر الموت على حالة *** يعجز فيها عن قرى الضيف

فأما ما روى ابن عساكر وغيره عن ابن عباس ونوف البكالي وسفيان الثوري وغيرهم، من أنه سأل عن القدر فمحى اسمه من ذكر الأنبياء، فهو منكر وفي صحته نظر، وكأنه مأخوذ عن الإسرائيليات.

وقد روى عبد الرزاق وقتيبة بن سعيد، عن جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني، عن نوف البكالي قال: قال عزير فيما يناجي ربه: يا رب تخلق خلقاً فتضل من تشاء وتهدي من تشاء؟ فقيل له: أعرض عن هذا. فعاد فقيل له: لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء، إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون، وهذا ما يقتضي وقوع ما توعد عليه لو عاد فما مُحي.

وقد روى الجماعة سوى الترمذي من حديث يونس بن يزيد، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وكذلك رواه شعيب عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار فأوحى الله إليه: فهلاّ نملة واحدة فروى إسحاق بن بشر عن ابن جريج، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه أنه عزير، وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري أنه عزير، فالله أعلم.

9. قصة طالوت و جالوت

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 246-251.

قال تعالى :

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) ))

القصة:

ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.

بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى. وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها.

10. قصة أصحاب الكهف

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26.

قال الله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)

سبب نزول قصة أصحاب الكهف:

ان سبب نزول قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين ما ذكره محمد بن إسحاق و غيره في السيرة أن قريشا بعثوا إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسألونه عنها؛ ليختبروا ما يجيب به فيها فقالوا:سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا، وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح. فأنزل الله تعالى(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ)) وقال ههنا:(( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ))أي؛ ليسوا بعجب عظيم بالنسبة إلى ما أطلعناك عليه من الأخبار العظيمة، والآيات الباهرة والعجائب الغريبة. والكهف هو الغار في الجبل.
القصة:

في زمان ومكان غير معروفين لنا الآن، كانت توجد قرية مشركة. ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.

في هذه المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.

لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.

عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما.

إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها.

استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار. وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.

بعد هذه المئين الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.

فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.

خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صبعا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.

لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم.

وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية.

لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.

11. الخضر عليه السلام
قال تعالى:

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)

كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).

نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟

اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.

إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.

وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.

لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحد أولى العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون ، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.

ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.

والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.

وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته كما أوردها القرآن الكريم.

قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟
قال موسى مندفعا: لا..
وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟
أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.

تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.

ويظهر عزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.

وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.

نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع.

ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآه يوشع بن نون ، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.

سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.

أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.

يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.

فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
قال موسى: أنا موسى.
قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
قال موسى: وما أدراك بي..؟
قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).

نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.

تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.

قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..

انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.

فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: (قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).

ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).

لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..

إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر..

كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.

إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.

أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.

وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.

أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.

واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:

تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.

وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.

هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.

والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟

يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:

1. أحدها قوله تعالى:

فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) (الكهف)

2. والثاني قول موسى له:

قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) (الكهف)

فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.

3. والثالث أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل الغلام دليل نبوته.

4. والرابع قول الخضر لموسى:

رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.

فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.

ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.

ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من الزمن.

12. ذو القرنين

قال الله تعالى:(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ))

القصة:

لا نعلم قطعا من هو ذو القرنين. كل ما يخبرنا القرآن عنه أنه ملك صالح، آمن بالله وبالبعث وبالحساب، فمكّن الله له في الأرض، وقوّى ملكه، ويسر له فتوحاته.

بدأ ذو القرنين التجوال بجيشه في الأرض، داعيا إلى الله. فاتجه غربا، حتى وصل للمكان الذي تبدو فيه الشمس كأنها تغيب من وراءه. وربما يكون هذا المكان هو شاطئ المحيط الأطلسي، حيث كان يظن الناس ألا يابسة وراءه. فألهمه الله – أو أوحى إليه- أنه مالك أمر القوم الذين يسكنون هذه الديار، فإما أن يعذهم أو أن يحسن إليهم.

فما كان من الملك الصالح، إلا أن وضّح منهجه في الحكم. فأعلن أنه سيعاقب المعتدين الظالمين في الدنيا، ثم حسابهم على الله يوم القيامة. أما من آمن، فسيكرمه ويحسن إليه.

بعد أن انتهى ذو القرنين من أمر الغرب، توجه للشرق. فوصل لأول منطقة تطلع عليها الشمس. وكانت أرضا مكشوفة لا أشجار فيها ولا مرتفات تحجب الشمس عن أهلها. فحكم ذو القرنين في المشرق بنفس حكمه في المغرب، ثم انطلق.

وصل ذو القرنين في رحلته، لقوم يعيشون بين جبلين أو سدّين بينهما فجوة. وكانوا يتحدثون بلغتهم التي يصعب فهمها. وعندما وجدوه ملكا قويا طلبوا منه أن يساعدهم في صد يأجوج ومأجوج بأن يبني لهم سدا لهذه الفجوة، مقابل خراج من المال يدفعونه له.

فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد وردم الفجوة بين الجبلين.

استخدم ذو القرنين وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد. فقام أولا بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين. ثم أوقد النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته. فسدّت الفجوة، وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج، فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره. وأمن القوم الضعفاء من شرّهم.

بعد أن انتهى ذو القرنين من هذا العمل الجبار، نظر للسّد، وحمد الله على نعمته، وردّ الفضل والتوفيق في هذا العمل لله سبحانه وتعالى، فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.

يقول سيّد قطب رحمه الله: "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعد المتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنه راجع إلى الله." (في ظلال القرآن).

يأجوج ومأجوج :

يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ، وقيل : عربيان

وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجت النار أجيجا : إذا التهبت . أو من الأجاج : وهو الماء الشديد الملوحة ، المحرق من ملوحته ، وقيل عن الأج : وهو سرعة العدو. وقيل : مأجوج من ماج إذا اضطرب،ويؤيد هذا الاشتقاق قوله تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) ، وهما على وزن يفعول في ( يأجوج ) ، ومفعول في ( مأجوج ) أو على وزن فاعول فيهما

هذا إذا كان الاسمان عربيان ، أما إذا كانا أعجميين فليس لهما اشتقاق ، لأن الأعجمية لا تشتق

وأصل يأجوج ومأجوج من البشر من ذرية آدم وحواء عليهما السلام . وهما من ذرية يافث أبي الترك ، ويافث من ولد نوح عليه السلام . والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يقول الله تعالى : يا آدم ! فيقول لبيك وسعديك ، والخير في يديك . فيقول اخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين . فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ). قالوا : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : ( ابشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف) رواه البخاري

وعن عبدالله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، وأنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا )

صفتهم

هم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون ، ذلف الأنوف ، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة ، على أشكال الترك وألوانهم . وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب ، فقال ( إنكم تقولون لا عدو ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج : عراض الوجوه ، صغار العيون ، شهب الشعاف ( الشعور ) ، من كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة) .

وقد ذكر ابن حجر بعض الاثار في صفتهم ولكنها كلها روايات ضعيفة ، ومما جاء فيها أنهم ثلاثة أصناف

صنف أجسادهم كالأرز وهو شجر كبار جدا

وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع

وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى

وجاء أيضا أن طولهم شبر وشبرين ، وأطولهم ثلاثة أشبار

والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء ، لا طاقة لأحد بقتالهم، ويبعد أن يكون طول أحدهم شبر أو شبرين. ففي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج ، وأنه لا يدان لأحد بقتالهم، ويأمره بإبعاد المؤمنين من طريقهم ، فيقول لهم ( حرز عبادي إلى الطور)

أدلة خروجهم

قال تعالى ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ) الأنبياء:96-97

وقال تعالى في قصة ذي القرنين ( ثم أتبع سببا . حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا . قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما . آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا . فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف : 92- 99

وهذه الآيات تدل على خروجهم ، وأن هذا علامة على قرب النفخ في الصور وخراب الدنيا، وقيام الساعة

وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول ( لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها ) قالت زينب بنت جحش : فقلت يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم ، إذا كثر الخبث )

وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه ( إذا أوحى الله على عيسى أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أولئك على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف( دود يكون في أنوف الإبل والغنم ) في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي قتلى ) كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ) رواه مسلم وزاد في رواية – بعد قوله ( لقد كان بهذه مرة ماء ) – ( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ، وهو جبل بيت المقدس فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما )

وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه في ذكر أشراط الساعة فذكر منها ( يأجوج ومأجوج ) رواه مسلم

سد يأجوج ومأجوج

بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج ، ليحجز بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم. كما قال تعالى ( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) الكهف

هذا ما جاء به الكلام على بناء السد ، أما مكانه ففي جهة المشرق لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس ) ولا يعرف مكان هذا السد بالتحديد

والذي تدل عليه الآيات أن السد بني بين جبلين ، لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ بين السدين ) والسدان : هما جبلان متقابلان. ثم قال ( حتى إذا ساوى بين الصدفين) ، أي : حاذى به رؤوس الجبلين وذلك بزبر الحديد، ثم أفرغ عليه نحاس مذابا ، فكان السد محكما

وهذا السد موجود إلى أن يأتي الوقت المحدد لدك هذا السد ، وخروج يأجوج ومأجوج، وذلك عند دنو الساعة، كما قال تعالى ( قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف

والذي يدل على أن هذا السد موجود لم يندك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه، قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا . قال : فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان ، حتى إذا بلغوا مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال : فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه ، فيخرقونه ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويفر الناس منهم ) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم

13. من هي قبيلة ثمود ؟ و ما هي قصة ناقة سيدنا صالح ( عليه السلام ) ؟

قبيلة مشهورة، يقال لهم ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن ارم بن سام بن نوح.

وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين.

وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك.

فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً. فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

كما قال تعالى في سورة الأعراف:

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ، قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ، قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ، فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}.

وقال تعالى في سورة هود:

{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ، قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ، وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ، فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ، وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ}.

وقال تعالى في سورة الحجر:

{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ، وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.

وقال سبحانه وتعالى في سورة سبحان:

{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً}.

وقال تعالى في سورة الشعراء:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُون، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ، وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ، قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ، مَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ، فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ، فَأَخَذَهُمْ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

وقال تعالى في سورة النمل:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ، قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ، وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُون، قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ، وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُون، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

وقال تعالى في سورة حم السجدة:

{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

وقال تعالى في سورة اقتربت:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ، فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ، أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ، سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ، إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ، فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ، فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.

وقال تعالى:

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا، إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}.

وكثيراً ما يقرن الله في كتابه بين ذكر عاد وثمود، كما في سورة براءة وإبراهيم والفرقان، وسورة ص، وسورة ق، والنجم، والفجر.

ويقال أن هاتين الأمتين لا يعرف خبرهما أهل الكتاب، وليس لهما ذكر في كتابهم التوراة. ولكن في القرآن ما يدل على أن موسى أخبر عنهما، كما قال تعالى في سورة إبراهيم:

{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الآية. الظاهر أن هذا من تمام كلام موسى مع قومه، ولكن لما كان هاتان الأمتان من العرب لم يضبطوا خبرهما جيداً، ولا اعتنوا بحفظه، وإن كان خبرهما كان مشهوراً في زمان موسى عليه السلام. وقد تكلمنا على هذا كله في التفسير مستقصي. ولله الحمد والمنة.

والمقصود الآن ذكر قصتهم وما كان من أمرهم، وكيف نجى الله نبيه صالحاً عليه السلام ومن آمن به، وكيف قطع دابر القوم الذين ظلموا بكفرهم وعتوهم، ومخالفتهم رسولهم عليه السلام.

وقد قدمنا أنهم كانوا عرباً، وكانوا بعد عاد ولم يعتبروا بما كان من أمرهم. ولهذا قال لهم نبيهم عليه السلام:

{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} أي إنما جعلكم خلفاء من بعدهم لتعتبروا بما كان من أمرهم، وتعملوا بخلاف عملهم. وأباح لكم هذه الأرض تبنون في سهولها القصور، {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} أي حاذقين في صنعتها وإتقانها وإحكامها. فقابلوا نعمة الله بالشكر والعمل الصالح، والعبادة له وحده لا شريك له، وإياكم ومخالفته والعدول عن طاعته، فإن عاقبة ذلك وخيمة.

ولهذا وعظهم بقوله: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} أي متراكم كثير حسن بهي ناضج. {وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}.

وقال لهم أيضاً: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} أي هو الذي خلقكم فأنشأكم من الأرض، وجعلكم عمارها، أي أعطاكموها بما فيها من الزروع والثمار، فهو الخالق الرزاق، وهو الذي يستحق العبادة وحده لا ما سواه. {فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي أقلعوا عما أنتم فيه وأقبلوا على عبادته، فإنه يقبل منكم ويتجاوز عنكم {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ}.

{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا} أي قد كنا نرجو أن يكون عقلك كاملاً قبل هذه المقالة، وهي دعاؤك إيانا إلى إفراد العبادة، وترك ما كنا نعبده من الأنداد، والعدول عن دين الآباء والأجداد ولهذا قالوا: {أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيب}.

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنصُرُنِي مِنْ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}.

وهذا تلطف منه لهم في العبارة ولين الجانب، وحسن تأت في الدعوة لهم إلى الخير. أي فما ظنكم إن كان الأمر كما أقول لكم وأدعوكم إليه؟ ما عذركم عند الله؟ وماذا يخلصكم بين يديه وأنتم تطلبون مني أن أترك دعاءكم إلى طاعته؟ وأنا لا يمكنني هذا لأنه واجب علي، ولو تركته لما قدر أحد منكم ولا من غيركم أن يجيرني منه ولا ينصرني. فأنا لا أزال أدعوكم إلى الله وحده لا شريك له، حتى يحكم الله بيني وبينكم.

وقالوا له أيضاً: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ الْمُسَحَّرِينَ} أي من المسحورين، يعنون مسحوراً لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله وحده، وخلع ما سواه من الأنداد. وهذا القول عليه الجمهور، وهو أن المراد بالمسحرين المسحورين. وقيل من المسحرين: أي ممن له سحر - وهو الرئي - كأنهم يقولون إنما أنت بشر له سحر. والأول أظهر لقولهم بعد هذا: {ما أنت إلا بشر مثلنا} وقولهم {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} سألوا منه أن يأتيهم بخارق يدل على صدق ما جاءهم به. قال: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} كما قال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيم} وقال تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}.

وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم، فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة، من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة، من صفتها كذا وكذا، فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم، على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك.

ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا.

فلما عاينوها كذلك، رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم. ولهذا قال: {فَظَلَمُوا بِهَا} أي جحدوا بها، ولم يتبعوا الحق بسببها، أي أكثرهم، وكان رئيس الذين آمنوا: جندع بن عمرو بن محلاة بن لبيد بن جواس، وكان من رؤسائهم. وهم بقية الأشراف بالإسلام، فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد، والحباب، صاحب أوثانهم، ورباب بن صعر بن جلمس، ودعا جندع ابن عمه شهاب بن خليفة، وكان من أشرافهم، فهم بالإسلام فنهاه أولئك، فمال إليهم فقال في ذلك رجل من المسلمين يقال له مهرش بن غنمة بن الذميل رحمه الله:

وكانت عصبة من آل عمرو *** إلى دين النبي دعوا شهابا

عزيز ثمود كلهم جميعا *** فهم بأن يجيب ولو أجابا

لأصبح صالح فينا عزيزا *** وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا

ولكن الغواة من آل حجر ** *** تولوا بعد رشدهم ذبابا

ولهذا قال لهم صالح عليه السلام: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} أضافها لله سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم، كقوله بيت الله وعبد الله {لَكُمْ آيَةً} أي دليلاً على صدق ما جئتكم به {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}.

فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوماً بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم. ويقال أنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.

ولهذا قال تعالى: {إنا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبار لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية. {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}.

فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع أمرهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشّيْطان أعمالهم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ}.

وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن سالف بن جندع، وكان أحمر أزرق أصهب. وكان يقال أنه ولد زانية، ولد على فراش سالف، وهو ابن رجل يقال له صيبان. وكان فعله ذلك باتفاق جميعهم، فلهذا نسب الفعل إلى جميعهم كلهم.

وذكر ابن جرير وغيره من علماء المفسرين: أن امرأتين من ثمود اسم إحداهما "صدوقة" ابنة المحيا بن زهير بن المختار. وكانت ذات حسب ومال، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته، فدعت ابن عم لها يقال له "مصرع" بن مهرج بن المحيا، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة. واسم الأخرى "عنيزة" بنت غنيم بن مجلز، وتكنى أم عثمان وكانت عجوزاً كافرة، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك،

فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة. وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}. وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك. فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها "مصرع" فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها، وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم في ذلك فابتدرهم قدار بن سالف، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض. ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، وانطلق سقبها - وهو فصيلها - فصعد جبلاً منيعاً ورغا ثلاثاً.

وروى عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع الحسن أنه قال: يارب أين أمي؟ ثم دخل في صخرة فغاب فيها. ويقال: بل اتبعوه فعقروه أيضاً.

قال الله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}. وقال تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} أي احذروها {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا، وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}.

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الله بن نمير، حَدَّثَنا هشام - أبو عروة - عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال: "إذ انبعث أشقاها: انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه، مثل أبي زمعة".

أخرجاه من حديث هشام به. عارم: أي شهم. عزيز، أي: رئيس. منيع، أي: مطاع في قومه.

وقال مُحَمْد بن إسحاق: حدثني يزيد بن مُحَمْد بن خثيم، عن مُحَمْد بن كعب، عن مُحَمْد بن خثيم بن يزيد، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قال: بلى. قال: رجلان، أحدهما أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذا - يعني قرنه - حتى تبتل منه هذه - يعني لحيته".

رواه ابن أبي حاتم.

وقال تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} فجمعوا في كلامهم هذا بين كفر بليغ من وجوه:

منها: أنهم خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية.

ومنها: أنهم استعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه من وجهين: أحدهما الشرط عليهم في قوله: {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} وفي آية{عظيم} وفي الأخرى{أليم} والكل حق. والثاني استعجالهم على ذلك.

ومنها: أنهم كذبوا الرسول الذي قد قام الدليل القاطع على نبوته وصدقه، وهم يعلمون ذلك علماً جازماً، ولكن حملهم الكفر والضلال والعناد على استبعاد الحق ووقوع العذاب بهم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}.

وذكروا أنهم لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف، لعنه الله، فعرقبها فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها فلما عاين ذلك سقبها - وهو ولدها - شرد عنهم فعلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مرات.

فلهذا قال لهم صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} أي غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا - فيما يزعمون - أن يلحقوه بالناقة. {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي لنكبسنه في داره مع أهله فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله ولننكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه، ولهذا قالوا: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُون}.

قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.

وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم فأهلكهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم، وأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوهم مصفرة، كما أنذرهم صالح عليه السلام. فلما أمسوا نادوا بأجمعهم: ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة - ووجوههم محمرة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع - وهو يوم السبت - ووجوهم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى الأجل.

فلما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة، لا يدرون كيف يفعل بهم؟ ولا من أي جهة يأتيهم العذاب.

فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحقت الحقائق فأصبحوا في دارهم جاثمين، جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها. قالوا ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمها "كلبة" بنت السلق - ويقال لها الذريعة - وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها، فقامت تسعى كأسرع شيء، فأتت حياً من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستسقتهم ماء، فلما شربت ماتت.

قال الله تعالى: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي لم يقيموا فيها في سعة ورزق وغناء، {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِثَمُودَ} أي نادى عليهم لسان القدر بهذا.

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا عبد الرزاق، حَدَّثَنا معمر، حَدَّثَنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح، فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها. وكانت تشرب ماءهم يوماً ويشربون لبنها يوماً، فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله" فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه".

وهذا الحديث على شرط مسلم وليس هو في شيء من الكتب الستة. والله تعالى أعلم.

وقد قال عبد الرزاق أيضاً: قال معمر: أخبرني إسماعيل بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقبر أبي رغال، فقال: "أتدرون من هذا؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "هذا قبر أبي رغال، رجل من ثمود، كان في حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ها هنا، ودفن معه غصن من ذهب. فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم، فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن". قال عبد الرزاق: قال معمر: قال الزهري: أبو رغال أبو ثقيف.. هذا مرسل من هذا الوجه.

وقد جاء من وجه آخر متصلاً كما ذكره مُحَمْد بن إسحاق في السيرة عن إسماعيل بن أمية، عن بجير بن أبي بجير، قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر، فقال: "إن هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه. فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن" وهكذا رواه أبو داود من طريق مُحَمْد بن إسحاق به. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله: هذا حديث حسن عزيز.

قلت: تفرد به بجير بن أبي بجير هذا، ولا يعرف إلا بهذا الحديث، ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أمية. قال شيخنا: فيحتمل أنه وهم في رفعه، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه. والله أعلم.

قلت: لكن في المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضاً شاهد له. والله أعلم.

وقوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} إخبار عن صالح عليه السلام، أنه خاطب قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلاً لهم: {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي: جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي.

{وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}. أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم، المستمر بكم المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة، ولا لي بالدفع عنكم يدان. والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته، وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد.

وهكذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال: وقف عليهم وقد ركب راحلته وأمر بالرحيل من آخر الليل فقال: "يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً". وقال لهم فيما قال: " بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم"، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم". فقال له عمر: يا رسول الله تخاطب أقواماً قد جيفوا؟ فقال: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يجيبون".

ويقال أن صالحاً عليه السلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا وكيع، حَدَّثَنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال: لما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج قال: "يا أبا بكر أي واد هذا؟" قال وادي عسفان. قال: "لقد مرّ به هود وصالح عليهما السلام على بكرات خطمها الليف، أزرهم العباء، وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق".

إسناد حسن. وقد تقدم في قصة نوح عليه السلام من رواية الطبراني، وفيه نوح وهود وإبراهيم.‏

14. قارون

قال تعالى:(( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين َ))

القصة:

يروي لنا القرآن قصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة ولا مكانها. فهل وقعت هذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟ أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟ وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كما ذكرها القرآن الكريم.

يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أن آتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغير هذه الأسباب.

ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوه بالقصد والاعتدال، وهو المنهج السليم. فهم يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان من هو المنعم بهذا المال، وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، فعليه أن يعمل لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان، فعليه أن يحسن ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان. ويحذرونه من الفساد في الأرض، بالبغي، والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو إمساكه عما يجب أن يكون فيه. فالله لا يحب المفسدين.

فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتى معاني الفساد (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي). لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمع قارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه.

وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه في نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون.

وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس الضعاف من إغراءها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال.

وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانه وزينته وحظه في الدنيا: حقا إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إنا تبنا إليك سبحانك، فلك الحمد في الأولى والآخرة.

15. أَصْحَابَ الْجَنَّةِ
قال الله تعالى:

(( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))

وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة،

كما قال تعالى:

(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار ))

القصة:

قال إبن عباس:

إنه كان شيخ كانت له جنة، وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه. فلما قبض الشيخ وورثه بنوه -وكان له خمسة من البنين- فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته من قبل ذلك، فراح الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر,
فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم. فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا، وقال بعضهم لبعض: إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف، فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا، حتى نستغني وتكثر أموالنا، ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة. فرضي بذلك منهم أربعة، وسخط الخامس وهو الذي قال تعالى: (قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون).

فقال لهم أوسطهم: إتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا، فبطشوا به، فضربوه ضربا مبرحا. فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم، غير طائع، فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموه إذا أصبحوا، ولم يقولوا إن شاء الله.

فإبتلاهم الله بذلك الذنب، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه. [تفسير القمي،ج2،ص381].

* إنها سنة إلهية:

ولعل في القصة إشارة إلى أن الله تعالى أجرى نفس السنة على المترفين أو طالهم منه شيء من العذاب في الدنيا. وفي رواية أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام تأكيد لذلك، اذ قال: (إن اهل مكة أبتلوا بالجوع كما أبتلي أصحاب الجنة).

فهذه السنة تنطبق على كل من تشمل الآيات التالية: (ولا تطع كل حلاف مهين* هماز مشاء بنميم* مناع للخير معتد أثيم* عتل بعد ذلك زنيم* أن كان ذا مال وبنين* إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين* سنسمه على الخرطوم) [القلم/ 10-16].

بعد ذلك يقول ربنا عزوجل: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمونها مصبحين ولا يستثنون).

أي إختبرناهم بالثروة بمثل ما إختبرنا أصحاب المزرعة. ومادامت السنن الإلهية في الحياة واحدة، فيجب إذن أن يعتبر الإنسان بالآخرين، سواء المعاصرين له أو الذين سبقوه، وأن يعيش في الحياة كتلميذ، لأنها مدرسة وأحداثها خير معلم لمن أراد وألقى السمع وأعمل الفكر وهو
شهيد.

بهذه الهدفية يجب أن نطالع القصص ونقرأ التاريخ. فهذه قصة أصحاب الجنة يعرضها الوحي لتكون أحداثها ودروسها موعظة وعبرة للإنسانية.
ومن الملفت للنظر، إن القرآن في عرضه لهذه القصة لا يحدثنا عن الموقع الجغرافي للجنة، هل كانت في اليمن أو في الحبشة، ولا عن مساحتها ونوع الثمرة التي أقسم أصحابها على صرمها.. لأن هذه الأمور ليست بذات أهمية في منهج الوحي، إنما المهم المواقف والمواعظ والأحداث لمعبرة، سواء فصل العرض أو إختصر.

* ومكروا ومكر الله:

فأشار القرآن إلى أنهم كيف أقسموا على قطف ثمار مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئا منها، وتعاهدوا على ذلك. ولكن هل فلحوا في أمرهم؟ كلا..
(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم).

إن الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ما كان ليغفل عن تدبير خلقه، وإجراء سننه في الحياة. فقد أراد أن يجعل آية تهديهم إلى الإيمان به والتسليم لأوامره بالإنفاق على المساكين وإعطاء كل ذي حق حقه.. وأن يعلم الإنسان بأن الجزاء حقيقة واقعية، وإنه نتيجة عمله.

وهكذا يواجه مكر الله مكر الإنسان، فيدعه هباء منثورا، (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين). وإذا إستطاعوا أن يخفوا مكرهم عن المساكين، فهل إستطاعوا أن يخفوه عن عالم الغيب والشهادة؟ كلا.. وقد أرسل الله تعالى طائفة ليثبت لهم هذه الحقيقة:

(فتنادوا مصبحين* أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين* فإنطلقوا وهم يتخافتون* ان لايدخلنها اليوم عليكم مسكين* وغدوا على حرد قادرين* فلما رأوها قالوا إنا لضالون* بل نحن محرومون) [القلم/ 21-27].

في تلك اللحظة الحرجة إهتدوا إلى ان الحرمان الحقيقي ليس قلة المال والجاه، وإنما الحرمان والمسكنة قلة الإيمان والمعرفة بالله.
وهكذا أصبح هذا الحادث المريع بمثابة صدمة قوية أيقظتهم من نومة الضلال والحرمان، وصار بداية لرحلة العروج في آفاق التوبة والإنابة، والتي أولها إكتشاف الإنسان خطئه في الحياة.

ومن هنا نهتدي إلى أن من أهم الحكم التي وراء أخذ الله الناس بالبأساء والضراء وألوان من العذاب في الدنيا، هو تصحيح مسيرة الإنسان بإحياء ضميره وإستثارة عقله من خلال ذلك، كما قال ربنا عزوجل: (فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون).

* قصة تستحق التأمل:

فما أحوجنا أن نتأمل قصة هؤلاء الأخوة الذين إعتبروا بآيات الله، وراجعوا أنفسهم بحثا عن الحقيقة لما رأوا جنتهم وقد أصبحت كالصريم، فنغير من أنفسنا ليغير الله ما نحن فيه. إذ ما أشبه تلك الجنة وقد طاف عليها طائف من الله بحضارتنا التي صرمتها عوامل الإنحطاط وال
تخلف ولو أنهم إستمعوا إلى نداء المصلحين لما أبتلوا بتلك النهاية المريعة. وهكذا كل أمة لا تفلح إلا إذا عرفت قيمة المصلحين، فإستمعت إلى نصائحهم، وإستجابت لبلاغهم وإنذارهم.

لهذا الدور تصدى أوسط اصحاب الجنة، فعارضهم في البداية حينما أزمعوا وأجمعوا على الخطيئة، وذكرهم لما أصابهم عذاب الله بالحق، وحملهم كامل المسؤولية، وإستفاد من الصدمة التي أصابتهم في إرشادهم إلى العلاج الناجع.

(قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون) من هذا الموقف نهتدي إلى بصيرة هامة ينبغي لطلائع التغيير الحضاري ورجال الإصلاح أن يدركوها ويأخذوا بها في تحركهم إلى ذلك الهدف العظيم، وهي: إن المجتمعات والأمم حينما تضل عن الحق وتتبع النظم البشرية المنحرفة، تصير إلى
الحرمان، وتحدث في داخلها هزة عنيفة (صحوة) ذات وجهين، أحدهما القناعة بخطأ المسيرة السابقة، والآخر البحث عن المنهج الصالح. وهذه خير فرصة لهم يعرضوا فيها الرؤى والأفكار الرسالية، ويوجهوا الناس اليها.
من هذه الفرصة إستفاد أوسط اصحاب الجنة، بحيث حذر أخوته من أخطائهم، وأرشدهم إلى سبيل الصواب.

(قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين* فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون* قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين* عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون).

وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى:

((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ))

قيل: هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل: هم أهل مكة أنفسهم، ضربهم مثلا لأنفسهم. ولا ينافي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

16. أصحاب الأخدود

لفضيلة الشيخ : عبد الوهاب الطريري أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (والسماء ذات البروج، وشاهد ومشهود، قتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له ملك السماوات والأرض، والله على كل شيء شهيد).
إن هذه الآيات تحملُ قصةَ أصحابِ الأخدود، هؤلاء اللذين فتنوا في ديِنهم..

