نزول النقطة
كتاب لجمال الغيطاني
يتعانق فيه العمارة مع الانسان مع التاريخ و الفلسفة
عبر الحضارات المختلفة المصرية القديمة و المسيحية و الاسلام
حسنا الكتاب يمكن ان نقول انه فلسفة العمارة او نقد معماري ادبي
التدرج الدافق المنبئ بالحركة , بالزيادة التى ستصير الى نقصان , احد اهم معالم الرؤية المصرية , ما من شئ مثل العمارة تودع فيه الذاكرة في البداية تكون الاستجابة لعوامل البيئة والمناخ، ثم تضفي الرؤية الروحية والفكرية مضامينها، جميع المعابد المصرية لا يتم الوصول اليها فجأة، اما عبر ارتقاء متمهل على درج عريض غير محسوس، أو طريق ممهد يرتفع صوب المدخل. هذا ما نجده في عبد سيتي الاول بابيدوس , معبد الدير البحري , مهبد سيتي الاول بالاقصر , كافة المعابد تقوم على التدرج , تدرج في الطريق المؤدي , المدخل المهاب , الشاهق الذي يفضي الى قاعة فسيحة ، مغطاة بسقف تتخلله فتحات تصل الأرض بالسماء، تصل المحدود، المؤطر باللانهائي، وتؤدي وظيفة الإنارة في نفس الوقت، القاعة التالية أضيق، وأعتم، لا يدخلها إلا الخاصة، حتي إذا وصلنا إلي قدس الأقداس، حيث تمثال الإله، غير مسموح إلا لكبير الكهنة والملك بالدخول، قدس الأقداس
لذلك كان المصري ومازال يهتم بمثواه الأبدي أكثر من بيته في الحياة الدنيا، ماتزال القبور لها أماكنها الخاصة في المدن، دائماً عند الأطراف، نص مواز، كثيراً ما تأملت مقابر الأقباط، ومقابر المسلمين، ومقابر اليهود المحدودة مساحة وعدداً في القاهرة والاسكندرية، هذا الهدوء، هذا التخطيط الجيد للشوارع، بعض المراقد تحف معمارية، ذلك الحرص علي كتابة الاسم مسبوقاً باللقب وأحياناً الوظيفة التي كان يشغلها الراحل، ثمة حوار صامت بين الراحل والساعين في الحياة الدنيا، بعضه يكتب علي قبره صراحة، يطلب من الأحياء أن يترحموا عليه وأن يتذكروه بالخير، أن يعتبروا فمصيرهم إلي رقدته، تأمل ما يكتب علي شواهد القبور، آيات القرآن الكريم، الإنجيل، هذا التنوع في أشكال الشواهد، بعضها يبدو كأعمال فنية حديثة، مثل مقابر زاوية سلطان شرق النيلبمحافظة المنيا، أنصاف قباب متلاحقة كأنها أمواج بحر تجمدت، كذلك المقابر في صحراء الهو القريبة من قنا والأقصر، منذ القدم وحتي الآن، رغم تغير الديانة واللغة، أهم ما يشغل المصريون وجود مثوي أبدي للجثمان، أن يذكر بعد الرحيل، في العصر المملوكي، كان السلطان بمجرد توليه الحكم يشرع في بناء مسجد، الحقيقة أنه يبني قبراً، فالمسجد يضم قبة، والقبة تحتها ضريح، الهم المصري القديم بالبقاء حيث لا بقاء، فرض نفسه علي الحكام ذوي الأصول الأجنبية، لكنهم جاءوا إلي مصر صغاراً وتشربوا ثقافتها ورؤيتها، في العصر الحديث، بعد أن توفي عبدالناصر عام 0791، اكتشف المصريون أنه كان معنياً ببناء مثوي أخير له، كان مشتركاً في جمعية تعاونية شيدت المسجد الذي يرقد فيه الآن، أما الرئيس أنور السادات فكان مشغولاً ببناء قبر له في قرية ميت أبو الكوم، لكن القدر لم يمهله، إذ جري اغتياله فجأة عام 1891. الحكام والأمراء شيدوا المساجد لكي يرقدوا فيها حتي يكونوا بين الأحياء، في مكان له صفة القداسة، ليستمدوا مشروعية أخري لذكرهم، لكي يتردد اسمهم.