هؤلاء اللذين أحرقوا في خنادقِ النارِ مع نسائهم وأطفالِهم. وما نقموا منهم إلا أن يأمنوا بالله العزيز الحميد. وكان نكالاً دنيوياً بالغَ القسوة. وجريمةً نكراء عندما يقادُ أولئك المؤمنون الأطهارِ إلى خنادقَ وحفر أضرمت فيها النار هم ونسائهم وأطفالهم ليلقوا فيها لا لشيء إلا لأنهم أمنوا بالله جل وعلا. حتى تأتي المرأةُ معها طفلُها الرضيعُ تحملُه، حتى إذا أوقفت على شفيرِ الحفرةِ والنارُ تضطرمُ فيها تكعكعت، لا خوفاً من النار ولكن رحمةً بالطفل. فيُنطقُ اللهُ الطفلَ الرضيع ليقولَ لها مؤيدا مثبتاً مصبرا: يا أمه اصبري فأنك على الحق. فتتقحم المرأةُ الضعيفةُ والطفل الرضيع تتحقحمان هذه النار. إنه مشهدُ مريعُ وجريمةُ عظيمةٌ يقصُ القرآنُ خبرها ويخبر بشأنها فإذا هي قصةُ مليئةُ بالدروسُ مشحونة بالعبر فهل من مدكر؟ ولكنا نطوي عبرَها كلها ونعبرَها لنقف مع آيةٍ عظمى، آية عظمى تومض من خلال هذا العرض للقصة، إن هذه الآيات قد ذكرت تلك الفتنة العظيمةَ وذكرت تلك النهايةُ المروعةُ الأليمة لتلك الفئةُ المؤمنة، والتي ذهبت مع آلامها الفاجعة في تلك الحفرُ التي أضرمت فيها النار. بينما لم يرد خبرُ في الآياتِ عن نهايةِ الظالمين اللذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات: لم تذكرُ الآياتُ عقوبةُ دنيوية حلت بهم. لم تذكر أن الأرض خسفت بهم. ولا أن قارعة من السماءِ نزلتَ عليهم. انتهاء عرضُ القصةِ بذكرِ مصيرِ المؤمنين وهم يُلقونَ في الأخدود. والإعراض عن نهاية الظالمين الذين قارفوا تلك الجريمة فلم تُذكر عقوبتهم الدنيوية ولا الانتقام الأرضي منهم. فلما أغفل مصيرُ الظالمينَ ؟ أهكذا ينتهي الأمر، أهكذا تذهبُ الفئةُ المؤمنةُ مع آلامها واحتراقها بنسائِها وأطفالِها في حريق الأخدود؟ بينما تذهب الفئةُ الباغية الطاغية التي قارفت تلك الجريمة تذهبُ ناجية؟ هنا تبرزٌ الحقيقةُ العظمى التي طالما أفادت فيها آياتُ الكتاب وأعادت، وكررت وأكدت وهي: أن ما يجري في هذا الكون لا يجري في غفلةٍ من اللهِ جل وعلا، وإنما يجري في ملكِه. ولذا جاء التعقيبُ بالغ الشفافية: ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأرض). فهذا الذي جرى كلِه جرى في ملكِه ليس بعيدا عن سطوتِه، وليسَ بعيدا عن قدرتِه إنما في ملكه: (والله على كلِ شيء شهيد). فهذا الذي جرى لم يجري في غفلةٍ من الله ولا في سهو من الله. كلا… ولكن جرى والله على كل شيء شهيد، شهيدُ على ذلك مطلعُ عليه. إذا فأين جزاء هؤلاء الظالمين ؟ كيف يقترفون ما قارفوا، ويجترمون ما اجترموا ثم يفلتون من العقوبة؟ يأتي الجوابُ، كلا لم يفلتوا. إن مجال الجزاء ليس الأرضَ وحدَها. وليسَ الحياةَ الدنيا وحدها، إن الخاتمةَ الحقيقةَ لم تجئ بعد، وإن الجزاءَ الحقيقيُ لم يجئ بعد. وإن الذي جرى على الأرض ليسَ إلا الشطر الصغير الزهيد اليسير من القصة. أما الشطرُ الأوفى والخاتمةُ الحقيقةُ والجزاء الحقيقي فهناك: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق). هولا الذين أحرقوا المؤمنين في الأخدود سيحرقون ولكن أين؟ أين ؟ في جهنم. في جهنم، إن الذين أحرقوا المؤمنين في الدنيا سيحرقون ولكن في الآخرة. وما أعظمَ الفرقَ بين حريقٍ وحريق! أين حريقُ الدنيا بنارٍ يوقدُها الخلق، من حريقِِ الآخرةِ بنارٍ يوقدُها الخالق ؟ أين حريقُ الدنيا الذي ينتهي في لحظات، من حريقِِ الآخرةِ الذي يمتدُ إلى آبادٍ لا يعلمُها إلا الله ؟ أين حريقُ الدنيا الذي عاقبتُه رضوانُ الله، من حريقِ الآخرةِ ومعهُ غضبُ الله ؟ هذا المعنى الضخم الذي ينبغي أن تشخصَ الأبصارُ إليه وهو الارتباطُ بالجزاء الأخروي رهبة ورغبة. أما الدنيا فلو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربةَ ماء. إن الدنيا هينةُ على الله جل وعلا: مر النبيُ (صلى الله عليه وسلم) وأصحابُه معه، مروا في طريقهم فإذا سباطة قوم، تلقى عليها النفايات، الفضلات، الجيف. فإذا بالرسول (صلى الله عليه وسلم) ينفردُ عن أصحابه ويتجه صوب سباطة هؤلاء القوم ليأخذَ من القمامة الملاقاة عليها جيفة تيس مشوهِ الخلقةِ قد مات، مشوه الخلقة، صغير الأذن قد انكمشت أذنه. فأمسك النبيُ (صلى الله عليه وسلم) بهذا التيس الميتَ فرفعه. ثم أقام مزاداً علنياً ينادي على هذه الجيفة الميتة، فيقول مخاطبا أصحابه: آيكم يحبُ أن يكونَ هذا له بدرهم ؟ من يشتري هذا التيس المشوه بدرهم؟ وعجب الصحابة من هذا المزاد على سلعة قيمتها الشرائية صفر. ليس لها قيمة شرائية ولذا ألقيت مع الفضلات. قالوا يا رسولَ الله، والله لقد هانَ هذا التيس على أهلهِ حتى ألقوه على هذه السباطة، لو كان حيا لما ساوى درها. لأنه مشوه. فكيف وهو ميت؟ لقد هان على أهله حتى ألقوه هنا، فكيف يزاد عليه بدرهم ؟ فألقاهُ النبي (صلى الله عليه وسلم) وهوت الجيفة على السباطة والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: لدنيا أهونُ على الله من هذا على أحدِكم. إن الدنيا هينةُ على الله، ومن هوانها أنها أهونُ من هذه الجيفةُ التي ألقيتموها واستغربتم أن يزاد عليها ولو بدرهمٍ يسير. فقيمتها الشرائية صفر، ليس لها قيمة. وإذا كانتِ الدنيا هينةُ على اللهِ هذا الهوان، فإن اللهَ جلا جلاله لم يرضها جزاءً لأوليائِه. وأيضا لم يجعلَ العذابُ فيها والعقوبة فيها هي الجزاءُ الوحيدُ لأعدائه. كلا إن الدنيا أهونُ على الله، بل لولا أن يفتن الناس، لولا أن تصيبهم فتنة لجعل الله هذه الدنيا بحذافيرها وزينتها وبهجتها ومتاعها جعلها كلها للكافرين. أستمع إلى هذه الآيات: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون، وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين). أما الدنيا فأهون على الله من أن يجعلها للمتقين جزاء، أو يجعل العذاب فيها فقط جزاء الكافرين. كلا.. لولا أن تفتن قلوب الناس لأعطى الدنيا للكافرين، كل ذلك قليلُ وحقير وتافه: (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين). ولكن قلةَ هذا المتاع وضآلته وتفاهته لا تظهرُ إلا إذا قورن بالعمرِ الأبديِ الخالدِ في الآخرة. هناك تظهرُ قلةَ هذا المتاع. ولذا لما ذكر اللهُ زهو الكافرين ومظاهر القوة التي يتمتعون بها، وتقلبَهم في البلاد واستيلائهم عليها، ذكر ذلك وعبر عنه بقوله جل وعل متاع قليلا: (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد). (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار). نعم قليلا، تمتع بكفرك قليلا، قد يكون هذا القليل ستون سنة. قد يكون سبعون، قد يكون مائة، ولكن كم تساوي هذه الومضة في عمر الخلود الأبدي في الآخرة؟ كم تساوي هذه الومضة في عمر أبدي خالد في دار الجزاء. (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ،قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين). قالوا يوما..ثم تكاثروا اليوم فرجعوا أو بعض يوم فسأل العادين. (قال إن لبثتم إلا قليلا). كان هذا القليل عشرات السنين، ولكنها أصبحت في عمر الخلود الأبدي في الآخرة يوما، كلا فاليوم كثير، بعض يوم، بعض يوم وهم مستيقنون أنه بعض يوم فاسأل العادين. (قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنت تعلمون). هناك يأتي الجزاءُ الحقيقي. ولذا كانت آياتُ القرآنِ تتنزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تخاطبه وتلفتُ أنظارَ المؤمنين معه إلى أن القِصاص الحقيقي، والعقوبةَ الحقيقةَ والجزاءُ الذي ينتظرُ الظالمين والمتكبرين والمتجبرين من الكفار والفجرة والظلمة هناك: (إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم). (وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون). قد ترى شيئا من عقوبتهم وقد يتوفاك قبل ذلك. ولكن العبرةُ بالمرجع إلينا، وهناك سيلفون على ربٍ كان شهيداً على فعلهم كلِه، كلِ الذي فعلُوه لم يكن خافيا على الله، كان مطلعاً عليه: (فذرهم يخوضوا ويلعبوا، حتى يلاقوا يومَهم الذي يوعدون). حينها كيف سيكون حالهم؟ (يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفون، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون). وطالما نظرت أبصارهم بجرائه. وطالما اشمخرت أنوفهم بكبرياء. أما اليوم فأبصارهم خاشعة، وكبريائهم ذليلة، لماذا ؟ ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون. لأنهم في يوم الموعد، لقد وعدوا ذلك اليومَ. وعدوا به في الدنيا ولكن استهانوا واستخفوا فما بالوا وما اكترثوا ولا استعدوا فما أسرعَ ما لقوه. وما أسرع ما شاهدوه. وما أسرع ما أحاطَ بهم أمره، ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون. هنا أيها المؤمنون بلقاء الله جل وعلا تأثرُ هذه الحقيقةُ العظمى في نفسِ المؤمنِ ووجدانِه. فيعلم أن من اجترأ على الله وإن عاش كما يعيشُ الناس. بل ومات كما يموت الناس فإن الجزاء الحقيقيَ ينتظر هناك. إن الدنيا ليست دارُ جزاء ولكن دارُ عمل، وأما الآخرةُ فهي دارُ جزاء ولا عمل. نعم قد يعجلُ اللهُ العقوبة لبعضِ المتمردين لحكمةٍ يعلمها. فأهلك قومَ نوحٍ، وقوم هود وقوم صالح، أهلك أمما، وأهلك أفرادا. أهلك فرعون وقارون وهامان وأبا جهل وأبي ابن خلف. ولكن هذا تعجيل لبعض العقوبة، وقد يتخلف هذا التأجيل فتدخر العقوبةُ كلُها ليوافي المجرم يوم القيامة فإذا عقوبته كاملة لم يعجل له منها شيء. ولكن كل ما قارفَه في الدنيا، وإن عاش في الدنيا كما يعيش الناس، وتمتع في الدنيا كما يتمتع الناس، ثم مات ميتة طبيعية كما يموت الناس فإن كل ما فعله لم يكن يتم في غفلة من الله: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء). هنا نعلم أنه ليس بالحتم أن تحلَ العقوبةُ بالظالمينَ في الدنيا. ليس بالحتم أن يعجلوا بالعقوبة. ولكن الذي نحن منه على يقين أن ظلمَهم واجترائَهم على الله، وانتهاكَهم لحرماتِ الله،لم يجري في غفلةٍ من الله. ثم ليست كلُ عقوبةٍ لابد أن تكون ماثلةً للعيان، فهناك عقوباتُ تدبُ وتسرب إلى المعاقبينَ بخفية، تسري فيهم وتمضي منهم وتتمكن من هؤلاء وهم لمكر الله بهم لا يشعرون. قد يملي اللهُ لظالمِ ولكن ليزدادَ من الإثمِ وليحيطَ به الظلمُ، ثم يوافي اللهَ بآثام كلِها وجرائمهِ كلِها ليوافي حينئذٍ جزاءه عند ربٍ كان في الدنيا مطلعاً عليه شهيداً عليه رقيبا عليه. (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين). ليزدادوا إثما، وأنظر إلى عقوبة أخرى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون). فماذا كانت العقوبة ؟ هل احترقت أموالهم؟ هل قصمت أعمارهم؟ هل نزلت عليهم قارعة من السماء؟ هل ابتلعتهم الأرض؟ ماذا كانت العقوبة التي حلت بهم؟ أستمع إلى العقوبة: (فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون). كان الجزاء أن أعقبهم الله نفاقا مستحكما في القلوب إلى يوم يلقونه، فهو حكم عليهم بسوء الخاتمة. (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون). (بل طبع الله عليها بكفرهم). هذه عقوبات تسرب إلى القلوب في غفلة من الناس ومن الظالمِ نفسه، ولكنها عقوبات بالغة الخطورة. ولكن العبرة بالمصير، بالمصير يوم يفضي هذا الظالم إلى الله جل جلاله فيوافي عقوبة لا يستطيع أحدا من البشر، من الخلق الذين كانوا في الدنيا يحبونه، ويوالونه وينصرونه، لا يستطيع أحد منهم أن ينصره أو يكفيه أو يتحمل عنه شيئا من العذاب. كانوا في الدنيا يقولون له نحن فداك، نحن نكفيك. لكن في الآخرة لا فداء لأن الفداء نار تلظى، لأن الفداء نار شديدة محرقة وخلود فيها، فمن الذي يفدي؟ (يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه). يود ذلك! لكن يأتي الجواب ..كلا: (كلا إنها لظى، نزاعة للشوى، تدعو من أدبر وتولى). فمن الذي عنده استعداد للفداء. أمة الإسلام، أيها المؤمنون بالله ولقائه نفضي من هذا كله إلى وقفات سريعة: الوقـفة الأولى: أنا إذا رأينا أملا اللهِ للظالمين وتمكينه للمجرمين فينبغي أن نعلم باليقين وإلا فنحن نعلم بالإيمان أن الجزاءَ مدخرٌ هناك، ولذا فلا دعي للبحث عن كوارث دنيوية تحل بهم. إنك تشفق على بعض الطيبين عندما تراهم يجهدون أنفسهم في البحث عن عقوبة دنيوية حلت بهذا الظالم أو ذاك المجرم، حتى إذا لم يجدوا شيئا قالوا الموت هو العقوبة.. كلا. لقد مات الأطهار والأبرار والرسل الكرام، ولكن العبرة هناك في دار الجزاء. الوقـفة الثانية: أن لا يغترَ أحدُ بأي مظهرٍ من مظاهر القوةِ أُتيها، فمظاهرُ القوةِ في الدنيا نسبية، ولكنها كلها على تفاوتها تتعطل حينما يوقفُ العبدُ بين يدي اللهَ جل جلاله. إن الرجل يتمتع بقوة نسبية على المرأة تلك التي لا تملك إلا الدموع تستنصر بها. لكن عليه أن يتذكر أنه إن ظلمها فلم تستطع أن تنتصر منه في الدنيا ومشى أمام الناس بطوله ورجولته فهناك موعد تذهب فيه قوته وقوامته ويتم القِصاص منه للمظلوم ولو كان ضعيفا. يتذكر شرطي المرور أو الدوريات: أنه عندما يأمر بمسكين إلى التوقيف، ثم يوقف ذلك المسكين دون أن يسائل هو، وإن سؤل فهو المصدق، ثم يذهب هو إلى بيته ويجلس إلى أهله ويتناول طعامه. وذاك في التوقيف يحاول الاتصال بأهله هاتفيا وقد لا يستطيع. ليتذكر أن هذه القوة الدنيوية ستنمحي، ستنمحي وسيوقف هو وهذا الذي ظلمه فلم يجد في الدنيا من ينتصر له، سيوقف هو وإياه بين يدي من ينتصر له. ليتذكر الكفيل غربة العامل وحاجة العامل: فيجور عليه ويكلفه بما ليس من عمله ويماطله في حقه، ليتذكر أن هذه الفوارق ستنتهي. وهذه القوة الجزئية التي يتمتع بها ستنمحي. وهذا الضعف الذي يهيمن على هذا العامل الآن سيذهب. وسيوقفان جميعا بين يدي رب لا يظلم أحدا، وليس أمامه تمايز في القوى. إن القوة التي تستمدها من جنسيتك أو بلدك ستذهب لأنك ستحشر ولك ليس في بلدك وستوقف أمام الله وليست معك جنسيتك، ولكن بين يدي رب لا يظلم أحدا. ليتذكر المسؤول الإداري مهما كانت منزلته، مهما كانت مسئوليته: أنه عندما يجور على موظف بنقل تعسفي. أو جور إداري وهو مطمئن إلى أن هذا الموظف لا يستطيع أن ينتصف منه في الدنيا. وأن المسؤول الأعلى وإن علا مصدق له مكذب للموظف المسكين. ليتذكر أن هذا يدور في أرض لا يعزب عن الله فيها شيء، وأن هذا التفاوت في القوة سينتهي وينمحي وستوقف أنت وإياه بين يدي رب لا يظلم أحد. قد لا تفضي إليك العقوبة في الدنيا، قد تنال ترقياتك كاملة ورواتبك موفاة وتنال تقاعدك أو تأمينك بانتظام، بل وتموت من غير عاهة مستعصية، ولكن كل ذلك لا يعني أنك قد أفلت من عقوبة. التاجر الذي يستغل ذكائه التجاري فيدلس على محتاج أتى إلى سلعة: ويستغل عبارة ركيكة مكتوبة في آخر الوصفة (البضاعة التي تشترى لا ترد ولا تستبدل). ينبغي أن يتذكر أن هناك موقفا لا تجديه فيه هذه الورقة، ولا ينفعه فيه الذكاء التجاري لأنه موقف بين يدي علام الغيوب المطلع على السر وأخفى. ليتذكر كل من يتمتع بأي مظهر من مظاهر هذه القوة: أن هذه القوة وإن كثرت وقويت فهي تنتهي سريعا وتمضي جميعا. والعبرة بالمثول بين يدي رب تنتهي كل موازين القوى أمامه جل وتقدس وتعالى. أما أنت أيها المظلوم فتذكر أن الله ناصرك لا محالةَ لأنك في ملكِ من حرم الظلمَ على نفسه، وحرمَه بين عباده، وسينتهي بك المصيرُ إلى يومٍ يقتصُ اللهُ فيه للشاة الجماء من الشاة القرناء، فكيف بك أنت! لن يفوت شيء من حقك في الآخرة وإن فات في الدنيا. الوقفة الثالثة: أن هذا المعنى وهو انتظار الجزاء الأخروي كما هو دافع رهبة فهو دافع رغبة. توفي زين العابدين على أبن الحسين، فلما وضع على لوح الغسل وجد المغسلون في أكتافه ندوبا سوداء، فتفكروا ! مما أتت هذه الندوب في ظهر هذا الرجل الصالح؟ وأكتشف الأمر بعد، لقد كان هذا العابد يستتر بظلمة الليل وحلكة الظلام ينقل أكياس الطعام إلى أسر فقيرة لا يدرون من الذي كان يأتيهم بها، عرفوا بعدما مات فانقطعت تلك الصلة من الطعام. ما الذي يحمل زيد العابدين على أن يتوارى بعمل الخير ويستتر به ؟ إن الذي يحمله على ذلك انتظار الجزاء الأخروي، يريد أن يوافي ربه بأجره موفورا. وكذا كل منا عليه أن يجعل بينه وبين ربه معاملة خاصة سر بينه وبين الله يجهد جهده أن لا يطلع عليها أحد من الخلق حتى يوافي ربه بعمل يستوفي جزاءه منه. الوقفة الأخيرة: وما هي بأخيرة، أن في استحضار هذا الأمر مدد للسائرين في طريق العمل للدين والدعوة إلى الله. إن الذي يشخص ببصره إلى الجزاء الأخروي ينظر إلى العوائق فإذا هي يسيرة. وإلى الصعوبات فإذا هي هينة. وإلى الضيق فإذا هو سعة لأنه ينتظر جزاء أتم وأوفى. قتل مصعب أبن عمير، وقتل حمزة أبن عبد المطلب فلم يوجد ما يوارى به أحدهم إلا بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه وإن غطيت بها رجلاه بدأ رأسه، فأمر نبيك (صلى الله عليه وسلم) أن تغطى رؤوسهما وأن يوضع على أرجلهما من ورق الشجر. هكذا انتهت حياة العمل للدين من غير أن يتعجل شيء من أجورهم أو يروا شيئا من جزائهم. ولكن عند الله الموعد وعنده الجزاء الأوفى.

اصحاب الفيل

((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) ))

القصة:

كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة. وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام. فكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. إلا أن العرب أبوا ذلك، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم. فهم أبناء إبراهيم وإسماعيل، فكيف يتركون البيت الذي بناه آباءهم ويحجّوا لكنيسة بناها نصراني! وقيل أن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها. وأنا بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.

فعزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم يقال أن اسمه محمود. فعزمت العرب على تقال أبرهة. وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف من اليمن يقال له ذو نفر. دعى قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة. لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة.

ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي، وحارب أبرهة. فهزمهم أبرهة وأُخِذَ نفيل أسيرا، وصار دليلا لجيش أبرهة. حتى وصلوا للطائف، فخرج رجال من ثقيف، وقالوا لأبرهة أن الكعبة موجودة في مكة –حتى لا يهدم بيت اللات الذي بنوه في الطائف- وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة! وكان اسم الرجل أبو رغال. توفي في الطريق ودفن فيها، وصار قبره مرجما عند العرب. فقال الشاعر:

وأرجم قبره في كل عام * * * كرجم الناس قبر أبي رغال

وفي مكان يسمى المغمس بين الطائف ومكة، أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل. وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها. فهمّت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم على قتال أبرهة. ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .

وبعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد, ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت, فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم! فإذا كان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك. فلما أخب الرسول عبد المطلب برسالة الملك، أجابه: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة. هذا بيت الله الحرام. وبيت خليله إبراهيم عليه السلام.. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه, وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه.

ثم انطلق عبد المطلب مع الرسول لمحادثة أبرهة. وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم. فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه, وأكرمه عن أن يجلسه تحته, وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه. فنزل أبرهة عن سريره, فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه. ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك? فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم قد زهدت فيك حين كلمتني! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه? قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل. وإن للبيت رب سيمنعه. فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك!.. فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله.

ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه وهو ورجال من قريش إلى للكعبة وأمسك حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه. ثم ذهب هو ومن معه للجبل.

ثم أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة. إلا أن الفيل برك ولم يتحرك. فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه. فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه. ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك. فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك.

ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده, فأرسل عليهم جماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, أمثال الحمص والعدس, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. فهاج الجيش وماج، وبدوا يسألون عن نفيل بن حبيب; ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:

أين المفر والإله الطالب * * * والأشرم المغلوب ليس الغالب

وقال أيضا:

حمدت الله إذ أبصرت طيرا * * * وخفت حجارة تلقى علينا

فكل القوم يسأل عن نفيـل * * * كأن علي للحبشان دينـا

وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعا صغيرة تلو الأخرى، حتى وصلوا إلى صنعاء, فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات.

إن لهذه القصة دلالات كثيرة يصفا الأستاذ سيّد قطب رحمه الله في كتابه (في ظلال القرآن):

فأما دلالة هذا الحادث والعبر المستفادة من التذكير به فكثيرة . .

وأول ما توحي به أن الله - سبحانه - لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت, ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية. وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام, حتى لا تتكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته, بحميتهم الجاهلية.

كذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة. حتى والشرك يدنسه, والمشركون هم سدنته. ليبقي هذا البيت عتيقا من سلطان المتسلطين, مصونا من كيد الكائدين.

ونحن نستبشر بإيحاء هذه الدلالة اليوم ونطمئن, إزاء ما نعلمه من أطماع فاجرة ماكرة ترف حول الأماكن المقدسة من الصليبية العالمية والصهيونية العالمية, ولا تني أو تهدأ في التمهيد الخفي اللئيم لهذه الأطماع الفاجرة الماكرة. فالله الذي حمى بيته من أهل الكتاب وسدنته مشركون, سيحفظه إن شاء الله, ويحفظ مدينة رسوله من كيد الكائدين ومكر الماكرين!

والإيحاء الثالث هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض. بل لم يكن لهم كيان قبل الإسلام. كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة. وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحيانا تقوم تحت حماية الفرس. وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان. ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه. ولكنه ظل في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية. وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة, ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة. وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي.

وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه. وأصبحت لهم قوة دولية يحسب لها حساب. قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش, وتتولى قيادة البشرية, بعد أن تزيح القيادات الضالة. ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب! نسوا نعرة الجنس, وعصبية العنصر, وذكروا أنهم ومسلمون. مسلمون فقط. ورفعوا راية الإسلام, وراية الإسلام وحدها. وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمة برا بالبشرية; ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية. حملوا فكرة سماوية يعلمون الناس بها لا مذهبا أرضيا يخضعون الناس لسلطانه. وخرجوا من أرضهم جهادا في سبيل الله وحده, ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها, ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها, ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكمهم أنفسهم! إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة الله وحده. عندئذ فقط كان للعرب وجود, وكانت لهم قوة, وكانت لهم قيادة. ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله. وقد ظلت لهم قوتهم. وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا على الطريقة. حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم, وتركوا راية الله ليرفعوا راية العصبية نبذتهم الأرض وداستهم الأمم, لأن الله قد تركهم حيثما تركوه، ونسيهم مثلما نسوه!

وما العرب بغير الإسلام? ما الفكرة التي قدموها للبشرية أو يملكون تقديمها إذا هم تخلوا عن هذه الفكرة? وما قيمة أمة لا تقدم للبشرية فكرة? إن كل أمة قادت البشرية في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة. والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق, والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانية في الغرب لم يستطيعوا الحياة طويلا, إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها. والفكرة الوحيدة التي تقدم بها العرب للبشرية كانت هي العقيدة الإسلامية, وهي التي رفعتهم إلى مكان القيادة, فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة, ولم يعد لهم في التاريخ دور. وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيدا إذا هم أرادوا الحياة, وأرادوا القوة، وأرادوا القيادة. والله الهادي من الضلال.

قصص من السيرة
17. كيف نحكى قصص لاطفالنا. القصة لها مفعولها الأكيد في تعديل السلوك السيئ للأطفال وإحلال السلوك القويم محله بل إن الكبار أنفسهم يحبون أن يستمعوا إلى القصص وكثيراً ما تؤثر القصة في حياتهم, ولهذا حبانا الله تعالى في كتابه الكريم بمجموعة من القصص لتكون عبرة لنا ودافعاً لتغيير سلوكياتنا الخاطئة.
لكن لابد أن تُحكي القصة بأسلوب شيق ومثير وبسيط وفي نفس الوقت حتى تحقق الهدف في كل لحظة من لحظات القصة ...
قد نستمع إلى كثير من القصص ولكن لا تشد انتباهنا ولا تغير من سلوكياتنا لأنها تُحكي بطريقة خاطئة,إما أن يُغرق في التشويق والإثارة ويضيع الهدف من القصة, أو أن يُركز على الهدف بصورة فيها مبالغة كبيرة وتكلف في توصيل العبرة من غير إثارة ولا تشويق ,والحل دائما في الأسلوب الوسط ما بين التركيز علي الهدف ولكن بصورة مشوقة.
وإليكم نموذج لأب يقص علي ابنه قصة كعب ابن مالك رضي الله عنه بأسلوب مبسط لا يخلو من بعض التشويق يهدف منه إلي ذرع فضيلة الصدق في ابنه بطريق غير مباشر.الأب : أتعرف قصة كعب ؟
الطفل : لا .. من كعب يا أبي ؟
الأب : ألا تعرف كعب ابن مالك رضي الله عنه وأرضاه يا بني ؟
الطفل وقد اشتد انتباهه : لا يا أبي من هو احكِ لي قصته ؟
الأب : حسن سأحكيها لك .. كعب ابن مالك يا بني هو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الطفل : وما قصته ؟
الأب : هو الصحابي الذي نجاه الصدق من عذاب الله !
الطفل : وكيف ذلك ؟
الأب : في غزوة تبوك أراد الله أن يمتحن المؤمنين للخروج للجهاد .. وكان الخروج مع الرسول أمر شاق أتدري لماذا يا بني؟ لأن السفر كان بعيدا والجو فيه حر شديد والثمار ناضجة وأكثر شيء يروق للإنسان أن يجلس في الظل يستمتع بأكل الثمار ... ولكن الخروج إلى الجهاد في هذه اللحظة كان بأمر من الله تعالى لدفع العدو ومقاتلة المشركين الذين لا يحبون الإسلام .
الطفل : وماذا فعل الناس يا أبي ؟
الأب : المؤمنون الصادقون خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم يريدون الشهادة لينالوا الجنة .. وقعد المنافقون يا ولدي !!
الطفل : ومن هم المنافقون ؟
الأب بعد تنهد طويل : المنافقون شر الناس يا بني .. أعاذنا الله من النفاق .. الكذابون يا بني .. نعم.. المنافقون هم الكذابون .. يبدون مالا يبطنون !!
الطفل في إنصات : وكيف ذلك يا أبي ؟
الأب : المنافقون الكذابون كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد منهم جاء بعذر على هواه كل واحد منهم كذب كذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهربوا من الخروج للجهاد .
الطفل في تعجب : وماذا فعل معهم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الأب : وكلهم الرسول إلى سرائرهم وأخذ بالظاهر وقبل أعذارهم ..
الطفل في انتباه : ولكن لماذا لم يكشفهم الله للرسول صلى الله عليه وسلم .
الأب : لأن الله يؤخر عقابهم إلى يوم القيامة نعم يا بني وما أكبر عقوبة الكاذب يوم القيامة أما سمعت قول الله تعالى : ' فمن أظلم ممن كذب على الله ' وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : آية المنافق إذا حدث كذب '
الطفل في انتباه : ولكن ما علاقة هذا كله بكعب بن مالك رضي الله عنه و أرضاه ؟
الأب : نعم يا بني كعب ابن مالك رضي الله عنه لم يكذب !!
الطفل : كيف ؟
الأب : لقد أتى كعب بن مالك إلي رسول الله فسأله ما خلفك يا كعب ؟ فعلم كعب أن الله يراه ويعلم ما في قلبه .. وإن هو كذب ربما ينجوا في تلك اللحظة لكنه لن ينجو من عذاب الله يوم القيامة .. فقال كعب ابن مالك في نفسه والله لا أقول إلا الصدق ..
الطفل : وماذا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
الأب : قال يا بني : يا رسول الله ما كان لي من عذر وكنت أستطيع الخروج معك .. قال الصدق يا بني .
الطفل في شوق : وماذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
الأب : قال له أما هذا فقد صدق قم حتى يقضي الله فيك .
الطفل : وماذا حدث يا أبي ؟
الأب في حزن : تصور يا بني لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يعتزلوا كعب ابن مالك فلم يكلمه أحد!!
تصور يا بني لم يكلمه أحد لمدة خمسين يوماً حتى إن كعبا كان يمشي في الأرض ويسلم على الناس ولا يجد أحدا يرد عليه السلام .. حتى ابن عمه أقرب أقربائه سلم عليه ذات يوم فلم يرد عليه السلام !!
الابن في تعجب : ولماذا كل هذا ألم يقل كعب الصدق يا أبي؟
الأب : الله يختبره يا بني ليرى هل يثبت على صدقه رغم كل هذه الضغوط أم لا؟
الطفل : وهل ثبت كعب ابن مالك يا أبي ؟
الأب : نعم يا بني ثبت كعب ابن مالك على صدقه حتى تاب الله عليه وأنزل فيه قرآناً يتلى إلى يومنا هذا, أتدري ماذا أنزل الله فيه يا بني ؟
الطفل : ماذا يا أبى .
الأب : هات المصحف يا بني أقرأ عليك الآية ..ذهب الطفل وعاد بالمصحف وفتحه الأب على سوره التوبة وقرأ عليه الآيات : 'وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم '
الأب :أتدري يا بني ماذا قال الله بعد هذه الآية ؟
الطفل : ماذا قال الله ؟
الأب : قال يا بني : ' يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين '
الطفل : وهل كلم الناس كعبا يا والدي ؟
الأب : نعم يا بني كلمه الناس ورجع إلى الله أفضل مما كان وعاهد الله ألا يحدث إلا صدقا لأن الصدق هو الذي نجاه أما المنافقون فقد فضحهم الله في كتابه ولهم في الآخرة عذاب أليم .
الأب : الآن يا بني تعال نعاهد الله عهداً لا نخلفه أبدا وهو ألا نكذب أبدا.
الطفل : أعاهد الله ألا أكذب أبدا .
الأب : مهما كانت الظروف .
الطفل : مهما كانت الظروف .
احبتى فى الله .الرسول (ص) يناديك كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته . فهيا بنا ننقذ ابنائنا ونعلمهم كيفه حب رسول رسول الله واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقص عليهم قصص الرسول واصحاب الرسول بدلا من قصص الشاطر حسن .وست الحسن والجمال . وغيرها من القصص ومشاهد التلفزيون الهابطه . بل نزرع فى قلوبهم الصدق والحب فى الله والمعاهده على فعل الخير هيا بنا نربيهم ونعلمهم فى مدرسه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

18. غزوة بدر الكبرى

أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة سبب الغزوة: قد أسلفنا في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابها من مكة إلى الشام، ولما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد اللَّه وسعيد بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى الحوراء، ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير، فأسرعا إلى المدينة، وأخبرا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالخبر. كانت العير محمَّلة بثرواتٍ طائلة من أهل مكة، ألف بعير موقرة بالأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي، ولم يكن معها من الحرس إلا نحو أربعين رجلاً. إنها فرصة ذهبية لعسكر المدينة، وضربة عسكرية وسياسية واقتصادية قاصمة ضد المشركين لو أنهم فقدوا هذه الثروة الطائلة، لذلك أعلن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسلمين قائلاً هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجو إليها لعل اللَّه ينفلكموها.
بسرعة فائقة نحو الشمال في تجاه بدر، وسلكوا في طريقهم وادي عسفان، ثم قديد، ثم الجحفة، وهناك تلقوا رسالة جديدة من أبي سفيان يقول لهم فيها إنكم إنما خرجتم لتحرروا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها اللَّه فارجعوا. العير تفلت: وكان من قصة أبي سفيان أنه كان يسير على الطريق الرئيسي، ولكنه لم يزل حذراً متيقظاً، وضاعف حركاته الاستكشافية، ولما اقترب من بدر تقدم عيره حتى لقي مجدي بن عمرو وسأله عن جيش المدينة، فقال: ما رأيت أحداً أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا في شن لهما، ثم انطلقا، فبادر أبو سفيان إلى مناخهما، فأخذ من أبعار بعيرهما، ففته، فإذا فيه النوى، فقال: هذه واللَّه علائف يثرب، فرجع إلى عيره سريعاً، وضرب وجهها محولاً اتجاهها نحو الساحل غرباً، تاركاً الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار وبهذا نجا بالقافلة من الوقوع في قبضة جيش المدينة، وأرسل رسالته إلى جيش مكة التي تلقاها في الجحفة. هم الجيش المكي بالرجوع ووقوع الانشقاق فيه: ولما تلقى هذه الرسالة جيش مكة هم بالرجوع، ولكن قام طاغية قريش أبو جهل في كبرياء وغطرسة قائلاً واللَّه لا نرجع حتى نرد بدراً، فنقيم بها ثلاثاً فننحر الجزور، ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً. ولكن على رغم أبي جهل أشار الأخنس بن شريق بالرجوع فعصوه، فرجع هو وبنو زهرة - وكان حليفاً لهم ورئيساً عليهم في هذا النفير - فلم يشهد بدراً زهري واحد، وكانوا حوالي ثلاثمائة رجل، واغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس بن شريق، فلم يزل فيهم مطاعاً ومعظماً. وأرادت بنو هاشم الرجوع فاشتد عليهم أبو جهل، وقال: لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع. فسار جيش مكة وقوامه ألف مقاتل بعد رجوع بني زهرة - وهو يقصد بدراً - فواصل سيره حتى نزل قريباً من بدر، وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادي بدر. حراجة موقف الجيش الإسلامي: أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم - وهو لا يزال في الطريق بوادي ذقران - خبر العير والنفير، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال للاجتناب عن لقاء دام، وأنه لا بد من إقدام يبنى على الشجاعة والبسالة، والجراءة والجسارة، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيماً لمكانة قريش العسكرية، امتداداً لسلطانها السياسي، وإضعافاً لكلمة المسلمين وتوهيناً لها، بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسداً لا روح فيه، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في هذه المنطقة. وبعد هذا كله فهل يكون هناك أحد يضمن للمسلمين أن يمنع جيش مكة عن مواصلة سيره نحو المدينة، حتى ينقل المعركة إلى أسوراها، ويغزو المسلمين في عقر دارهم كلا فلو حدث من جيش المدينة نكول ما لكان له أسوأ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم. المجلس الاستشاري: ونظراً إلى هذا التطور الخطير المفاجىء عقد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجلساً عسكرياً استشارياً أعلى، أشار فيه إلى الوضع الراهن، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه، وقادته. وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس، وخافوا اللقاء الدامي، وهم الذين قال اللَّه فيهم {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال: 5-6> وأما قادة الجيش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول اللَّه امض لما أراك اللَّه فنحن معك، واللَّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ههنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له به. وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة الأنصار، لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار، وفطن ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ، فقال ... واللَّه لكأنك تريدنا يا رسول اللَّه؟ قال:

19. الخشبة العجيبة

كان فيمن كان قبلنا رجل, أراد أن يقترض من رجل آخر

ألف دينار, لمدة شهر ليتجر فيها . فقال الرجل : ائتني بكفيل.

قال : كفى بالله كفيلاً. فرضي وقال صدقت ... كفى بالله كفيلاً ... ودفع إليه الألف دينار .

خرج الرجل بتجارته، فركب في البحر، وباع فربح أصنافاً كثيرة. لما حل

الأجل صرًّ ألف دينار، و جاء ليركب في البحر ليوفي

القرض، فلم يجد سفينة .... انتظر أياماً فلم تأت سفينة .!

حزن لذلك كثيراً ... وجاء بخشبة فنقرها، وفرَّغ داخلها، ووضع فيه

الألف دينار ومعها ورقة كتب عليها:

( اللهم إنك تعلم أني اقترضت من فلان ألف دينار لشهر وقد حل الأجل, و لم أجد سفينة).

وأنه كان قد طلب مني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرضي بك

كفيلاً، فأوصلها إليه بلطفك يارب ) وسدَّ عليها بالزفت ثم رماها في البحر.

تقاذفتها الأمواج حتى أوصلتها إلى بلد المقرض, وكان قد خرج

إلى الساحل ينتظر مجيء الرجل لوفاء دينه، فرأى هذه الخشبة.

قال في نفسه: آخذها حطباً للبيت ننتفع به، فلما كسرها وجد فيها الألف دينار!

ثم إن الرجل المقترض وجد السفينة، فركبها و معه ألف دينار يظن

أن الخشبة قد ضاعت, فلما وصل قدَّم إلى صاحبه القرض، و اعتذر

عن تأخيره بعدم تيسر سفينة تحمله حتى هذا اليوم .

قال المقرض : قد قضى الله عنك. وقص عليه قصة الخشبة التي

أخذها حطباً لبيته ، فلما كسرها وجد الدنانير و معها البطاقة.

20. قصة الغلام المؤمن والساحر

عن صهيب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان لـه ساحر ، فلما كبر الساحر ، قال للملك ، إني قد كبرت فأبعث إلىّ غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه ، فكان في طريقه إذا سلك راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر) .

الغلام والأفعى :

(بينما الغلام سائر إذ رأى دابة عظيمة "أفعى" قد حبست الناس) .

الغلام (يخاطب نفسه) : اليوم أعلم ، الساحر أفضل أم الراهب ؟

الغلام (يأخذ حجراً) : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فأقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس . (يرمي الغلام الدابة فيقتلها ويمضي الناس) ، ( يأتي الغلام الراهب فيخبره) .

الراهب (متعجباً) : أي بني أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل عليّ .

الغلام يبرئ الأكمه ( الأعمى ) والأبرص) ويداوي الناس من سائر الأدواء ( الأمراض) .

الغلام والأعمى :

(يسمع جليس للملك كان قد عمي ، فيقدم للغلام هدايا كثيرة)

الأعمى (راجياً) : كل هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني .

الغلام (مرشداً) : إني لا أشفي أحد ، إنما يشفي الله تعالى ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك .

(يؤمن الأعمى فيشفيه الله تعالى) .

( يأتي الجليس الملك ، فيجلس إليه كما كان يجلس) .

الملك (متعجباً) : من ردَّ عليكم بصرك ؟

الجليس ( في فرح) : ربي .

الملك ( منكراً) : أو لك رب غيري .

الجليس ( في فرح) : ربي وربك الله .

(يأخذه الملك فلم يزل يعذبه حتى يدل على الغلام فيؤتي بالغلام) .

الملك ( مهدداً) : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل .

الغلام : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى .

تعذيب من آمن :

(يأخذ الملك الغلام ، فلا يزال يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيئ بالراهب فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيدعو الملك بالمنشار ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى يقع شقاه على الأرض) .

ثم يجيئ بجليس الملك ، فقيل له : إرجع عن دينك فيأبى ، فيضع المنشار في مفرق رأسه فيشقه به حتى وقع شقاه .

الغلام يعذب :

(يؤتى بالغلام ، فيقال له : إرجع عن دينك ، فيأبى ، فيدفعه الملك إلى نفر من أصحابه)

الملك (غاضباً) : إذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به إلى الجبل فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، والا فاطرحوه .

(يذهبون بالغلام ، ويصعدون به الجبل)

الغلام ( داعياً عليم : اللهم أكفينهم بما شئت .

( يرجف بهم الجبل فيسقطون ويجيئ الغلام يمشي إلى الملك ) .

الملك ( في حيرة ودهشة) : ما فعل أصحابك ؟

الغلام ( في شجاعة وإيمان) : كفانيهم الله تعالى ( يدفعه الملك إلى نفر من أصحابه)

الملك : أذهبوا به فأحملوه في قرقورة ( زورق) وتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فأقذفوه ( يذهبون بالغلام) .

الغلام (داعياً) : اللهم أكفينهم بما شئت .

( تنكفئ بهم السفينة فيغرقون . ويجيئ الغلام إلى الملك يمشي ) .

الملك ( في قهر وخذلان) : ما فعل أصحابك ؟

الغلام ( في طمأنينة وثبات) : كفانيهم الله تعالى .

الغلام يضحي بنفسه :

الغلام ( للملك) : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به .

الملك ( في عجز ويأس) : وما هو ؟

الغلام : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهماً من كنانتي ، ثم ضع السم في كبد القوس ، ثم قل : ( بسم الله رب الغلام) . ثم أرمني ، فإنك إذا فعلت ذلك تقتلني .

يجمع الناس في صعيد واحد ، ويصلب الغلام على جذع ، ثم يأخذ الملك سهماً من كنانة الغلام ، ثم يضع السهم في كبد القوس ثم يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم الله رب الغلام) ثم يرميه ، فيقع السهم في صدغه ، فيضع يده في صدغه في موضع السهم ويموت .

الناس ( يهتفون) : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام .

(يجيئ الجند إلى الملك) .

الجند (في أسف) : أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس .

الملك (في تحفظ) : إحفروا الأخدود (الخنادق) بأفواه السكك وأضرموا فيها النيران ، ومن لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها (أطرحوه).

(الجند على أطراف الأخدود ، يعرضون الشعب المؤمن على النار ، ويعرضون عليهم أن يرجعوا عن دينهم ، فمن لم يرجع أوقعوه في النار ) .

على حافة النار إمرأة معها رضيع تخشى علي فتتردد ، وتتقاعس أن تقع في النار .

الرضيع (يقول) : يا أمه إصبري فإنك على الحق .

احتراق الكفار :

قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) :

1- قال ابن جرير بعد ذكره قصة أصحاب الأخدود : وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع من العلة : وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم ، ولو لم يكونوا أحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله (ولهم عذاب الحريق) معنى مفهوم من إخباره أن لهم عذاب جهنم ، لأن عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابهما في الآخرة .

2- قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) : أي حرقوهم بالنار ، فلهم عذاب جهنم لكفرهم ، ولهم الحريق في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار .

وقيل (جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين .

3- ذكر المفسر الألوسي نقلاً عن ابن جرير وغيره : إن الله بعض على المؤمنين ريحاً تقبض أرواحهم قبل الوصول إلى النار ، وأن النار خرجت فأحرقت الكفار الذين كانوا على حافتي الأخدود . ويدل لهذا قوله تعالى : ( قتل أصحاب الأخدود) ، وقوله تعالى : ( ولهم عذاب الحريق) .

من فوائد القصة :

1- كل مولود يولد على الفطرة ، فاقتضت الفطرة السليمة أن تكون مع الحق والخير دائماً وترفض الشر ، فوجهت الغلام نحو الخير حين سمع الحق من الراهب ونبذت الشر المتمثل في الساحر الكافر .

2- لا بأس بالكذب للنجاة من كيد الكافرين عند الضرورة .

3- علم الغلام بفطرته أن الحق مع الراهب ولكن أراد أن يقيم الحجة (مثل إبراهيم عليه السلام) حيث أقام الحجة على قومه .

4-الدعاء إلى الله أن يظهر له الحق ويبين له وجه الصواب ويقطع الشك باليقين ، وهذا شأن المؤمن يلجأ إلى الله دائماً لحل مشاكله

5-إماطة الأذى عن الطريق وتخليص الناس من كرب وقعوا فيه ، مشروع ومطلوب يؤجر المسلم عليه ، كما صرحت بذلك الأحاديث .

6-المؤمن الصادق هو الذي ينسب فعل الكرامة إلى الله وليس إلى نفسه .

7- الاعتراف بالفضل ولو إلى غلام صغير ( أي بني أنت اليوم أفضل مني).

8- كل من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وصدع بالحق لا بد من أن يبتلى ، وعليه بالصبر ، وله الأجر الكبير عند الله ، قال تعالى على لسان لقمان يوصي ولده (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) .

9- كل من أخطأ في تعبيره لا يترك في خطئه ، بل يبين له وجه الصواب ، لا سيما في عقيدة التوحيد ، فالغلام يقول للوزير : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى ، وهذا مطابق لقول الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ).

10-إن لله رجالاً أقوياء بإيمانهم ، فمهما عذبوا لا يرجعون عن دينهم ، ولا يرضون الطغاة بكلمة فيها ضعف أو كفر ، ولو حرقوا ، أو نشروا أو أغرقوا وهو الأفضل وقد أشار إليهم الله سبحانه وتعالى بقوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) ، وقد سمح الله للمؤمن أن ينطق بالكفر إذا أكره عليه فقال سبحانه وتعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .

11- لا بد للمة الحق أن تنتصر ، فالملك يعجز عن قتل الغلام ، ولا يتم له ذلك إلا بطريقة يرسمها الغلام للملك ، يعقبها إيمان الشعب وانحدار الملك ، ويتحقق قول الله تعالى : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .

12- الغلام المؤمن يضحي بنفسه ليؤمن الناس ، وهذا شأن المؤمنين المخلصين يسعون لإنقاذ أمتهم ، ولو أدى ذلك إلى استشهادهم فهم إلى الجنة ذاهبون ، قال تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) .

13- يثبت الله المؤمنين بالحجج البينان ، ويؤيد دينهم بالكرامات ، فهذا هو الرضيع ينطق ( يا أمه اصبري فإنك على الحق ) . والأم تستجيب لهذا الأمر ، وتلقي بنفسها مع طفلها صابرة محتسبة .

14-مصير المؤمنين إلى الجنة بعد موتهم ، ومصير هؤلاء الكفار الحرق في الدنيا ، وعذاب جهنم في الآخرة .

من كتاب/ القصص النبوي : محمد جميل زينو .

21. أحرقوني بعد الموت

‏قال صلى الله عليه وسلم : "كان رجل لم يعمل حسنة قط .. قال لأهله :إذا مت فاحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروا نصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه (أي حكم والمراد حاسبني) ليعذبه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين ..
فلما مات الرجل فعلوا به ما أمرهم . فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر أن يجمع ما فيه ثم قال : لم فعلت هذا (ما حملك على ما صنعت) قال : من خشيتك يا رب وأنت أعلم !!
فغفر الله تعالى له" ..
رواه البخاري ومسلم .

22. توبة قاتل المائة

عنْ أبي سعِيدٍ سَعْد بْنِ مالك بْنِ سِنانٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَن نَبِيَّ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال : « كان فِيمنْ كَانَ قَبْلكُمْ رَجُلٌ قتل تِسْعةً وتِسْعين نفْساً ، فسأَل عن أَعلَم أَهْلِ الأَرْضِ فدُلَّ على راهِبٍ ، فَأَتَاهُ فقال : إِنَّهُ قَتَل تِسعةً وتسعِينَ نَفْساً ، فَهلْ لَهُ مِنْ توْبَةٍ ؟ فقال : لا فقتلَهُ فكمَّلَ بِهِ مِائةً ثمَّ سألَ عن أعلم أهلِ الأرضِ ، فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ فقال: إنهَ قَتل مائةَ نفسٍ فهلْ لَهُ مِنْ تَوْبةٍ ؟ فقالَ: نَعَمْ ومنْ يحُولُ بيْنَهُ وبيْنَ التوْبة ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كذا وكذا ، فإِنَّ بها أُنَاساً يعْبُدُونَ الله تعالى فاعْبُدِ الله مَعْهُمْ ، ولا تَرْجعْ إِلى أَرْضِكَ فإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ ، فانطَلَق حتَّى إِذا نَصَف الطَّريقُ أَتَاهُ الْموْتُ فاختَصمتْ فيهِ مَلائكَةُ الرَّحْمَةِ وملائكةُ الْعَذابِ . فقالتْ ملائكةُ الرَّحْمَةَ : جاءَ تائِباً مُقْبلا بِقلْبِهِ إِلى اللَّهِ تعالى ، وقالَتْ ملائكَةُ الْعذابِ : إِنَّهُ لمْ يَعْمَلْ خيْراً قطُّ ، فأَتَاهُمْ مَلكٌ في صُورَةِ آدمي فجعلوهُ بيْنهُمْ أَي حكماً فقال قيسوا ما بَيْن الأَرْضَين فإِلَى أَيَّتهما كَان أَدْنى فهْو لَهُ، فقاسُوا فوَجَدُوه أَدْنى إِلَى الأَرْضِ التي أَرَادَ فَقبَضْتهُ مَلائكَةُ الرَّحمةِ » متفقٌ عليه.

وفي روايةٍ في الصحيح : « فكَان إِلَى الْقرْيَةِ الصَّالحَةِ أَقْربَ بِشِبْرٍ ، فجُعِل مِنْ أَهْلِها » وفي رِواية في الصحيح : « فأَوْحَى اللَّهُ تعالَى إِلَى هَذِهِ أَن تَبَاعَدِى، وإِلى هَذِهِ أَن تَقرَّبِي وقَال : قِيسُوا مَا بيْنهمَا ، فَوَجدُوه إِلَى هَذِهِ أَقَرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفَرَ لَهُ » . وفي روايةٍ : « فنأَى بِصَدْرِهِ نَحْوهَا

... نعم و من يحول بينه و بين التوبه ! ! !

23. قال البخاري رحمه الله : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا *

24. قصة الأبرص والأقرع والأعمى

قال الإمام البخاري رحمه الله : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا فَقَالَ أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْإِبِلُ أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ إِنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ وَقَالَ الْآخَرُ الْبَقَرُ فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْبَقَرُ قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا وَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ قَالَ فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ الْغَنَمُ فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ فَقَالَ لَهُ كَأَنِّي أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي فَخُذْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ *

25. قال الإمام مسلم رحمه الله : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُويَةَ الْقُشَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ *

26. أصحاب الغار والصخرة

عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم ، حتى آواهم المبيت إلى غار ، فدخلوه ، فانحدرت صخرة من الجبل ، فسدت عليهم الغار ، فقالوا : إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم) قال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت لا أغبق (أقدم) قبلهما أهلاً ولا مالاً ، فنأى بي طلب الشجر يوماً (أبعدت) فلم أرح عليهما (فلم يرجع) حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما (حصتهما) فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو مالاً ، فلبثت – والقدح في يدي – أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر ، والصبية يتضاغون عند قدمي (يصيحون) فاستيقظا فشربا غبوقهما (شرب اللبن) (اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منها) .

وقال الآخر : اللهم إنه كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلىّ ، فأردتها على نفسها ، فامتنعت مني ، حتى ألمت بها سنة من السنين (أصابها جوع) فجاءتني ، فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخل بيني وبين نفسها ، ففعلت ، حتى إذا قدرت عليها ، قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، لا تقربني إلا بنكاح شرعي) فتحرجت من الوقوع عليها ، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ وتركب الذهب الذي أعطيتها (اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه) .
فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها .

وقال الثالث : اللهم استأجرت أجراء ، وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب ، فثمرت (كثرت) أجره حتى كثرت منه الأموال ، فجاءني بعد حين ، فقال : يا عبدالله أد الىّ أجري ، فقلت : كل ما ترى من أجرك ، من الإبل والبقر والغنم والرقيق ، فقال : يا عبدالله لا تستهزئ بي ، فقلت ، إني لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئاً .
(اللهم عن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه ) .
فانفرجت الصخرة ، فخرجوا يمشون .

من فوائد القصة :

1- الأعمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها الإنسان وقت الشدة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة) .

2- يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله وحده دائماً بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد ، ومن الشرك الأكبر دعاء الأموات الغائبين ، قال الله تعالى : (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) - الظالمين : المشركين .
3- مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ، وهي نافعة ومفيدة ، ولا سيما عند الشدة ، وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه.
4- حب الله مقدم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات .
5- من ترك الزنى والفجور خوفاً من المولى نجاه الله من البلوى .
6- من حفظ حقوق العمال حفظه الله وقت الشدة ، ونجاه من المحنة .

7- الدعاء إلى الله مع التوسل بالعمل الصالح يفتت الصخور .
8- بر الوالدين وإكرامهما على الزوجة والأولاد .
9- حق الأجير يحفظ له ، ولا يجوز تأخيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) .
10- استحباب تنمية مال الأجير الذي ترك حقه ، وهو عمل جليل ، وهو من حق الأجير .

11- شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا أخبر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم على طريق المدح ، ولم يثبت نسخه ، وهذه القصة قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدح هؤلاء النفر الثلاثة لنقتدي بهم في عملهم .
12- طلب الإخلاص في العمل حيث قال كل واحد ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه) .
13- إثبات الوجه لله سبحانه من غير تشبيه ، قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) .

27. قال الإمام مسلم رحمه الله : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ قَالَ فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا قَالَ أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ و حَدَّثَنَاه أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ فِي الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ *

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
كان رجلٌ يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا جئت مُعْسِراً، فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا،
قال: فلقى الله فتجاوز عنه.

وفي لفظ آخر:
عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة لتلقت رُوح رجل كان قبلكم، فقالوا له: هل عملت خيراً قط؟
قال لا: قالوا: تذكر، قال: لا، إلا أني كنت أداين الناس، فكنتُ آمر فتياني أن ينظروا الموسر، ويتجاوزوا عن المعسر.
قال الله سبحانه وتعالى: تجاوزوا عنه.

28. إبراهيم وإسماعيل وأمه

قال البخاري رحمه الله : و حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ ( إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) حَتَّى بَلَغَ ( يَشْكُرُونَ ) وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ قَالَ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) قَالَ فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) *
قصص التابعين

29. يقول محمد بن أعين وكان صاحب ابن المبارك في أسفاره: كنا ذات ليلة ونحن في غزو الروم، فذهب عبدالله بن المبارك ليضع رأسه ليريني أنه ينام، يقول فوضعت رأسي على الرمح لأريه أني أنام كذلك، قال: فظن أني قد نمت، فقام فأخذ في  صلاته، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمُقُه، فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم، وقال: يا محمد، فقلتُ: إني لم أنم، فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يُكلمني ولا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها، كأنه لم يعجبه ذلك مني لِمَا  فطنت له من العمل، فلم أزل أعرفها فيه حتى مات، ولم أر رجلاً أسرَّ بالخير منه.

قصص منوعة

30. يحكى أن إحدى القرى في الزمن الماضي تعرضت إلى خطر المجاعة واشتد عليها الأمر فطلب واليها من رعيته طلبا غريبا في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع وأخبرهم بأنه سيضع قدرا كبيرا في وسط القرية وأن على كل رجل وأمرة وضع كوب من اللبن في القدر بشرط ألا يشاهده أحد .
هرع الناس لتلبية طلب الوالي كل منهم تخفى بالليل وسكب ما في الكأس الذي يخصه في القدر وفي الصباح فتح الوالى القدر ..ماذا شاهد؟ القدر أمتلاء بالماء ! أين اللبن ؟ ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدل اللبن ؟
كل واحد من الرعية قال في نفسة (إوضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكثيرة التي سيضعها الناس في القدر ) وكل واحد اعتمد على غيره في رعاية مصالح البلد وكل واحد منهم فكر بنفس الطريقة التي يفكر بها أخوه وكل واحد منهم ظن أنه الوحيد الذي سكب ماء بدل اللبن والنتيجة التي حدثة أن عم الجوع هذه القرية ومات الكثير منهم ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات
هذه القصة الرمزه تنطبق على واقعنا المعاصر بثقافاته المختلفة في جميع مجالات الحياة اليومية بغض النظر عن المستوى الإجتماعي أو الفئة العمرية حيث أن الغالبية في وقت قريب كانوا يلوذون بالصمت ولا أحد منهم يفكر أن يسجل موقفا من الأحداث التي تجري من حولة ولا يبدي رأية ولا حتى مشاعرة حيال السلوكيات والأخطاء التي تبدوا صغيرة ثم تكبر وتستفحل أمام عينه يوما بعد يوم ويزداد خطرها بحيث يصعب تعديلها وتصحيحها أو احتوائها وكل واحد منهم يقول : (غيري سيقوم بالواجب) وإذا بالواجب لا يقوم به أحد...

31. جاء في حكم و قصص الصين القديمة أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له

امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا على قدميك ..

فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون ..
سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ..
ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد ..

سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه ..

لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد والمزيد ..

ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً ..

فقد ضل طريقه وضاع في الحياة ..
ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك الشديد ..
لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة

لأنه لم يعرف حد الكــفاية أو ( القناعة ).

.. النجاح الكافي ..
صيحة أطلقها لوراناش وهوارد ستيفنسون

يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان
فيظل متعطشا للمزيد دون أن يشعر بالارتواء ..

من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب ويقاوم الشهرة والأضواء والثروة والجاه والسلطان ؟

لا سقف للطموحات في هذه الدنيا .. فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر ..

32. ..الطموح مصيدة ..
تتصور إنك تصطاده .. فإذا بك أنت الصيد الثمين ..
ان كنت لا تصدق ؟! ..

إليك هذه القصة
ذكر الشيخ سليمان الجبيلان هذه القصة اللطيفة ... أنقلها بمعناها :

يروى أن رجلا كان يصيد السمك وقد وضع الشبكة ليصيد فيها صيد يوم واحد فقط ... ثم يأخذ بعضه إلى السوق ... فيبيعه ويأكل ثمنه ، والآخر يأخذه إلى منزله ليأكله .

زاره صاحبه ، وقد وضع الصياد إحدى رجليه على الأخرى ، وينتظر صيده .

فقال له صاحبه : هل أنت في راحة مع هذا العمل ؟!.

قال الصياد : نعم ، ماذا تقصد ؟!.

فقال الرجل : لماذا لاتتوسع في عملك ؟!.

فقال الصياد : ماذا تقصد ؟!.

فقال الرجل : لماذا لا تأخذ بدلا من الشبكة شبكتين ؟.

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... تحاول أن تشتري قاربا صغيرا ... تصيد به .

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... يكون لديك متجرا تبيع فيه فتربح .

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... يكون لديك عمالا يعملون عنك في البحر ... ويمدونك بالصيد في المتجر .

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... تستطيع أن تتوسع في المتجر ... فيكون لديك أكثر من متجر .

الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... تستطيع أن تتوسع في متاجرك ، فتسيطر على السوق .

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... تكون أنت تاجر السوق ... فتصدر الصيد إلى الخارج .

فقال الصياد : وبعدين ؟!.

فقال الرجل : وبعدين ... تضع رجلا على رجل ... وأنت مرتاح .

فقال الصيـاد : أنا الآن ... أضع رجلا على رجل ... وأنا مرتاح :) .

.. رجل عاقل .. أليس كذلك !!

33. يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم
سر السعادة
لدى أحكم رجل في العالم ..
مشي الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل علي قمة جبل .. وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه ..
وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعاً كبيرا من الناس ..
انتظر الشاب ساعتين لحين دوره ..

أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب
ثم قال له : الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين ..

وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى
ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت :

امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك

وحاذر أن ينسكب منها الزيت

أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة ..

ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله :

هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام ؟ .. الحديقة الجميلة ؟ ..

وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي ؟ ..

ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا ..

فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة ..

فقال الحكيم : ارجع وتعرف على معالم القصر ..

فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه ..
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة على الجدران ..
شاهد الحديقة والزهور الجميلة ..
وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى ..

فسأله الحكيم : ولكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك ؟ ..

نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا

فقال له الحكيم
تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك
سر السعادة
هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء
وقطرتا الزيت هما الستر والصحة ..
فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة.

34.
قصة الحصان و شروط السعادة الخمسة

وقع حصان أحد المزارعين في بئر مياه عميقة ولكنها جافة، وأجهش الحيوان بالبكاء
الشديد من الألم من أثر السقوط واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث
الموقف ويفكر كيف سيستعيد الحصان؟ ولم يستغرق الأمر طويلاً كي يُقنع نفسه بأن
الحصان قد أصبح عجوزًا وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا
إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بأي شكل. وهكذا، نادى
المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آن واحد؛
التخلص من البئر الجاف ودفن الحصان. وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع
الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر.

في بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجري حيث أخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه
الألم وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة،
وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر وقد صعق لما رآه، فقد
وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره على الأرض
ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى!

وهكذا استمر الحال، الكل يلقي الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز
ظهره فتسقط على الأرض حيث يرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء
البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض حيث قفز قفزة بسيطة وصل بها إلى سطح الأرض
بسلام .

وبالمثل، تلقي الحياة بأوجاعها وأثقالها عليك، فلكي تكون حصيفًا، عليك بمثل ما
فعل الحصان حتى تتغلب عليها، فكل مشكلة تقابلنا هي بمثابة عقبة وحجر عثرة في
طريق حياتنا، فلا تقلق، لقد تعلمت توًا كيف تنجو من أعمق آبار المشاكل بأن تنفض
هذه المشاكل عن ظهرك وترتفع بذلك خطوة واحدة لأعلى.

يلخص لنا الحصان القواعد الخمسة للسعادة بعبارات محددة كالآتي-:

1. اجعل قلبك خاليًا من الكراهية
2. اجعل عقلك خاليًا من القلق
3. عش حياتك ببساطة
4. أكثر من العطاء
5. توقع أن تأخذ القليل
وقبل هذا كله العمل بما يرضي الله

35. هل تحتاج إلى حجر ؟؟؟؟

بينما كان أحد رجال الأعمال، يقود سيارته الجاكوار الجديدة، في إحدى الشوارع،
ضُرِبت سيارته بحجر كبير من على الجانب الأيمن ....
نزل ذلك الرجل من السيارة بسرعة، ليرى الضرر الذي لحق بسيارته،
ومن هو الذي تجرء على فعل ذلك ....

وإذ به يرى ولدا يقف في زاوية الشارع،
وتبدو عليه علامات الخوف والقلق...
إقترب الرجل من ذلك الولد، وهو يشتعل غضبا ...
فقبض عليه دافعا إياه الى الحائط وهو يقول له...
يا لك من ولد غبي لماذا ضربت سيارتي الجديدة بالحجر ....
هل تستطيع انت وابوك دفع ثمن اصلاحها ؟؟؟
إبتدأت الدموع تنهمر من عيني ذلك الولد وهو يقول ' أنا متأسف جدا يا سيدي
لكنني لم أدري ما العمل !!!
فلي فترة طويلة وأنا أحاول لفت إنتباه أي شخص كان،
لكن لم يقف أحد لمساعدتي ....
ثم أشار بيده إلى الناحية الأخرى من الطريق،
وإذ بولد مرمى على الأرض ...

ثم تابع كلامه قائلا ....
إن الولد المرمي على  الأرض هو أخي،
فهو لا يستطيع المشي بتاتا،
فهو مشلولا بكامله،
فقد كنا نسير وهو جالسا في كرسي المقعدين،
أختل توازن الكرسي، وإذ به يهوي في هذه الحفرة ....

وأنا صغير، ليس بمقدوري أن أرفعه، مع إنني حاولت كثيرا ...

أتوسل الك يا سيدي، هل لك أن تساعدني عل رفعه،
فانه بالحفرة من مدة على تلك الحال !!! وهو خائف جدا ...

ثم بعد ذلك افعل ما تريده بي ...؟

لم يستطع ذلك الرجل أن يمتلك عواطفه، وغص حلقه.
فقام برفع ذلك الولد المشلول من الحفرة وأجلسه في الكرسي،
ثم أخذ منديل من جيبه، وابتدأ بتضميد جروح الولد المشلول، من جراء سقطته في الحفرة ...

بعد إنتهاءه ...
قال له الولد، والآن، افعل بي ما تريده من أجل السيارة ....؟
أجابه الرجل ...
لا شيء يا بني ...
لا تأسف على السيارة ...

فلن أصلح سيارتي الجديدة، وسابقي تلك الضربة تذكارا
عسى أن تكون تذكرة لي ولا يضطر احد غيرك بأن يرميني بحجر للفت إنتباهي :)
فتبسم الولد فرحاً

إننا نعيش في أيام، كثرت فيها الإنشغالات والهموم،
فالجميع يسعى لجمع المقتنيات،
ظنا منهم، بإنه كلما ازدادت مقتناياتهم، ازدادت سعادتهم أيضا
بينما هم ينسون الله كليا
إن الله يمهلنا بالرغم من غفلتنا لعلنا ننتبه
فينعم علينا بالمال والصحة والعلم و و و
ولا نلتفت لنشكره
يبعث لما باشارات... لكن ليس من مجيب

.فينبهنا الله  بالمرض احيانا، وبالأمور القاسية لعلنا ننتبه ونعود لجادة الصواب
ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر رحمة الله

إن الإنسان يسعى لإمور كثيرة
فسياراتنا مؤمن عليها
وبيوتنا مؤمنة
وممتلكاتنا الثمينة لها تأمين

لكن هل حياتنا مؤمنة ؟
فهل أنت منتبه ؟ هل تعي ما هو الهدف من الحياة الدنيا!!! انشاء الله تكون واعي وان لم تعي

فلربما تحتاج الى حجر ؟؟؟

36. يحكي أن رجلا من سكان الغابات كان في زيارة لصديق له بإحدى المدن المزدحمة،

وبينما كان سائرا معه في إحدى الشوارع التفت إليه وقال له

إنني أسمع صوت إحدى الحشرات ;

أجابه صديقه كيف ؟ماذا تقول ؟ كيف تسمع صوت الحشرات وسط هذا الجو الصاخب ؟

قال له رجل الغابات إنني أسمع صوتها .. وسأريك شيئا

أخرج الرجل من جيبه قطع نقود معدنية ثم ألقاها على الأرض..
في الحال التفتت مجموعة كبيرة من الزائرين ليروا النقود الساقطة على الأرض
واصل رجل الغابات حديثه فقال
وسط الضجيج، لا ينتبه الناس إلا للصوت الذي ينسجم مع اهتماماتهم..

هؤلاء يهتمون بالمال لذا ينتبهون لصوت العملة، أما أنا فأهتم بالأشجار والحشرات التي تضرها
لذا يثير انتباهي صوتها

37. فلسفة نملة

سأل سليمان الحكيم نملة : كم تأكلين في السنة؟؟؟؟
فأجابت النملة : ثلاث حبات
فأخذها ووضعها في علبة .. ووضع معها ثلاث حبات
ومرت السنة ..... ونظر سيدنا سليمان فوجدها قد أكلت حبة ونصف

فقال لها : كيف ذلك

قالت : عندما كنت حرّة طليقة كنت أعلم أن الله تعالى لن ينساني يوماً .. لكن بعد أن وضعتني في العلبة خشيت أن تنساني

فوفرت من أكلي للعام القادم

38. ما أجمل القناعة

في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل , عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة . . ...

إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا و تملك القناعة التي هي كنز لا يفنى .

ولكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء

فالغرفة عبارة عن أربعة جدران , و بها باب خشبي , غير أنه ليس لها سقف

و كان قد مر على الطفل أربعة سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة و ضعيفة ,

إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم وامتلأت سماء المدينة بالسحب الداكنة . . . . .

و مع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها , فاحتمى الجميع في منازلهم ,

أما الأرملة و الطفل فكان عليهم مواجهة موقف عصيب

نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة و اندسّ في أحضانها , لكن جسد الأم مع ثيابها كان غارقًا في البلل . . .

أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته و وضعته مائلاً على أحد الجدران , و خبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر

فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة و قد علت على وجهه ابتسامة الرضا

و قال لأمه : ماذا يا ترى يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر ؟

لقد أحس الصغير في هذه اللحظة أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء

ففي بيتهم باب

ما أجمل الرضا . . . إنه مصدر السعادة و هدوء البال , و وقاية من المرارة و التمرد و الحق

39. كان هناك صياد سمك .. جاد في عمله
يصيد في اليوم سمكة .. فتبقى في بيته ما شاء الله أن تبقى
حتى إذا انتهت .. ذهب إلى الشاطيء ليصطاد سمكة أخرى
في ذات يوم
وبينما كانت زوجة الصياد تقطع ما اصطاده زوجها
إذا بها ترى أمراً عجباً
رأت في بطن تلك السمكة لؤلؤة
تعجبت
لؤلؤة .. في بطن سمكة ..؟؟
سبحان الله
زوجي .. زوجي .. أنظر ماذا وجدت
ماذا
إنها لؤلؤة
لؤلؤة !! لؤلؤة في بطن سمكة
يا لك من زوجة رائعة .. أحضريها .. لعلنا نقتات بها يومنا هذا .. ونأكل شيئا غير السمك

أخذ الصياد اللؤلؤة
وذهب بها إلى بائع اللؤلؤ الذي يسكن في المنزل المجاور
نظر إليها جاره التاجر
لكنني لا أستطيع شراءها   ي! ااااااااه .. إنها لا تقدر بثمن ..
لو بعت دكاني وبيتي ما أحضرت لك ثمنها
لكن اذهب إلى شيخ الباعة في المدينة المجاورة
لعله يستطيع أن يشتريها منك
أخذ صاحبنا لؤلؤته .. وذهب بها إلى البائع الكبير .. في المدينة المجاورة
وعرض عليه القصة
الله .. والله يا أخي .. إن ما تملكه لا يقدر بثمن
لكني وجدت لك حلا .. اذهب إلى والي المدينة
فهو القادر على شراء مثل هذه اللؤلؤة
وعند باب قصر الوالي
وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين .. ينتظر الإذن له بالدخول
الله .. إن مثل هذه اللآليء هو ما أبحث عنه .. لا أعرف كيف أقدر لك ثمنها
لكني  سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصة
ستبقى فيها ست ساعات .. خذ منها ما تشاء .. وهذا هو ثمن اللؤلؤة
سيدي .. لعلك تجعلها ساعتين.. فست ساعات كثيرة على صياد مثلي
لا .. بل ست ساعات كاملة لتأخذ من الخزنة ما تشاء
دخل صاحبنا خزنة الوالي .. وإذا به يرى منظراً مهولاً
غرفة كبيرة جداً .. مقسمة إلى ثلاثة أقسام
قسم مليء بالجواهر والذهب واللآليء
وقسم به فراش وثير .. لو نظر إليه نظرة نام من الراحة
وقسم به جميع ما يشتهي من الأكل والشرب
الصياد محدثاً نفسه
ست ساعات ؟؟
إنها كثيرة جداً على صياد بسيط الحال مثلي ؟؟
ماذا سأفعل في ست ساعات
حسناً .. سأبدأ بالطعام الموجود في القسم الثالث
سآكل حتى أملأ بطني
لأتزود بالطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر من الذهب
ذهب صاحبنا إلى القسم الثالث
وقضى ساعتين من الوقت .. يأكل ويأكل .. حتى إذا انتهى .. ذهب إلى القسم الأول
وفي طريقه رأى ذلك الفراش الوثير .. فحدث نفسه
الآن أكلت حتى شبعت
فمالي لا أتزود بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تمكنني من جمع أكبر قدر ممكن
هي فرصة لن تتكرر .. فأي غباء يجعلني أضيعها
ذهب الصياد إلى الفراش .. استلقى .. وغط في نوم عميق
وبعد برهة من الزمن
قم .. قم أيها الصياد الأحمق .. لقد انتهت المهلة
هاه .. ماذا ؟؟
نعم .. هيا إلى الخارج
أرجوكم .. ما أخذت الفرصة الكافية
هاه .. هاه .. ست ساعات وأنت في هذه الخزنة .. والآن أفقت من غفلتك
تريد الإستزادة من الجواهر .. ؟؟
أما كان لك أن تشتغل بجمع كل هذه الجواهر
حتى تخرج إلى الخارج .. فتشتري لك أفضل الطعام وأجوده
وتصنع لك أروع الفرش وأنعمها
لكنك أحمق غافل
لا تفكر إلا في المحيط الذي أنت فيه .. خذوه إلى الخارج
لا .. لا .. أرجوكم .. أرجوكم ... لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
)) انتهت قصتنا((
لكن العبرة لم تنته
أرأيت تلك الجوهرة:
هي روحك
إنها كنز لا يقدر بثمن .. لكنك لا تعرف قدر ذلك الكنز
أرأيت تلك الخزنة: ..؟؟
إنها الدنيا
أنظر إلى عظمتها
وانظر إلى استغلالنا لها
أما عن الجواهر:
فهي الأعمال الصالحة
وأما عن الفراش الوثير:
فهو الغفلة
وأما عن الطعام والشراب:
فهي الشهوات
والآن .. أخي صياد السمك
أما آن لك أن تستيقظ من نومك .. وتترك الفراش الوثير
وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك
قبل أن تنتهي تلك المدة الممنوحة لك ... وهي عمرك
فتتحسر وأنت تخرج من الدنيا

40. منذ زمن طويل كانت هناك مدينة يحكمها ملك وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط, وبعد ذلك يرسل الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس ملك آخر غيره وهكذا.

أنهى أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية وأركبوه فيلا كبيراً وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعاً.... وكانت هذه اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم على الملك وجميع من كان قبله. ثم بعد ذلك وضعوه في السفينة التي قامت بنقله إلى الجزيرة البعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره.

ورجعت السفينة إلى المدينة... وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شاباً متعلق بقطعة من الخشب عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم وطلبوا منه أن يكون ملكاً عليهم لمدة سنة واحدة ولكنه رفض في البداية ثم وافق بعد ذلك.

وأخبره الناس على التعليمات التي تسود هذه المدينة وأنه بعد

مرور 12 شهراً سوف يحمل إلى تلك الجزيرة التي تركوا فيها

ذاك الملك الأخير. بعد ثلاث أيام من تولي الشاب للعرش في هذه

المدينة سأل الوزراء هل يمكن أن يرى هذه الجزيرة حيث أرسل

إليها جميع الملوك السابقين ووافق الوزراء وأخذوه إلى الجزيرة

ورآها وقد غطت بالغابات الكثيفة وسمع صوت الحيوانات الشريرة

وهي تنطلق في أنحاء الجزيرة.
نزل الملك إلى الجزيرة وهناك

وجد جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض وفهم الملك القصة

بأنه مالبث أن ترك الملوك السابقون في الجزيرة أتت إليهم

الحيوانات المتوحشة وسارعت بقتلهم والتهامهم... عندئذ عاد الملك

إلى مدينته وجمع 100 عامل أقوياء وأخذهم إلى الجزيرة وأمرهم

بتنظيف الغابة وإزالة جثث الحيوانات والملوك السابقين وإزالة

قطع الأشجار الصغيرة وكان يزور الجزيرة مرة في الشهرليطلع

على سير العمل وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرورشهر

واحد أزيلت الحيوانات والعديد من الأشجار الكثيفة. وعند مرور

الشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماماً. ثم أمرالملك

العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة وقام بتربية بعض

الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر ... الخ.

ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن.

وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل وقد كان الملك ذكياً

فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل على حياته في المدينة

في مقابل أنه كان يكرس أمواله التي وهبت له في إعمار هذه الجزيرة.

وبعد مرور 9 أشهر جمع الملك الوزراء قائلاً أنه يعلم أن الذهاب للجزيرة

يتم بعد مرور 12 شهر من بداية حكمه. ولكنه يود الذهاب إلى

الجزيرة الآن.... ولكن الوزراء رفضوا قائلين حسب التعليمات لابد أن

تنتظر 3 شهور أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة. مرت الثلاثة شهور

واكتملت السنة وجاء دور الملك لينتقل إلى الجزيرة ألبسه الناس الثياب

الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له وداعاً أيها الملك. ولكن

الملك على غير عادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم وسأله الناس عن ذلك

فأجاب بأن الحكماء يقولون " عندما تولد طفلاً في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه مناسباً حتى يأتيك الموت وعندئذ تضحك بينما جميع من حولك يبكون "

فبينما الملوك السابقين كانوامنشغلين بمتعة أنفسهم

أثناء فترة الملك والحكم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل وخططت

لذلك وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن أن

أعيش فيها بقية حياتي بسلام. والدرس المأخوذ من هذه القصة الرمزية

أن هذه الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة ويجب علينا ألا نغمس أنفسنا في

شهوات الدنيا عازفين عن الآخرة حتى ولو كنا ملوك

41. قررت مدرسة روضة أطفال أن تجعل الأطفال يلعبون لعبة لمدة أسبوع واحد. فطلبت من كل طفل أن يجلب كيساً فيه عدد من البطاطا. وعليه إن يطلق على كل قطعة بطاطا اسماً للشخص الذي يكرهه. إذن كل طفل سيحمل معه كيس به بطاطا بعدد الأشخاص الذين يكرههم.

في اليوم الموعود أحضر كل طفل كيس وبطاطا مع اسم الشخص الذي يكرهه , فبعضهم حصل على 2 بطاطا و 3 بطاطا وآخر على 5 بطاطا وهكذا......

عندئذ أخبرتهم المدرسة بشروط اللعبة وهي أن يحمل كل طفل كيس البطاطا معه أينما يذهب لمدة أسبوع واحد فقط. بمرور الأيام أحس الأطفال برائحة كريهة نتنة تخرج من كيس البطاطا , وبذلك عليهم تحمل الرائحة و ثقل الكيس أيضا. وطبعا كلما كان عدد البطاطا أكثر فالرائحة تكون أكثر والكيس يكون أثقل.

بعد مرور أسبوع فرح الأطفال لأن اللعبة انتهت.

سألتهم المدرسة عن شعورهم وإحساسهم أثناء حمل كيس البطاطا لمدة أسبوع , فبدأ الأطفال يشكون الإحباط والمصاعب التي واجهتهم أثناء حمل الكيس الثقيل ذو الرائحة النتنة أينما يذهبون.

بعد ذلك بدأت المدرسة بدأت المدرسة تشرح لهم المغزى من هذه اللعبة.

قالت المدرسة: هذا الوضع هو بالضبط ما تحمله من كراهية لشخص ما في قلبك. فالكراهية ستلوث قلبك وتجعلك تحمل الكراهية معك أينما ذهبت. فإذا لم تستطيعوا تحمل رائحة البطاطا لمدة أسبوع فهل تتخيلون ما تحملونه في قلوبكم من كراهية طول عمركم.
42. يحكى أن رجلاً كان متضايقا

من زوجته لأنها لا تسمع جيداً

وقد تفقد سمعها
يوماً ما,

فقرر أن يعرضها على طبيب أخصائي

أذن وحنجرة لما يعانيه من صعوبة
القدرة

على الاتصال معها. وقبل ذلك فكر بأن

يستشير ويأخذ رأي طبيب زميل له
قبل عرضها على الأخصائي

. قابل الدكتور زميله وشرح له المشكلة،

فأخبره
الدكتور بأن هناك طريقة تقليدية لفحص درجة ال...سمع

وهي بأن يقف الزوج على
بعد 40 قدماً من الزوجة

ويتحدث معها بنبرة صوت طبيعية..

اذا استجابت لك
والا أقترب 30 قدماً،

اذا استجابت لك والا أقترب 20 قدماً،

اذا استجابت لك
والا أقترب 10 أقدام وهكذا حتى تسمعك.

وفي المساء دخل البيت ووجد الزوجة
منهمكة في اعداد طعام العشاء في المطبخ،

فقال الآن فرصة سأعمل على تطبيق
وصية الدكتور.

فذهب الى صالة الطعام وهي تبتعد تقريباً 40 قدماً،

ثم أخذ
يتحدث بنبرة عادية وسألها :"ياحبيبتي..ماذا أعددت لنا من الطعام".. ولم
تجبه..!!

ثم أقترب 30 قدماً من المطبخ وكرر نفس السؤال:"ياحبيبتي..ماذا
أعددت لنا من الطعام"..

ولم تجبه..!! ثم أقترب 20 قدماً من المطبخ وكرر
نفس السؤال:"ياحبيبتي..ماذا أعددت لنا من الطعام".. ولم تجبه..!!

ثم أقترب
10 اقدام من المطبخ وكرر نفس السؤال:"ياحبيبتي..ماذا أعددت لنا من
الطعام".. ولم تجبه..!! ثم دخل المطبخ ووقف خلفها وكرر نفس
السؤال:"ياحبيبتي..ماذا أعددت لنا من الطعام". قالت له ......."ياحبيبي
للمرة الخامسة أُجيبك... دجاج بالفرن".. ا

إن المشكلة قد لا تكون في الآخرين كما نظن أحيانا.. ولكن قد تكون المشكلة فينا نحن, و نحن لا ندري أو لا نريد أن ندري

43. تروي قصّة صينيّة حكاية شاب كان يقف فوقالهضبة العالية المشرفة على شاطئ المحيط، يستنشق الهواء النقي، ويتأمل حقول الأرزالممتدّة تحت قدميه، وقد قارب وقت الحصاد، بعد أن جفّت العيدان وانحنت تحت حملها الوفير.

امتلأ قلب الشّابّ بالرضا، فها هو الآن يمسح تعب الشهور الطويلة التي قضاها في رعاية الحقل، وها هو يقترب من تحقيق حلمه الكبير بالزواج من خطيبته المحبوبة بعد أن يبيع محصوله الوفير.
غير أن شيئاً مباغتاً أفزع الشّاب ، وأخرجه من أحلامه. فقد أحس ببوادر هزة أرضية ضعيفة، ونظر إلى شاطئ المحيط البعيد، فرأىالماء يتراجع إلى الوراء، فعرف من خبراته البيئية أن الكارثة على الأبواب! فالماء حين يتراجع إلى الوراء، إلى قلب المحيط ، يشبه الوحش الذي يتراجع إلى الخلف، ليستجمع كلّ قواه كي ينقضّ على ضحيّته بضراوة وعنف

ولكن لماذا يخاف وهو فوق الهضبة؟ربما يتبادر لنا هذا السؤال .لكن خوف الشّاب كان يكمن في إدراكه لحجم الكارثة التي ستتعرض لها القرية الصغيرة الراقدة فيسفح الجبل، والتي يسكنها فلاحون فقراء لا يملكون من الحياة سوى أكواخهم المتواضعة.

لم يكن الوقت كافياً للنـزول إلى السفح لتحذير الناس. فصاح من فوق الهضبة حتى كادت جنجرته تنفجر، فلم يسمعه أحد. وبعد لحظات من الحيرة والقلق، اتخذ شانج قرارًا حاسمًا، فأشعل النار في حقله الصغير،ليثير انتباه الفلاحين في الوادي الآمن عند السفح.

ونجحت حيلة الشاب الصيني، فقد تدافع الجميع صاعدين إلى أعلى الهضبة لإنقاذ الحقول، بينما هبط هو ليلاقيهم في منتصف الطريق، ليعيدهم لالتقاط أطفالهم ونسائهم وحاجاتهم القليلة.

لكنه أنقذ حياة قرية كاملة، وأصبح عمدة القرية ونائبها، لأنّه أثبت أنه قادر على حملالمسؤولية.
وفي العام التّالي حقّق الشّابّ أحلامه الّتي أجّلها لكي لا يخسر الآخرون أحلامهم وحياتهم

44. كان هناك شاب ذكى اسمه مهران وكان يعيش فى قريه جميله مليئه بالأشجار والبساتين والبحيرات الصافيه

وكان مهران يهوى الطب والكيمياء وصناعة الدواء
فكان يسافر كثيرا" ليلتقى بأهل الطب والكيمياء , ليتعلم منهم فنون الطب والكيمياء وصناعة الدواء وبعد سنوات أصبح مهران معالجا" ماهرا
فكان يجمع النباتات الموجودة فى القريه بل ويذهب إلى الصحراء ,ليجمع منها بعض النباتات النادره ,ثم يقوم بعمل خلطات من هذه النباتات ,ليصنع منها انواعا" كثيره من الأدويه التى تتناسب مع أكثر الأمراض

اشتهر مهران وذاع صيته وأصبح الناس يأتون إليه من القرى والبلاد المجاوره من أجل العلاج...وقد وفقه الله (جل وعلا)لعلاج الكثير من الأمراض
وفى يوم من الأيام جاءه صديق عزيز اسمه ناصح
فقال له ؟ يامهران ! لماذا لا تقوم بتعليم بعض أبناء القرية فنون الطب والكيمياء التى تعلمتها من أجل وكذلك من أجل أن يعيش هذا العلم من بعدك ؟
مهران : أنا لا أريد أن أعلم أحدا" حتى لا يحظى بنفس المكانة التى بها الآن ... فأنا أريد الشهره لنفسي فقط

ناصح: ولكنك بذلك سترهق نفسك كثيرا" فى علاج الناس وكذلك إذا أصابك أنت أى مرض فمن يعالجك ؟

مهران : مهما حدث لن أعلم أحدا" هذا العلم
ناصح :صدقنى يامهران سوف تندم فى وقت لا ينفع فيه الندم

أخذ مهران يستمر فى علاج الناس بأجر بسيط وذاع صيته اكثر وأكثر ... وكثر المرضى الذين يأتون إليه من البلاد المجاوره ,فارسل رئيس القريه لمهران وقال له : يامهران ! لقد كثر المرضى ,فلماذا لا تستعين ببعض الشباب ليساعدوك بعد أن يتعلموا على يديك ؟
مهران : لا أريد مساعده من أحد
رئيس القريه:لكنك ستتعب كثيرا
مهران : هذا لا يهمنى
ولكى يظل مهران هو الوحيد الذى يعرف هذا العلاج ظل يواصل العمل ليلا" ونهارا",حتى سقط مريضا" ولم يستطع أن يقوم ليعالج المرضى ولا يعالج نفسه فقد نفذت كل النباتات التى عنده وليس هناك أحد يعلم سر التركيبه التى يصنعها مهران

وهنا جاء صديقه ناصح ليزوره فقال له : ألم أقل لك يامهران ستندم فى وقت لا ينفع فيه الندم
مهران : صدقت ياناصح ولكن لم يعد عندى القدره الآن على تعليم أحد

واشتد المرض على مهران , فكان يصرخ ليلا" ونهارا" إلى أن جاءت اللحظه الحاسمه ومات مهران حزن أهل القريه على موته وخرجوا جميعا"ليدفنوه
فقال رئيس القريه لناصح :لقد قتله المرض الشديد
فقال ناصح : بل قتلته الأنانيه وحبه لنفسه... فلقد مات مهران ودفن معه العلم الذى تعلمه ولم يعلمه لأحد حتى ينتفع به الناس من بعده ... وهذا جزاء الأنانيه

45. ذات يوم قال لي أبني كيف تصنع المستحيل فقلت

وماذا تعني بذلك فقال لي إذا كان عندك صحن مكسور كيف تعييده كما كان دون أن تستخدم أي مواد لاصقه فقلت له لا يمكن أن يعود الصحن المكسور كما كان حتى ولو استخدمت مواد اللصق هذا مستحيل. فقال وكيف نصنع هذا المستحيل فقلت له قل أنت إذاً فقال نأخذ هذا الصحن المكسور ونكسر قطعه إلى قطع أصغر ثم نكسر هذه القطع إلى قطع أصغر أيضاً ثم نطحنها إلى أن تصبح مسحوقاً ثم نضعها في وعاء ونصب فوقها الماء ونخلطها كالأسمنت ثم نشكلها على شكل صحن ونضعه بالشمس حتى يجف ثم نلونه فيصبح الصحن كما كان. ما شاء الله تبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله بارك الله فيك يا ولدي.

هذه الفكرة التي استوحاها الولد من برنامج تلفزيوني يعرض عمليات إعادة التدوير وكيفية الاستفادة من النفايات وبالطبع عملية إعادة تصنيع الصحن تحتاج إلى العديد من المراحل كي تصل إلى النتيجة النهائية.
ولكن العبرة في هذه القصة أنه لا تهمل أي فكرة يخبرك بها عقلك الباطن أثناء شرودك الذهني لعلك كنت تتذكر مشهداً معيناً أو حديثاً سمعته من شخص أو من الاذاعة توحي لك بفكرة تتطور شيء فشيء حتى تخرج بحل رائع تواجه به أحدى تحدياتك في حياتك الناجحه.