من الثنائيات عمليتا الهدم والبناء، لذلك أقبل المصريون علي البناء، الوعي بزوال الأشياء مع حركة الكون حاد
أن يذكر الاسم بعد رحيل صاحبه، يكتبه فوق جدران المقبرة، في أماكن يصعب اكتشافها، لعل ما أقدم عليه المهندس، الفنان العبقري سنموت من أكثر ما استوقفني علي بذل المجهود والحيلة لبقاء الاسم، لقد شيد واحداً من أجمل معابد مصر، المعروف الآن بالدير البحري، صممه وشيده بأمر من مليكته الدلائل تشير إلي علاقة خاصة ربطتهما حتشبسوت، لقد أقدم علي كتابة اسمه داخل المعبد في أماكن يصعب رؤيته، وخلف الأبواب بحيث يستحيل ترصده إذا فتح ليمر أحدهم، في مقبرته كتب اسمه ثم غطاه بطلاء، وكتبه مرة أخري فوق الطلاء، كان يعرف بذكائه وحدة بصيرته أن وقتاً سيجيء ربما يمحي فيه اسمه، بل ربما كان علي يقين، الملكة حتشبسوت تزيل اسم شقيقها تحتمس من المعابد والأنصاب، وسوف يقوم الأخ بعد تمكنه من الإقدام علي نفس العمل باعتبار شقيقته مغتصبة للملك، حتي أن اسمها أسقط تماماً من قائمة أبيدوس.
كان الفرعون أو السلطان اذا شيد بناء من الحجر، معبدا أو مسجدا، مقبرة أو ضريحا، يحرص على الكتابة، فالكتابة هنا توثق، وتنسب وكثيرا ما تأملت الرنك المملوكي فوق مبان هائلة الحجم، مثل قبة قلاوون، أو مسجد الظاهر برقوق، أو أي منشأة كبرى وصلتنا من أي عصر، سنجد في الجزء البارز، على الواجهة، عند المدخل، حول القبة، اسم السلطان أو الملك أو الحاكم على مختلف المستويات،
لن يكتمل البناء الا بالكتابة، ولن يتحقق النسب الا بالكتابة، في معبد أبيدوس لوحة مؤثرة للملك سيتي الأول يقف مع ابنه رمسيس الثاني يقدم اليه ملوك مصر منذ مينا حتى عصره، ستة وسبعين خرطوشا، كل ملك منهم أصبح حروفا وعلامة، مجرد كتابة، لكنها ذات مغزى، ودلالة، انها اشارة الى ما كان قائما بالفعل، الى الوجود ذاته، لذلك اعتبر المصري القديم الكتابة موازية للوجود الانساني، للوجود كله، وأنها تتجاوز الوجود المحدود الى المطلق بقدر استمرارها، انها نقيض العدم، ولذلك كان اذا كتب على الجدار اسم شخص معين، فان سائر ما ينطبق على هذا الشخص في سعيه وحضوره، ينطبق على اسمه المحفور على الجدران أو المكتوب على بردية مطوية، لذلك كانوا اذا محوا الاسم المكتوب، أو طمسوا العينين المرسومتين فهذا يعني أنهم ألحقوا الأذى بالشخص المقصود، فاذا كان حيا يسعى يكون قد أذاه، ربما الى حد القتل، واذا كان ميتا فانه ينهي وجوده في العالم الآخر.