46. مجموعة من الضفادع الصغيرة.... كانوا يشاركون في منافسة الوصول إلى قمة برج عال. فتجمع الكثير في مكان السباق. وانطلقت الضفادع....... ولم يكن أحد من الجمهور يعتقد أن الضفادع الصغيرة تستطيع أن تحقق إنجازا وتصل إلى قمة البرج. وكانت تنطلق من الجماهير عبارات مثل:
(مستحيل... لن يستطيعوا أبداً.. ليس لديهم فرصة... البرج عال جدّاً). بدأ الواحد منهم يسقط تلو الآخر، بعض الضفادع الصغيرة بدأت بالسقوط ما عدا هؤلاء الذين كانوا يتسلقون بسرعة إلى أعلى فأعلى ولكن الجماهير زاد صراخ الجمهور ( صعبة جداً!!... لا أحد سيفعلها ويصل إلى أعلى البرج) عدد أكبر من الضفادع الصغيرة بدأت تتعب وتستسلم ثم تسقط... ولكن أحدهم استمر في الصعود أعلى فأعلى... لم يكن الاستسلام واردا في قاموسه، في النهاية جميع الضفادع استسلمت ماعدا ضفدع واحد هو الذي وصل إلى القمة بطبيعة الحال جميع المشاركين أرادوا أن يعرفوا كيف استطاع أن يحقق ما عجز عنه الآخرون!!!ا أحد المتسابقين سأل الفائز: ما السر الذي جعله يفوز؟
الحقيقة هي: الفائز كان أصم لا يسمع.
الدرس المستفاد:
لا تستمع أبدا للأشخاص السلبيين واليائسين وتأكد أنهم سوف يبعدونك عن أحلامك المحببة والأمنيات التي تحملها في قلبك، كن حذرا من قوة الكلمات؛ فكل ما تسمعه وتقرأه سيتدخل في أفعالك.
لذلك: كن دائما إيجابيا. وضع اصبعك في أذنيك.. وضع في اعتقادك أنك تستطيع النجاح دائما.
47. يُحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال

ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار

وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات

ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض

فسقطت بيضة من عش النسر

وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج

وظنت الدجاجات بأن عليها

أن تحمي وتعتني ببيضةالنسر هذه

وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس

وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل

ولكن هذا النسر

بدأ يتربى على أنه دجاجة وأصبح يعرف

أنه ليس إلا دجاجة

وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج

شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء

تمنى هذا النسر

لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور

لكنه قوبل بالضحكات والاستهزاء

من الدجاج قائلين له:

ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور

وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي

وآلمه اليأس ولم يلبث

أن مات بعدأن عاش حياة طويلة مثل الدجاج .

هل عرفت الهدف من القصة ؟

إنك إن ركنت إلى واقعك السلبي

تصبح أسيراً وفقاً لما تؤمن به

فإذا كنت نسرا

وتحلم لكي تحلق عالياً في سماء النجاح

فتابع أحلامك ولا تستمع لكلمات الدجاج

( الخاذلين لطموحك ممن حولك !)

حيث أن القدرة والطاقة

على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى

واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك

هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك !

لذا فاسع أن تصقل نفسك

وأن ترفع من احترامك ونظرتك

لذاتك فهي السبيل لنجاحك

بعد مشيئة الله تعالى

ورافق من يقوي عزيمتك .

48. هبت عاصفة شديدة على سفينة في عرض البحر فأغرقتها
ونجا بعض الركاب

منهم رجل أخذت الأمواج تتلاعب به
حتى ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة و مهجورة
ما كاد الرجل يفيق من إغمائه و يلتقط أنفاسه
حتى سقط على ركبتيه و طلب من الله المعونة والمساعدة
و سأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم

مرت عدة أيام كان الرجل يقتات خلالها من ثمار الشجر
و ما يصطاده من أرانب،و يشرب من جدول مياه قريب و ينام في كوخ صغير
بناه من أعواد الشجر ليحتمي فيه من برد الليل و حر النهار
و ذات يوم، أخذ الرجل يتجول حول كوخه قليلا ريثما ينضج طعامه
الموضوع على بعض أعواد الخشب المتقدة
و لكنه عندما عاد فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها

فأخذ يصرخ :

لماذا يا رب ؟!! ، حتى الكوخ احترق
لم يعد يتبقى لي شيء في هذه الدنيا و أنا غريب في هذا المكان
والآن أيضاً يحترق الكوخ الذي أنام فيه

لماذا يا رب كل هذه المصائب تأتى عليَّ ؟!!

و نام الرجل من الحزن و هو جائع
و في الصباح كانت هناك مفاجأة في انتظاره
إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة و تنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه

أما الرجل فعندما صعد على سطح السفينة أخذ يسألهم كيف وجدوا مكانه ؟!!

فأجابوه :

" لقد رأينا دخاناً ، فعرفنا أن شخصاً ما يطلب الإنقاذ "

فسبحان من علِم بحاله ورآى مكانه
سبحانه مدبر الأمور كلها من حيث لا ندري ولا نعلم

*إذا ساءت ظروفك فلا تخف ~..

فقط ثِق بأنَّ الله له حكمة في كل شيء يحدث لك وأحسن الظن به

وعندما يحترق كوخك ، اعلم أن الله
يسعى لإنقاذك ، بالوسلية التي يختارها لك

ولكن اصبر اصبر اصبر
49. يُحكى أن أحد الأطفال كان لديه سلحفاة يطعمها ويلعب معها

.. وفي إحدى ليالي

الشتاء الباردة جاء الطفل

لسلحفاته العزيزة فوجدها قد دخلت في غلافها الصلب طلبا للدفء .

فحاول أن يخرجها فأبت.. ضربها بالعصا فلم تأبه به .. صرخ فيها فزادت تمنعا

فدخل عليه أبوه وهو غاضب حانق وقال له: ماذا بك يا بني ؟

فحكى له مشكلته مع السلحفاة، فابتسم الأب وقال له دعها وتعال معي

ثم أشعل الأب المدفأة وجلس بجوارها هو والابن يتحدثان

ورويدا رويدا وإذ بالسلحفاة تقترب منهم طالبة الدفء

فابتسم الأب لطفله وقال: يا بني الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلوا عند رأيك

فأدفئهم بعطفك،

ولا تكرههم على فعل ما تريد بعصاك .

وهذه إحدى أسرار الشخصيات الساحرة المؤثرة في الحياة

فهم يدفعون الناس إلى

حبهم وتقديرهم ومن ثم

طاعتهم..عبر إعطائهم من دفء قلوبهم ومشاعرهم الكثير والكثير.

المثل الانجليزي يقول ( قد تستطيع أن تجبر الحصان أن يذهب للنهر ، لكنك أبدأ لن

تستطيع

أن تجبره أن يشرب منه).

كذلك البشر يا صديقي .. يمكنك إرهابهم وإخافتهم بسطوة أو مُلك .. لكنك أبدأ لن

تستطيع أن تسكن في قلوبهم

إلا بدفء مشاعرك .. وصفاء قلبك .. ونقاء روحك

رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يخبر الطامح لكسب قلوب الناس بأهمية المشاعر والأحاسيس ،

فيقول: ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق )

قلبك هو المغناطيس الذي يجذب الناس .. فلا تدع بينه وبين قلب من تحب حائلاً .
وتذكر أن الناس كالسلحفاة .. تبحث عن الدفء

50. ازرع جنتك قصة عجيبة

إنها قصة تعجبت لها فاستمعوا لها وأخبروني بحكمكم...
بلد من البلاد البعيدة والموجودة في جزيرة من جزر المحيط القديم , كان لها نظام خاص في الحكم .
كان مبدأ الحكم يقوم على أساس من يرغب أن يحكم فليتقدم , ولكن بشرطين :

الأول : أن مدة الحكم سنتان يستحيل تكرارها .
الثاني : أن بعد السنتين سيتم إرسال الحاكم بعد عزله إلى جزيرة أخرى في بحر الظلمات وهي جزيرة غير مأهولة لا يعيش
فيها إلا الوحوش الشرسة والحيوانات المفترسة.
والعجيب أن القائمة كان فيها الكثيرون من راغبي الموت حكما , إنها شهوة الكرسي .
ويعيش الحاكم السنتين يحاول أن يلهو ويستمتع بقدر الإمكان فهو يعرف مصيره , حيث الفناء في جزيرة الضياع
والنتيجة أن الحكام لم يفكروا يوما في أهل الجزيرة , فعاشوا في ضنك مستمر .
وتقدم يوما شاب فقير ليأخذ دوره في الحكم .
سألوه : هل تعرف الشروط ؟
قال : نعم شرطان .
عقدوا له حفل تتويج , وألبسوه تاج الملك , وبدأ عهده في حكم جزيرة المظالم هذه , والعجيب أن الفتى كان سعيدا
في حكمه عكس من كانوا قبله .
كان قليل اللهو والعبث عكس من كانوا قبله من الحكام , كان مصلحا لجزيرته , عادلا في حكمه يبني بلاده ويزرع الخير
فيها , عكس من كانوا قبله , واحبه الشعب , وفي غمرة حبه له وجدوا السنتين قد مرتا , وجاء مجلس الحكماء يطالبونه
في أسف شديد بتطبيق الشرطين .
ابتسم الشاب لهم ونزل عن كرسي ملكه , وسلم التاج , وقال لهم وهو يطير من الفرح . أنا مستعد للذهاب إلى الجزيرة .

كان الشعب كله يحيط بالقصر في حزن عميق على هذا الملك الذي لم يروا مثله , وحاول الجميع أن يغيروا الشروط ,
ولكنها قوانين الجزر التي لا تتغير .
وقبل أن ينطلق الفتى إلى الجزيرة أوقفه أحد الحكماء , وقال له :
أمرك عجيب أيها الفتى , رأينا منك في حكمك كل العجب , واليوم لم نر أعجب من حالك , ألا تدري إلى أين ستذهب ؟
قال الفتى : نعم أدري .
إذن كيف تفرح والفناء مصيرك ؟
ابتسم الفتى الشاب , وقال لهم . بالعكس , لقد وضعت جزيرة الموت أمامي منذ أول يوم , جعلتها شغلي الشاغل
فأرسلت إليها مجموعات من الشعب الذي أحبي فأعد أرضها , وخلص غاباتها من وحوشها وحيواناتها , حيث حبسها
في مكان خاص بها , وبنى لي قصورا هناك , أرسلت إليها أهلى الذين أحبهم ..
وإني الآن ذاهب لأعيش معهم في جنتي التي زرعتها بيدي
نقلا عن كتاب ادارة الذات دكتور اكرم رضا

51. ضع الكأس وارتح قليلا

في يوم من الأيام كان محاضر يلقي محاضرة عن التحكم بضغوط وأعباء الحياة لطلابه
فرفع كأساً من الماء وسأل المستمعين ما هو في اعتقادكم وزن هذا الكأس منالماء؟
وتراوحت الإجابات بين 50 جم إلى 500 جم
فأجاب المحاضر: لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس

فالوزن هنا يعتمد على المدة التي أظل ممسكاً فيها هذا الكأس فلو رفعته لمدة دقيقة لن يحدث شيء
ولو حملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي ولكن لوحملته لمدة يوم فستستدعون سيارة إسعاف.
الكأس له نفس الوزن تماماً، ولكن كلما طالت مدة حملي له كلما زاد وزنه.
فلو حملنا مشاكلنا وأعباء حياتنا في جميع الأوقات فسيأتي الوقت الذي لن نستطيع فيه المواصلة،
فالأعباء سيتزايد ثقلها. فما يجب علينا
فعله هو أن نضع الكأس ونرتاح قليلا قبل أن نرفعه مرة أخرىفيجب علينا أن نضعأ
عباءنا بين الحين والآخر لنتمكن من إعادة النشاط ومواصلة حملها مرة أخرى
فعندما تعود من العمل يجب أن تضع أعباء ومشاكل العمل ولا تأخذها معك إلى البيت،
لأنها ستكون بانتظارك غداً وتستطيع حملها

52.
دعها تنضج

وقف الفتى مبهورا أمام ثمار المانجو المتدلية من شجرتها ثم اندفع ناحية أقربها منه يريد قطفها ، و لكن يوقفه صوت والده الوقور من خلفه يقول له :

-دعها يا بنى
نظر الفتى إلى أبيه الواقف خلف كتفه و يده معلقة فى الهواء ...
فقال الاب و هو يأخذ بيده ليتمشيا فى الحديقة:
يا بنى إن قطف الثمرة ليس هدفا فى حد ذاته ،و لكن الهدف هو الاستفادة منها بعد قطفها ،و أظن أن الثمرة غير ناضجة لا فائدة فيها للانسان على الاقل، فدعها تنضج لتستفد منها.

الخلاصة:إن المشكلة الاساسية التى تواجه الانسان عند مواجهة المشكلة أو الرغبة فى اتخاذ القرار ...هو الرغبة فى سرعة الانجاز .....و التى تؤدى إلى الاستعجال فى اتخاذ القرار الذى غالبا ما يكون ناقص الجوانب محكوم عليه بالفشل منذ بدايته.

53. الحب والغضب

بينما كان الأب يقوم بتركيب مصدات معدنية لسيارته الجديدة باهظة الثمن
إذا بابنه الصغير يلتقط حجراً حاداً ويقوم بعمل خدوش بجانب السيارة باستمتاع شديد.

ولما انتبه الأب وفي قمة غضبه فقد شعوره وهرع إلى الطفل يأخذ بيده ويضربه عليها عدة مرات
ولم يشعر أن يده التي ضرب بها ولده كانت تمسك بمفتاح الربط الثقيل الذي كان يستخدمه في تركيب المصدات.

وفي المستشفى .. كان الابن الصغير يسأل الأب في براءة : "متى أستطيع أن أحرك أصابعي مرة أخرى" ؟

فتألم الأب غاية الألم وعاد مسرعاً إلى السيارة وبدأ يركلها عدة مرات في غضب هستيري حتى صابه الإرهاق فجلس على الأرض منهكاً ، ولما جلس على الأرض نظر إلى الخدوش التي أحدثها الابن فوجده قد كتب بها (أحبك يا أبي).
فناله الأب من الأسى ماناله وقال في نفسه ودموعه تتفجر : "والله لو كنت أعلم ما كتبت ، لكتبت بجانبها وأنا أحبك أكثر يابني".

قد يكون ما تكرهه يحمل في طياته ما تحبه
ولكن غضبك وتسرعك لم يجعلك تراه

54. يحكى أن رجلاً عجوزاً كان جالسا مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار. وبدا الكثير من البهجة

والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة.

اخرج يديه من النافذة وشعربمرور الهواء وصرخ "أبي انظر جميع الأشجار تسير ورائنا"!! فتبسم الرجل العجوزمتماشياً مع فرحة إبنه.

وكان يجلس بجانبهم زوجان ويستمعون إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه. وشعروا بقليل من الإحراج فكيف يتصرف  شاب في عمر 25 سنة كالطفل!!

فجأة صرخ الشاب مرة أخرى: "أبي، انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات، أنظر..الغيوم تسير مع القطار". واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى.

ثم بدأ هطول الامطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذي إمتلأ وجهه بالسعادة وصرخ مرة أخرى ، "أبي انها تمطر ، والماء لمس يدي، انظر يا أبي".

وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألوا الرجل العجوز" لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لإبنك؟"

هنا قال الرجل العجوز:" إننا قادمون من المستشفى حيث أن إبني قد أصبح بصيراً لاول مرة في حياته

لاتحكم على الآخرين من وجهة نظرك المجردة ... دائما هناك شيء نجهله

لماذا لا نلتمس الأعذار !!

55. كيس الحلوى

يُحكى أنه في إحدى الليالي جلس رجل في ساحة الانتظار بالمطار لعدة ساعات في انتظار رحلته ، وأثناء فترة انتظاره ذهب لشراء كتاب وكيس من الحلوى ليقضي بهما وقته.
ولما ابتاع حاجته عاد إلى الساحة وجلس وبدأ يقرأ الكتاب وبعد أن انهمك في القراءة شعر بحركة بجانبه ، ونظر فإذا بغلام صغير جالس بجانبه وبيده قطعة من كيس الحلوى الذي كان موضوعاً بينهما.

فاستاء الرجل لتعدي الغلام على كيس الحلوى الخاص به من دون استئذان وقرر أن يتجاهله في بداية الأمر وأخذ قطعة من كيس الحلوى من دون أن يلتفت للغلام, ولكنه شعر بالإنزعاج عندما تبعه الغلام بأخذ قطعة حلوى ، فنظر إليه نظرة جامدة ثم نظر إلى الساعة بنفاذ صبر وأخذ قطعة أخرى ، فما كان من الغلام إلا أن سارع بأخذ قطعة من الكيس في إصرار !!
حينها بدأت ملامح الغضب تعلو وجه الرجل وفكر في نفسه قائلاً : "لو لم أكن رجلاً مهذباً لمنحت هذا الغلام ما يستحق في الحال".

وتكرر الحال أكثر من مرة فكلما كان الرجل يأكل قطعة من الحلوى، كان الغلام يأكل واحدة أيضاً،وتستمر المحادثة بين أعينهما (استنكار من الرجل الكبير ولا مبالاة وهدوء من الغلام الصغير) ، والرجل متعجب من جرأة الغلام ونظراته الهادئة البريئة, ثم إن الغلام وبهدوء وبابتسامة خفيفة قام باختطاف آخر قطعة من الحلوى ثم قسمها إلى نصفين وأعطى الرجل نصفاً بينما أكل هو النصف الآخر.

ذُهِل الرجل ونظر لثواني إلى الغلام وهو لا يصدق ما يرى ثم أخذ نصف القطعة بتوتر وانفعال شديد وهو يقول في نفسه : "يالها من جرأة ، إنه يقاسمني في حلواي وكأنه يتعطف عليَّ بها .. ثم إنه حتى لم يشكرني بعد أن قاسمني فيها !! ".

وبينما هو يفكر في جرأة هذا الغلام ونظراته الهادئة إذا به يسمع الإعلان عن حلول موعد رحلته ، فطوى كتابه في غضب وحمل حقيبته ونهض متجهاً إلى بوابة صعود الطائرة من دون أن يلتفت إلى الغلام، وبعدما صعد إلى الطائرة وتنعم بجلسة جميلة هادئة أراد أن يضع كتابه الذي قارب على إنهائه في الحقيبة.

ولما فتح الحقيبة صُعِقَ بالكامل !!!

حيث وجدت كيس الحلوى الذي اشتراه مازال موجوداً في الحقيبة .. كما هو لم يُفتح بعد !!

لم يفهم في بداية الأمر كيف ذاك !!

ثم بدأ يسترجع الدقائق القليلة الماضية ويفهم رويداً رويداً .. فقال مشدوهاً : "يا إلهي .. لقد كان إذاً كيس الحلوى ذاك لهذا الغلام".

وعاد واسترجع في ذهنه نظرات الغلام الهادئة البريئة ..
وثقته وهو يأخذ قطع الحلوى من الكيس ..
وأنه كان ينتظر في كل مرة حتى يأخذ -الرجل- قطعة فإذا أخذ تبعه وأخذ ورائه ..
وكيف قاسمه آخر قطعة بابتسامة بريئة ..

فحينها أدرك مُتألماً أن كل ما غضب من الغلام بسببه قد فعله هو نفسه !!
وأدرك كم كان سيء الظن بالغلام !!
وكم كان أناني حين غضب من مشاركة الغلام حلواه !!
وكم كان الغلام كريماً حين لم يغضب من مشاركته حلواه بل قاسمه إياها بطيب نفس !!

فوضع رأسه بين يديه في أسى وهو يقول : " لعلك تعلمت اليوم أيها العجوز من هذا الفتى الصغير إحسان الظن بالآخر وإلتماس الأعذار بل البحث والتنقيب عنها .. كذلك طِيب النفس للآخر والكرم وحب المشاركة"

-------------------------------

56. كان هناك نجار تقدم به العمر وطلب من رئيسه في العمل وصاحب المؤسسة ان يحيله علي التقاعد ليعيش بقية عمره مع زوجته واولاده

رفض صاحب العمل طلب النجار ورغبه في زيادة مرتبه إلا ان النجار أصر علي طلبه

HHHHHH
فقال صاحب العمل ان لي عندك رجاء أخير وهو ان يبني منزلا أخيرا واخبره ان لم يكلفه بعمل اخر ثم يحال للتقاعد .
HHHHHH

فوافق النجار علي مضض وبدا النجار العمل ولعلمه ان هذا البيت الاخير فلم يحسن الصنعة وأستخدم موارد رديئة الصنع واسرع في الانجاز دون الجودة المطلوبة وكانت الطريقة التي ادي بها العمل غير سليمة لعمر طويل من الانجاز والتميز والابداع وعندما انتهي النجار العجوز من البناء سلم صاحب العمل مفاتيح المنزل الجديد وطلب السماح له بالرحيل

إلا ان صاحب العمل استوقفه وقال له :

ان هذا المنزل هو هديتي لك نظير سنين عملك مع المؤسسة فأمل ان تقبله مني فصعق النجار من المفاجأة لآنه لو علم انه يبني منزل العمر لما تواني في الاخلاص في الاداء والاتقان في العمل .

HHHHHH
وللقصة عبرة

فكل منا نجار يبني لنفسه في هذه الحياة ويرسم صورة له تنعكس حوله ولابد ان يحافظ علي حسن الاداء في جميع الاحوال والاذمان لان المسنفيد الاول من ذلك هو نفسه قبل الاخرين
HHHHHH
قصه عالية المعاني كبيرة في بهدفها مصداقها
قول النبي صلى الله عليه وسلم (احب اذا عملي عبد عملاُ أن يتقنه )
وكان قاعدة الامام الالباني رحمه الله في تفوقه (اتمام العمل خير من البدء فيه )

57. كان هناك طفل يصعب ارضاؤه , أعطاه والده كيس مليء بالمسامير وقال له : قم بطرق مسمارا واحدا في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص
في اليوم الأول قام الولد بطرق 37 مسمارا في سور الحديقة ,
وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يوميا ينخفض,
الولد أكتشف أنه تعلم بسهوله كيف يتحكم في نفسه ,أسهل من الطرق على سور الحديقة
في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة
عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة الى أن يطرق أي مسمار
قال له والده: الآن قم بخلع مسمارا واحدا عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك
مرت عدة أيام وأخيرا تمكن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور
قام الوالد بأخذ ابنه الى السور وقال له
(( بني قد أحسنت التصرف, ولكن انظر الى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت ))
عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة, فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها
أنت تستطيع أن تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه , ولكن تكون قد تركت أثرا لجرحا غائرا
لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح لا زال موجودا
جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان
الأصدقاء جواهر نادرة , هم يبهجونك ويساندوك.
هم جاهزون لسماعك في أي وقت تحتاجهم
هم بجانبك فاتحين قلوبهم لك
لذا أرهم مدى حبك لهم
58. كان هناك صديقان يمشيان في الصحراء ، خلال الرحلة تجادل
الصديقان فضرب أحدهما الآخر على وجهه
الرجل الذي ضرب على وجهه تألم و لكن دون أن ينطق بكلمة
قام و كتب على الرمال: اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي
استمر الصديقان في مشيهما إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن
يستحموا
الرجل الذي ضرب على وجهه علقت قدمه في الرمال المتحركة
و بدأ في الغرق، و لكن صديقة أمسكه وأنقذه من الغرق
و بعد ان نجا الصديق من الموت قام و كتب على قطعة من
الصخر : اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي
الصديق الذي ضرب صديقه و أنقذه من الموت سأله : لماذا في
المرة الأولى عندما ضربتك كتبت على الرمال و الآن عندما أنقذتك
كتبت على الصخرة ؟
فأجاب صديقه : عندما يؤذينا أحد علينا ان نكتب ما فعله على
الرمال حيث رياح التسامح يمكن لها أن تمحيها ، و لكن عندما يصنع
أحد معنا معروفاً فعلينا ان نكتب ما فعل معنا على الصخر حيث لا
يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن يمحيها
تعلموا أن تكتبوا آلامكم على الرمال
و أن تنحتوا المعروف على الصخر
59. رحلة الضفادع في الغابة

كانت مجموعة من الضفادع تقفز مسافرة بين الغابات , وفجأة وقعت ضفدعتان في بئر عميق . تجمع جمهور الضفادع حول البئر, ولما شاهد مدى عمقه صاح الجمهور بالضفدعتين اللتين في الأسفل أن حالتهما ميئوس منها وانه لا فائدة من محاولة الخروج.

تجاهلت الضفدعتان تلك التعليقات وحاولتا الخروج من ذلك البئر بكل ما أوتيتا من قوة وطاقة, واستمر جمهور الضفادع بالصياح بهما أن تتوقفا عن المحاولة لأنهما ميتتان لا محالة.
أخيراً انصاعت إحدى الضفدعتين لما كان يقوله الجمهور, وحل بها الإرهاق واعتراها اليأس, فسقطت إلى أسفل البئر ميتة.

أما الضفدعة الأخرى فقد استمرت في القفز بكل قوتها. واستمر جمهور الضفادع في الصياح بها طالبين منها أن تضع حداً للألم وتستسلم لقضائها , ولكنها أخذت تقفز بشكل أسرع وأقوى حتى وصلت إلى الحافة ومنها إلى الخارج وسط دهشة الجميع.

عند ذلك سألها جمهور الضفادع: أتراك لم تكوني تسمعين صياحنا، شرحت لهم الضفدعة أنها مصابة بصمم جزئي, لذلك كانت تظن وهي في البئر أنهم يشجعونها على إنجاز المهمة الخطيرة طوال الوقت.

ثلاث عظات يمكن أخذها من القصة ويمكن استنباط المزيد:

1-كلمة مشجعة لمن هو في الأسفل قد ترفعه إلى الأعلى وتجعله يحقق مايصبو إليه.

2- الكلمة المحبطة لمن هو في الأسفل فقد تقتله, لذلك انتبه لماتقوله, وامنح الحياة لمن يعبرون في طريقك ولو بكلمة طيبة.

3- يمكنك أن تنجزما قد هيأت عقلك له وأعددت نفسك لفعله؛ فقط لا تدع الآخرين يجعلونك تعتقد أنك لاتستطيع ذلك.

60. مشكلة الفـــأر العجيبـــه

كان اللعاب يسيل من فم الفأر، وهو يتجسس على صاحب المزرعة وزوجته

وهما يفتحان صندوقا أنيقا، ويمنِّي نفسه بأكله شهية

لأنه حسب أن الصندوق يحوي طعاما
ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق

واندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح

لقد جاؤوا بمصيدة الفئران يا ويلنا

هنا صاحت الدجاجة محتجة
اسمع يا فرفور المصيدة هذه مشكلتك انت فلا تزعجنا بصياحك وعويلك فتوجه الفأر إلى الخروف الحذر، الحذر ففي البيت مصيدة

فابتسم الخروف وقاليا جبان يا رعديد، لماذا تمارس السرقة والتخريب طالما أنك تخشى العواقبثم إنك المقصود بالمصيدة فلا توجع رؤوسنا بصراخك، وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب

هنا لم يجد الفأر مناصا من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف
يا خراشي
...في بيتنا مصيدة ! !
يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بهاهل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان؟عندئذ أدرك الفأر أن سعد زغلول كان على حق عندما قال مقولته الشهيرة
" مفيش فايده"
وقرر أن يتدبر أمر نفسه

وواصل التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة، ونام بعدها قرير العين
بعد أن قرر الابتعاد من مكمن الخطر
وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة
وهرع الفأر إلى حيث المصيدة ليرى
ثعبانا يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله ثم جاءت زوجة المزارعوبسبب الظلام حسبت أن الفأر
"راح فيها" وأمسكت بالمصيدة فعضها الثعبان فذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى حيث تلقت إسعافات أولية، وعادت إلى البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة.

وبالطبع فإن الشخص المسموم بحاجة إلى سوائل، ويستحسن أن يتناول الشوربة وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة

وصنع منها حساء لزوجته المحمومة

وتدفق الأهل والجيران لتفقد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم

ولكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام
وجاء المعزون بالمئات واضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهمإذا كان
" فهمك تقيل" فإنني أذكرك بأن الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر

الذي كان مستهدفا بالمصيدة
وكان الوحيد الذي استشعر الخطر... ثم فكر في أمر من يحسبون انهم بعيدون عن المصيدة وأن

فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأرالذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة

قد يكونون أكثر مما تتصورون

:: في الختام تذكر ::
,, حتى لو كـانت المشكـله التي تحدث قريباً منك لاتعنيـك فلا تستخف بهـا لآن من الممكن آن تؤثر عليك نتائجها لاحقـا ومن الآولى ان تقف مع صديقك عند الحاجه وكآنها مشاكلك ,,

61. "ابتسامة"

تتسلل يده بداخل قميصه فينبعث الدفء فى جسده عندما يستشعر برودة النصل الحاد ثم تواصل يده  طريقها لتعدل من هندامه للمرة الألف حريصة على ألا يكشفه أحد قبل أن ينفذ مخططه لتتسارع بعدها خطواته المهرولة فتصير أقرب للعدو متجهة نحو تظاهرة اليوم و لكنه هذه المرة ليس ذاهباً للتظاهر ؛ إنه ذاهب يطلب الدم.....

لم يمسك الحجر كباقى أقرانه؛ فقط ظل واقفاً يضع يديه على موضع سكينه منتظراً شرارة البدء  ويتابع بعيون يملأها التحدى  المشهد المتكرر... عشرات الأحجار المتناثرة فى الساحة المكشوفة التى تفصل بينهم وبين كتلة المعدن المدرعة و من خلفها يتسلى أصحابها بإطلاق رصاصتهم و قنابلهم و كل ما يحلو لهم نحوهم...

فقط عندما اقترب ذلك الجندى المتغطرس متخلياً عن شئ من جبنه فيقف فى منتصف المسافة بين زملاءه و بين أصحاب الحق المسلوب مدججاً بأسلحته يذيقهم بها الألم  عرف أنها لحظة البدء فيشهر السكين المنزلى المشحوذ جيداً منذ شهور ينتظر مهمته وتزأر شفتاه بالتكبير بينما تنطلق قدميه - فى ساحة عارية - تطلب رأس المجرم...

يندفع فى مشهد مهيب كالسهم نحو جلاده الذى غدا فريسته... ثلاثون متر يقطعها رافعاً سلاحه نحو مراده الذى أخذ - ومعه شركاؤه- فى إمطاره بوابل من الطلقات فى لقطة  لوقُدر لـ (هوميروس) أن يشهدها لسطر ملحمة جديدة تصف ذلك الملثم بغطرته الطائرة خلفه الذى لا يرهبه الدوى و لم تثبطه الإصابات يمضى إلى الهدف بأقدام ثابتة وقلب لا يخشى الألم ..

كان ليحكى أيضاً عن ضربات القلب المرتعشة والأقدام المرتجفة التى تعثرت فى النهاية فينكفأ صاحبها على وجهه يلعق التراب.

وحتماً كان سيتحدث باستفاضة عن انفجار آلام بطل مقهور يعبر عن معاناة شعب يأبى الإنحناء ليرسم بجرأة لوحة حية  من سكين يذبح وعنق ينُحر ودم يستحق أن يُراق، وربما لو لم يكن أعمى لقص علينا الهلع و المقت الذى أصابه عندما اصطدمت عيونه بالعيون المرعوبة التى تتسرب منها الحياة أو بأخرى يتشارك فيها الخسة والجبن مع الذعر فيشلوا أجساداً  لم تتحرك لتنجد اليد الواهنة التى أخذت تستغيث  وحينها  من المؤكد أنه  كان سيختم كلماته بتساؤل عن سبب خروج الروح الملعونة أكان نتاج الحد الأبيض يقتلعها أم نتيجة طلقات ملأها الرعب فلم تميز بين عدو وصديق!!!

بعد ما أنهى مهمته يلقى ببصره يقيس المسافة بينه وبين رفقاء الجثة القابعة أمامه فيدرك استحالة بلوغهم وخاصة مع ثقل رأسه المتزايد وتلك الغمامة الزاحفة بقوة على عينيه..

يقرر ألا يعطيهم وجهه فهم لا يستحقوا مثل هذا الشرف –إن كانوا يعرفون لهذا المصطلح معنى - فيوليهم ظهره بكبرياء المنتصر متوجهاً بنظره نحو ما تبقى من الجمع المتظاهر لترتسم على شفتيه ابتسامة واهنة وقبل أن تقتلع طلقات الغدر جسده الطاهر تتجه عيونه تنظر برقة  إلى القبة الخضراء الشهيرة  فتتسع على أثرها ابتسامته... قليلاً

62. بين عيدين جورج والعيد
الشيخ عبد الملك القاسم

جورج رجل أمريكي بدين الجسم عريض المنكبين، تجاوز الخمسين من عمره ويتمتع بصحة جيدة وحيوية ونشاط، يعيش في بلدة صغيرة شمال مدينة واشنطن، ورغم المغريات المادية في المناطق الأخرى إلا أنه أحب بلدته المطلة على النهر وأصر على العيش فيها حيث يقضي نهاره في عمله التجاري متنقلاً بين أطراف المدينة وإذا أمسى النهار عاد إلى دوحته الصغيرة مستمتعاً بالهدوء والراحة مع زوجته وابنتيه وابن شاب تجاوز مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ يخطط للالتحاق بالجامعة .

لما أقبل شهر ذي الحجة بدأ جورج وزوجته وأبناؤه يتابعون الإذاعات الإسلامية لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة، وتمنوا أن يكون لديهم رقم هاتف سفارة إسلامية للاتصال بها لمعرفة يوم عرفة ويوم العيد فلقد أهمهم الأمر وأصبح شغلهم الشاغل، فتوازعو أمر المتابعة، فالزوج يستمع للإذاعة والزوجة تتابع القنوات الفضائية والابن يجري وارء المواقع الإسلامية في الإنترنت .

فرح جورج وهو يستمع الإذاعة لمتابعة إعلان دخول شهر ذي الحجة وقال : الإذاعة مسموعة بوضوح خاصة في الليل . ولما حدد يوم الوقفة ويوم العيد وتردد في الكون تكبير المسلمين في أرجاء المعمورة شمر جورج عن ساعده وأحضر مبلغاً كان يدخره طوال عام كامل، وبعد الظهيرة من التالي قال : على أن أذهب الآن لأجل الخروف الحي الذي لا يتوفر سوى في السوق الكبير شرق المدينة . ساوم جورج على كبش متوسط بمبلغ عال جداً ولما رأى أن المبلغ الذي في جيبه لا يكفي بحث عن أقرب صراف بنكي وسحب ما يكفي لشراء هذا الكبش . فهو يريد أن يذبح بيده ويطبق الشعائر الإسلامية في الأضحية . مسح جورج على الكبش وحمله بمعاونة أبناءه إلى سيارته الخاصة وبدأ ثغاء الخروف يرتفع وأخذت البنت الصغيرة ذات الخمس سنوات تردد معه الثغاء بصوتها العذب الجميل، وقالت لوالدها: يا أبي ما أجمل عيد الأضحى حيث ألعب مع الفتيات دون الأولاد ونضرب الدف وننشد الأناشيد، سوف أصلي معكم العيد وألبس فستاني الجديد وأضع عباءتي على رأسي، يا أبي : في هذا العيد سوف أغطي وجهي كاملاً فلقد كبرت .. آه ما أجمل عيد الأضحى سنقطع لحم الخروف بأيدينا ونطعم جيراننا ونصل رحمنا ونزور عمتي وبناتها ! يا أبي ليت كل أيام السنة مثل يوم العيد : ظهرت السعادة على الجميع وهم يستمعون للعصفورة كما يسمونها ..
انفرجت أسارير الأب وهو يلقي نظرة سريعة إلى الخلف ليرى أن مواصفات الكبش مطابقة لمواصفات الأضحية الشرعية فليست عوراء ولا عرجاء ولا عجفاء . ولما قرب من المنزل وتوقفت السيارة هتفت الزوجة . يا زوجي .. يا جورج علمت أن من شعائر الأضحية أن يقسم الخروف ثلاثة أثلاث: ثلث نتصدق به على الفقراء والمساكين، وثلث نهديه إلى جيراننا ديفيد، واليزابيث، ومونيكا، والثلث الآخر نأكله لحماً طرياً ونجعله لطعامنا في أسابيع قادمة !

ولما قرب الكبش إلى الذبح احتار جورج وزوجته أين اتجاه القبلة! وخمنوا أن القبلة في اتجاه السعودية وهذا يكفي! أخذ جورج شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه القبلة وأراح ذبيحته، بعدها بدأت الزوجة في تجهيز الأضحية ثلاثة أثلاث حسب السنة ! وكنت تعمل بعجل وسرعة فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه : هيا لنذهب إلى الكنيسة اليوم يوم الأحد ! وكان جورج لا يدع الذهاب إلى الكنيسة بل ويحرص أن يصطحب زوجته وأبناءه معه .

انتهى حديث المتحدث وهو يرى هذه القصة عن جورج وسأله أحد الحضور : لقد حيرتنا بهذه القصة هل ورج مسلم أم ماذا ! قال المتحدث : بل جورج وزوجته وابنه كلهم نصارى كفار . لا يؤمنون بالله وحده ولا برسوله، ويزعمون بأن الله ثالث ثلاثة (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) ويكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويحادون الله ورسوله ! كثر الهرج في المجلس وارتفعت الأصوات وأساء البعض الأدب وقال أحدهم : لا تكذب علينا يا أحمد، فمن يصدق أن جورج وعائلته يفعلون ذلك ! كانت العيون مصوبة والألسن حادة الضحكات متتابعة ! حتى قال أعقلهم : إن ما ذكرت يا أحمد غير صحيح ولا نعتقد أن كافراً يقوم بشعائر الإسلام ! ويتابع الإذاعة ويحرص على معرفة يوم العيد ويدفع من ماله، ويقسم الأضحية .. و .. !
بدأ المتحدث يدافع عن نفسه ويرد التهم الموجهة إليه ! وقال بتعجب : يا إخواني وأحبابي .. لماذا لا يتصدقون قصتي ؟ ! لماذا لا تعتقدون بوجود مثل هذا الفعل من كافر ؟! أليس هنا عبد الله وعبد الرحمن وخديجة وعائشة ويحتفلون بأعياد الكفار ! فلماذا لا يحتفل الكفار بأعيادنا ! لم العجب ؟ الواقع يثبت أن ذلك ممكناً بل وواقعناً نلمسه . أليس البعض يجمع الورود لعيد الحب ويحتفل الآخرون هنا برأس السنة وبعيد الميلاد وعيد .. وعيد .. وكلها أعياد كفار ! لماذا يستكثر على جورج هذا التصرف ولا يستكثر على أبناءنا وبناتنا مثل هذا ؟!

إذا كنتم تتعجبون من فعل جورج فأنا أتعجب من فعل أبناء وبنات التوحيد كيف تكون حال التبعية والانهزام لديهم ! ولما ارتفعت الأصوات وتسابقت السهام نحو أحمد قال : انصتوا إلى هذه المرة لأروي لكم قصة لا تكذبوني فيها : هذه عائشة ابنه هذا البلد ممن أسماها والدها باسم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما علمت بعيد إسمه عيد الحب وهو عيد من أعياد الرومان والوثنيين . يحتفل به الكفار كل عام ويتبادلون فيه الورود وهو يوم فساد وموطن إباحيه ! سارعت عائشة إلى محلات الورود واشترت باقة ورد حمراء باهظة الثمن وهي طالبة جامعية لا دخل لها ومع هذا دفعت مبلغاً لهذه الورود ! وعلقت وردة على صدرها، ولبست في ذلك اليوم فستاناً أحمراً، وحملت حقيبة حمراء، وانتعلت حذاء أحمراً و .. !

هذه عائشة فعلت أتصدقون ! قالوا بتعجب وألم : نعم فعل بعض بناتنا ذلك بل وانتشرت الظاهرة بشكل ملفت !

هز أحمد يده ورفعها وقال : عشت في أمريكا أكثر من عشر سنوات، والله ما رأيت أحداً من الكفار احتفل بأعيادنا، ولا رأيت أحداً سأل عن مناسباتنا ولا أفراحنا ! حتى عيدي الصغير بعد رمضان أقمته ف يشقتي المتواضعة لم يجب أحد دعوتي عندما علموا أ، ما احتفل به عيداً إسلامياً ! لقد أقمت في الغرب ورأيت بأم عيني كل ذلك ولما عدت فإذا بنا نحتفل بأعيادهم وهي رجس وفسق !
والبعض من أهل الإسلام عطل الكثير من شعائر أعيادنا ولم يلق لها بالاً ولم يرفع بها رأساً . العام الماضي بعض من الشباب المسلم لم يصلوا صلاة العيد ! أما أعياد الأم فكم اشتريت فيه الهدايا حتى أحب الصغار عيد الأم وفضلوه على عيد الإسلام !

والأعياد من شعائر الإسلام الظاهرة ومن خصائص هذه الأمة . لقد هجرنا عبادة نتقرب فيها إلى الله عز وجل وأغرقنا في الانهزامية والتبعية وملاحقة أعياد الكفار أعداء الملة والدين، قال ابن تيمية – رحمه الله – ((لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم (أي الكفار) في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك . ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع يما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، وبالجملة ليس لهم أن يختصوا أعيادهم بشيء من شائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام)) .

وقال ابن القيم رحمه الله : ((وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول : عيد مبارك عليك، أو تهنئا بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو يمن المحرمات، وهو بمنزله أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير من لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما يفعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر تعرض لمقت الله وسخطه)) .
وقال أحمد في صمت من الجميع : أربأ بمسلم ومسلمة أن يسمعوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يقع في قلوبهم : ((من تشبه بقوم فهو منهم)) قال ابن تيمية معلقاً على هذا الحديث : هذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كن ظاهرة يقتضي كفر المتشبه بهم ككما في قوله تعالى ((ومن يتولهم منكم فإنه منهم)) .
عاد أحمد ليقول بمرارة وحزن : أجيبوا هل ضحى جورج بذبيحته وقسمها ثلاثة أثلاث ؟! أم أن ذلك محض خيال لا نرى له واقع إطلاقاً ! .

63. الطالبة المسلمة ومدرستها الملحدة

‏كانت هناك أحد الطالبات فى مدرستها ، وكانت إحدى المدرسات تحاول أن تغرس المفاهيم الملحدة لعموم الطلبة .. وإليكم هذا الحوار التالي ..
المدرسة : هل ترى يا توم تلك الشجرة فى الخارج ؟

توم : نعم أيتها المدرسة إنى أستطيع رؤيتها ..

المدرسة : هل ترى يا توم العشب الأخضر تحت الشجرة ؟

توم : نعم أيتها المدرسة إنى أراه ..

المدرسة :إذهب إلى الخارج ثم انظر إلى السماء ..

خرج توم متوجهاً إلى الخارج ثم عاد بعد قليل ..

المدرسة : هل رأيت السماء يا توم ؟

توم : نعم أيتها المدرسة لقد رأيت السماء ..

المدرسة : هل رأيت ما يدعونه الإله ؟

توم : لا لم أره !!

المدرسة : حسناً أيها الطلاب لا يوجد شىء إسمه الله .. فلا يوجد فى السماء !!

قامت الطالبة وسألت بدورها الطالب توم ..

الطالبة : هل ترى المدرسة يا توم ؟

توم : نعم إنى أراها .. (بدأ توم يتذمر من تكرار الأسئلة عليه) !!

الطالبة : هل ترى عقل المدرسة يا توم ؟

توم : لا .. لاأستطيع رؤيته !!

الطالبة : إذاً المدرسة ليس لديها أي عقل في رأسها !!

64. ابتلى الزوج بعادة سيئة، ألا وهي عادة التدخين..
حاولت إقناعه الامتناع عن التدخين فلم يقتنع ..
اتبعت شتى السبل معه .. في البداية اتبعت أسلوب التلميح من بعيد.. ثم انتقلت لأسلوب التلميح القريب .. ثم التصريح الواضح بأنها عاده سيئة تتلف المال والصحة، وتضايق الآخرين منه..
لكن مع الأسف لم تصل إلى أي نتيجة معه ..

ثم اتبعت أسلوب آخر معه، فقالت له: أن المال الذي تصرفه للسجائر هو ملك العائلة وليس ملكك وحدك، وليس لك الحرية في صرفه دون موافقتنا.. لذلك مقابل كل علبة سجائر تدخنها تدفع مقابلها نصيب الأسرة .. فإذا كانت قيمة علبة السجائر خمسة ريالات عليك ان تدفع خمسة ريالات لنا ..

ضحك الزوج، وقال: بل ادفع عشر ريالات لكم، واتركوني على راحتي.. استمر الوضع مدة من الزمن، والزوج العزيز يدفع عشرة ريالات يومياً للأسرة مقابل العلبتين اللتين يدخنهما يومياً..
ومع ذلك لم يمتنع عن التدخين .. لقد اعتقدت الزوجة بان ذلك المال سوف يردع الزوج عن عادته السيئة.. ولكن اعتقادها لم يكن في محله .. فكرت الزوجة بفكرة أخرى، فقررت أن تحرق العشرة ريالات التي تأخذها منه أمامه كل يوم.. وفعلاً، كلما استلمت العشرة ريالات منه، أحرقتها أمامه احتج الزوج على هذا التصرف الذي اعتبره تبذيراً وضياع لمال الأسرة، فأجابته الزوجة: أنت حر فيما تعمل بنقودك، ونحن أحرار فيما نفعل، بنقودنا فكلانا نحرق النقود، مع اختلاف الأسلوب..

لم يستطع الزوج ان يتحمل ذلك المنظر .. فهذا المال يتعب هو في تحصيله ، والزوجة بكل بساطة تحرقه .. فجلس بينه وبين نفسه، وفكر، ثم قال في نفسه: فعلاً الاثنين، هو وزوجته، يقومان بحرق النقود يومياً ولكن الأسلوب هو المختلف فقط.. فكان هذا الاستنتاج المنطقي كفيل بتركه لتلك العادة السيئة .. وبذلك استطاعت هذه الزوجة الذكية بأن تنقذ زوجها العزيز من هذا المرض الفتاك .. الذي يتساهل فيه كثيرون

65. طفل احضر تراب الجنه

نعم طفل عماني احضر تراب الجنة : اليكم القصة كما وقعت:

في احدى مدارس السلطنة وبينما كان معلم اللغة العربية لصف الثاني

الابتدائي يوزع اوراق الامتحان بعد ان صحصحها لطلابه فاذا باحد طلابه يقول

لوسمحت يااستاذ ان درجتي 8من 10 وانت لم تشر بعلامة خطا امام اي اجابه فرد عليه

الاستاذ ان درجتك في التعبير انقصت منك درجتيين

فقال اني اريد الدرجه كلها اي 10من 10 وكان الطالب مصر على ان ياخذ الدرجة

كامله واخذ يجادل الاستاذ فاراد الاستاذ بان لا يحرج تلميذه بعتباره احد الطلاب

المتميزين في الفصل فقال له اذا احضرت تراب الجنه فلك الدرجه

كامله (من باب تحدي الطالب وعدم اخذ الدرجه كاملة) .

فهدى الطالب ورجع البيت واذا باليوم الثاني بكيس تراب قد احضره لمعلمه

فقال المعلم ما هذا فرد عليه هذا هو تراب الجنة كما تريد فقال كيف احضرته؟

فرد عليه جعلت امي تمشي على التراب ومن ثم جمعته لك في هذا الكيس

وانت كما اخبرتنا ان الجنة تحت اقدام الامهات.

فنال الدرجة كامله ولذلك بعد ان اعجب المعلم بلذكاء تلميذه

66. القلم والممحاة

كان داخل المقلمة، ممحاة صغيرة، وقلمُ رصاصٍ جميل..‏

قال الممحاة:‏كيف حالك يا صديقي؟‏.

أجاب القلم بعصبية:لست صديقك!‏

اندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟‏..

فرد القلم: لأنني أكرهك.‏

قالت الممحاة بحزن :ولم تكرهني؟

‏. أجابها القلم:‏ لأنكِ تمحين ما أكتب.‏

فردت الممحاة: أنا لا أمحو إلا الأخطاء .‏

انزعج القلم وقال لها: وما شأنكِ أنت؟!‏.

فأجابته بلطف: أنا ممحاة، وهذا عملي.

فرد القلم: هذا ليس عملاً!‏.

التفتت الممحاة وقالت له: عملي نافع، مثل عملك. ولكن القلم

ازداد انزعاجاً وقال لها: أنت مخطئة ومغرورة .‏

فاندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟!.

أجابها القلم: لأن من يكتب أفضل ممن يمحو

قالت الممحاة:‏ إزالةُ الخطأ تعادل كتابةَ الصواب. أطرق القلم لحظة، ثم

رفع رأسه، وقال:‏ صدقت يا عزيزتي!‏

فرحت الممحاة وقالت له: أما زلت تكرهني؟‏.

أجابها القلم وقد أحس بالندم: لن أكره من يمحو أخطائي.‏

فردت الممحاة: وأنا لن أمحو ما كان صواباً.

قال القلم: ‏ولكنني أراك تصغرين يوماً بعد يوم!‏.

فأجابت الممحاة:لأنني أضحي بشيءٍ من جسمي كلما محوت خطأ.

قال القلم محزوناً:وأنا أحس أنني أقصر مما كنت!‏

قالت الممحاة تواسيه:‏ لا نستطيع إفادة الآخرين، إلا إذا قدمنا تضحية من أجلهم

‏ قال القلم مسروراً:‏ما أعظمك يا صديقتي،وما أجمل كلامك!‏.فرحت الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين  حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان..

67. رد الجميل  1

كان سمير يحب أن يصنع المعروف مع كل الناس ، ولايفرق بين الغريب والقريب فــي معاملته الانسانية .. فهو يتمتع بذكاء خارق وفطنة . فعندما يحضر الى منزله تجده رغم عمره الذي لا يتجاوز الحادية عشرة .. يستقبلك ، وكأنه يعرفك منذ مدة طويلة .. فيقول أحلى الكلام ويستقبلك أحسن استقبال وكان الفتى يرى في نفسه أن عليه واجبات كثيرة نحو مجتمعه وأهله ، وعليه أن يقدم كل طيب ومفيد . ولن ينسى ذلك الموقف العظيم الذي جعل الجميع ينظرون اليه نظرة إكبار .. ففي يوم رأى سمير كلبا يلهث .. من التعب بجوار المنزل . فلم يرض أن يتركه .. وقدم له الطعام والشراب وظل سمير يفعل هذا يوميا ، حتى شعر بأن الكلب الصغير قد شفيّ ، وبدأ جسمه يكبر ، وتعود اليه الصحة . ثم تركه الى حال سبيله .. فهو سعيد بما قدمه من خدمة إنسانية لهذا الحيوان الذي لم يؤذ أحدا ولا يستطيع أن يتكلم ويشكو سبب نحوله وضعفه . وكان سمير يربي الدجاج في مزرعة أبيه ويهتم به ويشرف على عنايته وإطعامه وكانت تسلية بريئة له
وذات يوم إنطلقت الدجاجات بعيدا عن القفص واذا بصوت هائل مرعب يدوي في أنحاء القرية وقد أفزع الناس. حتى أن سميرا نفسه بدأ يتراجع ويجري الى المنزل ليخبر والده . وتجمعت الأسرة أمام النافذة التي تطل على المزرعة .. وشاهدوا ذئبا كبير الحجم ، وهو يحاول أن يمسك بالدجاجات و يجري خلفها ، وهي تفر خائفة مفزعة وفجأة .. ظهر ذلك الكلب الذي كان سمير قد أحسن اليه في يوم من الأيام .. و هجم على الذئب وقامت بينهما معركة حامية .. وهرب الذئب ، وظل الكلب الوفي يلاحقه حتى طرده من القرية وأخذ سمير يتذكر ما فعله مع الكلب الصغير وهاهو اليوم يعود ليرد الجميل لهذا الذي صنع معه الجميل ذات يوم ، وعرف سمير أن من كان قد صنع خيرا فإن ذلك لن يضيع .. ونزل سمير الى مزرعته ، وشكر الكلب على صنيعه بأن قدم له قطعة لحم كبيرة ..جائزة له على ما صنعه ثم نظر الى الدجاجات ، فوجدها فرحانة تلعب مع بعضها وكأنها في حفلة عيد جميلة

68. كان هناك ولد صغير يزور بيت جده بالمزرعة. أعطي بندقية ليلعب بها بالغابة. وكان يلعب ويتدرب على الأخشاب، ولكن لم يصب أي هدف. بدأ باليأس وتوجه إلى البيت للعشاء.وهو بطريقه للمنزل وجد بطة جدته المدللة. وهكذا من باب الفضول أو الأمنية صوب بندقيته عليها، وأطلق النار وأصابها برأسها فقتلها. وقد صدم وحزن. وبلحظة رعب، أخفى البطة بين الأحراش ولكن أخته شهدت كل شيء!! سالي رأت كل شيء لكنها لم تتكلم بكلمة…
بعد الغذاء في اليوم الثاني، قالت الجدة: “هيا يا سالي لنغسل الصحون.”
ولكن سالي ردت: “جدتي، حسن قال لي أنه يريد أن يساعد بالمطبخ”. ثم همست بإذنه ” تتذكر البطة ? ”
وفي نفس اليوم، سأل الجد إن كان يحب الأولاد أن يذهبوا معه للصيد، ولكن الجدة قالت: “أنا آسفة، ولكنني أريد من سالي أن تساعدني بتحضير العشاء”.
فابتسمت سالي وقالت: “لا مشكلة.. لأن حسن قال لي أنه يريد المساعدة. وهمست بإذنه مرة ثانية: “أتتذكر البطة؟؟؟؟”. فذهبت سالي إلى الصيد وبقي حسن للمساعدة.
بعد بضعة أيام كان حسن يعمل واجبه وواجب سالي، لم يستطع الاحتمال أكثر، فذهب إلى جدته واعترف لها بأنه قتل بطتها المفضلة.
جثت الجدة على ركبتيها، وعانقته ثم قالت: “حبيبي، أعلم، كنت أقف على الشباك ورأيت كل شي ولكنني لأني أحبك سامحتك. وكنت فقط أريد أن أعلم إلى متى ستحتمل أن تكون عبدا لسالي”
فكر لليوم وكل يوم
ماذا فعلت في ماضيك، ومهما فعلت – ليبقيك الشيطان عبداً له ويجعل نصب عيناك (الكذب، الدينونة، الحقد، الغضب، عدم التسامح، الآلام…إلخ) مهما كان، يجب أن تعلم أن الله موجود في كل مكان؛ رآك وعلم أفعالك كلها. ويريدك أن تتأكد أنه يحبك وأنه سامحك. ولكنه يمهلك إلى أن تتحرر من عبوديتك للشيطان.
الشئ الرائع أنك حين تطلب المغفرة من الله، هو لا يغفر خطاياك فقط بل يتغاضى عن ماضيك.

69. مرض ملك مرضا خطيراً واجتمع الأطباء لعلا جه ورأوا جميعاً أن علاجه الوحيد هو حصوله على كبد إنسان فيه صفات معينة ذكروها له فأمر رجال الحكومة على فتى يسمى ابن دهقان توفرت فيه الشروط المطلوبة ..
وأرسل الملك إلى والدي الفتى وحدثهما عن الأمر وأعطى لهما مالاً كثيراً فوافقا عل قتل ولدهما ليأخذ الملك كبده وليشفي من مرضه ونادى الملك القاضي وسأله إذا كان قتل هذا الفتى حلالاً ليتداوى الملك بكبده ؟
فأفتى القاضي الظالم بأن قتل أحد من الناس ليأخذالملك كبده ليشفى به حلالاً ..
أحضروا الفتى ليذبحوه ذبح الشاة وكان الملك مطلاً عليه فرأى الغلام ينظر إلى جلاده ثم يرفع عينيه الى السماء ويبتسم فأسرع الملك نحو الفتى وسأله متعجباً : لماذا تضحك وقد أوشكت على الهلاك ؟

قال الفتى : كان يجب على والدي أن يرحما ولدهما وكان يجب على القاضي أن يعدل في قضائه كان على الملك أن يعفو .. أما أبي وأمي فقد غرهما طعام الدنيا فسلما لك روحي والقاضي سألته فخافك ولم يخف الله فأحل لك دمي وأنت يا سيدي رأيت شفائك في قتل بريء ولكل هذا لم أر ملجأ لي غير ربي فرفعت رأسي إليه راضياً بقضائه فتأثر الملك من قول الفتى وبكى وقال : إذا مت وأنا مريض خير من أن أقتل نفساً زكية ثم أخذ الفتى وقبله وأعطاه ما يريد .. وقيل بعد ذلك أنه لم يمضي على هذه الأحداث أسبوع حتى شفي الملك من مرضه !!

70. تامر والثعبان2
كان الفتى تامر ينظر الى بعض الأولاد ، وأحدهم يمسك بقطة من رقبتها ليخنقها ، المسكينة تصيح وتستغيث. وكان الطفل يحكم قبضته حول رقبة القطة ، ويزيد من ضغطه عليها وأحيانا يحملها من ذيلها ويجعلها تتأرجح بين يديه ، والقطة تستنجد ، وكان هذا الطفل يقهقه بأعلى صوته مسرورا بما يفعله . وكان تامر هادئا لا يريد أن يفعل شيئا مضرا بزملائه.فكان اسلوب تعامله معهم أدبيا ، لأنه يرى أن المشاجرة لا تجدى نفعا ، وتقدم تامر الى الطفل..وطلب منه أن يكف عن أذى الحيوان ، وأفهمه أن لهذه القطة فوائد في المنزل ، وفي أي مكان وجدت فيه..فهي عدوة للفئران والحشرات الضارة ، فهي تقضي عليهم ولا تجعل لهم أثرا ، وأن من الواجب أن يترك الانسان الحيوانات وشأنها.لأنها أليفة ، وبالتالي لاتضر..ثم قال له:ماذا تستفيد من تعذيبها بهذا الشكل؟
وهي عاجزة عن المقاومة، وبحاجة الى رعاية ،وكانت القطة المسكينة تنظر الى تامر لعله يخلصها من اليد القابضة عليها ، وهنا رق الطفل وشكر تامرا على نصيحته الجيدة ، وأعترف بأن هذا فعلا حيوان لا يضر ، وقال لتامر: إنه لا يدري أن عمله هذا ردئ ، حيث أنه لم يسمع من أحد في البيت أو من أصدقائه ما سمعه من تامر ، وعاد تامر الى منزله ،وذات يوم ، قبل أن يأوي الى النوم..تذكر أنه يريد أن يشرب من الثلاجة الموجودة بالمطبخ ، فاتجه اليها ، وبعد أن شرب رأى نورا خافتا من جهة الباب الخارجي للمنزل ، فتذكر أن والده سيتأخر وأن عليه أن يغلق الباب ، وتقدم تامر ليغلق الباب وفجأة !!لاحظ شيئا ما أمام عينه يا الله..إنه ثعبان..وكان طويلا..فصرخ تامر فزعا.واخذ تامر يستغيث ويحاول أن يجد له مخرجا من هذا المأزق ، ولكن الطريق أمامه مسدودة ، فهو لايدري ماذا يفعل..واضطربت أنفاسه، وكاد يغمى عليه..وبينما هو في فزعه!!نظر حوله فإذا بالقط يمسك بذلك الثعبان بين أنيابه ، وقد قضى عليه ، وقد عرف تامر أن هذا هو القط الذي أنقذه ذات يوم من ذلك الطفل ، وقد أمتلأ جسمه ، وأصبح في صحة جيدة ، ونظر القط الى تامر..وكأنه يقول له:وانني أرد لك الجميل ياتامر :وعاد تامر بعد أن أغلق الباب الى غرفته يفكر..كيف أن فعل الخير يدخر لصاحبه..حتى يوّفى له..فتعلم درسا طيبا..وقرر أن تكون حياته سلسلة من الاعمال الخيرية.

71. بطل رغم أنف الجميع3
سياسه ولا رياضه ــ رياضه ولا سياسه

قصه قصيره 6 ــ 8 ــ 2005

تأمل أحمد اليد الممتده اليه ..والتىجذبته بعنف الى الوراء ليعود بذاكرته لأول يد امتدت اليه لتنقذه من الفقر وتصعد به الى أعلى درجات سلم النجاح
كابتن توفيق ..بطل التايكوندو الشهير..كان عضوا فى لجنة التحكيم لبطولة مراكز الشباب فى الكاراتيه على مستوى القاهره
من أول وهله ..لفت انتباهه ذلك الصبى الأسمر بعينيه المتقدتين ببريق الإصرار
أحمد ابن الأستاذ عبد الباسط الموظف البسيط الكادح الذى تنحصر كل آماله فى الحياه أن يصبح أبناءه فى أفضل المراكزوكان يعتبر الرياضه مضيعة للوقت والمذاكره
الا أن أمه ربة البيت الفاضله ألحقته بمركز الشباب رغم أنف أبيه لما ارتأته من حبه الشديد للرياضه
استطاع الكابتن توفيق بعزيمته الماضيه اقناع الوالد بضم أحمد الى فريق التايكوندو الذى يشرف توفيق على تدريبه فى أكبر نادى فى مصر
وبفضل الكابتن توفيق الذى رأى فى البطل الصغير حلم عمره وامتداد له ..تغيرت حياة أحمد تماما وبدأ يحصد الجوائز والبطولات حصدا ...حتى جاءت العقبه الكبرى لأى رياضى مصرى..الثانويه العامه
ليحطم أحمد كل آمال أبيه ويرسب...لأن بطولة العالم جاءت متزامنه مع امتحانات الثانويه ولم يشفع لأحمد عند أبيه فوزه بالبطوله ولا الميداليات التى عاد بها
وحبسه فى البيت....... وخاصمه
لكن يد الكابتن توفيق امتدت اليه من جديد لتنقذه وتقنع والده بأن هذا الفتى قدر الله له أن يكون رياضيا
وبرغم سخط الأب الشديد... ترك ابنه يفعل ما يريد واكتفى بإعلان المقاطعه لكل ما يقوم به ولده
ويترك أحمد الدراسه تماما ليسطع نجمه فى سماء الرياضه وينتقل من بطوله الى بطوله ومن نصر الى نصر
وبمساعدة الكابتن توفيق الذى استطاع التأثير فى المسؤلين عن اللعبه ليعهدوا الى مدرب أجنبى لتدريبه حتى وصل الى أكبر حلم يمكن أن يصل اليه رياضى
الأولـــــــــــمـــــــــبـــــيـــــــــــاد.......
وهناك ...ينتقل من مباراه الى مباراه فى انتصارات متواليه ويتغلب على جميع منافسيه حتى يصل الى المباراه النهائيه
ولم يبق على الميداليه الذهبيه سوى مباراه واحده
لكنه ....يتلقى على رأسه صاعقه تزلزل كيانه
كان يتابع بشغف وهو جالس فى الملعب المباراه قبل النهائيه بين لاعبين سوف يقابل أحدهما فى المباراه النهائيه بعد أن تغلب على منافسه بسهوله
وخلافا لكل توقعات الحكام والمدربين وخبراء اللعبه والجمهور استطاع اللاعب الأضعف أن يهزم اللاعب المرشح للمباراه النهائيه..لم يكن يقلقه قوة اللاعب ولا مستواه الفنى فلقد تغلب على من هم أقوى وأمهر منه
انما كان يقلقه حقا أن اللاعب ليفى راؤول هو ....
اسرائيلى الجنسيه
لن ألعب هذه المباراه
قالها أحمد لمدربه بعصبيه شديده
قال المدرب بغضب : هل جننت؟ أتريد أن تتخلى عن الميداليه الذهبيه من أجل هذا السبب التافه؟
ينفعل أحمد : ليس سبب تافه ...الا تفهم.... انه اسرائيلى وأنا مصرى
المدرب : أنت رياضى ..لا سياسه فى الرياضه ولا رياضه فى السياسه
أتريد تحطيم مستقبلك؟..كل ما بنيته فى السنوات الماضيه لا قيمة له اذا لم تحصل على الميداليه الذهبيه
أنت أقوى منه بكثير ..ستحصل عليها مؤكد
أحمد بتردد : وكيف سأعود الى بلدى ......وماذا سيقول عنى الناس؟
المدرب : سيحملونك على أعناقهم لأنك انتصرت عليه
أحمد بشرود : وأبى...كيف أواجهه؟
المدرب بسخريه : أتفكر فى أباك الذى كاد أن يدمر مستقبلك
ويحرمك من حلمك؟
لا تستسلم لدعاة الإنهزاميه لا يستطيع أحد أن يلومك ..فأنتم الآن فى سلام..وهناك علاقات بينكم وبينهم
هذه آخر فرصة لك لتحصل على ميداليه ذهبيه أولمبيه
لاأمل لك فى الدوره القادمه بعد أن يكبر سنك
أمسك كتفيه وأخذ يهزهما بقوه وعينيه تلمعان فى جنون :
يجب أن تفوز ...يجب أن تفوز رغم أنوفهم جميعا
جلس أحمد فى مقاعد المتفرجين الخاليه ليلة المباراه النهائيه
بعد انتهاء منافسات اليوم
أخذ ينظر بشرود الى الملعب الذى ستقام عليه المباراه ورأسه يشتعل بنيران الحيره والتردد
استفاق من شروده على يد تطرق كتفه...
كابتن توفيق : كنت أعلم أنى سأجدك هنا فلا أحد يعرفك مثلى
لقد ربيتك منذ أن كنت صبيا...........
والدك هنا
أقنعت اللجنه أن تتكفل بنفقات سفره..ليرى ابنه البطل وهو يحصل على الميداليه الذهبيه
زفر أحمد زفره حاره فوالده هو آخر انسان فى العالم يتمنى أن يراه الآن
توفيق بتعاطف : أمازلت مترددا؟
أحمد بأسى : كل شئ مشوش فى رأسى...لا أستطيع اتخاذ قرار..كلا الأمرين أحلاهما مر
ثم نظر الى توفيق وكأنما يطلب منه العون :
ماذا كنت ستختار لو كنت مكانى؟
تنهد توفيق بعمق : ليتنى أستطيع مساعدتك ..ان ظروفى مختلفه تماما...فأنا لم أعيش حياتى كلها أناضل من أجل أن أثبت لأبى أننى ناجح
أنت الوحيد الذى يجب أن يقرر ..فلا أحد سيتحمل تبعات اختيارك غيرك
كل ما أستطيع فعله اذا ما قررت الإنسحاب من المباراه
هو أن نفعل ذلك دون استثارة الحكام أو اللجنه
فلنقل انك مريض ..أو انكسر ذراعك أو ساقك
ستقضى عدة أشهر فى العلاج ..لكنك ستحتفظ بميداليه فضيه أفضل من عودتك خالى الوفاض
يجب أن تقرر سريعا ..فلم يبقى على المباراه الا سويعات

ضغط أحمد قبضته بقوه محاولا السيطره على أصابعه التى ترتعد بشده وهو ينظر الى تلك اليد التى امتدت له بالسلام قبل بداية المباراه ...يد اللاعب ليفى راؤول
كان الصراع رهيبا بداخله
رفع عينيه لينظر الى تلك العينين المملوءتين بالتحدى الساخر السافر..وتلك الإبتسامه الصفراء المتشفيه
رفع عينيه لأعلى الى الجمهور..لتقع على وجه أبيه الجامد من أى تعبير..وبجانبه أحلام كابتن توفيق وأمنياته التى يضعها على أكتاف أحمد
ثم قلق المدرب ونظراته المليئه بالتحفيز والدفع
أدار أحمد ظهره لليد الممدوده اليه...واتجه الى منصة الحكام
وألقى اليهم ببضع كلمات
مرت دقائق وانساب صوت رئيس الحكام عبر مذياع الصاله ليعلن فوز ليفى راؤول بالميداليه الذهبيه وخروج أحمد من المنافسه تماما نظرا لإنسحابه من المباراه بطريقه غير لائقه
فرح الفريق الإسرائيلى بزميلهم الذى وقف غير مصدق وعيناه تنضحان بكراهيه لا حدود لها لأحمد
وقفت جماهير الجاليات العربيه التى كانت تملأ أغلب مقاعد الصاله فى أماكنها غير مصدقه ما حدث
استدار أحمد ونظر الى الجمهور..ثم أخذ نفس عميق وكأنما قد أزاح عبئا ثقيلا عن كاهله..ثم اتجه بخطوات ثابته نحو الفريق المصرى عابرا الصاله الواسعه وعندما وصل الى منتصف الملعب ..فعل شئ غريب لا يتوقعه أحد لقد انحنى مغرقا جبينه فى الأرض مغمضا عينيه فى سجدة شكر طويله
وغرقت الصاله فى بحور الصمت المعبر عن الذهول من ذلك التصرف الغريب الذى لا يصدر الا عن بطل منتصر
فتح أحمد عينيه على صوت سقفه وحيده شقت جدار الصمت ووصلت الى أذنيه..رفع رأسه على صوت الثانيه ..نهض مع الثالثه والرابعه ليجد أباه واقفا فى مكانه يصفق وحيدا ويرميه بنظرات ملئ بالحب والفخر والجميع ينظر اليه بدهشه وعجب ....وقف الكابتن توفيق يشارك أبو أحمد بالتصفيق ..تلاه زملاؤه فى الفريق بعدها غرقت القاعه فى طوفان من التصفيق والفرحه والإعجاب
وأحمد ينظر اليهم غير مصدق
ترك الأب مكانه بمنتهى الحماس واختطف العلم من أحد اللاعبين وذهب الى ابنه الواقف ذاهلا فى منتصف الملعب
رفع العلم ولف به كتفى ابنه واحتضنه بمنتهى الحب ودموع الفرح تسيل وتسيل تذيب جبال الجليد بين الأب وولده
أمسك كتفيه ونظر فى عينيه وهو يصرخ بمنتهى الحماس :
هذا هو ابنى البطل ..نعم ..أنت بطل رغم أنوفهم جميعا
وقف الحكام والجماهير الأجنبيه يراقبون ذلك المشهد الغريب المثير للجنون
لقد انطلق الجمهور من جميع أنحاء الصاله يحيطون بالمنهزم..يحتضنونه..يصافحونه ..يهنئونه..ويرفعونه فوق أكتافهم...وهو يبكى بذهول مما يحدث
انسابت عبرآذانهم أغنيه ..بدأها أحد زملاء أحمد فى الفريق
لتنتشر بين الجماهير العربيه الكثيره...ويرددها الجميع بصوت يرج أركان الملعب رجّا
بلادى بلادى بلادى ...........لك حبى وفؤادى

غدا.....................
سوف تنطفئ الشعله الأولمبيه لهذه الدوره والدورات التى بعدها........وقد يتذكر الناس أو ينسوا أسماء الذين حصدوا الجوائز والميداليات
لكنهم أبدا لن ينسوا ذلك البطل
الذى أصبح بطلا .......رغم أنف الجميع

72. الله معي الله ناظري الله شاهدي
أورد الغزالي في إحياء علوم الدين هذه القصة اللطيفة فقال : قال سهل بن عبدالله التستري : كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوما : ألا تذكر الله الذي خلقك ، فقلت : كيف أذكره ؟ فقال : قل بقلبك عند تقلبك بثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك

به لسانك ، الله معي ، الله ناظري ، الله شاهدي ، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته ، فقال : قل في كل ليلة سبع مرات ، فقلت ذلك ثم أعلمته ، فقال : قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة ، فقلته ، فوقع في قلبي حلاوته ، فلما كان بعد سنة ، قال لي خالي : احفظ ما علمتك ، ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة ، فلم أزل على ذلك سنين ، فوجدت لذلك حلاوة في سري ، ثم قال لي خالي يوما : يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده ، أيعصيه ؟ إياك والمعصية ، فكنت أخلو بنفسي فبعثوا بي إلى المكتب ، فقلت إني لأخشى أن يتفرق علي همي ، ولكن شارطوا المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع ، فمضيت إلى الكُتّاب ، فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين ، وكنت أصوم الدهر وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشرة سنة .

73. صلاح الدين ومعلمه نور الدين
كانا يمضيان على جوادين.... والشمس خلفهما.... وظلهما امامهما.
فقال نور الدين لصلاح الدين:- يا صلاح الدين، هل يمكن ان تدرك ظلك؟
فعدا صلاح الدين بحصانه، فلم يقدر ان يدرك ظله!
وفي طريق عودتهما استقبلا الشمس فكان ظلهما خلفهما.... فقال نور الدين:- يا صلاح الدين، هل يمكنك ان تنفك عن ظلك الذي يتبعك؟
فحاول صلاح الدين فلم يقدر.... فقال نور الدين:- ان الدنيا مثل هذا الظل ان طردته فر.... وان فررت منه طلبك.
سألني صاحبي وهو يحاورني؟؟؟؟؟

سألني صاحبي وهو يحاورني : كيــف تتوضأ ؟
قلت ببرود : كما يتوضأ الناس ..!!
فأخذته موجة من الضحك حتى اغرورقت عيناه بالدموع ثم قال مبتسماً :
وكيف يتوضأ الناس ..؟!
ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت : كما تتوضأ أنت …!
قال في نبرة جادة : أما هذه فلا .. لأني أحسب أن وضوئي على شاكلة أخرى
غير شاكلة ( أكثر ) الناس ..
قلت على الفور : فصلاتك باطلة يا حبيبي .. !!

فعاد إلى ضحكه ، ولم أشاركه هذه المرة حتى الابتسام ..

ثم سكت وقال : يبد أنك ذهبت بعيداً بعيدا ..

إنا أعني ، أنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة _ علمني إياها شيخي _ فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ، وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها ..!!

وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي ,, فلم يمهلني حتى أسأل وواصل :

أسوق بين يديك حديثاً شريفاً فتأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً :

- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" إذا توضأ المسلم فغسل وجهه :

خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قط الماء ..

فإذا غسل يديه : خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه ..

فإذا غسل رجليه : خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه ..

حتى يخرج نقياً من الذنوب .."

- وفي حديث آخر :

" فإن هو قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه ،

وفرّغ قلبه لله تعالى : انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه ." -

- وسكت صاحبي لحظات وأخذ يسحب نفسا من الهواء العليل

منتشيا بما كان يذكره من كلمات النبوة .. ثم حدق في وجهي وقال :

لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ،

فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة !!

قلت : ياااااه !! كيف فاتني هذا المعنى ..!؟

والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى .. إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ، ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية …!

-

- قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور ..:

وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ، تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ، تصقل بها قلبك عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة ..!!

المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك ..

– قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة ..

أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ..نور على نور .. ومعانٍ تتولد من معانٍٍ ..!! - قال وهو يبتسم :

بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها

بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية !!

- قلت وأنا أشعر أن قلبي أصبح يرف ويشف ويسمو:

أتعرف يا صاحبي ..

أنك بهذه الكلمات قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ، ما كان يخطر لي على بال ،

وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .

- منذ ذلك اليوم .. كلما هممت أن أتوضأ ،

سرعان ما أستحضر كلمات صاحبي ، فأجدني في حالة روحية رائعة وأنا أغسل أعضائي بالنور لا بالماء ..!!

يا لله كم من سنوات ضاعت من حياتي ، وأنا بعيد عن هذه المعاني السماوية الخالصة ..

يا حسرة على العباد …!!

- لو وجد الناس دفقة من هذه المعاني السماوية تنصب في قلوبهم ،

لوجدوا أنسا ومتعة وجمالا وصقلا واضحا لقلوبهم أثناء عملية غسل أعضائهم

بهذا النور الخالص .

- اللهم جاز عني صاحبي خير ما جازيت داعية عن جموع من دعاهم إليك ..

* * *

.. - عدت أقرأ الحديث من جديد فإذا بي أقول :

- ما أعظم ربنا وأحلمه وأكرمه ..! جل شأنه ، وتبارك اسمه ..

أجر عظيم لا يتصور .. بعمل قليل لا يذكر ..!

لو قيل للناس : من توضأ في المكان الفلاني وأحسن الوضوء ، فله ألف درهم مع كل عملية وضوء جديدة !!

- لو قيل ذلك : : لرأيت الناس يتدافعون ويتزاحمون على ذلك المكان ،

.. وقد يقتتلون ، ليبادروا إلى الوضوء بين الساعة والساعة ..!

.. بل بعد كل خمس دقائق وضوء جديد …!!

- عجيب أمر هؤلاء الناس ..!!

- انظر بماذا وعدهم الله جل جلاله .. ومع هذا تكاسلوا عن الوضوء ..

- وانظر بماذا وعدهم الناس وكيف تزاحموا وتقاتلوا …!

لا إله إلا الله .. !

اللهم خذ بنواصينا إليك أخذ الكرام عليك .

.. وأكرمنا ولا تهنا ..وزدنا ولا تنقصنا

74. حياة وأمل

'كان همام في قمة السعادة حينما أيقظته والدته لكي يستعد لسفر لأداء العمرة. وكان همام الذي يعيش في جمهورية مصر العربية والذي قد بلغ من العمر أربعة عشر عامًا سيركب الباخرة مع أهله للنزول في ميناء جدة. مضى الوقت سريعًا وبدأت السفينة في الإبحار، وفي ذلك الوقت كانت العائلة في المطعم تتناول الغداء، واستغل همام انشغال الجميع وذهب إلى سطح السفينة ليشاهد ويتمتع بمنظر البحر.
وذهب همام إلى نهاية السفينة وبدأ ينظر إلى أسفل، وانحنى أكثر من اللازم وكانت المفاجأة وقع همام في البحر، وأخذ يصرخ ويطلب النجدة ولكن بدون جدوى، وأخيرًا كان هناك أحد المسافرين وهو رجل في الخمسينات من عمره فسمع صراخ همام، وبسرعة ضرب جهاز الإنذار ورمى نفسه في المياه لإنقاذ همام. تجمع المسافرون وهرول المتخصصون وبسرعة ساعدوا الرجل وهمام وتمت عملية الإنقاذ، ونجا همام من موت محقق.
وعندما خرج من المياه ذهب همام إلى والديه واعتذر عما صدر منه، وأخذ يبحث عن الرجل الذي أنقذه حتى وجده واقفًا في ركن من الأركان، وكان ما زال مبللاً بالمياه جرى إليه وحضنه وقال:
'لا أعرف كيف أشكرك لقد أنقذت حياتي من الغرق'.
فرد الرجل عليه قائلاً: 'يا بني أتمنى أن حياتك تساوي إنقاذها'.
هل فهمت هذا المثل جيدًا؟
والآن دعني أسألك:
هل حياتك تساوي إنقاذها؟
هل تريد أن تترك بصمات نجاحك في الدنيا؟
هل قررت أن تتغير للأفضل وأن ترتقي في حياتك؟
هل نويت أن تتقرب إلى الله وتحرص على محبته ورضاه؟
هل اشتريت الجنة التي خلقت لتسكن فيها؟
ابدأ من اليوم في تغيير نفسك وتذكر قول الشاعر:
ما الحياة إلا أمل يصاحبها ألم ويفاجئها أجل.
ونعلم أنك قد تفكر في ميلك إلى إجراء العديد من التغييرات لكنك لا تعرف من أين تبدأ؟ لا تحاول أن تجرب عمل الكثير مرة واحدة. حدد أي التغييرات التي عليك القيام بها أولاً ؟ فلأن تضيء شمعة واحدة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة.

75. أنت جزرة....ام بيضه.....ام حبة قهوة مطحونة ؟؟؟

إشتكت إبنة لأبيها مصاعب الحياة ، وقالت إنها لا تعرف ماذا تفعل لمواجهتها ، وإنها تود الإستسلام ، فهي تعبت من القتال والمكابدة . ذلك إنه ما أن تحل مشكلة تظهر مشكلة أخرى.
إصطحبها أبوها إلى المطبخ وكان يعمل طباخا ... ملأ ثلاثة أوان بالماء ووضعها على نار ساخنه ... سرعان ما أخذت الماء تغلي في الأواني الثلاثة.
وضع الأب في الإناء الأول جزرا وفي الثاني بيضة ووضع بعض حبات القهوه المحمصه والمطحونه ( البن ) في الإناء الثالث .. وأخذ ينتظر أن تنضج وهو صامت تماما.... نفذ صبر الفتاة ، وهي حائرة لا تدري ماذا يريد أبوها...!  إنتظر الأب بضع دقائق .. ثم أطفأ النار .. ثم أخذ الجزر ووضعه في وعاء .. وأخذ البيضة ووضعها في وعاء ثان .. وأخذ القهوه المغليه ووضعها في وعاء ثالث.
ثم نظر إلى ابنته وقال : يا عزيزتي ، ماذا ترين؟ أجابت الإبنة : جزر وبيضة وبن..
ولكنه طلب منها أن تتحسس الجزر ..! فلاحظت أنه صار ناضجا وطريا ورخوا ..!
ثم طلب منها أن تنزع قشرة البيضة.. ! فلاحظت أن البيضة باتت صلبة ..!
ثم طلب منها أن ترتشف بعض القهوة ..! فابتسمت الفتاة عندما ذاقت نكهة القهوة الغنية..! سألت الفتاة : ولكن ماذا يعني هذا يا أبي؟
فقال: إعلمي يا ابنتي أن كلا من الجزر والبيضة والبن واجه االخصم نفسه، وهو المياه المغلية...  لكن كلا منها تفاعل معها على نحو مختلف.
لقد كان الجزر قويا وصلبا ولكنه ما لبث أن تراخى وضعف، بعد تعرضه للمياه المغلية.
أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية تحمي سائلها الداخلي ، لكن هذا الداخل ما لبث أن تصلب عند تعرضه لحرارة المياه المغلية.
أما القهوة المطحونه فقد كان رد فعلها فريده ... إذ أنها تمكنت من تغيير الماء نفسه.
ومـاذا عنـك ؟
هل أنت الجزرة التي تبدو صلبة..ولكنها عندما تتعرض للألم والصعوبات تصبح رخوة طرية وتفقد قوتها ؟
أم أنك البيضة .. ذات القلب الرخو .. ولكنه إذا ما واجه المشاكل يصبح قويا وصلبا ؟
قد تبدو قشرتك لا تزال كما هي .. ولكنك تغيرت من الداخل .. فبات قلبك قاسيا ومفعما بالمرارة!
أم أنك مثل البن المطحون .. الذي يغيّر الماء الساخن ..( وهو مصدر للألم ).. بحيث يجعله ذا طعم أفضل ؟!
فإذا كنت مثل البن المطحون .. فإنك تجعلين الأشياء من حولك أفضل إذا ما بلغ الوضع من حولك الحالة القصوى من السوء .
فكري يا ابنتي كيف تتعاملين مع المصاعب...
فهل أنت جزره أم بيضة أم حبة قهوه مطحونة ؟

76. عندما ترى الآخرين بشكل مختلف
في إحدى ليالي خريف 1995، و أثناء إبحار إحدى السفن الحربية الأمريكية العملاقة بسرعة كبيرة بالقرب من السواحل الكندية، أظهرت أجهزة الرادار جسما هائلا في طريقه إلى الاصطدام بالسفينة.
هرع القبطان إلى جهاز اللاسلكي وخاطب الجهة الأخرى ........
القبطان: هنا قبطان السفينة الحربية الأمريكية ، مطلوب تغيير الاتجاه بمقدار 15 درجة إلى الجنوب ، لتفادي الاصطدام. أكرر تغيير الاتجاه بمقدار 15 درجة للجنوب لتفادي الاصطدام ... حوّل .
الجهة الأخرى : علم ... هنا السلطات الكندية، الطلب غير كاف. ننصح بتغيير الاتجاه بمقدار 180درجة... حوّل . القبطان: ماذا تعني ..! أنا أطلب منكم تغيير اتجاهكم بمقدار 15درجة فقط نحو الجنوب لتفادي الاصطدام ؟ أما عن سفينتنا فليس ذلك من شأنك ... ولكننا سنغير اتجاهنا بمقدار 15 درجة ولكن نحو الشمال . لتفادي الاصطدام أيضاً . حوّل.
الجهة الأخرى: هذا غير كاف. ننصح بتغيير اتجاهكم بمقدار 180 أو على الأقل 130درجة . حوّل .
القبطان: لماذا تجادل وتصر على إصدار الأوامر؟ دون أن تقوم أنت بتفادي التصادم بالمقدار ذاته؟ نحن سفينة حربية أمريكية، فمن أنتم على أي حال؟
الجهة الأخرى: نحن حقل بترول عائم! ولا نستطع الحركة !!! احترس !!
لكن الوقت كان قد استنفد في هذا الحوار اللاسلكي غير المثمر، واصطدمت السفينة بالحقل البترولي.
والدرس الذي تتعلمه من هذه القصة هو ألا تفترض أن الجهة الأخرى لها مثل مواصفاتك . فليس الهدف الوحيد للاتصال أن تبعث برسالتك إلى الآخرين بل يجب أن يكون هدفك رباعي الأبعاد:
أن تفهم الطرف الآخر،
ثم أن تستقبل رسالته،
ثم أن تجعل نفسك مفهوماً،
و أخيراً أن تبعث برسالتك إليه.