في متحف تورينون بايطاليا... توقفت أمام نماذج البيوت التي كان يعيش داخلها العمال والفنانون... نماذج عدة لها، لا تختلف كثيرا عن البيوت التي ولدنا فيها بصعيد مصر... والتي كانت تبنى من الطوب اللبن المصنوع من طمي النيل، وكانت تلك البيوت فسيحة، تتكون من فناء مكشوف، وغرف للنوم، وغرفة تستخدم كمخزن للغلال، وصوامع للقمح والذرة، ومصاطب للنوم. لم يتغير شكل البيت المصري القديم لعدة آلاف من السنين الا في السنوات الأخيرة، وبالتحديد خلال العقدين الأخيرين، عندما بدأ تحول خطير في اتجاهات البناء، اذ بدأ استخدام الخرسانة في الريف المصري، وظهرت البنايات متعددة الطوابق، التي لا تناسب المناخ الحار... كان المصري القديم لا يهتم كثيرا بالبيت الذي يعيش فيه أيامه في الحياة الدنيوية قدر اهتمامه بمنزل الأبدية، حيث يستقر جثمانه المحنط الى الأبد... غير أن البيت الدنيوي كان يشيد وفقا لاتجاه الريح ومصادر النسمات المنعشة، أما البيوت الخرسانية الحالية فتمتص الحرارة لتعكسها ليلا الى الداخل.
شتان ما بين زيارة وزيارة. في هذه المرة أجئ مزودا بالمعرفة التي تشرح وتفسر ما أراه، فرق كبير بين أن يرى الإنسان لوحة ولا يعرف شيئا عن الرموز التي تحويها، والعصر الذي انتجت فيه، وأن يقف أمامها مزودا بالمعلومات والرؤية والخلفية الثقافية، هذا هو بالضبط الفرق بين زياراتي في العقود الماضية وتلك التي أقوم بها إلى الآثار المصرية القديمة في السنوات العشر الأخيرة،
والمعبد القائم الى الشمال. كان هؤلاء المبدعون يتوارثون التقاليد أبا عن جد، ويتحملون أصول الفن منذ الصغر، وكان هذا كله يتم تحت اشراف رجال الدين. ويبدو أن الأساطير المتوارثة عن هؤلاء العمال والفنانين غير صحيحة، ولا يزال بعضها ساريا بين الأهالي في الأقصر ، تقول الحكايات أنهم كانوا يقادون معصوبي الأعين الى أماكن المقابر الملكية، وأنهم كانوا يقتلون بعد تمام انجازهم حتى لا يبدعون مرة أخرى كما أبدعوا، ليس هذا في رأيي من الحقيقة في شيء، الفنان الذي يعرف أن مصيره القتل لا يمكن أن يواصل الإبداع بهذه الروعة، وقد أثبتت الأبحاث التي قام بها علماء الآثار، وما وصل الينا من آثار تلك القرية أنهم كانوا يعيشون في ظروف جيدة وطبقا لتنظيم جيد، وإن كانت السرية طابعا عاما للمكان ولما يقومون به لارتباط عملهم بمراقد الملوك الأبدية وما تضمه من كنوز.
وأقدم وثيقة لاضراب العمال في التاريخ، كانوا يشتغلون في حفر مقبرة أحد النبلاء، لكن تأخر صرف الأجور ورواتب الطعام، فتوقفوا عن العمل.
الكتاب جميل و سهل
هناك بعض النقاط التى لا اتفق فيها مع الكتاب فهو يقول مثلا
حتي إذا وصلنا إلي قدس الأقداس، حيث تمثال الإله، غير مسموح إلا لكبير الكهنة والملك بالدخول، قدس الأقداس، أصبح المذبح في الكنيسة، الهيكل في المعبد، المحراب في المسجد، كما هو الأمر في الأهرام
المحراب في المسجد ليس سرا و يمكن ان يقف اكثر من واحد بجوار الامام ان لم يكن لهم مكان
المسجد كله مساحه واحدة مفتوحة تمثل بساطة الاسلام و ما المحراب الا حل معماري حتى لا ياخد الامام صفا باكمله
فيه ثني للموضوع لايجاد تشابه بأي شكل
القصد ان نقرا الكتاب على انه كتاب به صواب و خطأ , تاخد الصواب و نترك الخطأ فنحن ننقاد للحق فقط
تعليقات
إرسال تعليق