77. الملك والساقي والجرتين
كان لأحد الملوك ساقي يحضر له الماء يوميا
وكان عند الساقي جريتين
واحدة سليمة والأخرى فيها تشققات
وكان يملاهما بالماء ويأخذهم للملك
الملك كل يوم يشرب من الجرة السليمة ويزعجه شكل الجرة القديمة التي فقدت نصف ماءها وابتلت من خارجها
في احد الأيام
اشتكت الجرة القديمة للساقي وقالت له
لماذا تعذبني هكذا وتجعلني اذهب كل يوم عند الملك
وهو كل يوم يفضل الأخرى
اذا كنت لا اصلح فاتركني واشتري جرة جديدة
قال لها الساقي اصبري غدا سأبين لك لماذا احتفظ بك
وفي الغد
ملا الجرتين كالعادة
ثم قال لها انظري خلفك
فرات ان الجهة التي تمر منها كل يوم امتلأت بالخضرة والأزهار والتف حوله الفراشات والنحل بسبب الماء الذي تفقده كل يوم
اما الجرة السليمة فكانت جهتها جافة قاحلة لأنها لم تكن تترك ماء في الطريق
ثم قال لها الساقي
هذا دورك أنت ولا تقارني نفسك بالجرة السليمة التي ليس لها إلا سقاية الملك
أما أنت فلك رسالة اكبر وانظري للذين يستفيدون منك العبرة
على صاحب الرسالة أن يقارن نفسه بالناس الذين يأكلون ويتمتعون كالأنعام
ربما صحيح قد يكون عندهم مال أو جاه أكثر منه
لكن دوره في الحياة أعمق واكبر

78. هل ابتلعت أفعى ذات يوم؟
توجد قصة تحكي عن فلاح أرسلوه بزيارة إلى منزل رجل نبيل, استقبله السيد ودعاه إلى مكتبه وقدم له صحن حساء. وحالما بدأ الفلاح تناول طعامه لاحظ وجود أفعى صغيره في صحنه.وحتى لا يزعج النبيل فقد اضطر لتناول صحن الحساء بكامله. وبعد أيام شعر بألم كبير مما اضطره للعودة إلى منزل سيده من اجل الدواء. استدعاه السيد مره أخرى إلى مكتبه, وجهز له الدواء وقدمه له في كوب. وما إن بدا بتناول الدواء حتى وجد مره أخرى أفعى صغيره في كوبه. قرر في هذه المرة ألا يصمت وصاح بصوت عال أن مرضه في المرة السابقة كان بسبب هذه الأفعى اللعينة. ضحك السيد بصوت عال وأشار إلى السقف حيث علق قوس كبير, وقال للفلاح: انك ترى في صحنك انعكاس هذا القوس وليس أفعى- في الواقع لا توجد أفعى حقيقية
نظر الفلاح مره أخرى إلى كوبه وتأكد انه لا وجود لأيه أفعى, بل هناك انعكاس بسيط, وغادر منزل سيده دون أن يشرب الدواء وتعافى في اليوم التالي
عندما نتقبل وجهات نظر وتأكيدات محدده عن أنفسنا وعن العالم المحيط فإننا نبتلع خيال الأفعى. وستبقى هذه الأفعى الخيالية حقيقية ما دمنا لم نتأكد من العكس
ما أن يبدأ العقل الباطن بتقبل فكره أو معتقد ما سواء كان صائبا أو لا , حتى يبدا باستنباط الأفكار الداعمة لهذا المعتقد. نفترض انك تعتقد, بدون أي وعي, أن أقامه علاقة مع الآخر أمر معقد وليس سهلا. وبتجذره, سوف يغذي هذا المعتقد ذهنك بأفكار من نوع: لن التقي أبدا الشخص الذي سيعجبني, يستحيل إيجاد شريك جيد, ..الخ, وما أن تتعرف على شخص ممتع حتى يبدأ ذهنك بتدعيم الأفكار السابقة (كما يبدو انه ليس جيدا لهذا الحد) (لن أحاول حتى التجريب, لأنه لن يحصل أي شيء) كما أن ذهنك الذي تجذرت فيه فكره (من الصعب أقامه علاقة متينة) سوف يجذب كالمغناطيس الظروف الداعمة لهذا التأكيد ويهمل, بل يصد, الحالات التي تثبت العكس. أن العقل قادر على تشويه صوره الواقع ليصبح ملائما ومطابقا لوجهات نظرك.

79. هل تفضل الجنون
السؤال غريب .. صح
بس أحيانا يكون الجنون قمة العقل فعلا
هتتأكدوا من الكلام ده لما تقرأوالمقال
ولينا وقفة بعد القراءة
يحكي ان طاعون الجنون نزل في نهر يسري في مدينة ..فصار الناس كلما شرب منهم احد من النهر يصاب بالجنون ،وكان المجانين يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها العقلاء ،واجه الملك الطاعون وحارب الجنون
حتى اذا ما اتي صباح يوم استيقظ الملك واذا الملكة قد جنت ،وصارت الملكة تجتمع مع ثلة من المجانين تشتكي من جنون الملك !! نادى الملك بالوزير : يا وزير الملكة جنت أين كان الحرس ،الوزير : قد جن الحرس يا مولاي الملك : اذن اطلب الطبيب فورا الوزير : قد جن الطبيب يا مولاي الملك : ما هذا المصاب ، من بقي في هذه المدينة لم يجن ؟ رد الوزير : للأسف يا مولاي لم يبقى في هذه المدينة لم يجن سوى أنت وأنا ،الملك : يا الله أأحكم مدينة من المجانين!!الوزير : عذرا يا مولاي ، فان المجانين يدعون أنهم هم العقلاء ولا يوجد في هذه المدينة مجنون سوى أنت وأنا!الملك : ما هذا الهراء ! هم من شرب من النهر وبالتالي هم من أصابهم الجنون!الوزير:الحقيقة يا مولاي أنهم يقولون إنهم شربوا من النهر لكي يتجنبوا الجنون،لذا فإننا مجنونان لأننا لم نشرب. ما نحن يا مولاي إلا حبتا رمل الآن،هم الأغلبية،هم من يملكون الحق والعدل والفضيلة ، هم الآن من يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون ..هنا قال الملك : يا وزير أغدق علي بكأس من نهر الجنون إن الجنون أن تظل عاقلا في دنيا المجانين.
بالتأكيد الخيار صعب
عندما تنفرد بقناعة تختلف عن كل قناعات الآخرين
عندما يكون سقف طموحك مرتفع جدا عن الواقع المحيط
هل تستسلم للآخرين؟؟ وتخضع للواقع؟؟ وتشرب الكأس؟؟
هل قال لك احدهم : معقولة فلان وفلان وفلان كلهم على خطأ وأنت وحدك الصح !
اذا وجه إليك هذا الكلام فاعلم انه عرض عليك لتشرب من الكأس ؟
عندما تدخل مجال العمل بكل طموح وطاقة وانجاز وتجد زميلك الذي يأتي متأخرا وانجازه متواضع يتقدم ويترقى وانت في محلك .. هل يتوقف طموحك؟ وتقلل انجازك؟ وتشرب الكأس؟
أحيانا يجري الله الحق على لسان شخص غير متوقع؟ مرت طفله صغيره مع أمها على شاحنه محشورة في نفق ... ورجال الإطفاء والشرطة حولها يحاولون عاجزين إخراجها من النفق ..قالت الطفلة لأمها .. أنا اعرف كيف تخرج الشاحنة من النفق !استنكرت الأم وردت معقولة كل الاطفائيين والشرطة غير قادرين وأنت قادرة ! ولم تعط أي اهتمام ولم تكلف نفسها بسماع فكرة طفلتها،تقدمت الطفلة لضابط المطافئ : سيدي افرغوا بعض الهواء من عجلات الشاحنة وستمر !وفعلا مرت الشاحنة وحلت المشكلة وعندما استدعى عمدة المدينة البنت لتكريمها كانت الأم بجانبها وقت التكريم والتصوير !
(نظرية قطيع البقر....معهم معهم...عليهم عليهم)
وأحيانا لا يكتشف الناس الحق إلا بعد مرور سنوات طويلة على صاحب الرأي المنفرد
غاليلو الذي اثبت أن الأرض كروية لم يصدقه احد وسجن حتى مات !وبعد 350 سنة من موته اكتشف العالم انه الأرض كروية بالفعل وان غاليليو كان العاقل الوحيد في هذا العالم في ذلك الوقت.
ولكن هل بالضرورة الانفراد بالرأي أو العناد هو التصرف الأسلم باستمرار !
شهد مثلا تحدت أهلها وكل من حولها لتتزوج فهد لتكتشف بعد سنوات إن فهد أسوء زوج من الرجال! كم تمنت شهد أنها شربت من الكأس عندما عرض عليها حتى ارتوت !
كاتب مغمور اكثر على الناس بكتاباته الحادة حتى اعتزله الناس ليكتشف بعد سنوات انه كل كتاباته كانت ضربا من الهراء! كم تمنى هذا الكاتب انه شرب من هذا الكأس حتى ابتلت عروقه!
أذن ما هو الحل في هذه الجدلية هل نشرب من الكأس او لا نشرب ؟
دعونا نحلل الموضوع ونشخص المشكلة بطريقة علمية مجردة
رأي فردي مقابل رأي جماعي منطقيا
الرأي الجماعي يعطينا الرأي الأكثر شعبية وليس بالضرورة الأكثر صحة قد تقول أذن لا اشرب الكأس
لحظه!
في نفس الوقت نسبة الخطأ في الرأي الجماعي أقل بكثير من نسبة الخطأ في الرأي الفردي اذن تقول نشرب الكأس ..
تمهل قليلا !
من يضمن انه في هذه اللحظة وفي هذه القضية كانت نسبة الصواب في صالحك
اعرف أن الأمر محير شخصيا
عرض علي شخصياً الكأس مرات عديدة اشربه احيانا وارفض شربه احيانا كثيرة ........ الامر كله يعتمد على ايماني بالقضية وثقتي في نفسي وثقتي في الاخرين من حولي هذا بالنسبة الى خبرتي وقد تجاوزت الأن 61 عام ..
وألان السؤال موجه لك انت يا من تقرأ كلماتي هذه .. اذا عرض عليك الكأس أنت ..هل تفضل ان تكون مجنونا مع الناس ! او تكون عاقلا وحدك ؟
أنا عن نفسي أفضل أن أكون عاقل لوحدي ،عندما أرى بعض التصرفات التى لا تعجبني وأشكر ربي كثيرا أني لست مثلهم ،لكن كثيرا ما أتمنى أن اجن معهم ،لا أفكر
لكن فكر كيف تكون عنصراً ايجابياً في المجتمع
فأنت أكثر مما تتوقع

80. الطفل والمسمار

كان هناك طفل يصعب إرضاؤه, أعطاه والده كيس مليء بالمسامير وقال له : قم بطرق مسمارا واحدا في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص في اليوم الأول قام الولد بطرق 37 مسمارا في سور الحديقة , وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يوميا ينخفض.
الولد أكتشف أنه تعلم بسهوله كيف يتحكم في نفسه, أسهل من الطرق على سور الحديقة في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة الى أن يطرق أي مسمار قال له والده: الآن قم بخلع مسمارا واحدا عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك مرت عدة أيام وأخيرا تمكن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور قام الوالد بأخذ ابنه الى السور وقال له :( بني قد أحسنت التصرف, ولكن انظر الى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت)
عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة, فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح لا زال موجودا جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان.

81. فشل فيل !!

عندما كان عمره شهرين وقع الفيل الأبيض الصغير في فخ الصيادين في إفريقيا، وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة. وبدأ المالك على الفور في إرسال الفيل إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان، وأطلق عليه اسم 'نيلسون'، وعندما وصل المالك مع نيلسون إلى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل نيلسون بسلسلة حديدية قوية، وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد والصلب، ووضعوا نيلسون في مكان بعيد عن الحديقة، شعر نيلسون بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه، فما كان من بعد عدة محاولات إلا أن يتعب وينام، وفي اليوم التالي يستيقظ ويفعل نفس الشيء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى حتى يتعب ويتألم وينام.
ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وفشله، قرر نيلسون أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على الرغم أنه يزداد كل يوم قوة وكبر حجمًا، لكنه قرر ذلك وبهذا استطاع المالك الثري أن يروض الفيل نيلسون تمامًا.
وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائمًا ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب، مما كان من الممكن أن تكون فرصة لنيلسون لتخليص نفسه، ولكن الذي حدث هو العكس تمامًا.
فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تمامًا أن الفيل نيلسون قوي للغاية، ولكنه كان قد تبرمج بعدم قدرته وعدم استخدامه قوته الذاتية.
وفي يوم زار فتى صغير مع والدته وسأل المالك:  هي يمكنك يا سيدي أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟ فرد الرجل: بالطبع أنت تعلم يا بني أن الفيل نيلسون قوي جدًا، ويستطيع تخليص نفسه في أي وقت، وأنا أيضًا أعرف هذا، ولكن والمهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية .
ما المستفاد من هذا المثل؟
معظم الناس تبرمج منذ الصغر على أن يتصرفوا بطريقة معينة ويعتقدوا اعتقادات معينة، ويشعروا بأحاسيس سلبية معينة، واستمروا في حياتهم بنفس التصرفات تمامًا مثل الفيل نيلسون وأصبحوا سجناء في برمجتهم السلبية، واعتقاداتهم السلبية التي تحد من حصولهم على ما يستحقون في الحياة.
فنجد نسب الطلاق تزداد في الارتفاع والشركات تغلق أبوابها والأصدقاء يتخاصمون وترتفع نسبة الأشخاص، الذين يعانون من الأمراض النفسية والقرحة والصراع المزيف والأزمات القلبية ... كل هذا سببه عدم تغيير الذات، عدم الارتقاء بالذات.
حتمي ولا بد:  إن التغيير أمر حتمي ولا بد منه، فالحياة كلها تتغير والظروف والأحوال تتغير حتى نحن نتغير من الداخل، فمع إشراقه شمس يوم جديد يزداد عمرك يومًا، وبالتالي تزداد خبراتك وثقافاتك ويزداد عقلك نضجًا وفهمًا، ولكن المهم أن توجه عملية التغيير كي تعمل من أجل مصلحتك أكثر من أن تنشط للعمل ضدك.
إن الفيل نيلسون كمثال، تغير هو نفسه فازداد حجمًا وازداد قوة، وتغيرت الظروف من حوله فتبدلت الكرة الحديدية الكبيرة إلى كرة خشبية صغيرة، ومع ذلك لم يستغل هو هذا التغيير ولم يوجهه، ولم يغير من نفسه التي قد أصابها اليأس ففاتته الفرصة التي أتته كي يعيش حياة أفضل.
إن الله تعالى ـ قد دلنا على الطريق إلى الارتقاء بأنفسنا وتغيير حياتنا إلى الأفضل فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد:11.
ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد دلنا على الكيفية التي نغير بها أنفسنا، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: 'ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله'.
وقال صلى الله عليه وسلم: 'إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتحرر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه'.
فكل واحد فينا من الممكن بل من السهل أن يتغير للأفضل، ولكلما ازداد فهمك لنفسك وعقلك أكثر كلما سهل عليك التغير أكثر وهذا ما تحرص عليه هذه الحلقات أن تمنحك أدوات التغيير لنفسك ولعقلك، ولكن من المهم أن تتذكر دائمًا أن التغيير يحدث بصفة مستمرة، وأنك إن لم تستطيع توجه دفة التغير للأفضل فستتغير للأسوأ قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} المدثر:37.
فهو إما صعود أو هبوط؛ إما تقدم أو تأخر، إما علو أو نزول.  والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف أغير من نفسي؟ كيف أتحسن للأفضل؟ إليك أيها الأخ شروط التغيير
شروط التغيير الثلاثة:
الشرط الأول: فهم الحاضر:
الفرصة الخاصة بالتغير لا يمكن أن تتواجد إلا في وقتك الحاضر، وهذا يعني أن الشرط الأول من أجل تحقيق تغيير مجدٍ هو أن ترى بوضوح أين توجد الآن وفي هذه اللحظة. لا تخفِ نفسك بعيدًا عن الحقيقة الراهنة، فإذا كانت هناك بعض المظاهر التي لا تعجبك، فبوسعك أن تبدأ بتخطيط كيفية تغييرها، لكنك لو تظاهرت بعدم وجودها فلن تقوم بتغييرها أبدًا، ولذا فكن صريحًا مع نفسك منصفًا في رؤيتك لها على وضعها الحالي.
الشرط الثاني: لا تؤرق نفسك بالماضي:
إن الامتعاض بالأخطاء والهموم التي جرت بالأمس أمر مفهوم، لكنه من الخطأ أن تسمح للماضي أن يكون سجنًا لك، وبذلك فإن الشرط الثاني للتغيير المثمر هو المضي بخفة بعيدًا عن الماضي. إن الماضي بنك للمعلومات يمكنك أن تعلم منه، لكنه ليس بالشرك الذي يسقطك في داخله.
فخذ ما تشاء من الماضي من فوائد وخبرات ومعلومات، لكن إياك أن تعيشي في الماضي. أنت الآن شخص جديد أقوى بكثير من الماضي، وأفضل بكثير من الماضي، واستفدت من أخطاء الماضي فكيف تعيش فيه؟
الشرط الثالث: تقبل الشك في المستقبل:
قال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} النمل:65.
وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} الجـن:26.
إن المستقبل بالنسبة لنا أمر غيبي لا ندري ما الذي سيحدث فيه، ولكن هذا لا يعني ألا نضع الأهداف، وألا نخطط لمستقبلنا، هذا لا يعني ألا نتوقع ولا نتقبل الشك فيما قد يحدث لنا وللعالم حولنا لنكون على أهبة الاستعداد له، فعلينا الأخذ بالأسباب المتاحة لنا، وقد ادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ نفقة أهله لسنة كاملة. ولذا فكي نحقق تغييرًا مثمرًا فإننا بحاجة إلى ترك مساحة للمجهول المشكوك فيه.

82. الصدى

يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على التضاريس من حوله في جوٍ نقي بعيداً عن صخب المدينة وهمومها .. سلك الاثنان وادياً عميقاً تحيط به جبال شاهقة .. وأثناء سيرهما .. تعثر الطفل في مشيته .. سقط على ركبته.. صرخ الطفل على إثرها بصوتٍ مرتفع تعبيراً عن ألمه: آآآآه فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوتٍ مماثل:آآآآه نسي الطفل الألم وسارع في دهشةٍ سائلاً مصدر الصوت: ومن أنت؟؟
فإذا الجواب يرد عليه سؤاله: ومن أنت ؟؟ انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكداً: بل أنا أسألك من أنت؟ ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة: بل أنا أسألك من أنت؟ فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته المجابهة في الخطاب .. فصاح غاضباً " أنت جبان" فهل كان الجزاء إلا من جنس العمل.. وبنفس القوة يجيء الرد " أنت جبان " ...
أدرك الصغير عندها أنه بحاجة لأن يتعلم فصلاً جديداً في الحياة من أبيه الحكيم
الذي وقف بجانبه دون أن يتدخل في المشهد الذي كان من إخراج ابنه .
قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة
الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس .. تعامل _الأب كعادته _ بحكمةٍ مع الحدث ..
وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي": إني أحترمك " "كان الجواب من جنس العمل أيضاً.. فجاء بنفس نغمة الوقار " إني أحترمك " ..
عجب الابن من تغيّر لهجة المجيب .. ولكن الأب أكمل المساجلة قائلاً :"كم أنت رائع " فلم يقلّ الرد عن تلك العبارة الراقية " كم أنت رائع " ذهل الطفل مما سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيراً من أبيه لهذه التجربة الفيزيائية ....
علّق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة : "أي بني : نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء صدى .لكنها في الواقع هي الحياة بعينها .. إن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تعطيها ..
ولا تحرمك إلا بمقدار ما تحرم نفسك منها .. الحياة مرآة أعمالك وصدى أقوالك ..
إذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك ... إذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيرك ..
وإذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك .. إذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك ..
وإذا أردت الناس أن يستمعوا إليك ليفهموك فاستمع إليهم لتفهمهم أولاً ..
لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداء .
أي بني .. هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة .. وهذا ناموس الكون
الذي تجده في كافة تضاريس الحياة .. إنه صدى الحياة.. ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت...

83. متى تشتر لي بطاطس ؟؟

طبيبة في إحدى المستشفيات تقول :
دخلت علي في العيادة عجوز في الستينات بصحبة ابنها الثلاثيني...لاحظت حرصه الزائد عليها حتى فهو يمسك يدها و يصلح لها عباءتها ويمد لها الأكل والماء.. بعد سؤالي عن المشكلة الصحية وطلب الفحوصات ..سألته عن حالتها العقلية لأن تصرفاتها لم تكن موزونة ولا ردودها على أسئلتي..فقال إنها متخلفة عقليا منذ الولادة....تملكني الفضول فسألته.. فمن يرعاها ؟ قال أنا.. قلت والنعم ولكن من يهتم بنظافة ملابسها وبدنها قال أنا ادخلها الحمام واحضر ملابسها وانتظرها إلى أن تنتهي واصفف ملابسها في الدولاب واضع المتسخ في الغسيل واشتري لها الناقص من الملابس قلت ولم لا تحضر لها خادمة ! قال لأن أمي مسكينة مثل الطفل لا تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة .....اندهشت من كلامه ومقدار بره وقلت وهل أنت متزوج قال نعم الحمد لله ولدي أطفال ..قلت إذن زوجتك ترعى أمك؟..قال هي ما تقصر وهي تطهو الطعام وتقدمه لها وقد أحضرت لزوجتي خادمه حتى تعينها ..ولكن أنا احرص أن أكل معها حتى أطمئن عشان السكر !.....زاد إعجابي ومسكت دمعتي ! واختلست نظره إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة ...قلت أظافرها؟؟قال قلت لك يا دكتورة هي مسكينة ..طبعا أنا....نظرت الأم له وقالت متى تشتري لي بطاطس ؟؟ قال ابشري الحين اوديك البقاله !طارت الأم من الفرح وقامت تناقز الحين الحين . التفت الإبن وقال : والله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحة عيالي الصغار.. سويت نفسي اكتب في الملف حتى ما يبين أني متأثرة !وسألت ما عندها غيرك ؟قال أنا وحيدها لان الوالد طلقها بعد شهر .قلت اجل رباك أبوك قال لا جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات .قلت هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها اهتمت فيك؟أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟؟؟؟؟؟ قال دكتووووورة أمي مسكييييييييينة طول عمري من عمري عشر سنين وأنا شايل همها وأخاف عليها وأرعاها.
كتبت الوصفة وشرحت له الدواء......
مسك يد أمه وقال يله الحين البقاله...قالت لا نروح مكة ...استغربت قلت لها ليه تبين مكة ؟ قالت بركب الطيارة !!! قلت له هي ما عليها حرج لو لم تعتمر ليه توديها وتضيق على نفسك؟قال يمكن الفرحة اللي تفرحها لا وديتها أكثر أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها.
خرجوا من العيادة وأقفلت بابها وقلت للممرضة : أحتاج للراحة ، بكيت من كل قلبي وقلت في نفسي هذا وهي لم تكن له أما ..فقط حملت وولدت لم تربي لم تسهر الليالي لم تمرض لم تدرس لم تتألم لألمه لم تبكي لبكائه لم يجافيها النوم خوفا عليه...لم ولم ولم....ومع كل ذلك كل هذا البر!!
تذكرت أمي وقارنت حالي بحاله ....فكرت بأبنائي ....هل سأجد ربع هذا البر؟؟
مسحت دموعي وأكملت عيادتي وفي القلب غصة...
عدت لبيتي وأحببت أن تشاركوني يومي
قال تعالى في سورة الإسراء ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا  )

اللهم ارزقنا بر أمهاتنا وأبآئنا

84. دكتور في أحدى جامعات مصر كان يعرف الله
جل وعلا .. ذهب إلى إحدى البلاد الأوروبية وهي بريطانيا ففحصوا جسمه
فقالوا إن مرضك شديد والقلب ضعيف .. ولابد من عملية جراحية خطرة ربما
تعيش أو لا تعيش.. فقال أذهب إلى أولادي ثم أرجع الأمانات إلى
أصحابها ثم أستعد ثم آتيكم... قال الأطباء لا تتأخر لآن حالتك شديدة
.. فرجع إلى بلده مصر .. وجلس إلى أولاده فأخذ يصبرهم ربما لا يرجع
إليهم مرة أخرى ... وسلم على من يشاء وأستعد للقاء الله عز وجل ..

يقول ذهبت إلى أحد أصحابي لأسلم عليه في إحدى المكاتب .. وكان عند
المكتب جزار فنظرت وأنا جالس في المكتب عند الجزار امرأة عجوز .. هذه
المرأة العجوز في يدها كيس تجمع العظام والشحم واللحم الساقط على
الأرض ومن القمامة .. فقلت لصاحبي انتظر .. فذهبت إلى العجوز استغربت

من حالها .. قلت لها ماذا تصنعين ؟؟!!!.. قالت يا أخي أنا لي خمس
بنيات صغيرات لا أحد يعيلهم ومنذ سنة كاملة لم تذق بنياتي قطعة من
اللحم .. فأحببت إن لم يأكلوا لحما أن يشموا رائحته .

فيقول لقد بكيت من حالها وأدخلتها إلى الجزار .. فقلت للجزار يا فلان كل أسبوع
تأتيك هذه المرأة فتعطيها من اللحم على حسابي . فقالت المرأة لا لا
لا نريد شيئا .. فقلت والله لتأتين كل أسبوع وتأخذي ما شئت من اللحم
... قالت المرأه لا أحتاج سوى لكيلو واحد .. قال بل أجعلها كيلوين ..
ثم دفعت مقدما لسنة كاملة .. ولما أعطيت ثمن ذلك اللحم للمرأة أخذت
تدعو لي وهي تبكي .

فأحسست بنشاط كبير وهمة عالية .. ثم رجعت إلى
البيت وقد أحسست بسعادة .. عملت عملا ففرحت بعملي الصالح…

فلما دخلت إلى البيت جاءت ابنتي فقالت يا أبي وجهك متغير كأنك فرح .. يقول
فلما أخبرتها بالقصة أخذت تبكي ابنتي وقد كانت ابنتي عاقلة فقالت يا
أبي أسأل الله أن يشفيك من مرضك
كما أعنت تلك المرأة
.

ثم لما رجعت إلى الأطباء لأجري العملية قال الطبيب وهو مغضبا أين تعالجت؟؟.. قلت
ماذا تقصد؟؟... قال أين ذهبت إلى أي مستشفى ؟؟.. قلت والله ما ذهبت
إلى أي مستشفى سلمت على أولادي ورجعت.. قال غير صحيح قلبك ليس فيه
مرض أصلا !!.. قلت ماذا تقول يا طبيب !!!... قال أنا أخبرك أن القلب
سليم أبدا . فإما يكون الرجل لست أنت أو إنك ذهبت إلى مستشفى آخر
!!... فأرجوك أن تعطيني دوائك فما الذي أخذت؟؟؟... قلت والله لم آخذ
شيئا وذلك إنما بدعاء امرأة عجوز وابنتي الصالحة...

( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا )

المصدر: قصص من الواقع - للشيخ نبيل العوضي

85. دعها تنضج

وقف الفتى مبهورا أمام ثمار المانجو المتدلية من شجرتها ثم اندفع ناحية أقربها منه يريد قطفها ، و لكن يوقفه صوت والده الوقور من خلفه يقول له :

-دعها يا بنى
نظر الفتى إلى أبيه الواقف خلف كتفه و يده معلقة فى الهواء ...
فقال الاب و هو يأخذ بيده ليتمشيا فى الحديقة:
يا بنى إن قطف الثمرة ليس هدفا فى حد ذاته ،و لكن الهدف هو الاستفادة منها بعد قطفها ،و أظن أن الثمرة غير ناضجة لا فائدة فيها للانسان على الاقل، فدعها تنضج لتستفد منها.

الخلاصة:إن المشكلة الاساسية التى تواجه الانسان عند مواجهة المشكلة أو الرغبة فى اتخاذ القرار ...هو الرغبة فى سرعة الانجاز .....و التى تؤدى إلى الاستعجال فى اتخاذ القرار الذى غالبا ما يكون ناقص الجوانب محكوم عليه بالفشل منذ بدايته.

86. مشكلة الفـــأر العجيبـــه

كان اللعاب يسيل من فم الفأر، وهو يتجسس على صاحب المزرعة وزوجته

وهما يفتحان صندوقا أنيقا، ويمنِّي نفسه بأكله شهية

لأنه حسب أن الصندوق يحوي طعاما
ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من الصندوق

واندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح

لقد جاؤوا بمصيدة الفئران يا ويلنا

هنا صاحت الدجاجة محتجة
اسمع يا فرفور المصيدة هذه مشكلتك انت فلا تزعجنا بصياحك وعويلكفتوجه الفأر إلى الخروفالحذر، الحذر ففي البيت مصيدة

فابتسم الخروف وقاليا جبان يا رعديد، لماذا تمارس السرقة والتخريب طالما أنك تخشى العواقبثم إنك المقصود بالمصيدة فلا توجع رؤوسنا بصراخك، وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب

هنا لم يجد الفأر مناصا من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف
يا خراشي
...في بيتنا مصيدة ! !
يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بهاهل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان؟عندئذ أدرك الفأر أن سعد زغلول كان على حق عندما قال مقولته الشهيرة
" مفيش فايده"
وقرر أن يتدبر أمر نفسه

وواصل التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة، ونام بعدها قرير العين
بعد أن قرر الابتعاد من مكمن الخطر
وفجأة شق سكون الليل صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة
وهرع الفأر إلى حيث المصيدة ليرى
ثعبانا يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله ثم جاءت زوجة المزارعوبسبب الظلام حسبت أن الفأر
"راح فيها" وأمسكت بالمصيدة فعضها الثعبان فذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى حيث تلقت إسعافات أولية، وعادت إلى البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة.

وبالطبع فإن الشخص المسموم بحاجة إلى سوائل، ويستحسن أن يتناول الشوربة وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة

وصنع منها حساء لزوجته المحمومة

وتدفق الأهل والجيران لتفقد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم

ولكن الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام
وجاء المعزون بالمئات واضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهمإذا كان
" فهمك تقيل" فإنني أذكرك بأن الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر

الذي كان مستهدفا بالمصيدة
وكان الوحيد الذي استشعر الخطر... ثم فكر في أمر من يحسبون انهم بعيدون عن المصيدة وأن

فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأرالذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة

قد يكونون أكثر مما تتصورون

:: في الختام تذكر ::
,, حتى لو كـانت المشكـله التي تحدث قريباً منك لاتعنيـك فلا تستخف بهـا لآن من الممكن آن تؤثر عليك نتائجها لاحقـا ومن الآولى ان تقف مع صديقك عند الحاجه وكآنها مشاكلك ,,

87. لا تستطيع أن تضربني

طفل يدرس في الصف الثاني الابتدائي وبتوفيق الله أولا ثم بتوجيه وتربية والدته كان لا يترك صلاة الفجر مع جماعة المسلمين ، وللأسف كان يذهب لأداء الصلاة وأبوه نائم خلفه والعياذ بالله .
وفي أحد الأيام وأثناء إحدى الحصص قرر المعلم عقاب كل من بالفصل لسبب ما وقام يضربهم واحداً تلو الآخر حتى وصل إلى هذا الطفل .
المدرس : افتح يدك ! ( يريد أن يضربه ) .
الطفل : لا لن تضربني .
المدرس غاضباً : ألا تسمع افتح يدك .
الطفل : تريد أن تضربني ؟
المدرس : نعم .
الطفل : والله إنك لن تستطيع ضربي .
المدرس : ماذا ؟
الطالب : والله انك لا تستطيع جرب إذا أردت .
المدرس وقد وقف مذهولاً من تصرف الطالب: ولماذا لا أستطيع ؟
الطالب : أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم:
((من صلى الفجر في جماعة فهو في حفظ الله)) و أنا صليت الفجر في جماعه لذا أنا في حفظ الله ولم آتي بذنب لكي تعاقبني !
وقف المدرس وقد تملكه الخشوع لله تعالى وانبهر بعقيلة ذلك الطفل فما كان منه إلا أخبر الإدارة ليتم استدعاء والده وشكره على حسن تربيته له وما أن حضر والده حتى تفاجأ الجميع بأنه شخص غير مبالي وليس هناك أي علامة من علامات الصلاح على وجهه.
استغرب الجميع سألوه هل أنت والد هذا الطفل ؟
قال نعم ؟ .
أهذا والدك يا فلان : قال نعم لكن لا يصلي معنا !!!
عندها وقف أحد المدرسين مخاطباً الوالد وأخبره القصة التي كانت سبباً في هداية الوالد .
88.
89. عقوبة الكذب عند النمـــــل...؟

قصة اعجبتني يقول صاحبها

في أحد المرات كنت جالساً في البرية
وأقلب بصري هنا وهناك
أنظر إلى مخلوقات الله وأتعجب من بديع صنع الرحمن ..

ولفت نظري هذه النملة التي كانت تجوب المكان من حولي
تبحث عن شيء لاأظن أنها تعرفه
ولكنها تبحث وتبحث .. لا تكل .... ولا تمل ..
يقول وأثناء بحثها عثرت على بقايا جرادة .... وبالتحديد رجل جرادة ...

وأخذت تسحب فيها وتسحب وتحاول أن تحملها إلى حيث مطلوب منها في عالم

النمل وقوانينه أن تضعها .... هي مجتهدة في عملها وما كلفت به ....

تحاول ... وتحاول ..
>>
يقول : وبعد أن عجزت عن حملها أو جرها ذهبت الى حيث لا أدري واختفت ..

وسرعان ما عادت ومعها مجموعة من النمل كبيرة وعندما رأيتهم علمت
أنها استدعتهم لمساعدتها على حمل ما صعب عليها حمله
فأردت التسلية قليلاً وحملت تلك الجرادة أو بالأصح رجل الجرادة
وأخفيتها .... فأخذت هي ومن معها من النمل بالبحث عن هذه الرجل
هنا وهناك ... حتى يئسوا من وجودها فذهبوا ..

لحظات ثم عادت تلك النملة لوحدها فوضعت تلك الجرادة أمامها
فأخذت تدور

حولها وتنظر حولها .. ثم حاولت جرها من جديد .. حاولت ثم حاولت
حتى عجزت ..

ثم ذهبت مرة أخرى ... وأظن هذه المرة أعرف أنها ذهبت لتنادي على

أبناء قبيلتها من النمل ليساعدوها على حملها بعد أن عثرت عليها ...
جاءت

مجموعة من النمل مع هذه النملة بطلة قصتنا وأظنها نفس تلك المجموعة ..

يقول : جاءوا وعندما رأيتهم ضحكت كثيراً وحملت تلك الجرادة
وأخفيتها عنهم ....
بحثوا هنا وهناك ... بحثوا بكل إخلاص .. وبحثت تلك النملة
بكل مالها من همة ..

تدور هنا وهناك .. تنظر يميناً ويساراً ..
لعلها أن ترى شيئاً ولكن لا شيء
>>
فأنا أخفيت تلك الجرادة عن أنظارهم .......
ثم إجتمعت تلك المجموعة من النمل

مع بعضها بعد أن تعبوا من البحث ومن بينهم هذه النملة ثم هجموا عليها

فقطعوها إرباً أمامي وأنا أنظر والله إليهم وأنا في دهشة كبيرة
وأرعبني
ما حدث .. قتلوها .. قتلوا تلك النملة المسكينة .. قطعوها أمامي ....

نعم قتلوها أمامي قتلت وبسببي ...
وأظنهم قتلوها لأنهم يظنون بأنها كذبت عليهم !!

سبحان الله حتى أمة النمل ترى الكذب عيب بل كبيرة يعاقب صاحبها
بالموت !!
حتى النمل يعتبرون الكذب جريمه يعاقب عليها لإثمه وشدة
جرمه.. فأين من يعتبر ؟؟

فكيف ان كان الكذب يحمل اساءة او شك
او تقوم من وراءه الفتن والحرب وخراب البيوت ...
اين من يعتبر من النمل المخلوق الصغير ..؟؟

90. شيخ في مرقص !!!

قال لى : كان فى حارتنا مسجد صغير يؤم الناس فيه شيخ كبير..قضى حياته فى الصلاة والتعليم

لاحظ ان عدد المصلين يتناقص... كان مهتما بهم .يشعر انهم اولاده

ذات يوم التفت الشيخ إلى المصلين وقال لهم:

ما بال أكثر الناس... خاصة الشباب لا يقربون المسجد ولا يعرفونه..

فأجابه المصلون: إنهم فى المراقص والملاهى

قال الشيخ: مراقص!! وما المراقص؟؟

فقال احد المصلين: المراقص صالة كبيرة فيها خشبة مرتفعة..تصعد عليها الفتيات يرقصن و الناس حولهن ينظرون إليهم

قال الشيخ: أعوذ بالله . والذين ينظرون إليهن مسلمون

قالوا: نعم

فقال بكل براءة : لا حول ولا قوة الا بالله .. يجب ان ننصح الناس

قالوا: يا شيخ .أتعظ الناس وتنصحهم فى المرقص؟؟

فقال نعم .. ثم نهض خارجا من المسجد .. وهو يقول: هيا بنا إلى المرقص

حاولوا أن يثنوه عن عزمه ..أخبروه أنهم سيواجهون بالسخرية والاستهزاء

.وسينالهم الأذى

فقال: وهل نحن خير من محمد صلى الله عليه سلم!!!ا

ثم أمسك الشيخ بيد أحد المصلين ... وقال: دلنى على المرقص

مضى الشيخ يمشى ...بكل صدق وثبات...

وصلوا إلى المرقص

رآهم صاحب المرقص من بعيد.. ظن أنهم ذاهبين لدرس أو محاضرة

فلما اقبلوا عليه ... تعجب .. فلما توجهوا إلى باب المرقص

سألهم: ماذا تريدون؟؟

قال الشيخ: نريد أن ننصح من في المرقص..

تعجب صاحب المرقص .. وأخد ينظر إليهم

واعتذرعن قبولهم

اخذ الشيخ يساومه .ويذكره بالثواب العظيم .. لكنه أبى (اى رفض)

فأخذ يساوموه بالمال ليأذن لهم ..حتى دفعوا له مبلغ ما يعادل دخله اليومى

فوافق صاحب المرقص .وطلب منهم أن يحضروا فى الغد

عند بدء العرض اليومى!!ا

فلما كان الغد والناس فى المرقص ..

.وخشبة المسرح تعج بالمنكرات

والشياطين تحف الناس وتصفق لهم

وفجأة أسدل الستار...

ثم فُـتح

..فإذا

شيخ وقور يجلس على كرسي..

دُهش الناس...وتعجبوا ظن بعضهم أنها فقرة فكاهية...

بدأ الشيخ

بالبسملة

والحمد لله والثناء عليه ..وصلى على النبي عليه الصلاة والسلام

ثم بدأ وعظ الناس

نظر الناس بعضهم إلى بعض .منهم من يضحك ومنهم من ينتقد

ومنهم من يعلق السخرية

والشيخ ماض في موعظته لا يلتفت إليهم

حتى قام أحد الحضور ..

واسكت الناس وطلب منهم الإنصات .بدأ

الهدوء يحيط الناس والسكينة تنزل على القلوب
????: منتديات صقر البحرين [عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا]

حتى هدأت الأصوات

...فلا تسمع الناس إلا صوت الشيخ

قال كلاما ما سمعوه من قبل

آيات تهز الجبال.. وأحاديث وأمثال ..وقصص لتوبة بعض العصاة وأخذ يدافع عبراته ويقول

يا أيها الناس إنكم عشتم طويلا..,

وعصيتم الله

كثيرا

فأين ذهبت لذة المعصية ... لقد ذهبت اللذة

وبقيت الصحائف السوداء

ستـُسألون عنها يوم القيامة

سيأتي يوم يفنى فيه كل شيء إلا الواحد القهار

أيها الناس .. هل نظرتم إلى اعمالكم . وإلى أين ستودى بكم

إنكم لا تتحملون النار في الدنيا

وهى جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم

فبادروا بالتوبة قبل فوات الاوان

وبدأ الشيخ متأثرا وهو يعظ ...

كانت كلماته قد

خرجت من القلب .

..فوصلت إلى القلب

بكى الناس

فزاد فى موعظته

...ثم دعا لهم بالرحمة والمغفرة ..

وهم يرددون ::آمين .... آمين

ثم قام من على كرسيه تجلله المهابة والوقار ..

وخرج والجميع وراءه

-- نعم الجميع --

وكانت توبتهم على يده .

عرفوا سرّ وجودهم في الحياة ..

وما تغنى عنهم الراقصات واللذات ...

إذا تطايرت الصحف وكبرت السيئات

حتى صاحب المرقص .. تاب وندم على ما كان منه

جزاكم الله خيرا على القراءة

وزادكم ثوابا بإرسالها.

سبحان الله وبحمده

سبحان الله العظيم

وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

ادعو الله أن يغفر لنا ما كان منا ويقبل توبتنا

أتمنى أن تكونوا قد استفدتم منها

وتذكروا

' إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم '

فابدأوا بالتوبة

واعقلها وتوكل
91. قصة قفاز[ رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.. ]

تشرق الشمس وتغيب.. ويولد الهلال ويشب ويشيخ.. وتتوالى الشهور تتبعها السنون ولا تزال بعض المواقف متربعة في عرش الذكريات.. فلم تستطع الأيام محوها ولا حتى الليالي.

سأعود عشرات السنين لأقف هناك في منزلنا الطيني الصغير حيث أرتدي لباس الطفولة وأعيش عالمها الجميل في كنف والديَّ رحمهما الله رحمة واسعة ولا أزال أذكر موقفاً مع والدتي - رحمها الله- أثَّر فيَّ ولا يزال...

أورده مشعراً كل عاق بوالديه مقصّر في حقهما أن الكريم يجزي الإحسان بالإحسان.. ولقد تعب والداك أيما تعب حتى وصلت لما تروم.. أفيكون جزاؤهما أن تصبحهما بـ (أف وأخواتها) وتمسيهما بتجاهل مشاعرهما.

عوداً على الموقف:

كنت أدرس الابتدائية، بل وفي مراحلها الأولى، وكان البرد شديداً والفقر مدقعاً فلم أكن أجد ما أتقي به البرد القارس سوى اليسير..

وفي يوم خيم البرد فيه على مدينتنا فتجاوبت معه البيوت بالصقيع وقد ذهبت إلى المدرسة كعصفور مبلول ينتفض.. فرأيت بعض زملائي في الصف وقد ألبس كفيه (مداسيس) تقيه من البرد فتمنيت بمشاعر طفل أن لو كان عندي مثلها وعدت إلى البيت مكلوما ولجأت إلى أمي فبكيت بين يديها وبحت لها بما أريد وأن صديقي يلبس القفازات فلم لا ألبسها أنا؟؟!

تأثرت الوالدة ولكن ماذا عساها أن تصنع وليس في مقدورها ذلك لقلة ذات اليد..

بكيت وبكيت حتى تطابقت الأجفان معلنة عن نوم عميق لم يقطعه عليَّ سوى صوت أذان الفجر وصياح الديك.. لأفاجأ بأمي جالسة في طرف الغرفة تغالب النوم وقد سهرت ليلها كله تنسج لي قفازات من بعض الأقمشة التي جمعتها من هنا وهناك.. حتى سلمتها لي قبيل ذهابي إلى المدرسة، جبراً لخاطري، وحفاظاً عليَّ.. وفي سبيل ذلك قدمت راحتها ونومها ثمناَ.

لا تعليق سوى الدعاء في كل سجود..

92. جلست الزوجه تحدث زوجها عن زيارتها لصديقتها وأنها قدمت لها طبقاً من السمك المشوي لم تذق مثله من قبل , فطلب الزوج من زوجته أن تأخذ الطريقه ليذوق هذا الطبق الذي لا يقاوم . إتصلت الزوجه وبدأت تكتب الطريقه و صديقتها تحدثها فتقول " نظفي السمكه ثم أغسليها ، ضعي البهار ثم إقطعي الرأس والذيل ثم أحضري المقلاه .." هنا قاطعتها الزوجه: ولماذا قطعتي الرأس والذيل؟ فكرت الصديقه قليلا ثم أجابت: لقد رأيت والدتي تعمل ذلك! ولكن دعيني أسألها. إتصلت الصديقه بوالدتها وبعد السلام سألتها: عندما كنت تقدمين لنا السمك المشوي اللذيذ لماذا كنت تقطعين رأس السمكه وذيلها؟ أجابت الوالده : لقد رأيت جدتك تفعل ذلك ! ولكن دعيني أسألها. إتصلت الوالده بالجده وبعد الترحيب سألتها: أتذكرين طبق السمك المشوي الذي كان يحبه أبي ويثني عليك عندما تحضرينه ؟ فأجابت الجده : بالطبع ، فبادرتها بالسؤال قائلة: ولكن مالسر وراء قطع رأس السمكه وذيلها؟ فأجابت الجده بكل بساطة وهدوء : كانت حياتنا بسيطه وقدراتنا متواضعه ولم يكن لدي سوى مقلاة صغيرة لا تتسع لسمكه كامله !!

( ليس المضحك أن تكون قليل ذات اليد ما دمت حكيماً ... ولكن المضحك في أن تكون قليل الحيلة غافلاً عن حكمة ما يدور حولك )
93. مثل ما تعامل والديك تجازى من أبنائك!!

" .. كانت أم جالسه مع أطفالها تساعدهم في واجباتهم المدرسيه وكان من بين أبنائها طفلها الذي لم يدخل المدرسه بعد .. بعد الانتهاء من الواجبات الدراسيه قامت الأم لتحضير الغداء لأب زوجها (المسن) الذي كانت له غرفه منعزلة في الخارج في حديقة المنزل .. ذهبت اليه وقدمت له الغداء واطمأنت عليه وتأكدت أنه لا يريد شيء آخر ..

أثناء عودتها الى المنزل أصابها الفضول فيما كان يفعله ابنها الطفل .. لاحظت الأم قبل احضار الطعام لأب زوجها أن ابنها كان ممسكا بقلم أحد اخوته ويرسم مربعات ودواوير على ورقه فتجاهلت الأمر .. لكنها تفاجئت أنها وبعد انتهاء عملها وعودتها من عند أب زوجها(عمها) أن ابنها لايزال ممسكا بالقلم ويرسم .. فتقربت الأم شيئا فشيئا الى ابنها وهي تسأله : ماذا يرسم الحبيب ؟ فقال لها أرسم بيت المستقبل الذي سأسكنه أنا وزوجتي وأطفالي.. فرحت الأم لما سمعته ولكنها لاحظت أن ابنها رسم مربع منعزل خارج المنزل .. فسألته: لما هذا المربع هنا ومنعزل عن باقي المربعات والممرات ف المنزل .. فكان الجواب كالصاعقه للأم التى لم تتوقعه من ابنها .. والتي حمدت الله على سؤال ابنها قبل فوات الأوان .. كان جواب الابن البريئ : هذي ماما ستكون غرفتك عندما تكبرين .. فسألته :وهل ستجعلني في غرفة لوحدي ولا أحد يؤنسني .. فقال لها : لا سأزورك ولكنني سأجعلك في غرفة منعزلة مثل غرفة جدي.. ما أن سمعت الأم هذا الجواب من ابنها حتى فاظت عينيها بالدموع فقررت تبديل غرفة الجلوس في البيت بغرفة عمها (أب زوجها) ونقل غرفة الجلوس الى الخارج .. وأثناء عودة الزوج من عمله استغرب لما يحصل في المنزل من تغييرات فذهب الى زوجته وسألها ما الذي يحصل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ولما هذه التغييرات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فأجابته : تأثرت بكلام ابني الذي رسم بيت المستقبل وغرفتنا أنا وانت المنعزله عن المنزل فلا أريد أن يرى أبنائي جدهم منعزل ويقوموا بفعل نفس الشئ بنا أنا وانت كاد الزوج أن يطير من الفرحة لما قررته زوجته .. وبارك لها جهودها . وما أن دخل العم الى المنزل حتى تفاجأ الابن لما يراه فغير رسم بيت المستقبل وأضاف غرفة والديه (المربع المنعزل) الى بيته .

فهذه يا أحبتي قصه من بين آلاف القصص .. فأردت أن يعرف الآباء والأمهات أن حسن معاملة الوالدين مهمة .. لأنها ستحظى بنفس المعاملة من الأبناء .. "

94. حِينَمَا يخدعك الصرصار!!!

تأليف: محمود أبو فروة الرجبي

كانَت النحلة (رورو) تحلق فِي بستان الورود لتجمع الرحيق، حِينَمَا انتبهت إلى وجود ذبابة وصرصار كانَا يُشِيرانِ نَحْوَهَا وَيَضْحَكَانِ. غضبت رورو، وسألت:

- لِمَاذَا تضحكان؟ هَلْ هُنَاكَ مَا يدعو لِذَلِكَ؟

قَالَتْ الذبابة بسخرية:

- أنا أستغرب لأنك تعملين للإنسان مثل العبيد، وَمَع ذَلِكَ أنت سعيدة!

- أنا لست عبدة.. أنا نحلة تنتج أفضل أنواع العسل.

- لمن يذهب العسل الَّذِي تنتجينه؟

- للإنسان.

- هَذَا هُوَ الفرق بيننا وبينك، فَنَحْنُ -أقصد أنا وصديقي الصرصار- نُسَبِّب الأمراض للإنسان، ولا نفيده فِي شيء، لذلك فَنَحْنُ بطلان، أما أنت.. فَلا عمل لَك سوى جمع العسل لَهُ.

شعرت النحلة بالخجل من ذَلِك، خاصة ان الصرصار قالَ:

- الإنسان يخاف مني شخصياً، فمجرد ظهوري فِي أي بيت يملؤه بالرعب والخوف، فالإنسان يخاف من الأبطال أمثالي.

قَالَتْ النحلة بِخَجَلٍ:

- لَكِن.. كَيْفَ يُمْكِنُ أن أصبح بَطَلَة مِثْلَكُمَا؟

حكت الذبابة جسمها، وَقَالَتْ:

- انظري إلى ذَلِكَ الطفل الَّذِي يلعب هُنَاكَ.. أنا أستطيع أن أنقل إليه الأمراض، وَكَذَلِكَ الصرصار، إذا استطعت إيذاءه تكونين بَطَلَة.

قَالَتْ النحلة بِحَماسٍ:

- عندي إبرة أستطيع أن ألسعه بِهَا وأسبب لَهُ المتاعب الكثيرة.

قَالَ الصرصار:

- لا أعتقد أنك تَسْتَطِعِينَ فعل ذَلِكَ.

- بلى.. أستطيع.. وَسَأرِيكُمَا ذَلِكَ.

استعدت النَّحلة للطيران نَحْوَ ذَلِكَ الطفل للسعه، وَلَكِنَّها سمعت صوت ملكة النحل، تَقُول لَهَا بِغَضَب:

- إلى أيْنَ أنت ذاهبة يا رورو؟

- لأثْبِتَ لَهُمَا أنني بَطَلَة.

حدَّثت رورو مَلِكَة النَّحل عمَّا حصل بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصرصار والذبابة، فهزت الملكة رأسها، وَقَالَتْ:

- الإنسان يطارد الذباب بالمبيدات الحشرية، وإذا رأى صرصارا يضربه فَوْرَاً بالحذاء، بَيْنَمَا يقوم ببناء خلايا النَّحل، والعناية بِهَا، وحمايتها، فمن هُوَ البطل يا رورو؟

فكرت رورو بَيْنَمَا كَانَ الصرصار وَالنَّحلة يشعران بالخجل، فتابعت الملكة:

- ثُمَّ إنك إذا قمت بِعَمَلِية اللسع ستموتين حَتْمَاً..

شعرت النَّحلة بالرعب، بَيْنَمَا أكملت الملكة:

- الحشرة التي تَسْتَطِيع إعطاء الإنسان العسل اللذيذ هِيَ حشرة بَطَلَة، أما من ينقل الأوساخ والأمراض فَهْوَ قذر ومكروه.

فرحت النَّحلة لأنَّهَا فهمت كل شيء، وَعَلَى الفور طارت لتبدأ بجمع الرحيق، وَحِينَمَا رأت الصرصار وصديقته الذبابة مرة أخرى، قَالَتْ لَهُمَا بسخرية:

- هَلْ تتمنيان أن تصبحا بطلين مثلي.

وَلَمْ يَكُنْ الاثنان قادرين عَلَى الحديث مَع النَّحلة، فَقَد كَانَا يشعران بالخجل، لأنهما مجرد مخلوقين مطاردين من الإنسان، لا يستطيعان القيام بعمل نافع مثل النَّحلة.

95. خرج عمر بن محمد صاحب السند وأصحابه يسيرون في بلاد الشرك
فرأوا شيخاً ومعه غلام
وقد كان العدو ندر بهم .. فهربوا .. فقال عمر يا شيخ : دلنا على قومك وأنت آمن
قال : أخاف ان دللتك أن يسعى بي هذا الغلام إلى الملك فيقتلني .. أقتل هذا الغلام حتى أدلك
فضرب عنق الغلام .. فقال الشيخ : إنما كرهت إن لم أخبرك أنا أن يخبرك الغلام فالآن قد أمنت ..
والله لو كنت تحت قدمي ما رفعتها .. فضرب عنقه .

96. بن باز و السارق

يقول أحدهم :

عندما كنت معتكفا في بيت الله الحرام بالعشر الأواخر من رمضان

وبعد صلاة الفجر نحضر كل يوم درس للشيخ ابن عثيمين- رحمه الله-

وسأل أحد الطلاب الشيخ عن مسألة فيها شبهة وعن رأي ابن باز فيها ؟

فأجاب الشيخ السائل وأثنى على الشيخ ابن باز -رحمهما الله جميعا-.

وبينما كنت أستمع للدرس فإذا رجل بجانبي في أواخر الثلاثينات تقريبا عيناه تذرفان الدمع بشكل غزير

وارتفع صوت نشيجه حتى أحس به الطلاب .

وعندما فرغ الشيخ ابن عثيمين من درسه وانفض المجلس ونظرت للشاب الذي كان بجواري يبكي فإذا هو

في حال حزينة ومعه المصحف فاقتربت منه أكثر ودفعني فضولي فسألته بعد أن سلمت عليه :

كيف حالك أخي ؟ ما يبكيك؟

فأجاب بلغة مكسره نوعا ما: جزاك الله خيرا ..

وعاودت سؤاله مرة أخرى : ما يبكيك أخي؟؟

فقال بنبرة حزينة : لا لا شي إنما تذكرت ابن باز فبكيت.

واتضح لي من حديثه أنه من دولة باكستان أو أفغانستان وكان يرتدي الزي السعودي

وأردف قائلاً كانت لي مع الشيخ قصة وهي :

أنني كنت قبل عشر سنوات أعمل حارسا في أحد مصانع البلك بمدينة الطائف

وجاءتني رسالة من باكستان بأن والدتي في حالة خطره ويلزم اجراء عملية لزرع كلية لها

وتكلفة العملية 7000 آلاف ريال سعودي ولم يكن عندي سوى 1000 ألف ريال

ولم أجد من يعطيني مالا فطلبت من المصنع سلفة ورفضوا ..

فقالوا لي أن والدتي الآن في حال خطره وإذا لم تجر العملية خلال أسبوع ربما تموت وحالتها في تدهور

وكنت أبكي طوال اليوم فهذه أمي التي ربتني وسهرت علي .

وأمام هذا الظرف القاسي قررت القفز لأحد المنازل المجاورة للمصنع الساعة الثانية ليلا

وبعد قفزي لسور المنزل بلحظات لم أشعر إلا برجال الشرطة يمسكون بي

ويرمون بي بسيارتهم وأظلمت الدنيا بعدها في عيني .

وفجأة وقبل صلاة الفجر إذا برجال الشرطة يرجعونني لنفس المنزل الذي كنت أنوي سرقة اسطوانات الغاز منه

وأدخلوني للمجلس ثم انصرف رجال الشرطة

فإذا بأحد الشباب يقدم لي طعاماً وقال كل بسم الله .

ولم أصدق ما أنا فيه .

وعندما أذن الفجر قالوا لي توضأ للصلاة وكنت وقتها بالمجلس خائفا أترقب.

فإذا برجل كبير السن يقوده احد الشباب يدخل علي بالمجلس وكان يرتدي بشتاً وأمسك بيدي وسلم علي قائلاً :

هل أكلت ؟ قلت له : نعم وأمسك بيدي اليمنى وأخذني معه للمسجد وصلينا الفجر

وبعدها رأيت الرجل المسن الذي أمسك بيدي يجلس على كرسي بمقدمة المسجد والتف حوله المصلون وكثير من الطلاب

فأخذ الشيخ يتكلم ويحدث عليهم ووضعت يدي على رأسي من الخجل والخوف !!!

يا آآآآالله ماذا فعلت؟

سرقت منزل الشيخ ابن باز وكنت أعرفه باسمه فقد كان مشهورا عندنا بباكستان.

وعند فراغ الشيخ من الدرس أخذوني للمنزل مرة أخرى وأمسك الشيخ بيدي وتناولنا الإفطار بحضور كثير من الشباب

وأجلسني الشيخ بجواره وأثناء الأكل قال لي الشيخ :

ما اسمك؟ قلت له مرتضى.

قال لي : لم سرقت ؟

فأخبرته بالقصة .. فقال : حسنا سنعطيك 9000 آلاف ريال

قلت له المطلوب 7000 آلاف !!

قال الباقي : مصروف لك ولكن لا تعاود السرقة مرة أخرى يا ولدي.

فأخذت المال وشكرته ودعوت له.

وسافرت لباكستان وأجرت والدتي العملية وتعافت بحمد الله.

وعدت بعد خمسة أشهر للسعودية وتوجهت للرياض أبحث عن الشيخ وذهبت إليه بمنزله فعرفته بنفسي وعرفني

وسألني عن والدتي وأعطيته مبلغ 1500 ريال قال ما هذا؟ قلت : الباقي .. فقال : هو لك !!

وقلت للشيخ يا شيخ لي طلب عندك فقال ما هو يا ولدي.

قلت أريد أن اعمل عندك خادما أو أي شيء أرجوك يا شيخ لا ترد طلبي حفظك الله.

فقال : حسنا ..

وبالفعل أصبحت أعمل بمنزل الشيخ حتى وفاته رحمه الله ...

وقد أخبرني احد الشباب المقربين من الشيخ عن قصتي قائلاً:

أتعرف أنك عندما قفزت للمنزل كان الشيخ يصلي الليل وسمع صوتا في الحوش

وضغط على الجرس الذي يستخدمه الشيخ لإيقاظ أهل بيته للصلوات المفروضة فقط.

فاستيقظوا جميعا واستغربوا ذلك وأخبرهم أنه سمع صوتا

فأبلغوا أحد الحراس واتصل على الشرطة وحضروا عل الفور وأمسكوا بك.

وعندما علم الشيخ بذلك قال ما الخبر قالوا له لص حاول السرقة وذهبوا به للشرطة

فقال الشيخ وهو غاضب :

لا لا هاتوه الآن من الشرطة ؟ أكيد ما سرق إلا هو محتاج

ثم حدث ما صار في القصة ..

قلت لصاحبي وقد بدت الشمس بالشروق هون عليك الأمة كلها بكت على فراقه

97. أرنب و سلحفاة

بسم الله الرحمن الرحيم
يحكى أن أرنب و سلحفاة اتفقوا على أن يستبقا إلي شجرة الجميز , و كان الأرنب واثقا من الفوز نظرا لما عرف من سرعته و عرف من بطء السلحفاة
و في اليوم الموعود وقف الأرنب بجوار السلحفاة و ما أن بدأت المسابقة حتى قفز الأرنب قفزتين فسبق السلحفاة بمسافة كبيرة فضحك ساخرا ثم قفز قفزتين اخرتين و كانت السلحفاة حتى ألان لم تتعد خط السباق فقرر الأرنب أن يقفز بعض الخطوات ثم ينام مسترخيا ثم يقوم فيقفز و يصل الى السباق و السلحفاة لن تكون قد قطعت ربع المسافة و بالفعل استرخى الأرنب و غلبه النوم و بات يحلم بالفوز المبين
و ظلت السلحفاة تمشي بسرعتها المعروفة رغم صياح الناس بها :"هل أنت مجنونة؟ " "هل تتصورين انك تتحدين الأرنب ؟" "استسلمي أشرف لك"
فضربت بهم عرض الحائط و ظلت تمشي و تمشي و تجاهد نفسها و الناس و الشيطان حتى وصلت الى خط النهاية و الأرنب ما زال نائما فلما استيقظ ندم ندامة شديدة

الفوائد المستفادة
1_ إن كان عدوك نمله فلا تنم له ,, آو إن كان عدوك نمله فلا تأمن له
2_ تحديد الهدف فقد اتفقا ان يستبقا إلى شجرة الجميز فتخيل ان لم يتفقا على الوصول الى هدف و كل شخص يذهب في اتجاه مختلف و يقول لقد وصلت
و جاء في قصة "اليس في بلاد العجائب " انها وقفت على مفترق طرق و قالت للأرنب :"إلى أين اذهب ؟" فرد الارنب :"الى اين تقصدين ؟"فقالت اليس :"لا ادري " فقال الأرنب :"إذا اذهبي حيث تريدين "

3_ المشي ببطء و لكن بثقه و عدم التراجع و لا استباق النتائج
يقول رئيس امريكي :"نحن نمشي ببطء و لكننا لا نتراجع"

و مشتت العزمات ينفق عمره حيران لا خفق و لا انتصار

4_ الضعيف قد يسبق السريع ان تكاسل السريع
و قد حدث لي هذا في احد السنين بالكلية فقد كان الدكتور يشرح كل خطوة بطريقة مملة نظرا لوجود من هم من قسم ادبي و من هم لم يكونوا في ثانوية عامة و لم يدرسوا الرياضة من قبل , حتى قررت عدم الذهاب و الاهتمام بالحاسب و إهمال الدراسة
و شخص اخر كان يحضر المحاضرة اكثر من مره و يكتبها و يعاني و يقول قاسما انه لا يفهم ما يدرس و ما شرح أمامه و مع هذا ظل يكافح و نجح بينما رسبت انا هذا العام
3_ ** وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
فقد راينا كيف حاول الناس ان يقنطوا السلحفاة من النصر

و هو ما حدث مع الصحابي كعب بن مالك رضى الله عنه عندما تخلف عن غزوة تبوك حتى رجع جيش المسلمين و جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد[ وجاءه كعب بن مالك فلما سلم عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال له : ( تعال ) . قال : فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فقال لى : ( ماخلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك ) ؟ فقلت : بلى إنى والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكنى والله لقد علمت إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به على ليوشكن الله أن يسخطك على ولئن حدثتك حديث صدق تجد على فيه إنى لأرجو فيه عفو الله عنى والله ما كان لى من عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضى الله فيك ) . فقمت وثار رجال من بنى سلمة فاتبعوني يؤنبوني فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك . قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامرى وهلال بن أمية الواقفى فذكروا لي رجلين صالحين شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لى]
4_ لا وقت للنوم فالنوم للرجال غفلة فقال خطيب بعد أن ذكر ما يحدث في بلاد الإسلام من حروب ابادية :"و لعل قائل يقول و ما المطلوب منا ألا ننام أقول له نعم لا تنم فمثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى و من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم "

الجولة الثانية

قرر الأرنب آن يخوض جولة أخرى مع السلحفاة و في هذه الجولة لم يسترح بل عمل بجد و وصل إلى مكان النهاية قبل السلحفاة بوقت كبير

الفوائد المستفادة
1_ }وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }
و الانتصار ليس خاص و محتكر لطائفة محدده 0
و على المستوى الدولي أخر نظرية: نظرية الحضارات و هي أن الشرق و الغرب تبادلا السيطرة و التحضر أربع مرات
في البداية الشرق متمثلا في الفراعنة و الحضارة البابلية و الصين ثم انتقلت إلى الرومان و اليونان ثم رجعت إلى الشرق على أيدي المسلمين ثم انتقلت إلى بريطانيا فأمريكا و ألان جاء الدور للشرق أن يتقدم ليحكم
اقرءوا التاريخ لعل فيه العبر ضل قوم لا يدرون الخبر

2_ من جد وجد و من زرع حصد و كل من سار على الدرب وصل

3_ الاستفادة من أخطائك يقول الصينيون "الأحمق هو من يفعل الشيء نفسة و ينتظر نتائج مختلفة "

و هناك قاعدة طريفة تقول "لا يكرر ما يفعله الأحمق إلا أحمق آخر"

4_ عدم تضييع الوقت في النوم و من أسباب تفوقي في عمل اقتناعي ان العمل 8 ساعات فعلي أن استفاد اكبر استفادة و لا انام و لا استرخي و اذا لم اجد لدي عمل عرضت المساعدة على زملائي فاكتسب الخبرة و لا انام و لا العب منتهزا فرصة غياب المدير فأن غاب المدير فأين رب المدير

الجولة الثالثة

طلبت السلحفاة من الارنب ان يستبقا مره اخرى فوافق الارنب حيث انه عرف مفتاح النصر و هو الاجتهاد و عدم الكسل و السلحفاة طلبت تغيير مكان السباق حيث جعلت مكان نهاية السباق شجرة التفاح فوافق الارنب فما افرق بين شجرة التفاح و الجميز و في يوم السباق قفز الارنب في اتجاة نهاية السباق و لكنكان هناك في الطريق نهر وقف لديه الارنب عاجزا عن العبور و بعد ساعة جائت السلحفاة و عبرت بكل سهولة الى الضفه الأخرى ثم مشيت ببطء الى شجرة التفاح و فازت

الفوائد المستفادة
1_ معرفة امكانياتك هو اول الخطوات نحو النصر فقد أدركت السلحفاة ان لديها ميزة نسبية عن الأرنب ألا و هي امكانية السباحة فغيرت مكان السباق

و هو اول مبادئ النصر و كان عمر المختار يجعل المعركة في الجبال حيث لا تستطيع المركبات الحربية الخاصة بالإيطاليين التحرك
و هو ما فعلة النبي في غزوة بدر حيث اختار مكان المعركة و هدم ابار المشركين
و في غزوة أحد حيث جعل الرماة على جبل أحد
و في غزوة الخندق حفر الخندق حول المدينة
بل و تكاد أن تكون سمه مشتركة في كل الغزوات

و على طالب العلم ان يعرف قدراته هل هي في الحفظ ام الفهم و هلي جد نفسة في الخطابة ام الكتابة

يقول الشيخ الحويني في شرح صحيح مسلم :"و قد يأتى طالب العلم فأجدة يقول على سبيل المثال :"و ها هو البخاري يحدث في صحيحة حديث يرقق القول و يزرف العيون " فهذا لا يتخصص في علم الحديث بل الخطابة "
2_ ليس العبرة بمن بدأ بل العبرة بمن وصل فها هو الارنب وصل الى النهر قبل السلحفاة بوقت كبير و قد سبقها في البداية ثم ظل مكانه حتى سبقته السلحفاة

3_ ان تكيف نفسك مع الظروف
البس لكل حال لبوسها اما نعيمها و ام بؤسها
فقد تغيرت ظروف السباق و لم يكيف نفسه فخسر
و هناك قصه رائعة في هذا المجال اسمها :"من أخذ قطعة الجبن الخاصة بي؟؟"
و المقصود به ان الظروف تتغير فأن لم تتغير و تتطور فأنت تتدهور و قد تجد نفسك في الشارع
و تحكى عن اربع فأران وجدا قطعه جبن فأخذا في الاكل منها و كانت كبيرة ثم لاحظ فأران انها تنقص فبدأ في البحث عن مكان اخر و ياكلان من الجبن الموجودة حتى عثرا عليها اما الآخران فظلا يأكلان من الجبن حتى انتهى فبدأ بحثهم بعد ان فان الاوان و كادا أن يهلكا

الجولة الرابعة
جلسا الأرنب مع السلحفاة يراجعان ما حدث و يستفيدا من أخطائهما فوجدا في أخر جولة أن الأرنب وقف عند النهر و عجز عن عبوره و عبرته السلحفاة و لكنا أخذت وقت طويل في الوصول للنهر
فاقترحا ان يتعاونا
فحمل الارنب السلحفاة حتى النهر ثم حملته السلحفاة و عبرت به النهر ثم حملها الأرنب الى شجرة التفاح

الفوائد المستفادة
1_ كون الارنب مع السلحفاة مع بعضهما فريق عمل و تعاونا فوصلا الى النجاح

2_ على كل منا ان يعرف جوانب القوة و الضعف في نفسه "أعرف نفسك "

الفوائد المستفادة من القصة ككل

1_ ان الحياة عبارة عن سباقات متكررة

في الختام أتمنى أن تكون القصة قد نالت إعجابكم و ان تستفيدوا منها علما بأن ما بين يديكم هو المخطط المبدئي للقصه و إن شاء الله هناك جولات أخرى و شرح أوفر و في انتظار تعليقاتكم الكريمة لأضافتها و إثراء القصة بها

و الموضوع " جعل القصة في أربع جولات " قرأتها بالإنجليزية منذ فترة و قررت ترجمتها ثم عدلت عن ترجمتها إلى أن اجعلها مصاغة بطريقة أخرى و ادمج بها اكبر قدر من البرمجة اللغوية العصبية

و الموضوع أشبه بضرب المثل كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح :" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح . *
" تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 5030 في صحيح الجامع

98. اعلان بيت للبيع

أراد رجل أن يبيع بيته لينتقل الي بيت افضل..فذهب إلي احد أصدقائه وهو رجل أعمال وخبير في أعمال التسويق...وطلب منه أن يساعده في كتابه إعلان لبيع البيت وكان الخبير يعرف البيت جيداً فكتب وصفاً مفصلاً له أشاد فيه بالموقع الجميل والمساحه الكبيرة ووصف التصميم الهندسي الرائع ثم تحدث عن الحديقة وحمام السباحة......الخ. وقرأ كلمات الإعلان علي صاحب المنزل الذي أصغى إليه في اهتمام شديد وقال..."ارجوك أعد قراءه الإعلان"....وحين أعاد الكاتب القراءه صاح الرجل يا من له بيت رائع ..لقد ظللت طول عمري أحلم باقتناء مثل هذا البيت ولم أكن أعلم إنني اعيش فيه إلي أن سمعتك تصفه .

ثم إبتسم قائلاً من فضلك

لا تنشر الإعلان فبيتي غير معروض للبيع !!!

هناك مقولة قديمة تقول:

اكتب الإيجابيات التي لديك واحدة واحدة وستجد نفسك أكثر سعادة مما قبل ..

إننا

ننسى أن نتأمل في البركات ولا نحسب مالدينا...ولأننا نرى المتاعب فنتذمر ولا نرى البركات

قال أحدهم: اننا نشكو لأن الله جعل تحت الورود أشواك...وكان الأجدر بنا أن نشكره لانه جعل ورداً فوق الشوك.

ويقول آخر : تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين ...ولكنني شكرت الله بالأكثر حينما وجدت آخر ليس له قدمين.

99. فى كل يوم جمعة، وبعد الصلاة ، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشر سنه من شأنه أن يخرج في بلدتهم فى احدى ضواحي أمستردام ويوزع

على الناس كتيب صغير بعنوان "طريقا إلى الجنة" وغيرها من المطبوعات الإسلاميه.

وفى أحدى الأيام بعد ظهر الجمعة ، جاء الوقت للإمام وابنه للنزول الى الشوارع لتوزيع الكتيبات ، وكان الجو باردا جدا في الخارج ، فضلا عن هطول الامطار

الصبي ارتدى كثير من الملابس حتى لا يشعر بالبرد ، وقال : 'حسنا يا أبي ، أنا مستعد!

سأله والده ، 'مستعد لماذا' ' قال الأبن يا أبي ، لقد حان الوقت لكى نخرج لتوزيع هذه الكتيبات الإسلامية.

أجابه أبوه ، الطقس شديد البرودة في الخارج وانها تمطر بغزاره.
أدهش الصبى أبوه بالأجابه وقال ، ولكن يا أبى لا يزال هناك ناس يذهبون إلى النار على الرغم من أنها تمطر
أجاب الأب ، ولكننى لن أخرج فى هذا الطقس

قال الصبى ، هل يمكن يا أبى ، أنا أذهب أنا من فضلك لتوزيع الكتيبات '

تردد والده للحظة ثم قال : ; يمكنك الذهاب ، وأعطاه بعض الكتبات
قال الصبى 'شكرا يا أبي!
ورغم أن عمر هذا الصبى أحدى عشر عاماً فقط إلا أنه مشى فى شوارع المدينه فى هذا الطقس البارد والممطر لكى يوزع الكتيبات على من يقابله من الناس وظل يتردد من باب إلى باب حتى يوزع الكتيبات الأسلاميه.

بعد ساعتين من المشي تحت المطر ، تبقى معه آخر كتيب وظل يبحث عن أحد الماره فى الشارع لكى يعطيه له ، ولكن كانت الشوارع مهجورة تماما.
ثم إستدار إلى الرصيف المقابل لكى يذهب إلى أول منزل يقابله حتى يعطيهم الكتيب.

ودق جرس الباب ، ولكن لا أحد يجيب..

ظل يدق الجرس مرارا وتكرارا ، ولكن لا زال لا أحد يجيب ، وأراد أن يرحل ، ولكن شيئا ما يمنعه.

مرة أخرى ، التفت إلى الباب ودق الجرس وأخذ يطرق على الباب بقبضته بقوه وهو لا يعلم مالذى جعله ينتظر كل هذا الوقت ، وظل يطرق على الباب وهذه المرة فتح الباب ببطء.

وكانت تقف عند الباب إمرأه كبيره فى السن ويبدو عليها علامات الحزن الشديد فقالت له ، ماذا أستطيع أن أفعل لك يابنى.
قال لها الصبى الصغير ونظر لها بعينان متألقتان وعلى وجهه إبتسامه أضائت لها العالم: 'سيدتي ، أنا آسف إذا كنت أزعجتك ، ولكن فقط اريد ان اقول لكى ان الله يحبك حقيقى ويعتني بك وجئت لكى أعطيكى آخر كتيب معى والذى سوف يخبرك كل شيء عن الله ، والغرض الحقيقي من الخلق ، وكيفية تحقيق رضوانه '.
وأعطاها الكتيب وأراد الأنصراف فقالت له 'شكرا لك يا بني! وحياك الله!

في الأسبوع القادم بعد صلاة جمعة ، وكان الإمام يعطى محاضره ، وعندما أنتهى منها وسأل : 'هل لدى أي شخص سؤال أو يريد أن يقول شيئا؟
ببطء ، وفي الصفوف الخلفية وبين السيدات ، كانت سيدة عجوز يُسمع صوتها تقول:
'لا أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم أتى إلى هنا من قبل، وقبل الجمعه الماضيه لم أكن مسلمه ولم فكر أن أكون كذلك.
وقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة ، وتركنى وحيده تماما في هذا العالم.. ويوم الجمعة الماضي كان الجو بارد جداً وكانت تمطر ، وقد قررت أن أنتحر لأننى لم يبقى لدى أى أمل فى الحياة.

لذا أحضرت حبل وكرسى وصعدت إلى الغرفه العلويه فى بيتى، ثم قمت بتثبيت الحبل جيداً فى أحدى عوارض السقف الخشبيه ووقفت فوق الكرسى وثبت طرف الحبل الآخر حول عنقى، وقد كنت وحيده ويملؤنى الحزن وكنت على وشك أن أقفز.
وفجأة سمعت صوت رنين جرس الباب في الطابق السفلي ، فقلت سوف أنتظر لحظات ولن أجيب وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.

أنتظرت ثم إنتظرت حتى ينصرف من بالباب ولكن كان صوت الطرق على الباب ورنين الجرس يرتفع ويزداد.

قلت لنفسي مرة أخرى ، 'من على وجه الأرض يمكن أن يكون هذا؟ لا أحد على الإطلاق يدق جرس بابى ولا يأتي أحد ليراني '. رفعت الحبل من حول رقبتى وقلت أذهب لأرى من بالباب ويدق الجرس والباب بصوت عالى وبكل هذا الأصرار.
عندما فتحت الباب لم أصدق عينى فقد كان صبى صغير وعيناه تتألقان وعلى وجهه إبتسامه ملائكيه لم أر مثلها من قبل ، حقيى لا يمكننى أن أصفها لكم

الكلمات التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتا ثم قفز إلى الحياة مره أخرى ، وقال لى بصوت ملائكى ، 'سيدتي ، لقد أتيت الأن لكى أقول لكى ان الله يحبك حقيقة ويعتني بك!
ثم أعطانى هذا الكتيب الذى أحمله "الطريق إلى الجنه"

وكما أتانى هذا الملاك الصغير فجأه أختفى مره أخرى وذهب من خلال البرد والمطر ، وأنا أغلقت بابي وبتأنى شديد قمت بقراءة كل كلمة فى هذا الكتاب. ثم ذهبت إلى الأعلى وقمت بإزالة الحبل والكرسي. لأننى لن أحتاج إلى أي منهم بعد الأن.

ترون؟ أنا الآن سعيده جداً لأننى تعرفت إلى الأله الواحد الحقيقى.
ولأن عنوان هذا المركز الأسلامى مطبوع على ظهر الكتيب ، جئت الى هنا بنفسى لاقول لكم الحمد لله وأشكركم على هذا الملاك الصغير الذي جائنى في الوقت المناسب تماما ، ومن خلال ذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم. '

لم تكن هناك عين لا تدمع فى المسجد وتعالت صيحات التكبير .... الله أكبر.....

الإمام الأب نزل من على المنبر وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس أبنه هذا الملاك الصغير....

وأحتضن ابنه بين ذراعيه وأجهش فى البكاء أمام الناس دون تحفظ. ربما لم يكن بين هذا الجمع أب فخور بأبنه مثل هذا الأب
قصص قصيرة

1. كذَّاب

"إياك أن تكذب عليّ مرة أخرى.. فهمت؟"
نظر الطفل إلى أبيه بعينين تملأهما الدموع وهز رأسه نادماً على فعلته..
دق جرس الباب.. اندفع الطفل لينظر من القادم..
قال الأب: إن كان فلاناً فقل له أنني لست موجوداً بالمنزل..

2. أوَّل مَرَّة

بكى بشدة عندما أدخله والداه الفصل الدراسي لأول مرة.. وكان من الطبيعي أن يبكيَ في آخر اليوم الدراسي عندما جاءا لاستلامه.. لا لشيء إلا لأنه يريد أن يواصل اللعب مع زملائه..

على الهامش: ادفعوا أبناءكم لما فيه الخير.. ولا تجعلوا خوفَهم من الآخرين حاجزاً.. فإنهم إنما يخافون لأنهم لم يعتادوا

3. صنائع المعروف تقي مصارع السوء

"في ذات ليله شديدة البرد خرج والدي مسافراً بسيارته من الرياض الي الدمام وقبل خروجه ودع جدتي وكانت بيدها بطانيه (غطاء صوفي) مصرة علي ابي ان ياخذها معه فاعتذر ابي بانه يلبس ملابس تقيه البرد وبان السيارة بها مكيف ساخن يعمل جيداً
ولكنها اصرت فأخذها والدي وقبل يد جدتي وكانت الساعه تشير الي الواحدة بعد منتصف الليل وفي وسط الطريق راي ابي سياره متوقفة وبها شخصان لوحوا لابي بايديهم فتوقف فاذا هما رجلان من الوافدين علي هذه المملكه الحبيبة وقد تعطلت سيارتهم وبدا عليهما اثر الشعور بالبرد والجوع فاعطاهما طعام والغطاء الذي اصرت عليه جدتي ان يأخذه وقال لهما ادعو لأمي التي اصرت علي ان أخذها فدعوا لأبي ولجدتي وتم سحب سيارتهم الي اقرب مكان لاصلاح المركبات واكمل والدي سفره بعد ان اطمئن عليهما ......... وبعد خمس سنوات وفي نفس الطريق تعطلت سيارتنا ونحن مع ابي خمس من البنات وامي في نفس الطريق وفجأة وقفت بجانبنا سيرة تريد المساعدة فقبل ابي المساعدة فاذا به وجها لوجه مع نفس الوافدين الذي ساعدهم ابي وقد عرفا سيارته برقم اللوحة وساعداه ولم يتركنا حتي اطمئنوا علينا فسالت عنهما ابي فسرد القصة كاملة"

4. قدم المسلم ووجه الكافر .. أيهما أنظف ؟

‏في إحدى البلاد الغربية جاء وقت الصلاة ، فدخل أحد المسلمين حمام أحد المراكز، وبدأ في الوضوء ، وكان هناك أجنبي كافر ينظر إليه باندهاش ، وعندما وصل أخونا المسلم إلى غسل القدمين ، رفع رجله ووضعها على ما يسمى بالمغسلة ، وهنا صاح الأجنبي بصاحبنا المسلم: ماذا تفعل؟؟؟
أجابه المسلم بابتسامة قائلاً : أتوضأ.
قال الأجنبي: أنتم المسلمون لستم نظيفون ، دائماً توسخون الأماكن العامة ، والآن أنت تدعي بأنك تنظف نفسك بينما أنت توسخ (المغسلة) بوضع قدمك الوسخة فيها ، هذه المغسلة لغسل اليدين والوجه ، ويجب أن تكون نظيفة فلا توسخها !!
قال المسلم: هل لي أن أسألك سؤالاً وتجيبني بكل صراحة؟
قال الكافر: تفضل.
قال المسلم: كم مرة في اليوم تغسل وجهك؟
قال الكافر: مرة واحدة ، عندما استيقظ من النوم، وربما مرة أخرى إذا أحسست بتعب أوإرهاق.
فأجابه المسلم مبتسماً: بالنسبة لي فأنا أغسل رجلي في اليوم 5 مرات، فقل لي ما الأنظف ، قدمي أم وجهك؟
سكت الكافر وانسحب من المكان !!
طرائف

1. أعد الحجاج مائدة في يوم عيد فكان من بين الجالسين اعرابي فاراد الحجاج ان يتلاطف معه فانتظر حتى شمر الناس للأكل و قال :من أكل من هذا ضربت عنقه.
فظل الاعرابي ينظر للحجاج مرة وللطعام مرة اخرى ثم قال : اوصيك بأولادي خيرا ...
وظل يأكل فضحك الحجاج و امر بان يكافأ
2. حضر قوم إلى الجاحظ فحضر إليهم غلامه فسألوه عن سيده فأجابهم:
إنه في الدار
فقالوا: وماذا يصنع ؟
فقال إنه يكذب على ربه !
فقالوا له وكيف ذلك ؟
فقال: إنه نظر في المرآة مليّاثم قال :
أحمدك ربي لأنك صورتني جميلاً !
3. مرض أحد مشايخ العلماء، فجاءه تلاميذه لعيادته، فجلسوا عنده وقتاً طويلاً حتى تعب الشيخ المريض ومل، فلما أرادوا الانصراف قالوا: يا شيخ ادع لنا، فقال: اللهم علمنا آداب عيادة المريض.
4. عن الأعمش قال: أتى رجل إلى الشعبي فقال : ما اسم امرأة ابليس ؟ فقال : ذلك عُرس ما شَهدِتُه .- روى مجالد ، أن رجلاً مغفلاً لقي الشعبيّ ومعه امرأة تمشي ، فقال : أيُكما الشعبيُّ ؟ قال : هذه .
5. سرعة بديهة
6. - قال عمرو بن دينار :قال أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أنا أفقه من بالَ ، فقال ابن عباس : في المَبَارك .- أقرَّ رجل عند شريح ، ثم ذهب يُنكر ، فقال : قد شهد عليك ابنُ أخت خالتك
7. عن أيوب السختياني قال : سمعت رجلاً قال لعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه : فلان قذفني في النوم ، قال : اضرب ظله ثمانين .
8. كان أبوسلمة بن عبد الرحمن بن عوف مع قوم ، فرأوا قطيعاً من غنم ، فقال أبو سلمة : اللهم إن كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها ، فانتهى إليها فإذا هي تيوس كلها .
9. قال عيسى بن يونس : أتى الأعمش أضياف ، فأخرج إليهم رغيفين فأكلوهما . فدخل فأخرج لهم نصف حبل قتّ [ القتّ : علف البهائم ] ، فوضعه على الخوان ، وقال : أكلتم قوت عيالي فهذا قوت شاتي فكلوه.-
10.  قال عبد الله بن إدريس ، قلت للأعمش : يا أبا محمد ، ما يمنعك من أخذ شعرك ؟ قال : كثرة فضول الحجّامين [ أي : الحلاقين] . قلت : فأنا أجيئك بحجام لا يكلمك حتى تفرغ . فأتيت جنيداً الحجّام ، وكان محدثاً ، فأوصيته ، فقال : نعم . فلما أخذ نصف شعره قال : يا أبا محمد ، كيف حديث حبيب بن أبي ثابت في المستحاضة ؟ فصاح صيحة ، وقام يعدو . وبقي نصف شعره بعد شهر غير مجزوز . –
11.  عن حسين بن واقد قال : قرأت على الأعمش ، فقلت له : كيف رأيت قراءتي ؟ قال : ما قرأ عليّ علجٌ أقرأ منك
12. اشترى (مزبد) رأسين فوضعهما بين يدي آمراته وقال: اقعدي نأكل فآخذت رأسا فوضعته خلفها وقالت هذا لامي فاخذ (مزبد) الرأس الآخر ووضعه خلفه وقال: هذا لأبى قالت: فماذا نأكل قال: ضعي راس أمك واضع راس ابي
13. وروى علي بن العباس قال : سمعت الحسيني بن عمرو العنقري يقول :دق رجل على أبي نعيم الفضل بن دكين الباب ، فقال : من ذا ؟ قال : أنا .قال : من أنا ؟قال : رجل من ولد آدم .فخرج إليه أبو نعيم ، وقبّله ، وقال : مرحباً وأهلاً ، ماظننت أنه بقي من هذا النسل أحد.

14. قال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول لأبي زرعة :

حفظ الله أخانا صالح بن محمد [ الملقب جزرة ] ، لا يزال يضحكنا شاهداً وغائباً ، كتب إليّ يذكر أنه مات محمد بن يحي الذهليّ ، وجلس للتحديث شيخ يعرف بمحمد بن يزيد محمش ، فحدّث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أبا عمير ، ما فعل البعير ) ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها خرس ) ، فأحسن الله عزاءكم في الماضي ، و أعظم أجركم في الباقي .

ملاحظة : البعير محرفة من لفظة ( النغير ) ، وخرس محرفة من لفظة ( جرس ) .
15. كان الشاعرشرف الدين الأصفوني المعروف بقطنبة كثير الهجاء ظريف الحكايات ، ومن نوادره أنه صلى العيد الأكبر ، فذكر الخطيب قصة الذبيح ، فاشتد بكاء شخص بجانب قطنبة وعلا نحيبه ، فقال له : إلى متى تبكي ؟ أما سمعته في العام الماضي يقول إنه سلِم .
16. قال أحمد بن محمد ابن الحريري - المتوفى سنة 757هـ - لغلامه يوماً وقد عثرت به بغلة : لا تعلق عليها ثلاثة أيام عقوبة لها ، فقال : إ ذا لم نعلق عليا تحمّر- أي تعاند - ، فقال : علق عليها ولا تقل لها أني أذنت .
17. أحرم الشيخ علي بن سالم المارد يني ، نور الدين ، بصلاة المغرب ، فأحرم معه بالصلاة رجل من العوام ، فأطال جداً ، ثم لما سلم قال له : هل غلطت في الصلاة ؟ فقال له العامي : أنا الذي غلطت بصلاتي معك .
18. سال رجل (عمر بن قيس ) عن الحصاة من حصى المسجد يجدها الانسان في ثوبه او خفه او جبهته
فقال له :ارم بها
فقال الرجل : زعموا انها تصيح حتى ترد الى المسجد
قال : دعها تصيح حتى ينشق حلقها
قال الرجل : اولها حلق
قال عمر: فمن اين تصيح اذا

19. قـــــــــــــــــــــد مـــــــــــــــــــات !! :
خــرج رجــلان مــن خرســان إلـى بغــداد فـــي تجــارة لهمــا , وهمــا فـــي الطـــريق مـــرض أحـــدهما , وعــزم علــى الرجــوع ولــم يـرغــب في أكمال الطريق .
فـقـــال لــه صــاحـبــه : ما أقول لمن يسألني عنك ؟
قــــــــــــــــــال لــه : قــل لـهـــم ... لما دخل بغداد اشتكى ... ( رأسه , وأضراسه , ووجد خشونة في صدره , وكبراً في طحاله , وخفقاناً في فؤاده , وضرباناً في كبده , وورماً في ركبتيه , ورعشة في ساقيه , و ضعفهاً عن القيام على رجليه ) .
فـقـــال لــه صــاحـبــه : بلغني أن خير الكلام ما قل ودل ... وان الإيجاز في كل شي مما يستحب .....
فأنا أكره أن أطول عليهم ولكني أقول لهم : قـــــــــــــــد مــــــــــــــــــــات !!!

20. مـستـجـــــــــــاب الــدعــــــــــــاء !! :
جــــــاء رجـــــــــــلٌ بـقـمـــــــــح لـيطـحـنــــــــه .
فـــــقــــــــــــال الــطـــحّــــــــــــــــان : إن عندي شغلاً كثيراً فترفق .
فــقــــــال صـاحــب الـقمـــح للـطحــان : لئن لم تطحنه الآن دعوتُ عليك الليلة فتهلك دوابك .
فــــقــــــــــــال لــه الـطــحــــــــــــان : ودعاؤك مستجاب ؟ !
فــقــــــــــــــــال صــحـــب الـقــمـــح : نــعــــــــــــــم .
فـــقـــــــــــــال لـه الـطــحـــــــــــــان : فادع الله أن يجعل قمحك طحيناً ....

21. قـســمــــــة مـــــــــــــــواريـــــــــــث !! :
ســئُــــل بـهـلــــول عـــــن .... رجل مات , وخلف ابناً وابنة وزوجة , ولم يُخلّف من المال شيئاً ... كــيـــــف تـكــــــون الـقـسـمــــــــة ؟؟!! .
قـــــــــــال بــهــــلــــــــول : للابنة الـثُكل , وللزوجة خراب البيت , وما بقي من الهمّ فللعصبة !! .

22. حـتــــــــــــى يـبـــــدو الـعـظــــم !! :
ســــأل رجــــــــــلٌ الـشـعـبـــــي قـــــــال : هل يجوز للمُحرمْ أن يحك بدنه ؟؟؟!! .
قـــــــــــــــــال الــشــعــبــــــــــــــي لــه : نــــعـــــــــــــــــم .
فــــــال لـــــــــــــه الـــــــــــــرجـــــــــل : مقـــدار كــــم ؟؟ !! .
قـــــــــــــــــــــــال لــه الــشــعــبــــــــي : حـتـــــــــى يبــــدو الـعــظــــــــــــــــم .

23. دخل رجل على المهدي فأنشده شعراً فقال فيه : ( وجوار زفرات ) فقال المهدي : أي شئ زفرات ؟ قال : وما تعرفها يا أمير المؤمنين ؟ قال : لا والله . قال : فأنت أمير المؤمنين وسيد المرسلين ما تعرفها ! أعرفها أنا ، كلا والله .
24.

25. قال رجل لإمرأته وقد غضب عليها : يا هذه أنا الذي إذا رأيت المرأة تأتي بقبيح أُهينها وأهين من يهينها .

26. سئل بعضهم عن مولده فقال : ولدت رأس الهلال للنصف من رمضان بعد العيد بثلاثة أيام ، احسبوا الآن كيف شئتم .

27. قال ابن الجوزي : أخبرنا محمد بن إسماعيل قال : كان عندنا رجل من جهينة يكنى أبا نصر قد ذهب عقله ، فقلت له يوماً مالسَّخاء ؟ قال : جهد مقل . قلت : مالبخل ؟ قال : أف . وحوَّل وجهه ، فقلت : أجبني . قال : قد أجبتك .
28. إعترض أسد قافلة فرآه رجل منهم فخر الى الأرض فعلاه الأسد ( قفز فوقه ) فشد القوم بأجمعهم على الأسد واستنقذوه
فقالوا له : ما حالك ؟ قال : لا بأس علي ولكن خرى الأسد في سراويلي

29. أنشد رجل أبا عثمان المازني شعراً له قال : كيف تراه ؟ قال : أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من جوفك لأنك لو تركته لأورثك الشك

30. دخل بعض المغفلين على رجل يعزيه بأخ له فقال : أعظم الله أجرك ورحم الله أخاك وأعانه على ما يرد عليه من مسألة يأجوج ومأجوج ، فضحك من حضروا وقالوا له : ويحك ويأجوج ومأجوج يسائلان الناس ؟ فقال : لعن الله إبليس ، أردت أن أقول هاروت وماروت

31. تذاكر قوم قيام الليل وعندهم أعرابي فقالوا له : أتقوم الليل ؟ قال : أي والله ، قالوا : فما تصنع ؟ قال أبول وأرجع أنام

32. مر سكران بمؤذن ردئ الصوت فجلد به الأرض وجعل يدوسه فاجتمع إليه الناس فقال : والله ما لرداءة صوته ولكن خفت شماتة اليهود بالمسلمين

33. قال الرياش : خرج الناس بالبصرة ينظرون هلال رمضان فرآه رجل منهم ولم يزل يومئ إليه حتى رآه غيره وعاينوه فلما كان هلال الفطر جاء أحدهم إلى ذلك الرجل فدق عليه الباب وقال له : تعال أخرجنا مما أدخلتنا فيه

34. عن المبرد قال : قال الجاحظ : أنشدني بعض الحمقى

إن داء الحب سقم ------------ ليس يهنيه القرار
ونجا من كان لا يعشق ---------- من تلك المخازي

فقلت : إن القافية الأولى راء والثانية زاي
فقال : لا تنقط شيئاً ( أي لا تنقط الزاي في كلمة المخازي )
فقلت : ان الأولى مرفوعة والثانية مكسورة
فقال : سبحان الله نقول له لا تنقط فيُشكل

35. كتب بعض المغفلين الى رجل يعزيه بابنته ، فقال : بلغني مصيبتك وما هي بمصيبة ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من توفيت له بنت كان له من الأجر ...... ذهب عني ( اي : نسيت ) ومن كانت له بنتان كان له من الأجر مثل الذي ذهب عني مرتين
وبعد فقد ماتت عائشة بنت النبي صلى الله عليه وسلم فمن ابنتك البظراء حتى لا تموت !

36. كتب بعضهم الى صديق له :
بسم الله الرحمن الرحيم ، وجعلني الله فداءك لولا علة نسيتها لسرت إليك حتى أعرفك بنفسي والسلام

37. حكى أبو منصور الثعالبي أن رجلاً سأل سيفويه عن ( الغسلين ) في كتاب الله تعالى فقال : على الخبير سقطت ، سألت عنها شيخاً فقيهاً من أهل الحجاز فما كان عنده قليل ولا كثير
38. - طلق رجل إمرأته ، فقالت له : أبعد صحبة خمسين سنة ؟
قال : مالك عندنا ذنب غيره .

39. - سئل رجل الشعبي : هل يجوز للمحرم أن يحك بدنه ؟
قال : نعم . قال مقدار كم ؟ قال : حتى يبدو العظم .

40. - قال ابن خلف : حدثني بعض أصحابنا قال : بلغني أن الرشيد خرج يوماً متنزهاً وانفرد عن عسكره , والفضل بن الربيع خلفه ، فإذا هو بشيخ قد ركب حماراً له ، وفي يده لجام كأنه مبعـ محشو ، فنظر إليه ، فإذا هو رطِبُ العينين ، فغمز الفضل عليه ، فقال له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطاً لي ، قال : هل لك أن أدلك على شئ تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة ؟ قال : ما أحوجني الى ذلك . قال له : خذ عيدان الهواء ، وغبار الماء , وورق الكماة ، فصيِّره في قشر جوزة واكتحل به ، فإنه يُذهبُ عنك ما تجد ، قال : فاتكأ على قربوسه ، فضرط ضرطة طويلة ، ثم قال : تأخذ هذه أُجرةً لوصفتك ، فإن نفعتنا زدناك ، قال : فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابته .

41. - قال المتوكل يوماً لجلسائه : أتدرون مالذي نقم المسلمون من عثمان ( رضي الله عنه ) ؟
قالوا : لا ، قال : أشياء منها أنه قام أبوبكر دون مقام الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بمرقاة ، ثم قام عمر دون مقام أبي بكر بمرقاة ، فصعد عثمان ذروة المنبر ، فقال عبّاد : ما أحد أعظم منّة عليك يا أمير المؤمنين من عثمان ، قال : وكيف ؟ ويلك ، قال : لأنه صعد ذروة المنبر ، فلو أنه كلما قام خليفة نزل عمّن تقدمه كنت أنت تخطُبُنا من بئر جلولاء ، فضحك المتوكل ومن حوله .

42. - كان أبو الحسن المتيم الصوفي يسكن الرصافة ، وكان مطبوعاً مضحاكاً ، وكان يتولع برجل شاهد فيه غفلة يعرف بأبي عبدالله الكيّا . قال ابن المتيم : فلقيته يوماً ، فسلمت عليه وصحت به اشْهد علىَّ ، فاجتمع الناس علينا ، فقال : بم أشهد ؟ فقلت : بأن الله إله واحد لا إله إلا هو وأن محمد عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور . فقال : أبشر يا أبا الحسن ، سقطت عنك الجزية ، وصرت أخاً من إخواننا ، فضحك الناس ، وانقلب الولع بي .

43. - أعطت امرأة جاريتها درهماً وقالت : اشتري هريسة ، فرجعت ، فقالت : يا سيدتي سقط الدرهم مني فضاع ، فقالت : يا خبيثة تكلميني بفمك كله وتقولين ذهب الدرهم ، فأمسكت الجارية نصف فمها بيدها وقالت بالنصف الآخر : وانكسرت يا سيدتي الزبدِيَة .
44.  جاء بنان إلى وليمة فأُغلق الباب دونه فاكترى ( استأجر ) سلماً ووضعه على حائط الرجل فأشرف على عيال الرجل وبناته فقال له الرجل : يا هذا أما تخاف الله رأيت أهلي وبناتي . !
فقال بنان يا شيخ : " لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد " فضحك الرجل ، وقال له : انزل فكُل .

45. وقف نحوي على رجل فقال : كم لي من هذا الباذنجان بقيراط ؟
فقال البائع : خمسين . فقال النحوي : قل خمسون ثم قال : لي أكثر . فقال البائع : ستين
فقال النحوي : قل ستون ثم قال : لي أكثر . فقال البائع : إنما تدور على مئون وليس لك مئون .

دخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب فقال : إني أكلت من لحوم الجوازئ وطسئت طسأة ، فأصابني وجع بين الوابلة إلى دأية العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الشراشيف ، فهل عندك دواء ؟
قال : نعم ، خذ خوفقا وسربقا ورقرقا ، فاغسله وأشربه بماء .
فقال : لا أدري ما تقول ؟
قال : ولا أنا دريت ماقلت .
وقال يوم آخر : إني أجد معمعة في قلبي ، وقرقرة في صدري ، فقال له : أما المعمة فلا أعرفها ، وأما القرقرة فهي ضراط غير نضيج .

46. أتى رجل الهيثم بن العريان بغريم له قد مطله حقه فقال : أصلح الله الأمير ، إن لي على هذا حقاً قد غلبني عليه . فقال له الآخر : أصلح الله الأمير ، إن هذا باعني عنجدا ، واستنسأته حولا ، وشرطت عليه أن أعطيه مياومة ، فهو لا يلقاني في لقم إلا إقتضاني ذهبا .
فقال له الهيثم : أمن بني أمية أنت ؟ قال : لا . قال : أفمن بني هاشم أنت ؟ قال : لا . قال : أفمن اكفائهم من العرب ؟ قال : لا . قال : ويلي عليك ! انزعوا ثيابه .
فلما أرادوا نزع ثيابه قال : أصلح الله الأمير ، إن إزاري مرعبل .
قال : دعوه ، فلو ترك الغريب في موضع لتركه في هذا الموضع .
47. مر أبو علقمة ببعض الطرق ، فهاجت به مرة ، فوثب عليه قوم ، فجعلوا يعصرون إبهامه ، ثم يؤذنون في أذنه .
فأفلت من أيديهم ، فقال : ما بالكم تتكأكأون عليّ تكأكؤكم على ذي جنة ؟
افرنقعوا عنّي .
فقال رجل منهم : دعوه ، فإن شيطانه يتكلم بالهندية .

48. سمع أعرابي أحد النحاة يصلي بقوم صلاة الاستسقاء ويدعو :
اللهم اسقنا غيثًا مريئاً, مريعاً , مجلجلاً, مسحنفراً, هزجاً, صخباً, سفوحاً, غدقاً, مثعنجراً... فناداه الأعرابي : يا خليفة نوح !
هذا والله الطوفان . انتظر حتى آوي إلى جبل يعصمني من الماء .

49. محشش سايق إسعاف في الحرب نقل 35 قتيل
سمع في الراديو سقوط 30 قتيل ! وقف وفتح الباب وقال: الخمسه اللي يستهبلون ينزلون ألحين !

50. في عزاء زوجته سأله صديقه : كيف ماتت زوجتك ؟
قال : نطحها ثور مزرعتنا .
قال : وكل هؤلاء الرجال جاؤا ليعزوك فيها ؟
قال : لا كلهم يريدون شراء الثور

51. تقدم العمر بأحد الحكماء وأحس بدنو أجله فأراد أن يعلّم أولاده عصارة خبرته في الحياة جمعهم حوله يوماً وأعطى أحدهم رمحاً وقال له : حاول أن تكسر هذا الرمح ، فكسره الإبن بسهولة ، فأعطاه رمحين فكسرهما بسهولةٍ أيضا ، عندها أعطاه حزمةً من الرماح وقال : الآن حاول أن تكسر هذه الحزمة فكسرها بسهولة
فقال الأب لأولاده : طالما أن هذا البغل معكم فلا خوف عليكم !

52. أرسل شاعر مبتدئ قصيدة بعنوان ( لماذا أنا حي ؟ ) الى إحدى الجرائد ، ولما قرأها رئيس التحرير كتب إليه قائلاً : أنت حي لأنك أرسلت القصيدة عن طريق البريد ولم تحضرها لي بيدك .

53. قيل لأعرابي : ما اسم المرق عندكم ؟ فقال : السخين ( من السخونة ) قالوا : فإذا برد ؟ قال : لا ندعه يبرد .

54. سأل استاذ الطب طلابه سؤالاً عجزوا عن الإجابة عليه جميعهم إلا واحداً وقف يلقي الجواب عن ظهر قلب حرفاً حرفا كما ورد في الكتاب فقال الطبيب الاستاذ : إجلس فإنك لست بأحسن من رفاقك .. أنت مصاب بإمساك في التفكير واسهال في الكلام .

55. سأل القاضي الزوجة: لماذا تريدين الطلاق؟
فأجابت: لأن زوجي حيوان!
قال القاضي: لماذا تزوجتيه ؟
هي: لأنني لم أكن أعرف في بادىء الأمر أنه حيوان لهذه الدرجة !
فردّ الزوج على الفور : كذابة يا سيدي، كانت تعرف ...!!

كان أمير البلد يزعم أنه يعرف نظم الشعر، فأنشد يوماً قصيدةً أمام أبي غصن .
وقال له : أليست بليغة ؟
فقال أبو غصن : ليست بها رائحة البلاغة
فغضب الأمير وأمر بحبسه في الإصطبل ، فقعد محبوساً مدة شهر ثم أخرجه
وفي يومٍ آخر نظم الأمير قصيدة وأنشدها أبا الغصن ، فقام أبو الغصن مسرعاً ، فسأله الأمير: إلى أين ؟
فقال : إلى الإصطبل يا سيدي

56. التقى جحا ذات يوم بملك التتار ( تيمورلنك ) فقال له : يا جحا، إني شديد الإعجاب بأسماء خلفائكم كالواثق بالله والمعتصم بالله ، وأريد أن تختار لي اسماً من هذا النوع
فالتفت إليه جحا وقال : أختار لك نعوذ بالله

57. اشترى أعرابي غلاماً ، فقال للبائع : هل فيه من عيب ؟
فقال: لا ، غير أنه يبول في الفراش
فقال : ليس هذا بعيب ، إن وجد فراشاً فليبل فيه

58. بعض الظن.. غباء أيضاً

فهد عامر الأحمدي
قبل بضعة أعوام قررت السفر إلى إيطاليا ومشاهدة أعظم آثار روما والبندقية. وكعادتي - قبل كل رحلة - قرأت أدلة وكتبا سياحية كثيرة عن هاتين المدينتين بالذات.. ولفت انتباهي حينها كثرة التحذير من التجول في الشوارع المحيطة بمحطة القطار الرئيسية في روما (وتدعى تيرميني). وذات يوم كان علي الذهاب لتلك المحطة بالذات لتصديق تذكرة القطار الأوروبي. وفور نزولي من التاكسي فوجئت بشاب غريب الهيئة ينادي علي بلغة لا أفهمها. غير أنني تجاهلته وأسرعت الخطى نحو المحطة ولكنه استمر في السير خلفي والصراخ عليّ بصوت مرتفع.. فما كان مني إلا أن هرولت - ثم جريت - فجرى خلفي مناديا بحدة حتى اضطررت للتوقف ومعرفة ماذا يريد.. وحين وقف أمامي مباشرة أخذ يتحدث بعصبية وصوت غاضب - وكأنه يلومني على تجاهله - في حين كان يريد إعطائي محفظتي التي سقطت فور نزولي من التاكسي.
هذا الموقف - الذي أخجلني بالفعل - يثبت أن بعض الظن إثم وأن تبني الآراء المسبقة يحد من تفكيرنا ويحصره في اتجاه ضيق ووحيد..

وكنت قد مررت بموقف مشابه قبل عشرين عاماً في جامعة منسوتا حين كنت أتناول طعامي بشكل يومي في "بوفية" الطلاب.. فخلف صواني الطعام كان يقف "الطباخ" وبعض العاملين في البوفية لمساعدة الطلاب على "الغَرف" واختيار الأطباق.. ولفت انتباهي حينها عاملة يهودية متزمتة تعمل في المطعم (وأقول متزمته بناء على لبسها المحتشم وطرحتها السوداء ونجمة داوود حول رقبتها). وأذكر أنني كرهتها من أول نظرة - وأفترض أنها فعلت ذلك أيضا - وكنا دائما نتبادل نظرات المقت والاشمئزاز بصمت.. وذات يوم رمقتها بنظرة حادة فما كان منها إلا أن اقتربت مني وأمسكتني من ياقة قميصي وهمست في أذني "هل أنت مسلم؟" قلت "نعم" فقالت "إذا احذر؛ ما تحمله في صحنك لحم خنزير وليس لحم بقر كما هو مكتوب"!!

... وكنت قد قرأت - في مجلة الريدر دايجست - قصة طريفة عن دبلوماسي أمريكي تلقى دعوة لحضور مؤتمر دولي في موسكو (في وقت كانت فيه حرب الجواسيس على أشدها). وقبل مغادرته مطار نيويورك حذرته وزارة الخارجية بأن الروس سيتجسسون عليه وسيضعونه في فندق خاص بالأجانب يمتلئ بأجهزة التنصت.. وهكذا ما أن دخل غرفته في الفندق حتى بدأ يبحث عن أجهزة التنصت المزعومة - والميكروفونات المدسوسة - خلف اللوحات وفوق اللمبات وداخل الكراسي بل وحتى داخل التلفون نفسه.. وحين كاد ييأس نظر تحت السرير فلاحظ وجود سلكين معدنيين (مجدولين حول بعضهما البعض) يبرزان من أرضية الغرفة الخشبة فأيقن أنه عثر على ضالته. فما كان منه ألا أن أحضر كماشة قوية وبدأ بفك الأسلاك عن بعضها البعض ثم قطعها نهائيا - قبل أن يصعد على سريره لينام. غير أنه سرعان ما سمع صفارة الاسعاف وأصوات استنجاد وصراخ من الطابق السفلي فرفع السماعة ليسأل عما حدث فأجابه الموظف في مكتب الاستقبال: "لا تقلق يا سيدي؛ سقطت النجفة المعلقة أسفل غرفتك على رأس المندوب البلجيكي"!!

مرة أخرى أيها السادة...

بعض الظن ليس إثما فقط؛ بل ويحصر تفكيرنا في اتجاه ضيق ووحيد!!

59. قال عنتربن شداد
ولقد ذكرتك والرماح نواهل ...... مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لانها ...... لمعت كبارق ثغرك المتبسم
وقال حفني ناصف
ولقد ذكرتك والحمار معاندي ...... فوق الحديد وقد اتى البابور
فرايت شخصك في الخيال يشير لي ...... فسعيت نحوك وانجلى المحذور
وقال آخر
ولقد ذكرتك والحريق بمنزلي ...... وصراخ من حولي يرج المنزلا
فوقفت اشكو نار حبك باكيا ...... واراك من شوقي اليك تخيلا

قصه رعب

من منا لم يروى له اباه او عمه قصه رعب عن امنا الغولة او ابو رجل مسلوخة ليلا و خصوصا عند انقطاع الكهرباء ؟؟؟ حسنا عليك ان تكمل الدائرة و تحكي هذه القصص لابنائك , لا اعلم ما الفائدة الا انشاء اطفال جبناء
قرأت القصه التالية و اعجبتني و قصصتها على اخوتى و ابناء عمي فاعجبتهم كثيرا و استفادوا منها

جرت أحداث هذه القصة في قرية صغيره

حتى ولو بدت أحداث هذه القصة كالقصص الخيالية لكنها حقيقية
.............
هذا رجل كان واقفا على جانب الطريق يريد إيقاف سيارة

للذهاب للقرية المجاورة في ليلة شديدة الظلام في وسط العاصفة

الليل مر ببطء ولم تمر سيارة عابره

كانت العاصفة شديدة لم يكن يستطيع أن يرى وطء رجليه

أخيرا ..ـ

(مرت سيارة تسير ببطء كأنها شبح (مهب الشبح المرسدس شبح حقيقي

خرجت من خلف الظلام مرت ببطء متجهة إليه حتى توقفت عنده

ركب الرجل داخل السيارة وأغلق الباب

!!بعدها تأكد انه لا يوجد سائق لهذه السيارة

السيارة بدأت تتحرك ببطء مرة أخرى

بدأ الرعب يدب في قلب الرجل

وبدأت السيارة تسرع قليلا

اقتربت السيارة من منعطف خطير جدا

الرجل بدا يدعو ربه من اجل البقاء على قيد الحياة

لا محالة السيارة سوف تخرج عن الطريق وسوف يواجه الموت !ـ

فجأة قبل المنعطف بقليل دخلت يد من النافذة وأمسكت الدركسون

وقادت السيارة عبر المنعطف بأمان

أصبح الرجل فرحا مع وجود الخوف والرهبه في قلبه

الرجل أصبح يرى اليد تدخل من النافذة مرات متكررة

كلما وصلوا إلى احد المنعطفات

أخيرا ..ـ

قرر الرجل الهروب من السيارة

فقفز من السيارة وذهب إلى اقرب محل وكان مبتلا وفزعا

ذهب إلى احد المقاهي وبدأ يخبر قصته المخيفة والمرعبة للجميع

بعدما تأكدوا من هيئته انه غير سكران أو ناقص العقل

وكان الجميع ينصت للقصة

في أثناء ذلك وبعد حوالي نصف ساعة

دخل رجلان إلى نفس المقهى

وعندما شاهدوا الشخص المرعوب

قال احد هما للآخر:ـ

هذا هو الشخص الذى كان راكب السيارة و نحن ندفعها

شعر

المدْرَسَة لاحمد شوقي

أنا المدرسةُ اجعلنى كأمٍّ . لا تمِلْ عنّى
ولا تفزعْ كمأخوذٍ من البيتِ إلى السجنِ
كأنى وجهُ صيّادٍ وأنت الطيرُ فى الغصنِ
ولا بدَّ لك اليومَ - وإلا فغداً – مِنّى
أو استغنِ عن العقلِ إذنْ عَنّيَ تستغنِى
أنا المصباحُ للفكرِ أنا المِفتاحُ للذِّهنٍ
أنا البابُ إلى المجدِ تعال َادخلْ على اليُمنِ
غداً ترْتَعُ فى حَوْشى ولا تشبَعُ من صحْنى
وألقاكَ بإخوانٍ يُدانونَكَ فى السِّنِّ
تُناديهمْ بيا فكرى وياشوقى ويا حُسنى
وآباءٍ احَبُّوكَ وما أنت لهم باْبنِ
الروايات الطويلة
1. عداله السماء4
2. الرجل ذو اللحيه السوداء 5
3. " عودة الذئب " 6
4. من أجل سلمى7

القصص المفيدة للاطفال
1. القصص الدينى للأطفال..لعبد الحميد جودة السحار ...
2. مجموعة "أنبياء الله" الصادرة عن "سفير" بمصر. (12 قصة).
3. "تاريخ الأمة الواحدة: البداية الحقيقية: آدم وزوجته" من سلسلة نحو تأصيل إسلامي للتاريخ، سلسلة التاريخ الإسلامي للبراعم المسلمة. د/ جمال عبد الهادي، ومحمد مسعود، ود/ وفاء محمد رفعت جمعة.
4. "قصص الأنبياء" الصادرة عن المؤسسة العربية الحديثة. مصر (40 جزءاً لأربعين من أنبياء الله).
5.  سلسلة "القصص النبوي" الصادرة عن سفير (5 كتب كل منها تحتوي على 3 قصص نبوية في صورة حكاية مصورة بحوار جاهز يمكن الاستعانة به في سرد السيناريوهات التي تبغونها. من أهم تلك القصص وأحبها للأطفال: قصة جرَّة الذهب، أصحاب السفينة، ماشطة بنت فرعون، الأم الحقيقة.
6. "حياة أعظم الرسل" (قصص من حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) للأطفال من سن السابعة إلى الثانية عشرة) "للأستاذ محمد عطية الأبراش. صادرة عن مكتبة مصر" (30 جزءاً)
7. "عظماء خالدون" سلسلة تعرض لعظماء الصحابة الكرام الذين كان لهم أبعد الأثر في التاريخ الإسلامي، مع إبراز الجوانب الحضارية في عصورهم، مع إبراز مواطن القدوة في حياتهم. السلسلة صادرة عن "سفير" مصر (صدر عنها 5 أجزاء: الخلفاء الراشدين الأربعة + عمر بن عبد العزيز).
8. "مواقف إسلامية" سلسلة تتناول المواقف المشرقة لعدد من الصحابة في مواطن مختلفة، من أمثلة سيدنا خبيب بن عدي، حنظلة بن أبي عامر، جزيمة بن ثابت (رضي الله عنهم جميعًا). صدر عن هذه السلسلة 6 أجزاء (صادرة عن سفير مصر).
9.  "أبطال العرب في الإسلام" سلسلة تضم 17 صحابيًّا من كبار صحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان لهم أبعد الأثر في الذَّود عن الإسلام. السلسلة صادرة عن دار القلم العربي. سوريا.حلب.
"سلسلة الفتوحات الإسلامية" للدكتور يوسف عبد الكريم عاني. صادرة عن دار القلم العربي. سوريا. حلب. وهي 16 جزءاً تبدأ بفتح مكة وتنتهي بفتح القسطنطينية
10. سلسلة "علماء العرب" الصادرة عن دار ربيع للنشر. سوريا. حلب.
11. "طفولة عظماء الإسلام" 8 أجزاء تحكي صورًا عن طفولة علماء وعظماء العرب، من أمثال: البيروني، والحسن بن الهيثم، ومحمد إقبال؛ ليكونوا قدوة لأبنائنا.
12. سلسلة قصص الأخلاق الصادرة عن "أطفالنا" (22) جزءاً، تضم أخلاقًا: كالوفاء، الإخلاص، الإيثار، الرحمة، التواضع...
13. "الحكايات المصورة" الصادرة عن سفير 4 قصص تحكي مواقف طريفة يقع فيها الإنسان أو الحيوان، عندما يسيء الخلق، من أبرزها وأشهرها لدى الأطفال: الديك السافر، حق الطريق، الصفوف المنتظمة.
14. "سلسلة أحباب الرحمة": قصص يحبها الصغار لأسلوبها الشيق الممتع (12 جزءاً). أشهرها: الرجل الصالح والكلب، صاحب الجنتين، سفينة النجاة. صادرة من سفير. مصر.
15. قصص سفير (18 جزءاً) قصص صيغت بأسلوب شيق وممتع تناسب (سن 5 - 10 سنوات). تحمل قيم وسلوكيات طيبة عدة لا غنى عنها في مسيرة التربية الطويلة.
16. سلسلة "مذكرات عم صبور" للدكتور الفاضل/ عبد الواحد علواني، هي قصص ممتعة مرفقة بنشيد جميل لكل قصة. دار الفكر – سوريا - دمشق.
17. سلسلة "قصص يحبها الجميع" للأستاذ الفاضل سليمان العيسي، ود. ملكة أبيض. دار الفكر - سوريا.
18. مسرحيات البراعم. من تأليف أ. موفق سليمان. دار الفكر - سوريا.

تم تحميل هذا الكتاب من موقع
WWW.AMRSELIM.NET

تعريف بالمؤلف

عمر عبدالله حسين سليم
شاب مسلم مصري , يعمل رسام هندسي , يتمنى أن يرى رايه الاسلام خفاقة مره أخرى , و لا يدري كيف ؟ فليست الا أمنية .

رساله
أتمنى أخي الكريم أن ترسل لي رأيك في الكتاب , و ملاحظتك , و أن تهدي الى أخطائي لأصوبها
http://www.amrselim.net/contact.htm

كتب أخرى للمؤلف

القائد

http://www.amrselim.net/download/leader.pdf

البرمجة اللغوية العصبية الاسلامية
او التنمية البشرية
http://amrselim.net/download/inlp.pdf

الطريق الى أن يحبك الله

http://www.amrselim.net/download/waytoloveallah.pdf

الطريق الى محبه الناس

http://www.amrselim.net/download/WAYTOLOVE.pdf

فن المناظرة
http://www.amrselim.net/download/discussion.pdf

سئلتني
http://amrselim.net/download/askme.pdf

عون الرب في العناية بفن الحرب

http://www.amrselim.net/download/ARTOFWAR.pdf

ما يعرفه الرجال عن النساء
و ما يعرفه النساء عن الرجال
http://www.amrselim.net/download/WHATWOMANKNOW.pdf

شرح AUTOLISP
http://amrselim.net/download/AUTOLISP.pdf

شرح SKETCH UP
http://amrselim.net/download/Sketch%20up.pdf

شرح ال magicad

http://www.amrselim.net/download/MAGICAD.pdf

كان فيه مره غزال

(مجموعة من القصص الهادفة )
http://www.amrselim.net/download/313.pdf

طرائف الشيوخ
http://www.amrselim.net/download/happy.pdf

خواطر حول جيل النصر
http://www.amrselim.net/download/re.pdf

وسوسة الوسواس
الكتاب السري لوسوسه الشياطين
http://www.amrselim.net/download/313.pdf

رسالة الى فتاة

(مجموعة من القصص الهادفة للفتيات )
http://www.amrselim.net/download/313.pdf

تعليقات

  1. […] كان فيه مره غزال (مجموعة من القصص الهادفة ) […]

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة